أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محسن حبيب فجر - هيبة المواطن















المزيد.....

هيبة المواطن


محسن حبيب فجر
(Mohsen H. Fagr)


الحوار المتمدن-العدد: 4146 - 2013 / 7 / 7 - 01:51
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ان تخاذل التراب امام الانسان في تعريفنا المقترح للوطن على انه "المجتمع الذي يشغل ارضا محددة ويرتبط افراده بعضهم ببعض بعلاقات واواصر وانظمة تكفل رضاهم بالانتساب اليه من خلال توفير أسباب العيش الهانئ الكريم لهم جميعاً" انما يأتي من ايمان عميق بقيمة الانسان الكبرى في الوجود، هذه القيمة التي يختزل عندها الوطن بالمجتمع.
وكلما أزداد نضج المجتمعات كانت أكثر فهما وإدراكاً لهذه الحقيقة ، مما يدفعها الى تأسيس حياتها وتنظيمها على أساس قيمة الإنسان الكبرى ومحوريته . ولذلك فأننا نصف نظامها ومنهج حياتها بالإنساني . والمقصود من ذلك أنه يتخذ من الإنسان ، مطلق الإنسان ، هدفا وغاية .
فعندما يُـشرّع المجتمع الناضج قوانينه التي تنظم حياته فإنها وفي المجالين ، الحقوق والواجبات ، تهدف الى تحقيق السعادة لكل فرد ينتمي إلى ذلك المجتمع من خلال العدالة والمساواة في توفير الحقوق المعنوية والمادية وحفظها وصيانتها .
وعلى أساس هذه القوانين ، ولنفس الهدف تبنى المؤسسات الحكومية والمجتمعية وتشغل بكوادر من أهم صفاتها الإيمان بالهدف الأكبر ( الإنسان ) . أي أن الأدوات ( الأجهزة ) التنفيذية محققة للغاية من إيجادها .
بعبارة أخرى ان المجتمع الناضج هو المجتمع القادر على التغلب على تعقيدات الحياة وتداخل نسيج الحاجات والمطامح اللامتناهية لأفراده ومجموعاته وذلك بتوفير حاجاتهم وتحقيق مطامحهم المشروعة وحلحلة ما يمكن أن ينشأ بسبب سعيهم لنيلها من مشاكل ، كل ذلك بالاستناد الى الإيمان بالقيمة والأهمية القصوى للإنسان في هذه الحياة .
ان كل واحد منا له من الحاجات والمطامح الشيء الكثير، وعندما يجد مجموعة من الأفراد أنفسهم لسبب أو لأخر مجبرين على العيش سوية فأن أمامهم الخيارات الآتية:
الخيار الأول : رفض الاعتراف بالعيش المشترك ، أي رفض الواقع ، مما يدفع كل فرد وبهدف تحقيق حاجاته وطموحاته للتمحور حول ذاته وما ينتمي اليها بقوة وإلغاء ما سوى ذلك والتعامل معه بمنطق العداء والتسلط والاستيلاء حتى وان كان ما سوى ذلك إنسان ، أي فرد أخر لا يختلف من حيث الجوهر عنه بشيء . ان أوضح نموذج لخيار العيش هذا هم أقوام الجاهلية وذهنية البداوة في الأمس واليوم الذين يرفعون ( أنا وأبن عمي على الغريب ، وأنا وأخي على ابن عمي ) شعاراً لحياتهم . هم الذين رسخ في عقولهم منهج الصحراء وما تفرضه بيئتها على ساكنيها من عدم الاطمئنان الا الى ( يدك وسيفك وخاصتك ) .
الخيار الثاني : قبول الاعتراف بالعيش المشترك كواقع لا فرار منه مع محاولة الفرد الهيمنة عليه ، أو على قسم منه ، سعياً منه لفرض ارادته وتحقيق حاجاته ومطامحه على حساب الآخرين . هذا النمط من الأنانية والانتهازية هو الذي أفرز ويفرز على مر الزمان الطواغيت والظلمة والفاسدين .
ومن المهم أن نلاحظ أن الخيارين أعلاه هما بالدرجة الأولى إفراز لغياب وعدم ادراك الحقيقة العظيمة : قيمة الإنسان العظمى ومحوريته في الحياة .
الخيار الثالث : قبول الاعتراف بالعيش المشترك لا كواقع لا فرار منه ، بل لابد منه ومرحب به لأنه يتناغم مع الحقيقة الإنسانية والرؤية الموضوعية لحاجات وطموحات الفرد ووسائل تحقيقها .
إن المجتمع الذي يتشكل على هذا الأساس هو المجتمع الناضج القادر على الوصول بأفراده الى سعادتهم .
ونضج المجتمع لا يعني بالضرورة خلوه من أفراد يفرزهم الخياران الأول والثاني ، وهذا ما يؤيده واقع المجتمعات الناضجة ، ولذلك وللتخلص من هؤلاء والحد من خطرهم يلجأ المجتمع الناضج الى سن قانون العقوبات كجزء مهم من نظام حياته .
