عاصم محمودأمين
الحوار المتمدن-العدد: 4159 - 2013 / 7 / 20 - 20:20
المحور:
القضية الكردية
"قامشلو مدينة غضب الله عليها ... معاناة ، وغلاء ، وحصار."
*عاصم محمودأمين :
مدينة قامشلو غضب الله عليها ذات الغالبية الكردية،كأية مدينة سورية تعيش الحالة السياسية السورية المقلقة ،حيث فوضى الحواس والعقل ،لامكان للراحة والاستقرار النفسي والمعيشي فيها ، تسودها الهدوء النسبي الذي يسبق العاصفة، أحيانا بين لحظة وأخرى تخترق الاشتباكات المسلحة بالمدافع والهيلكوبترات بين قوات النظام وعناصر من الجيش الحر جنوب المدينة هذا الهدوء، لتبدد زيف استقرارها الأمني والسياسي .
تتداخل الأنباء والتصورات عن هذه المدينة الهادئة بهدوء صبرها ، لكنها سرعان ماتتحول إلى فوضى إعلاميا ، كون قامشلي ليست مقياسا لبقية المدن لما لها من خصوصية ديمغرافية وتكوينية ،و ذات حالة مظلومية مسبقاً منذ عقود ،ولا يمكن تكوّن تصورات مسبقة عنها قبل زيارتها ومشاهدتها واقعيا،إذ ليست كل الأنباء تقشع الشكوك باليقين.كما لا يمكننا الرفض أن هنالك نوع من الاتفاق الأهلي السلمي على التعايش والتعاون الأمني فيما بينهم. ولا يمكن تجاهل دور قوات الحماية الشعبية في هذه المدينة والتي يعود هذا الهدوء النسبي بالفضل لها.
وبالرغم من هذا الهدوء والاستقرار الآني والمبهم ،وبُعدها عن النزاعات الداخلية والقصف العشوائي،وبينما القوى السياسية الكردية منهمكة في لقاءاتها وتحالفاتها وحربها وصراعها على القيادة،ذهبت الناس والعباد في خبر كان،حيث بات الحصار والتجار مرادفاً لوحشية النظام،والصراع السياسي الكردي وأزماته المفتعلة؟؟؟؟ وبات ضحية وفريسة بين الحصار الداخلي من قبل ميلشيات النظام العربية والدينية في المنطقة من جهة ،والتجار المحتكرين للسوق والسلع والمتغاضين عن الأنظار والذين ينخرون حياة الناس ومعيشتهم وبقائهم ،ويتحكمون بكل حاجات الحياة الضرورية، ابتداء من مادة الخبز ومرورا بأصغر سلعة تجارية من جهة أخرى
ومع حلول شهر رمضان بات جشع التجار وطمعهم رصاصات تخترق حياة المواطنين الاقتصادية أصبح شعار التجارة في قامشلو ( دعه يخزن ، دعه يتحكم بالأسعار)، والسؤال ما الفرق بينه وبين الطائرات والدبابات ؟كلاهما وجهان للحرب على المواطن،هو في زمن فوضى الحرية!!!!! تجار الحروب أفضل مصطلح يمكن نعتهم بها.
أن أكثر من نصف البضاعة والمواد الغذائية الخجولة الموجودة في سوق قامشلو هي قادمة من تركيا وبسعر الدولار،وهي مستوردة،كون المواد المحلية تلقي صعوبة في الوصول إليها،بسبب الحواجز المختلفة وعدم ضمان وصول البضائع وفقدان الأمن التي تحول دون وصول هذه المواد.
وإذا كان سكان بقية المدن السورية قد نزحوا بسبب الحرب فسكان قامشلو قد نزحوا بسبب الحصار الخانق وانعدام ابسط مقومات الحياة من انقطاع شبه دائم للكهرباء والماء والخبز وعدم توفر الأدوية اللازمة والخدمات الصحية ، ناهيك عن ضعف القوة الشرائية،وعدم توفر معظم المواد الضرورية للحياة والعيش في هذه المدينة وخاصة بعد ان فقدت الليرة السورية قيمتها التداولية أمام الدولار والعملات الأخرى
ان مدينة قامشلو المسالمة وذات الأغلبية الكردية عانت من تهميش وإقصاء في مختلف مجالات الحياة المدنية منها والاقتصادية...الخ من قبل نظام البعث الشوفيني وأزلامه بسبب مواقف أهلها الرافضة لسياسة النظام الأمنية والقومية العنصرية، واليوم تعاني من أزمة معيشية خانقة لاتطاق حيث لا انسجام بين الأسعار ودخل المواطن (رب الأسرة) ، الغالبية العظمى من سكانها هم من القوى العاملة البسيطة ذات الفرص الضئيلة في العمل و التي كانت ومازالت محرومة من ابسط حقوقها وحاجاتها الضرورية،تبحث عن قوتها اليومي للعيش بكرامة منذ أكثر من أربعين عاما،دون أن ينخرطوا في كواليس النظام وقسوته وجبروته،ودون أن يصفقوا او يقترعوا،او يكونوا عونا للنظام على الظلم ،ولم يتلوث أيديهم ،ولم يكن يوما عصا للنظام لضرب أي مكون او إنسان سوري لا يوافق على سياسة النظام الاستبدادية على مر العقود، لكن سرعان ماتحولت حياتهم (سكان قامشلو ) عرضة للحصار الاقتصادي والخدمي بعض الأُسر هاجرت إلى إقليم كردستان في العراق بحثا عن الكلأ والماء والسكن والعمل ، والبعض الآخر استقرت في مخيمات تعتمد على المعونات والصدقات وباتت معاناتهم مواضيع دسمة للصحافة الكردية والعربية الصفراء.
تكثر الأسباب والغلاء واحد، والمواطن هو وحده ضحية قصف وقفز الأسعار والغلاء المعيشي،ويبقى الحل مستعصياً ،وتبقى القوانين التي تحد من هكذا مشاكل نائمة، وباب الهجرة مفتوح على مصارعيه أمام أهالي قامشلي والمدن والقرى التابعة لها،ويبقى السؤال مفتوحا يبحث عن جواب ...إلى متى سيصمد أهالي قامشلي أمام هذه الأزمة القاتلة أزمة الحصار والخوف و الغلاء التي باتت تلاحق أرواحهم وتعكر حتى صفوة أحلامهم
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