أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مصطفى فؤاد عبيد - الثقافة الديناميكية العشوائية الحديثة !!














المزيد.....

الثقافة الديناميكية العشوائية الحديثة !!


مصطفى فؤاد عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 4161 - 2013 / 7 / 22 - 12:15
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



في قفزة رشيقة لم يسبق لها مثيل منذ العصر الجاهلي، تتحرك منابع ثقافة المجتمعات الآن من زمن الكتب والمقالات المنظمة، أدبياً أو علمياً، إلى زمن الفقرات والتعبيرات أو حتى الجُمل العابرة التي قد تُكتب أو تُقال هنا أو هناك، ويجري ذلك ضمن سياق تفاعلي ديناميكي يتمدد باستمرار وينتشر كالنار في الهشيم، كما أنه يتمتع بمغناطيسية جذّابة بشكل يختلف عن المغناطيسية الفيزيائية التي نعرفها والتي لا تجذب إلا الحديد، فهي هنا تجذب كل شيء وبلا استثناء وبكل الأشكال لينصهر في بوتقة واحدة ويخرج ما ليس له لون ولا طعم ولا حتى رائحة، بحيث يؤدي كل ذلك إلى إنتاج نوعاً من الثقافة التي يمكن أن نطلق عليها "الثقافة الديناميكية العشوائية" سواء بالشكل العام أو حتى في الجوهر الذي قد يبحث عنه البعض، حتى أنه بإمكانك، إذا كان باستطاعتك، ملاحظة ما تحتويه تلك الثقافة من جزئيات مثيرة قد تصل إلى حد التناقضات أحياناً، وكأن الناتج العام لها والمحصلة النهائية لمجموعها الكلي هو الصفر الثقافي، إن لم يكن سالباً بطبيعة الحال!

والتزاوج الحاصل الآن بين مكونات الثقافة بكافة أشكالها ومنظومة العولمة والحداثة بكل عناصرها وركائزها ووسائطها الاستهلاكية هو أشبه ما يكون بعملية "إذابة" للثقافة الحقيقية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بحيث يتم تفكيكها وتجزئتها وإذابتها شيئاً فشيئاً في تلك المنظومة والناتج يكون مشروباً خفيفاً لا طعم له ولا لون ويؤدي الغرض السطحي من الارتواء الوهمي اللحظي المؤقت لكل من يشربه ولكنه سرعان ما يعود للعطش من جديد وبشكل فوري تماماً مثلما يحدث عند شرب ماء البحر المالح، وهذا التشبيه المبسط لا يعدو أن يكون نظرة مبسطة وثاقبة لما آلت إليه الأمور في عصرنا الحالي في الشأن الثقافي تحديداً.

والغريب في الأمر أن الأدوات التي أنتجها الغرب في عصر العولمة لأهداف محددة كمواقع التواصل الاجتماعي أو الأكاديمي المهني أو الثقافي قاموا بتوظيفها بالشكل والمعنى لمناسب لكل منها، فمنها ما كان يهدف مثلاً إلى خلق بيئة تواصل اجتماعية يفتقدونها على أرض الواقع، نظراً لطبيعة حياتهم الأسرية والاجتماعية التي تميل إلى التفكك مقارنة بالمجتمعات العربية، ومنها ما استخدم كوسيلة للمناقشات الهادفة وتبادل وتطوير الأفكار، إلاّ أننا أكثر ما استخدمنا تلك الأدوات في غير محلها في الوطن العربي بحيث أضحت بيئة للتفكيك الاجتماعي بدلاً من التواصل، وأداة مثلى عصرية للتفتيت الثقافي في كثير من المواضع ووسيلة تعبير سهلة وسريعة تحمل بين جنباتها الكثير من المنطق المنقوص والمجزأ بشكل يخلق ويؤسس للكثير من التناقضات والصراعات وخلط للورق الأخضر باليابس بشكل يؤثر سلباً على مجمل إنتاجنا الأدبي والثقافي بكافة أشكاله.

وبالرغم من كل ما قيل وكُتب عن ما يسمى "هجرة الكتاب" كأحد مكونات وركائز الثقافة بكافة أشكالها على مر العصور، وشُح القراءة وحتى انتشار الأميّة بمعناها الفعلي والحقيقي، إلاَ أن كل تلك الإشكاليات لم ترقَ لأن تكون مسبباً لما يمكن أن يتسبب به الوضع الثقافي الحالي في المستقبل المنظور من حيث النتائج، والتي باعتقادي سيكون أهم ما يميّزها هو اللاّمنطقية والعشوائية والركاكة والحشو المغلوط وتحتوي الكثير من التناقضات العجيبة بشكل ديناميكي متقلب واختلاط الحابل بالنابل بالمعنى الجوهري ولكن هذه المرة ستكون النتيجة أننا نصل إلى درجة تغيب فيها القدرة على تمييز أي منهما، وسأدع للقارئ هنا فرصة ليتخيل كيف سيكون الوضع عندما نصل إلى مرحلة أننا لا نجد من يستطيع حتى تمييز الحابل من النابل.. عندئذٍ لن نكون بحاجة لقول ذلك المثل الشعبي وبطبيعة الحال لن نشعر بوجود المشكلة أصلاً وسيكون كل شيء على ما يُرام بطبيعة الحال!!



#مصطفى_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإستثمارات المعلوماتية.. والإحتلال المعلوماتي!!
- الإستخبارات الثقافية .. والأمن الثقافي!!
- تأملات بريئة في تجارة العلاقات الإنسانية .. الخبيثة!!
- دعوة لاستكشاف أسرار اللغة العربية !


المزيد.....




- نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد ...
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف ...
- دراسة رسمية تكشف أهم المجالات التي ينتشر فيها الفساد بالمغرب ...
- تشابي ألونسو يستعد لإعلان قرار حاسم بشأن مستقبله مع نادي ليف ...
- الجيش الروسي يكشف تفاصيل دقيقة عن ضربات قوية وجهها للقوات ال ...
- مصر.. إعادة افتتاح أشهر وأقدم مساجد البلاد بعد شهرين من إغلا ...
- قائد القوات الأوكرانية: تحولنا إلى وضع الدفاع وهدفنا وقف خسا ...
- مقتل شخص وإصابة اثنين إثر سقوط مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني ...
- استطلاع يظهر تحولا ملحوظا في الرأي العام الأمريكي بحرب غزة
- معتمر -عملاق- في الحرم المكي يثير تفاعلا كبيرا على السوشيال ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مصطفى فؤاد عبيد - الثقافة الديناميكية العشوائية الحديثة !!