إن المجتمع الناضج هو الخيار الذي يجب أن نعمل جاهدين من اجل زحزحة واقعنا الاجتماعي الحالي وتحريكه نحوه لأننا ببساطة وصراحة ، وبالنظر الى معطيات حياتنا اليومية حاليا، لا ننتمي لهذا الخيار بل الى الخيار الثاني ، فنحن مجتمع تسوده وتسيطر على مجريات حياته روح الأنانية والانتهازية.
وليس المقصود من سيطرة روح الانتهازية والأنانية إنهما تهيمنان على قناعاتنا وسلوكنا جميعا ، فردا فردا ، بل المقصود أن مفصلا مهماً من مفاصل المجتمع الناضج غائب من حياتنا الحالية وهو تحديداً : الأدوات التنفيذية المحققة للغاية من وجودها.
فصحيح إن مجتمعنا العراقي وعبر أدواته التشريعية ، وبالاستفادة من تجارب المجتمعات المتقدمة علينا ، سائر على طريق سن القوانين التي من شأنها ، في حال تطبيقها ، أن تضعنا في خانة المجتمعات الناضجة ، وصحيح ان لدينا مؤسسات حكومية ومجتمعية بنيت على أساس تلك القوانين .. ولكن الخطأ الكبير والمدمر هو امتلاء مساحات مهمة ومؤثرة في مؤسساتنا بأفراد ينتمون الى الخيار الثاني الأناني والانتهازي. إنهم يفسرون قوانيننا ومؤسساتنا ، أو يلتفون عليها ، بشكل يتلاءم مع أمزجتهم مما أدى ويؤدي الى ضياع الكثير من حقوقنا المادية والمعنوية وقطع حبل مهم من الحبال التي تربط الفرد بمجتمعه وبلده ، ان لم يكن أهمها على الإطلاق ، وهو حبل المواطنة .
ونظرا لما لهذه المؤسسات من دور كبير ومؤثر في حياتنا اليومية جاءت صبغة الانتهازية لتصبغنا جميعا .
فعندما يتعامل نفر من موظفي إحدى دوائرنا بالرشوة أو السرقة لن يقال عن هؤلاء فقط إنهم مرتشون وسراق وإنما سيقال بان تلك الدائرة تتفشى فيها الرشوة والسرقة . وبنفس الطريقة جاءت التقارير العالمية لتتحدث عن تفشي الفساد المالي والإداري في العراق مع علمنا الأكيد ان الموظفين العراقيين فيهم الكثير من الشرفاء والأمناء ولكن المشكلة ان المفسدين ، وبغض النظر عن نسبتهم ، يشغلون مساحات مؤثرة في مؤسساتنا مما أدى الى اصطباغها ، ثم بلدنا ككل ، بصبغتهم وفسادهم .
هكذا أدى إشغال الانتهازيين الكراسي المؤثرة والمهمة في مؤسساتنا الى تغييبها عن الحضور الايجابي الفاعل في حياتنا ، والذي بنيت أصلا لأجله ، بل ان عددا منها تحول الى وبال علينا حتى بات الشعور بالغربة والقطيعة بين المواطن وبينها يملأ اعدادا كبيرة منا .
كما ان من نتائج تسلطهم على مؤسساتنا ان عددا كبيرا منها فشل في النهوض بواجباته وتقديم الخدمات اللازمة لإدامة الحد الأدنى ، على الأقل ، من الراحة في حياتنا اليومية . كما إنها باتت تتعامل مع مراجعيها باللامبالاة وعدم الاحترام لهم أو الاهتمام بتلبية طلباتهم الى درجة ان الكثير منا يستيقظ في الصباح عابساً لا لشيء إلا لان لديه مراجعة لإحدى الدوائر في ذلك الصباح .
ان السبب المهم , والذي يكاد يكون الوحيد ، الذي يجعل الانتهازية تهيمن على سلوك هؤلاء ، أفراداً ومؤسسات ، هو غياب الإيمان بالقيمة العظمى للإنسان ( المواطن ) عن أذهانهم ، وبعبارة أخرى لا هيبة للمواطن في نفوسهم ، مما شكل دافعا عندهم الى عدم احترام المواطنين أو إقامة وزن لهم .
إننا لا نملك خيارا إلا العيش المشترك في مجتمع واحد ... وخيار المجتمع الانتهازي الذي نعيشه اليوم ان كان يريح ويسعد الذئاب البشرية فانه لا يوفر السعادة والراحة لنا جميعا . ولذلك لابد لنا ان ننتقل بمجتمعنا الى الخيار الثالث ، لابد ان نتحول الى مجتمع ناضج يحصل كل فرد فيه على حقوقه ، على راحته وسعادته . وما دام السبب مشخص لدينا فعلينا العمل جميعا لرفعه. لابد لنا من خطة لفرض هيبة المواطن، منطلقها الايمان بالقيمة العليا للإنسان ليترسخ من خلالها مفهوم المواطنة في أذهاننا بحيث يكون الفرد منا سيداً في بلده وتكون جميع مؤسسات الدولة وسائل لخدمته وتوفير حقوقه.



#محسن_حبيب_فجر (هاشتاغ)       Mohsen_H._Fagr#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محسن حبيب فجر - هيبة المواطن