أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علي الزبيدي - هذا الرجل .... اعجبني صعوده...!















المزيد.....

هذا الرجل .... اعجبني صعوده...!


حسين علي الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4149 - 2013 / 7 / 10 - 01:51
المحور: الادب والفن
    


في بلدنا كما في كل البلدان الاخرى للحديث عن الثقافة شجون وشجدون , صديقي المتندر قال ان تكون شاعرا او كاتبا فذالك امر عضيم الشان قلت له وما وجه العظمة في ذلك قال قبل سنوات وفي اثنا على وجه التحديد كانت الى جانبي فتاة يونانيه كنت قد تعرفت اليها حديثا وكانا نتجاذب اطراف الحديث بنكليزية مكسره ولكنها كافيه للافهام , وحين ساتلتني عن عملي قلت لها شاعر وكاتب شردت بفكراها قليلا ولم تلبث ان اطرقت ساهمه , وقالت ان حضي عظيم اذن وحين لاحضت استغرابي اردفت موضحه لاني اجلس معك الان , ولما لم ترى في صمتي وحيرتي مايشير الى اني بلغت ما ذهبت اليه اعتدلت في جلستها وراحت تبتلعني بنظرات يتراقص في بريقها الاعجاب والرغبة بالاندفاع الى قاعي المغلقه عسىى ان تكتشف فيها بعضا مما تتوق اليه ولم تلبث ان خاطبتني برقه واهتمام ...هل تعلم ان مقابلة الملك اسهل واقرب منالا من مقابلة شاعر او كاتب مهم في بلادنا ولهذا قلت ان حضي عظيم اذ انا اجلس معك ...!.
قلت له هذا حضهم في بلادها امابلادنا فكيف هي حضوض الادباء والمفكرين والكتاب فيها فصمت واطرق الى الارض وهو يحاول ان يجمع شتات كلمات تنتثرت في مخيلته او تبخرب خارجها دون ان يفلح في اقتناصها وتوضيفها في جواب مقنع , وحين تاكدت من صمته وارتباكه تابعت قائلا ..كيف تعجز عن الجواب وانت الكاتب القدير والشاعر المبدع , ولم تفلح كلماتي في ايقاض ابتسامة كانت قبل قليل تتمدد فوق شفتيه, غير انه تفرس في سحنتي بحده وقال... وبماذا تريدني ان اوجيبك او اؤشر جانب من الموج في بحر ثائر تتلاطم امواجه بعنف لتصفع كل ما يواجهها وتجبره على الاستلام , حتى صخور الشاطي الصلده تستكين لها بهدوء وصمت ويرتعش الساحل كله لرغوات زبدها الفوار ...!
اذن لا جواب لديك...؟ لبث مطرقا والصمت ياسر شفتيه , ولم يلبث ان تحررمنه بعد برهة قصيره واشار لي مستفسرا ..... وانت ماذا تقول فاجبته دون تردد اعتقد اننا نستطيع ان نرسم دوائر محدده في المد الغير محدود الذي نواجهه , وعندها نحاول العوم رغم مقاومة الموج والتيار ....! من ذلك مثلا ضاهرتين غربتين يتعمق وجودهما منذوا فترة في الاوساط الثقافيه الرسميه عموما , فمثلا نرى الكثير من المثقفين يزاولون نشاطات اخرى غير اختصاصاتهم الحقيقيه لكي يتمكنوا من مواصلة العيش وفيهم من بلغوا مرحل متقدمه من العمر تجعلهم في اوضاع لايحسدون عليها , نرى ان هناك الكثير من الشباب يتبوءون مراكز وضفيه مهمه ( مدراء ومدراء عامون ) وبعظهم يشغل ثلاث او اربعة مناصب وكالة اضافة لىمنصبه مما يخلق حالة من الاستغراب وعدم التجانس في الرويا يبعث على التشويش ورسم اكثر من علامة استفهام , فاذا كان هناك فائض في اعداد الكتاب والمثقفين ينتج عنه العجز في الحصول على لقمة العيش من هذا السبيل بحيث يتحولون الى سواه فكيف اذن يكون هناك فيض في الملاكات بحيث تتيح للبعض ان يشغل مناصب اضافيه لمنصبه الاساس ...؟! وكيف يمكن للشباب ان يتولون درجات المدرين وهي تتطلب تدرج وضيفي طويل لا يبلغ عادة قبل ان يغادر السواد شعر روسهم ويغادر معه اخر عبث الشباب ونزقه وتحل مكانهما رصانة وكياسه ربما افتقدناها كثيرفي عالم اليوم ....! .
