أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال القرى - القضاء على الدولة














المزيد.....

القضاء على الدولة


جمال القرى

الحوار المتمدن-العدد: 4015 - 2013 / 2 / 26 - 10:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يكشف مشروع القانون الارثوذكسي الى انه يهدف الى تحقيق امرين اساسيين مترابطين: الاول، هو الامعان المقصود في اضعاف "الدولة"، كخطوة على طريق القضاء عليها لصالح الطوائف والمذاهب، مع ما يعنيه ذلك من مساهمة فعلية في تفتيت البلد، والقضاء على كل ما تبقّى فيه من علاقاتٍ نُسجت سابقاً، وجامعة على كل المستويات، وان كانت نسبية، ومتفاوتة، ومتواضعة، نظراً لخضوع غالبيتها للفرز الطائفي الرسمي، الا ما خصّ منها ما هو خيار وطني اختياري. اما الثاني، فهو – وفي حال اقرار المشروع- تحويل الواقع اللبناني الغير متوازن، والمفروض بالقوة المستمدّة من تغلغل قوى خارجية واقليمية فيه، الى واقع دستوري وقانوني جديد، يقفز فوق دستور الطائف ويتخطّاه، ليغطي ويشرّع رسمياً ادخال لبنان، وتدخّله المباشر في الصراع الدائر في المنطقة، وخصوصاً في سوريا، لحاجة في جعله نقطة ارتكاز لتحويل مجرى هذا الصراع – ان استطاع- لصالح المحور السوري الايراني الروسي، ولرسم ملامح المرحلة المقبلة، اي هي محاولة لزجّه في لعب دور اكبر بكثير من قدرته على التحمّل.
شكّل رفض هذا المشروع، والموافقة عليه، امتحاناً جديّاً لكافة التكتلات الطائفية والمذهبية الاساسية. فاذا ما استثنينا الكلام عن عرّابه، حزب الله، وعن مسوّقه، التيار الوطني الحرّ، فقد أزال هذا الرفض او هذه الموافقة الأقنعة عن خطاب فريق 14 آذار "الوطني"، كما كشفت عن هشاشة وضعف تحالفاته.
فرفضه من قِبل تكتلين مذهبيين رئيسيين هما السنّة والدروز، انما يصبّ في حقيقة الامر في عدم تقبّلهما لخسارة محسومة لبعض مقاعدهما، واحتسابها لصالح معارضيهما. فالسنّة سيتمثّلون حينها، الى جانب الحريرية السياسية، بوجوه اكثر راديكالية، وربما سلفية متنوعة المشارب، بدأت بالتكوّن، والنمو، وبالتحدّي بظهورها المسلّح، بعضها مرتبط بدول خليجية، وبعض آخر لا يخفي ارتباطه بما يسمى محور الممانعة، مستكملين بذلك الصورة المرتسمة على الارض السورية، مما يستدرج هذه الفئات السنيّة، وبشكلٍ مدروس، وتحت مسوّغات مختلفة، الى لعب دور محوري في الصراع الداخلي، والاقليمي القائم، وعندها، يستوجب الردّ عليها بحكم سلفيتها، وتهديدها لسائر الاقليات، ولارتباطها بالمشروع الاصولي المركزي في المنطقة. فهو اذن، ضخّ الحياة في ما هو افتراضي او غير ذي دور فعلي حتى الآن، للانقضاض عليه لاحقاً بما يخدم مسار المواجهة المرسومة المقبلة.
اما بالنسبة الى الدروز، فان خسارة المقاعد الجنبلاطية، لا بد ان يشغلها حلفاء ل8 آذار، مما يريح هذا الفريق من طول معاناته من مواقف وليد جنبلاط، لاعب دور ترجيح كفّتهم احياناً، واسقاطها احياناً اخرى. وبذلك، تتحقّق قسمة تمثيلية سياسية فعلية وضرورية في هذين المذهبين، في حين يبقى التمثيل الشيعي شبه مترّاص.
اما الموافقة على هذا المشروع من قِبل مسيحيي 14 آذار، وتفضيلهم اياه على مشاريعهم المطروحة، فلم تقنع حججها الجمهور العريض الذي منحها كامل ثقته، وآمن بها منذ 14 آذار 2005، بل بدت حججاً ضعيفة وواهية، وكأنها هروب من الحقيقة، مما يدلّ على هشاشتهم وقلة مناعتهم تجاه التخلّي عن عقلية "الاقليّة" نحو رحاب وطن مدني اوسع لطالما تغنّت بها خطاباتهم.
وتبقى الاشارة، الى ضرورة الفصل بين مواقف وخلفيات القوى الرافضة لهذا المشروع من منطلق مذهبي ومصلحي، وبين مواقف افراد ومجموعات ناشطة ونخب متصدّيه له، انطلاقاً من مواطنيتهم، ومن ايمانهم بوطن اسمه لبنان، ومن احساس بضرورة ايجاد قانون انتخابي مدني يضع حدّاً لمهزلة هذا النظام الطائفي، ويؤسس لبناء دولة مدنية ديموقراطية، خارج الاطار الطائفي والمذهبي. ولكن مأساة هؤلاء تكمن في عدم وجود اطار سياسي وطني متنوّع وجامع لهم، او لمجموعات منهم ينشطون من خلاله، ويستثمرون كل انجازٍ مدني لهم، يكسبونه بما هو فعل سياسي، ويحوّلونه الى مدماك ايجابي اضافي يبلور هذا الاطار، ويطوّره ويوسّعه، وتكمن ايضاً في فقدان الامل من امكانية خلقهم لهكذا اطار في الوقت الراهن. لذلك فان كل ما ينجزونه يصبح مع الاسف – وهو ليس بالقليل- عرضة للاستثمار السياسي من قِبل القوى النافذة المتقاطعة مصلحتها الآنية معهم، كل بدوره، وكل لمصلحته، وكل بشارعه، فهاهم يتراكضون للترؤس، وللاضاءة عما يخدم توجهاتهم، ويخطفون ما تيسّر من افكار وانجازات ليست لهم ولا تشبههم.
ان قُدّر لهذا المشروع – الفتنة ان يرى الحياة، فانه سيشكّل في نهاية المطاف، هدراً لكرامة انسانية متبقية عند البعض، وسيسوقهم غصباً عنهم الى بيت طاعة "المذهب"...ولكننا نعدهم ونطمئنهم باننا لن ننساق.



