أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - يوسف الفتوحي - أكذوبة الشرعية















المزيد.....

أكذوبة الشرعية


يوسف الفتوحي

الحوار المتمدن-العدد: 4153 - 2013 / 7 / 14 - 21:42
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


استقال مؤخرا رئيس الوزراء التشيكي بيتر نيكاس يوم الاثنين 08 يوليوز2013، مصرحا "أنا واع بمسؤوليتي السياسية"، على خلفية اعتقال مساعدته المقربة بسبب تورطها في قضية استغلال نفوذها السياسي في تسخير مصالح الاستعلامات العسكرية لأغراض شخصية. مثلما استقال قبله رئيس الوزراء الياباني يوتو هاتوياما في يونيو 2010، بعد أن تراجعت شعبيته بسبب استياء سكان منطقة فوتينما من القاعدة العسكرية الأمريكية المجاورة لهم، وتداعيات مشروع نقلها إلى خليج هينوكو. لائحة القادة السياسيين المستقيلين طوعا من التدبير الحكومي، بل أحيانا طواقم حكومية بأكملها، ليست بالقصيرة (ليس في البلدان العربية طبعا). لماذا استقال هؤلاء يا ترى رغم أن الخلفية الواقعية للاستقالة لا تبدو خطيرة أحيانا؟ هل أطاح بهم العسكر؟ أم هل تآمر عليهم فلول الأشرار؟
لم يكن الأمر كذلك البتة. وإنما استقالوا لأنهم مستبطنون للمعنى المطابق لمفهوم الديمقراطية ولأسس الدولة الحديثة، أي أنهم يميزون بين مستويين مبررين لوجود واستمرار شخص أو تشكيلة سياسية معينة في الحكم، مستوى الشرعية، أي الصعود إلى سدة الحكم وممارسة السلطة السياسية وفق القواعد والقوانين المتواضع عليها، ومستوى المشروعية، أي الاستمرار في سدة الحكم وممارسة السلطة السياسية بفضل اعتقاد المحكومين في صلاحية النظام السياسي وكفاءته الإيجابية وتجسيده للإرادة العامة، إذ المستوى الثاني هو الذي يعطي لمفهوم "السيادة الشعبية" معناه الحقيقي. فانتخاب المواطنين للحكام في الدولة الحديثة هو بمثابة تعاقد حر بناء على شروط تلزم الطرفين معا، إذ على الحاكم أن يكون موظفا خادما للمصلحة العامة وموفيا بالوعود التي قطعها على نفسه وعاملا على تحصين حقوق وحريات المواطنين الأساسية. وفي المقابل على المواطنين احترام سلطته والقيام بكل الواجبات التي تضمن السير السليم للشأن العام. ومن ثم فالتعاقد الانتخابي ليس صك طاعة مطلقة يضع رقاب المحكومين بيد الحاكم وإنما هو عقد ثقة وتفويض مشروطين. فالمواطنون يخضعون للقانون مادامت السلطة السياسية ملتزمة بشروط التعاقد وإلا بات العصيان مشروعا. بين الآن أن القادة والحكومات الذين تحدثنا عنهم لم يستقيلوا لافتقار سلطتهم إلى الشرعية القانونية، وإنما لأنهم اقتنعوا بفقدانهم المشروعية الشعبية، وبذلك استبقوا العصيان الشعبي المشروع.
فإذا ما تأملنا في النظام السياسي المصري الذي تم إرساؤه عقب ثورة 25 يناير، والذي تحمل فيه الإسلاميون(إخوان وسلفيون) مسؤولية الحكم. نجد أنه في غضون سنة من الحكم استنفد مشروعيته تماما، ناهيك عن أن شرعيته نفسها كانت موضع تساؤل.
نبدأ بالشرعية، فقد انتخب محمد مرسي ب 13 مليون صوتا، وهي نسبة ضئيلة من الجسم الانتخابي المصري، بل إن هذا الرقم نفسه ينقسم إلى المصوتين المنتمين إلى جماعة الإخوان وسلفيي النور وجمهور البدويين البسطاء الذين انطلت عليهم الديماغوجية الدينية، والقسم الثاني من المصوتين لم يجد بدا من التصويت على الإسلاميين مادام الخيار الآخر هو التصويت على رمز النظام القديم. وقد كان سبب هذه الوضعية صفقة الإخوان مع عمر سليمان التي بدأت محادثاتها والثوار لم يبرحوا بعد الميدان، بغرض التسريع بالأمور في اتجاه الانتخابات قبل أن تفرز الصيرورة الثورية قيادة ثورية حقيقية، وتقديم الانتخابات على الدستور من أجل تفصيل هذا الأخير على المقاس وهو ما كان فعلا. بعد ذلك أصدر مرسي بشكل ديكتاتوري إعلانا دستوريا يضع سلطته فوق كل محاسبة، ثم حصن لجنة تأسيسية باطلة، انسحب منها الفرقاء الآخرون، فصاغت دستورا غير متوافق عليه، كما حصن مجلس شورى باطل أيضا كان، بشكل جلي، أداة لتمرير إرادة الإخوان لا إرادة الشعب. أما على مستوى الإدارة فقد تمت أخونة المناصب بشكل سافر ومستفز أحيانا(تعيين محافظ مسؤوليته ثابتة في اغتيال العشرات من السياح، وتعيين نائب