قبل فترة ليست بالطويله رحل الدكتور زهير القيسي هذا الرجل الذي خدمه الثقافة العراقيه باكثر من مائة منجز وافنى عمره الذي تجاوز الثمانين عاما في الدراسة والبحث والانجاز وقد عاش مهمشا لم يهتم لامره احد ومات مهمشا وان شيعه اتحاد الكتااب والادباء العراقين هذا الاتحاد الذي تذكر ان هناك ما يربطه بهذا الرعيل من الناس فيتخلى عن صمته وسباته حينما يكون الاديب ميتا فهو عند ذلك لن يطالبهم بشي ولن يعدهم احد من الناس سببا من اسباب تعاسة المتوفى وشقائه ....!لقد بلغ مجتمعنا قمة الخراب الانساني حين سرى فيه الفساد الى هل الثقافة انفسهم , ويجرنا هذا الامر الى التسائل عن المعني الحقيقي للثقافة ذاتها وهل يتجسد ذلك في من نسميهم مثقفين بسبب ما يشغلونه من مواقع ثقافيه او ما يحوزونه من انجاز ثقافي حقيقي , نعم ان كنا نستخدم مفردات ومعاير عصرنا هذا فالثقافة هي ( اسلوب حياة ) الذي يميز مجتمع ما بعينه عن سائر المجتمعات الاخرى وهي بهذا المعنى تمثل فهما اخر لا علاقة له على الاطلاق بالمعنى الذي كان سائدا في المجتمعات العربيه قبل مجيء الاسلام وبعده وهو المعني الحقيقي الذي ضللنا بعد ان فقدناه المعنى الحقيقي لها , واصبحنا نحوم حوله دون ان نتمكن من سبر اغواره والتعرف الى مكنوناته العظيمة الراقيه
ان كلمة ثقاف ترجع في قواميس اللغة العربيه الى مادة : (ث ق ف ) وجاءت اشتقاقاتها في القران الكريم بمعنى الوجود ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) ووردت كلمة ثقف على لسان عائشه (رض) وهي تصف اباها : واقام اوده بثقافه ... اي هذب نفسه بنفسه , كذلك جاءت اشتقاقات اللفضه في معلقة الشاعر الجاهلي عمر ابن ام كلثوم :-
فان قناتنا يا عمر اعيت على الاعداء قبلك ان تلينا
اذاعض الثقاة بها اشمازت وولته عشو زنة زبونا
عشو زنة اذا انقلبت ارنت تشج قفا المثقف والجبينا
هو يشبه بهذه الابيات قناة قومه باعمود الرمح القوي الذي يستعصي على العامل الذي يقوم بتقويمه وتعديله , فيشجه في قفاه وجبينه .
ولقد جاء في القاموس المحيط للفيروز ابادي ... ثقف : اي صار حاذقا خفيفا فطنا , وامرءه ثقاف : فطنه , وثقفه : سواه وثاقفه : غالبه فغلبه في الحذق.
وجاء في قاموس لسان العرب لابن منظور ثقف الرجل : صار حاذقا فطنا , وثقفه تثقيفا اي قوم اعوجاجه واصل ذلك الرمح ثم استعير فصار للتقويم الخلقي .
ولم تكن كلمة ثقافة شائعه في الحضارة الاسلاميه منذوا عهد الرسول (ص) والراشدين او العصر الاموي او العباسي وما تلاه الى زمن قريب , حيث كان يشار للدين ومجالاته المتعدده بمعانيها المباشره فا علماء الشرع يذكرون با اختصاصاتهم من قراء ومفسرين ومحدثين وفقهاء , وكذلك الحال في العلوم الاخرى , فهذا الطبيب وذاك الفيلسوف والكاتب والشاعر والمنجم , ويشار لمن له المام بالشعروالرواية والفكر بالاديب وعلى مثل ذلك تصنف العنواوين الاخرى .
اما الاستخدام الواسع لكلمة ثقافه فقد جاء في العصر الحديث الذي ساد فيه الغزو الفكري الغربي وسيطرت مصطلحاتهم فاطرت المجالات كافه , وكان الدكتور طه حسين هو اول من اسخدم هذه الكلمه بالمعني الشائع لها اليوم في كتابه( مستقبل الثقافة في مصر) الصادر في عام1938م حيث اصبحت تدل على الاستنارة والعلم .
ان مابين استخدام الشاعر الجاهلي واستخدام طه حسين لهذه الكلمه اختلاف كبيرفي المعنى والدلاله حيث تلبستها الاشارات العلميه والفكريه التي تحتضن الانماط الحضاريه للمجتمعات بينما كانت الاخري ترمز وتشير الى محتوى اخلاقي تقويمي يصنع افراد او مجتمعات تزخر بالنقاء والرقي الانساني ..!
