أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جمال القرى - الاصلاح يُغتال بين المجتمع الأهلي والمدني















المزيد.....

الاصلاح يُغتال بين المجتمع الأهلي والمدني


جمال القرى

الحوار المتمدن-العدد: 4153 - 2013 / 7 / 14 - 10:46
المحور: المجتمع المدني
    


يحضّ الواقع السياسي اللبناني ليس على اليأس، بل على ضرورة تكرار وتطوير محاولات تحركات ما يسمّى ب"المجتمع المدني" الهادفة لإحداث خرق اصلاحي في بنية التكوين اللبناني ككل. ان عدم تسجيل أي خرق جذري حتى الآن، يستدعي قراءة تقويمية ونقدية لهذا المجتمع المدني، خصوصاً في ظل اللغط الذي يدور حول مفهومه وهويّته ودوره وارتباطاته، في محاولة للنيل منه لحساب استمرارية السلطة السياسية المنهارة، وفي ظل ما تشهده الساحة العربية والاقليمية من حراكات مدنية وسياسية تغيّر وجه المنطقة.
ولتكوين صورة وفهم علميَّين للمجتمع المدني بعلاقته بالدولة، كان لا بدّ من مراجعة كتب قيّمة تتناول هذا الملف في آنٍ واحد وهي: فلسفة الحق لهيغل، مساهمة في نقد فلسفة الحق لماركس، دفاتر السجن لغرامشي، وحالة الاستثناء والمقاومة في الوطن العربي لساري حنفي.
في كتابه "دفاتر السجن"، يشرّح غرامشي مفهوم المجتمع المدني وعلاقته بالدولة من ضمن ثنائية الهيمنة/ السيطرة، ( ولا يزال هذا المفهوم معتمداً، بعد تنقيته من بعض التعابير الايديولوجية). ويقول ان أي دولة، انما تمارس سلطتها من خلال مستويين اثنين، هما، المجتمع السياسي، والمجتمع المدني. فمن خلال المستوى الأول المتكوّن من مجموع الادارات الحكومية، والجيش، وقوى الأمن، والسلطة التشريعية، والتنفيذية تمارس الدولة القهر والسيطرة العنفية على المجتمع، اما من خلال المستوى الثاني المتكوّن من مجموع الافراد، والمؤسسات التربوية، والثقافية، والكنائس، والجوامع، والاحزاب، والنقابات، وكل المنظمات غير الحكومية الفاعلة في الشأن العام والخاص الخ... فهي تمارس عبر نشاطهم فعل الهيمنة الثقافية بما يخدم استمراريتها.
في لبنان، يشظّي نظام الدولة المشطور ما بين السياسي والطائفي مجتمعه المدني الى مجتمع اهلي، ومجتمع مدني. فالمجتمع الأهلي يرتبط بالدولة عبر وسيط هو الطائفة، التي وبحسب المفهوم المثالي – الهيغلي، هي الممثّل الديني والسياسي له، ولكن بشروطها، فأفراده ومجموعاته يشكّلون ضرورتها الخارجية، وهم محرومون من الاستقلالية، وخاضعون بالتمام، وتابعون لها بصفتها البدنية وليس الاجتماعية ومن ضمن قوانينها ومصالحها، والدولة من خلال نشاطهم الفردي ونشاط مؤسساتهم شبه المكتمل، تمارس هيمنتها من اجل الاستمرارية. وباحتساب ان لدينا 18 طائفة، يعني 18 ماكرو مجتمع اهلي متشابه، عدا عن متفرعاتهم العائلية والعشائرية، ومرتبطون بالدولة عبر 18 مسرباً بصفتهم الرعوية، وليس المواطنية، وكل اشتباك فيما بينهم يؤدي الى انشقاقٍ جديد في الدولة والى اضعافها.
اما المجتمع المدني، وبحسب ساري حنفي، فهو تلك المجموعات والافراد المرتبطة ب "حاكمية الدولة" مباشرة، اي من دون اي وسيط، وتتمتع بحيّزٍ كبير من الاستقلالية، وتسعى لتحقيق وجودها السياسي عبر القوانين والتشريعات، وهي تتوزع على مستويين، الأول، هي المجموعات المنضوية في مؤسسّات تُموّل من المنظمات الدولية، وهي تكتسب مواقع جديدة لها على حساب الأحزاب السياسية والنقابات، وتنشط بشكل بنّاء ومنظّم في أوساط النساء والشباب والناشطين في مجال الحقوق المدنية والانسانية وغيرها. وتحتّل دور الوسيط في حلّ الصراعات بين الدولة والمؤسسّات المتعدّدة الأطراف، بتبنّيها سياسة الاصلاح دون التدمير، وتفاوض من خلال خطابات محليّة ووطنية وعالمية، تبعاً لمراكز عمل نخبها، المحلية كتكنو- بيروقراط، أو المعولمة في الامم المتحدة والشبكات الدولية وغيرها، مع ملاحظة أن ازدهارها ودورها الوسيط، والذي ينوِّع فعلاً فاعلي الحكم، لا يؤدّي بالضرورة الى دمقرطة المجتمع وتقويض أسس هيمنة فاعلي حاكمية الدولة. اما الثاني، فهي المجموعات المنتمية الى "حركات الاحتجاج اللامؤسساتية"، الفاعلة خارج النطاق الرسمي للدولة وللمجتمع المدني. فهي تشكّل ما يُعرّف ب"المجتمع السياسي"، ويتّخذ فعلها شكل المقاومة الصامتة، لتفادي ممارسات القوة ضدها. وتتأثر بإرادة زعماء ووُعّاظ طائفيين وعشائريين ودينيين، أكثر من تأثرها بأفراد النخب المحلية والمعولمة، وتستخدم وسائل الاتصال الحديثة، من مدوّنات ومواقع تشبيك اجتماعي بهدف التواصل. وأفرادها المختلفين، غالباً ما يكونون في قلب العولمة ومتأثرين بها، ويحملون مشاريع لتحديث المجتمع قد يتحالف مع الدولة والمجتمع المدني، وقد يختلف. كما يمكن تسجيل مكان ولو بسبة قليلة، لمؤسسات ذات طابع اهلي- مدني مشترك، حيث ان ظاهرها الاهلي لا يمنع عنها انجازاتها المدنية.
في قراءة تقويمية لانجازات واخفاقات هذا المجتمع المدني، يتبيّن ان المعوّقات التي تعترضه، هي أكبر بكثير من الامكانيات المتاحة له، فعدا عن خلله الداخلي، فهو في مواجهة ليس فقط مع سلطة" الدولة" كأداة عنفية، بل وفي مواجهة أشدّ مع سلطة المجتمع الأهلي كأداة هيمنة على كل فضاء المجتمع اللبناني، وكأداة مساندة لسلطة الدولة، لدعم وجودها واستمراريتها، متسلّحة لذلك، بثقافة ووعي هما ثقافة ووعي الطوائف المتسلّطة. لذلك، لا بد لهذا المجتمع المدني من اجراء نقد دائم لكل تحركاته، واعادة تقويم، حيث يمكن قراءة اسباب الفشل او الاخفاق والتراجع من قلبها، وخصوصاً من التحركات الكبرى كمظاهرة 14 آذار، حملة اسقاط النظام الطائفي، مظاهرات واعتصامات هيئة التنسيق، واعتصام ساحة النجمة الأخير ضد التمديد، اذ من المكان التي وصلت اليه هذه الاعتصامات، يمكن تلخيص بعض المعوّقات الاساسية كالتالي:
1-الصراعات بين المنظمات ذاتها، بسبب الشروط المتبادلة لفرض رؤية خاصة على اي تحرك، مما يبعثر الشعارات، ويُبعد التقارب المفترض.
2-ازدياد عددها الى الآلاف، وبغالبية ساحقة غير مجدية، عدا عن استحالة تأطيرها في تحرك مشترك.
3-تأثّر جزء كبير منه بالانقسامات السياسية الحادة بين 8 و 14 آذار.
4-قدرة المجتمع الاهلي على فرض رؤيته في التحركات الكبيرة المشتركة لصالح افرقائه واولياء نعمته.
5-قدرة النظام على خرق اي تحرك يشعر بامكانية توسعه وانفلاته من السيطرة، كأن يدخل عناصره بصفتهم المدنية الى واجهة التحركات مما يفقدها روحها ومضمونها وهدفها.
6-هجوم المجتمع الاهلي على المدني لتشويه صورته عند اي انجاز او استحقاق.
ان حاجة المجتمع المدني باتت ضرورية للتجمّع ضمن أطر سياسية متنوعة، فيها يستثمر كل انجازاته ويراكمها، عوض استثمار قوى الأمر الواقع لها.



#جمال_القرى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهدي عامل محاكياً ابن خلدون
- بيروت محمد عيتاني...لا تموت
- القضاء على الدولة
- الواقع اللبناني- السوري: تشابك واشتباك
- جورج حاوي: ما احوجنا اليك
- 5 حزيران 2012
- عن العلمانية والعلمانيين في لبنان
- مهدي عامل:25 عاماً
- الغاء حالة الاستثناء العربي بين السوسيولوجيا والمجتمع المدني
- عن صيغة الديموقراطية التوافقية في النظام اللبناني
- يمكن للنخب ان ارادت... اعلان بداية ربيعنا
- قضية ساري حنفي: قضية حريات فكرية، وشرعية حق الاختلاف
- مفهوم الدولة بين المجتمع المدني والمجتمع الاهلي
- في 17 شباط ذكرى اغتياله ال25، حسين مروة كرمز ضد الفكر الغيبي
- قراءة تقويمية ثانية واخيرة لنقاش تشكيل تيار علماني
- قراءة اولية تقييمية لنقاش تشكيل تيار لبناني علماني وطني
- قراءة سريعة ومقتضبة في الثورات العربية
- دعوة لفتح نقاش جدي
- الفتوحات العربية في روايات المغلوبين


المزيد.....




- -الأغذية العالمي- يفرغ حمولة أول سفينة مساعدات تصل رصيف غزة ...
- انتهاكات بالجملة تجاه الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.. ...
- إدارة معتقل -ريمون- تتجاهل متابعة أوضاع المعتقلين المرضى
- -الأغذية العالمي- يفرغ حمولة أول سفينة مساعدات تصل رصيف غزة ...
- اجتماع للمجموعة العربية في الأمم المتحدة لحشد التأييد الدولي ...
- أم كينية تسابق الزمن لإنقاذ ابنها من الإعدام في السعودية
- الأمم المتحدة ترفع الصوت: -لم يبق شيء لتوزيعه في غزة-
- القوات الإسرائيلية تشن حملة اقتحامات واعتقالات واسعة في الضف ...
- لمُّ شمل دبة إيطالية -قاتلة- ومحكومة إعدام بأمها في ألمانيا! ...
- -الأغذية العالمي- يحذر من تداعيات خطيرة للتصعيد في رفح


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جمال القرى - الاصلاح يُغتال بين المجتمع الأهلي والمدني