عام مقرب من الجماعة بعد عزل نجيب محمود بشكل تحكمي)، وتلك كانت حال أغلب قرارات الرئاسة التي أعوزتها الشفافية. هذا فضلا عن مخاطبة رئيس الدولة بشكل صريح ومادي لجمهور الجماعة لا جمهور الشعب (خطاب الاتحادية وما بعده). كل هذا يجعلنا نخلص إلى أن المؤسسات التي تشكل أركان النظام (الانتخابات، الدستور، البرلمان، الإدارة، القضاء، الخطاب الرسمي...) كلها تنطبق عليها صفة البطلان أكثر من صفة الشرعية. بل إن الإخوان استكملوا صورة الاستهتار بكل شرعية عندما ضمن مرسي خطابه، عشية 30 يونيو، تهديدا صريحا مفاده أن لا بديل للبقاء في الحكم إلا الاقتتال، وبعد 30 يونيو انتقلت الجماعة إلى المواجهة العنيفة للمواطنين وأفراد الشرطة والجيش، بل إن شعاراتهم التجييشية في الشارع لا تطالب بتاتا بالديمقراطية أو الشرعية وإنما تمجد الجماعة و"مشروعها الإسلامي" بشكل مباشر.
أما المشروعية فقد سقطت بسبب سقوط 100 شهيد خلال سنة الحكم الإخواني، والتضييق على الحريات من خلال الشيطنة الرسمية للإعلام المعارض، والشحن الطائفي ضد الأقباط والشيعة وهو ما أدى إلى قتل وسحل 4 مواطنين شيعة، وخنق الحريات الفردية ( تحريم البالي والأوبرا)، ومهاجمة مؤسسة القضاء. أما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي فقد غابت أي إصلاحات، وفي المقابل تم الإمعان في إغراق مصر في القروض الخارجية مما زاد من تبعية اقتصادها واتجاهه السريع نحو الهاوية. وشلت حركة المواطن المصري بسبب انقطاع الغازوال والكهرباء والمواد الغذائية. بل إن مرسي قد روج لمشاريع وهمية مثل خطة 100 يوم، وبعد مرور المدة المحددة رفض الإخوان السماح بمحاسبته. بالإضافة إلى ما سمي بمشروع النهضة الخيالي، والفشل الديبلوماسي مع إثيوبيا، والتقاعس في محاسبة الجناة محاباة للعسكر والداخلية، والتجبر والتعالي على كل صوت إلا صوت مرشد الجماعة، وتقسيم الشعب المصري خطابيا إلى إخوان مسلمين وعلمانيين ملحدين، واستكمل المشهد بضعف خطاب مرسي وهزالة شخصيته. وقد أنهى الإخوان هدم مشروعيتهم عندما أبانوا عن تشبثهم بالسلطة بأي ثمن، مما يعني أن همهم الأول ليس مصلحة الوطن العامة وإنما التمكن من الدولة من أجل تحقيق الطوبى المستحيلة للتنظيم العالمي للإخوان (الخلافة) والتي لن تكون، إن تحققت، إلا وجها للمصالح المحمية بقناع المقدس.
كل هذا يجعل من شرعية نظام الإخوان شرعية هشة ومشروعيته مشروعية منعدمة منذ البداية، ومن ثم فتوقيع 22 مليون على عريضة "تمرد" ونزول 33 مليون مواطن للشارع في أكبر مظاهرة في تاريخ البشرية لم يكن إلا استمرارا للصيرورة الثورية التي تمت محاولة خنقها مدة سنة، بتواطؤ الجيش والإخوان والقوى السياسية التقليدية. فشباب الثورة بقي خارج تلك اللعبة، ولكنه لم يستقيل من دينامية الصيرورة الثورية المستمرة. لم يسقط الجيش نظام الإخوان، إذن، بل هو تهاوى من تلقاء نفسه، فكل ما فعله الجيش إطلاق رصاصة الرحمة. وكان حريا بمرسي أن يقدم استقالته فلربما آنذاك كان ينقذ ما تبقى من ماء وجه الإخوان. وهنا تبدو مقارنة الإخوان بالحكومات التي تحدثنا عنها في البداية مقارنة مستحيلة.
لا تهم خلفية الجيش الحقيقية - رغم أنها ينبغي أن تبقى موضع تساؤل، خاصة بالنظر إلى مصالحه الاقتصادية وارتباطاته الأمريكية والإقليمية وأداءه خلال الطور الأول من الثورة- لكن ما يهم أكثر هو أن يبلور الشباب الثوري أفقا واضحا للصيرورة الثورية، مستخلصين الدروس من الطور الأول لهذه الصيرورة، ومتشبثين متيقظين بمدنية الدولة وديمقراطيتها وعلمانيتها، خاصة أن هذه الأركان تبدو مستهدفة من خلال مؤشر الإعلان الدستوري للرئيس المؤقت.



#يوسف_الفتوحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقييم أولي لستة أشهر فبرايرية
- الخوف حامي العرش
- ملاحظات أولية حول الصيرورتين الثوريتين في تونس ومصر
- مشروع نقد للخطاب السياسي -الحداثي- في المغرب
- المذكرة (رقم 73) لوزارة التربية الوطنية(المغرب): -دعم مدرسة ...
- ندى الحزن
- التربية على المواطنة – مقاربة فلسفية
- وعود الفراشات


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - يوسف الفتوحي - أكذوبة الشرعية