فلم تكن تلك الكلمه تطلق على من ينتج المحتوي الثقافي , بل على من يجسده فكان فعل التثقيف عندهم مشتق من عملية ثقف العمود الخشبي ليصبح رمحا ,بعني تقويمه من كل الشوائب التي تحتويه وادخاله في قالب الحديد الذي يكسبه استقامه ويذهب برطوبته , ويكون ذلك قبل ان يوضع الجزء الحديدي الجارح في مقدمته , والذي يصبح الرمح جاهزا بعده للاستخدام , فهو يتخذ مسارا مستقيما في طيرانه نحوالهدف . وكانوا يحصرون ذلك المعنى في الانسان الذي يشذب ويهذب بالعلم والمعرفه فيجسدهما ليس بالفعل الثقافي الذي يتخذ شكل المهنه المنفصل عن سلوك الصانع في بعض الاحيان , فهي عندهم سلوك الشاعر وليس شعره ان الثقافة في الاصل العربي القديم وباختصار شديد تعني المزاوجه بين المحتوى والسلوك بشكل تام لا انفصام فيه فاحدهما يمثل الاخر ويعبر عنه اوضح تعبير , بينما خرجت اليوم الى مواضيع اكثر رحابة وسعه ولكنها تخلت عن شرطها الاخلاقي في التزاوج السلوكي , شئنها شان الكثير من القيم التي نالها التجريد فاضحت محض اوعية جوفاء غادرها المحتوى بانقطاع استخدامه وتداوله بين الناس لقد كان الرجل في الماضي لا يتردد في ان يدفع ماله للمحتاج ان قصده لتاكده من ان هناك من سيد فع له ان اصابته محنة ما وافلس , كذلك لن يتردد في الوفاء بالعهد مهما كلفه ذلك من تضحيات ليقينه ان الاخرين سيوفون بعهودهم له , ان لكرم والوفاء وسائر القيم والشيم النبيله لم تكن مجرد مسميات وعناوين مركونة فوق الرفوف كما هو حالها الان بل ممارسات حيه وفعاليات سلوكيه تراها وتتعامل وتتفاعل معها في كل يوم , اما الان وقد تحولت الاخلاق الى فعل جمالي نفعي فيمكننا القول بكل تاكيد ان التحنيط قد اصابها لتصبح اشياء جميله ومبهره ولكنها للزينه فقط ...!
فليس غريبا يا صديقي ان يكون حال المثقف هكذا في بلادنا..... وهنا لم يتمالك سوى ان يتمتم... نعم هكذا هو الحال عندنا بالضبط.... ان متطلبات الاستمرار في المواقع والتمتع بعوائدها الماديه والوجاهيه تفرض على المثقف ان يدوس ويتجاهل معطيات معرفته اي ان يتحرر من ضغطها الاجرائي الذي يفرض عليه قول الصدق مادام يدرك ان الكذب سبة لا تليق به , وان استغلال الخصوصيات للحصول على مواقع يكون الاخرون اشد حاجة لها واكثر جدارة بها امر غير مقبول من الناحية الاخلاقية على الاقل وان المثقف هو الاشد والاعمق ادراكا لذلك واولى بتجنبه , غير ان الامور تجري في الواقع العملي بالضد من ذلك تماما فيسقط التجريد ثقل المعرفه فيتساوى في المواقف الجاهل والعارف على حد سواء !
ولم يلبث ان ركن الى الصمت قليلا ليتابع القول بعدها بحماس اكثر ...: كنت ومنذو امد غير طويل الحض باعجاب مقالات احد الزملاء وتدفقه بحيوية ملفته للنظر وكنت كل ما انتقلت الى موقع للنشر يلوح اسمه في الصدارة امامي وكان لي زميلا يمتلك احدى الصحف فسالته عنه حين رايت مقالا له في الصفحة الثقافيه فقال انه رجلا لامعا وهو ايظا يمثل المدير التنفيذي لجريدتنا , الواقع ان الرجل لم تكن تنقصه الموهبة او الالمعية في الكتابه غير ان طريقته في الصعود الصاروخي كانت مثار اعجابي الشديد وكنت اومن ان هناك سر خفي وراء ذلك الصعود الملفت للنظر ...
وعن طريق الصدفه وكنت اتابع برنامجا صحفيا عن طريق التلفزيون لالمح صورته واسمه ويتبين لي انه مدير لاحد المواقع الثقافيه المهمه ....!



#حسين_علي_الزبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الساخرون
- الوطن الازمه .......ج7
- الوطن الازمه.....ج6
- الوطن الازمه.....ج5
- الوطن الازمه.......ج4
- الوطن الازمه .......ج3
- الدين ...واتلوطن


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علي الزبيدي - هذا الرجل .... اعجبني صعوده...!