#جمال_القرى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواقع اللبناني- السوري: تشابك واشتباك
- جورج حاوي: ما احوجنا اليك
- 5 حزيران 2012
- عن العلمانية والعلمانيين في لبنان
- مهدي عامل:25 عاماً
- الغاء حالة الاستثناء العربي بين السوسيولوجيا والمجتمع المدني
- عن صيغة الديموقراطية التوافقية في النظام اللبناني
- يمكن للنخب ان ارادت... اعلان بداية ربيعنا
- قضية ساري حنفي: قضية حريات فكرية، وشرعية حق الاختلاف
- مفهوم الدولة بين المجتمع المدني والمجتمع الاهلي
- في 17 شباط ذكرى اغتياله ال25، حسين مروة كرمز ضد الفكر الغيبي
- قراءة تقويمية ثانية واخيرة لنقاش تشكيل تيار علماني
- قراءة اولية تقييمية لنقاش تشكيل تيار لبناني علماني وطني
- قراءة سريعة ومقتضبة في الثورات العربية
- دعوة لفتح نقاش جدي
- الفتوحات العربية في روايات المغلوبين


المزيد.....




- وزير الدفاع الأمريكي: ترامب هيأ الظروف لإنهاء الحرب الإسرائي ...
- مرشح ليكون أول مسلم يُصبح عمدة نيويورك.. من هو زهران ممداني ...
- مبابي يتهم باريس سان جيرمان بـ-الاعتداء الأخلاقي- في شكوى جن ...
- هل تناول تفاحة في اليوم مفيد حقّاً لصحتك؟
- بين جنون الارتياب والقمع الجماعي... ما تداعيات -حرب الاثني ع ...
- لماذا شددت إسرائيل حصار غزة بعد الحرب مع إيران؟ مغردون يتفاع ...
- سائل ذهبي بلا فوائد.. إليك أشهر طرق غش العسل في المصانع غير ...
- شاهد أحدث الابتكارات الصينية.. مسيّرة تجسس بحجم بعوضة
- هل دفع العدوان الإسرائيلي المعارضة الإيرانية إلى -حضن- النظا ...
- لماذا تركز المقاومة بغزة عملياتها ضد ناقلات الجند والفرق اله ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال القرى - القضاء على الدولة