الخطاب الوطني و الرد بالجينوسايد العرقي

هوزان إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 4164 - 2013 / 7 / 25 - 09:37
المحور: القضية الكردية
    

منذ بدء الثورة السورية اعتبر الكرد أنفسهم جزءاً منها و كتلة أساسيةً من الحراك المعارض للنظام , و كانوا الفصيل الأكثر مواءمةً لأهداف الثورة السلمية في بناء سوريا مدنية ديمقراطية تعددية لكل أبنائها , إلا أن الانحرافات التي بدأت تظهر في مسار الثورة نتيجة التسليح ألقت بظلالها و دمارها على معظم أرجاء البلاد , و قد نجح الكرد في تجنيب مناطقهم الدمار مع الاستمرار في معارضة النظام , مما بدأ في إثارة الشقاق تدريجياً بينهم و بين باقي القوى المعارضة , و بأشكالٍ متعددة من اتهامات بالتنسيق مع النظام و تنفيذ أجندات انفصالية و الكثير من التهم الأخرى .

كل هذا لم يثني الكرد عن المضي بحراكهم الثوري و خطابهم الوطني مع المحافظة على أمن مناطقهم , و الحفاظ أيضاً على أمن و سلامة باقي المكونات في مناطق سيطرتهم و معاملتهم بالمثل و أحياناً بالأفضل أيضاً , و ذلك حتى مع عرب الغمر الذين استوطنوا في أراضي الكرد نتيجة مشروع الحزام العربي العنصري الذي فرضه النظام لتغيير ديمغرافية المناطق الكردية .

ازداد الشقاق نتيجة أحداثٍ عديدة من سرى كانييه العام الماضي مروراً بحصار عفرين و أخيراً تل أبيض التي بدأ فيها التكفيريون ( جبهة النصرة و دولة الشام و العراق الإسلامية ) بجينوسايدٍ عرقي ضد الكرد و إصدار الفتاوى باستباحة بيوتهم و أعراضهم , و في سابقة خطيرة سارعت الكثير من الفصائل الانضمام لها من أحرار الشام و كتائب الفاروق و لواء التوحيد , في ظل صمت رهيب دالٍ على تواطئٍ خفي من أطر المعارضة المتمثلة في قيادة أركان الجيش الحر و الائتلاف و هيئة التنسيق , إلا من بعض الاصوات المتفرقة المنددة بهذه الجريمة النكراء .

و بتحليلٍ مبسط لهذه الأحداث نجد أن المستفيد الأكبر من هذه الجريمة هو النظام , و ذلك في ضرب مكونات الشعب السوري ببعضهم البعض لزرع الشقاق بينهم , و تصوير الثورة على أنها تحولت لحالة من الهمجية السلفية و القومجية , لعزل الكرد تماماً عن الحراك المعارض له و خلق حالة عداء قومي بين الكرد و العرب بعد أن نجح في خلق العداء الديني و الطائفي , ليحاصر الكرد في مدنهم بين سندان العداء القومي مع العرب و مطرقة الفاشية التركية .

أفضل ما يمكن أن يقوم به الكرد رداً على هذه الإبادة الممنهجة هو العمل الجدي لتوحيد الصف الكردي و الاستعلاء على كافة المصالح الحزبية الضيقة و تجاوز كافة الأجندات الخارجية , العمل سوياً تحت قيادة عسكرية موحدة لحماية المدن و القرى الكردية من هجمات التكفيرين , التأكيد على الخطاب الوطني درءاً لهذه الفتنة المفتعلة إذ أن حالة العداء مع أي مكون سوري لا تخدم قضيتنا بأي شكل من الأشكال , و العمل وفق الرؤى التي طرحتها كافة القوى العسكرية و السياسية الكردية حول حقوقنا ضمن سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية .

هوزان إبراهيم

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات