أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - دانا سعيد صوفي - الديموقراطية و تحدياتها في اقليم كردستان - العراق















المزيد.....



الديموقراطية و تحدياتها في اقليم كردستان - العراق


دانا سعيد صوفي

الحوار المتمدن-العدد: 4145 - 2013 / 7 / 6 - 02:23
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ما اعنية بالديموقراطية في هذا السياق هي طراز الحكم و ما اريد الكلام عنة ليس فقط الحكم القادر على توفير الخدمات و انما ما يمكن ان يسمي بحكم الشعب للشعب والمبني على قدرات و تطلعات الشعب بحيث تحترم السلطات العامة حقوق و حريات الافراد و الجماعات بما فيها الحريات الثقافية و الاجتماعية و السياسية و الدينية و تقوم باشراك المواطنين في عملية صنع القرار. هذه هي بعض الصفات طراز الحكم الديموقراطي الذي اركز علية في موضوعي هذا. الديموقراطية بحد ذاتها لا تخلو من اشكاليات خاصة بها, فعلى سبيل المثال اصدار قرار معين بشكل ديموقراطي يتطلب وقتا طويلا, في كثير من الاحيان لا يفي الشخص المنتخب بما وعد به اثنا حملته الانتخابية و بهذا تتوسع الهوة بين الشعب و ممثليه المنتخبين. في بعض الاحيان يتم تعدي على حقوق الافراد باسم حقوق الجماعة و الديموقراطية.
انا لست الان بصدد الكلام عن المشاكل الملازمة للديموقراطية و اعتقد انة بالرغم من وجود هذا المشاكل, هناك شبة اجماع على ان الديموقراطية تبقى افضل نظام للحكم بالمقارنة مع الانظمة الاخرى, و بالاضافة الى هذا اعتقد بان الديموقراطية قادرة على حل الكثير من الصراعات القومية و العرقية و الدينية في منطقة الشرق الاوسط و منها القضية الكردية.
في موضوعي هذا اريد الكلام عن التحديات التي تواجة بناء حكم ديمقراطي في كردستان الجنوبية و العراق في ثلاثة سياقات الا وهو تحديات على مستوى اقليم كردستان و على مستوى العراق و على مستوى منطقة الشرق الاوسط ككل. في عام 2005 استطاع الكرد منع اعادة تنصيب الجعفري رئيسا للوزراء من جديد و اعتبروا هذه الخطوة انتصارا كبيرا لهم. بديل الجعفري في رئاسة الوزراء كان نائبة في قيادة حزب الدعوة نوري المالكي الذي يتنمي الى نفس المدرسة السياسية لحزب الدعوة. والان و منذ بدايات عام 2012 والكرد يحاولون تنحية المالكي دون جدوى بعد ان وصلت العلاقات معة الى طريق مسدود و اقتربت من ازمة سياسية و عسكرية خطيرة في الفترة الاخيرة.
من الواضح ان الكرد لايستطيعون التعايش مع اية سلطة حاكمة في بغداد و هذا دليل على ان صراع الكرد ليس مع اية شخصية سياسية بحد ذاتة انما هي خلاف مع الفلسفة و الستراتيجية السياسية التي اتبعها الذين حكموا العراق لحد الان, و الواضح ان الحكمة القائلة " من يحكم في بغداد سوف يصبح دكتاتورا" لم تات من فراغ .
بعد سلسلة من الاحداث المتتابعة و من ضمنها حرب الخليج الثانية و انتفاضة عام 1991 التي اشتعلت في اغلب انحاء العراق وفرض منطقة حظر الطيران في اقليم كردستان من قبل منظمة الامم المتحدة و اخيرا الاطاحة بنظام البعث الصدامي, اكتسب كردستان الجنوبية وضعا خاصا كاقليم فيدرالي ضمن العراق و اكتسب هذا الوضع الشرعية الدستورية في دستور العراق الدائم لعام 2005. هذة كانت الخطوة الاولى في الاتجاه الديموقراطي لحل القضية الكردية و لكنها في نفس الوقت اصبحت نقطة البداية للتحديات التي تواجة الديموقراطية.
في البلدان الذي يتميز بتعدد الثقافات و تعدد القوميات لا تكون للديموقراطية من معنى اذا لم تتمتع الاقليات بحق تقري المصير, او بمعنى اخر ان يكون افراد الطوائف اصحاب قرار في كيفية تيسير حياتهم اليومية و المسائل المتعلقة بمستقبلهم بالاضافة الى ممارسة حقوقهم الثقافية و الحيلولة دون استخدام الانتماء الطائفي و القومي كوسيلة للتفضيل او التميز. لتخفيف حدة الصراعات القومية و الثقافية و الدينية في هكذا بلدان يستخدم نوع من تقاسم السلطة بين ممثلي الطوائف المختلفة في سياق ما يسمي بالديموقراطية التوافقية. من الوضح ان الديموقراطية التوافقية هذه ليست بالنموذج الملائم لكل زمان و مكان, و لكن من الممكن لهذا الطراز ان تصبح نقطة بداية ناجحة في الاتجاء الديموقراطي في البلدان المتعددة القوميات و المذاهب و التي تعاني من تفشي القهر و التميز القومي و الطائفي. من الممكن لهذه النوع من الديموقراطية و التي تسمي في بعض الاحيان بالديموقراطية الطائفية و المذهبية ان تصبح وسيلة لتخفيف القهر و التميز المبني على اساس القومي او الديني و لكن ليست باستطاعتها معالجة القهر الحاصل بين افراد الطائفة الواحدة.
في الدستور العراقي الجديد اتفق ممثلي القوميات و الطوائف و الاديان المختلفة على حكم البلد بصورة توافقية, و تم تحديد وضع اقليم كردستان ضمن الدولة العراقية بحسب مبادىء هذا الطرازمن الحكم. و لكن ما نراه الان هي ان الديموقراطية التوافقية هذه لا تعمل بالشكل المطلوب و لا توفر حلولا للصراعات الموجودة بين الكرد و العرب و الاقليات القومية الاخرى و ان استخدام القوة في حل الصراعات لا تخلو من امكانية و الدستور الجديد لم تصبح ضمانه لحقوق الاقليات و الطوائف. لا يبدو ان المسيطرون على مقاليد الامور في المركز يعطون اية اهمية للذين يعيشون في الاطراف. بالنسبة للكرد و الاقليات القومية الاخرى ما تغير في العراق كنتيجة للغزو الامريكي هي نقل السلطة من عرب السنة الى عرب الشيعة فقط.
ما نشاهده الان هو ان الديموقراطية التوافقية التي كان من المفترض ان تكون حجر الزواية في بنيان العراق الجديد (على الاقل حسب الدستور و ادعاءات الجهات السياسية في العراق) تواجة خطر الافلاس و الانهيار. اللجوء الى العنف و منطق القوة لحل النزاعات السياسية من الاخطار الاساسية الذي تواجة هذة الديموقراطية التوافقية الغير ناضجة. الجهات المتنازعة جميعها تلجاء الى الدستور لتبرير اعمالها, مما يدل على وجود تفسيرات متغايرة للدستور و التي تعني بان الدستور بحد ذاته لا يستطيع اعطاء اية ضمانات في غياب جهة مسؤلة عن اصدار الاحكام بصدد مصداقية هذه التفسيرات المتغايرة. و بسبب عدم قدرة التباحث و المفاوضات على تقريب وجهات النظر المختلفة نرى حاليا وجود القطعات المسلحة للجانبين على خطوط التماس في محافظة كركوك. بتعبير ادق الدكتاتورية و الانفراد بالسلطة التي تمارس من قبل اكثرية طائفية هي احدى التحديات الصعبة التي تواجة مسيرة الديموقراطية في العراق و الشرق الاوسط.
ما اعنيه بالديموقراطية في الشرق الاوسط ليست الديموقراطية الكاملة والناضجة كما هي في بلدان اوروبا و امريكا انما بدايات الديموقراطية في ابسط اشكالها والتي تتضمن التعايش السلمي بين القوميات و المذاهب المختلفة بدون تفضيل اي مكون على مكون اخر و ضمان ممارسات الثقافية و العادات و التقاليد و الطقوس لجميع المكونات و المذاهب و الاديان بالاضافة الى وجود بعض الممارسات و المؤسسات الديموقراطية كالانتخاب و الحريات العامة.
بالاضافة الى غلبة عقلية ومنطق القوة في حل المنازعات هناك تحديات اخرى تواجه التعايش السلمي و تطور و نضوج المؤسسات الديموقراطية و منها وجود المناطق الذي لم يتم تحديد هويتها لحد الان و التي سميت في الدستور بالمناطق المتنازع عليها و كذلك محاولات الجهات المتنافسة السيطرة على صناعة النفط.
المناطق المتنازع عليها هي المناطق التي تسكنها اكثرية كردية بالاضافة الى قوميات و اثنيات اخرى و التي هي جزء تاريخي من كردستان الجنوبية و لكنها اليوم تقع خارج سيطرة اقليم كردستان. و قد اشتمل دستور العراق الدائم لعام 2005 على صيغة لحل اشكالية هذه المناطق على شكل مادة دستورية خاصة سميت بمادة 140 و التي تشتمل على ثلاثة مراحل و هي تطبيع الوضع في هذه المناطق كمرحلة اولى و اجراء احصاء سكاني شامل و من ثم اجراء استفتاء واعطاء المجال لسكان هذه المناطق باقرار وضعها و اختيار بين تابعيتها لاقليم كردستان او الحكومة المركزية. بالرغم من مضي هذه الفترة الطويلة على اقرار الدستور ما تزال وضعية هذه المناطق معلقة بدون حل و بدل اللجوء الى احكام هذه المادة هناك احتمال متزايد للجوء الاطراف المختلفة الى القوة لحل هذه المعضلة. و تعتبر هذة المناطق مهمة لكلا الطرفين, ليست فقط لانها مناطق شاسعة و تسكنها خليط من القوميات و المذاهب المختلفة و لكن لغني هذه المناطق بالنفط و الموارد طبيعية الاخرى و خاصة في حدود محافظة كركوك و هناك اعتقاد يسود في بغداد و عواصم دول اقليمية اخرى بان سيطرة الكرد على كركوك تساهم في تقوية الميول الاستقلالية و تمهد لهم الطريق للانفصال.
مما لاشك فية بأن الكرد يرفضون ان يكونوا تابعين للمركز من الناحية الاقتصادية بصورة كلية, لان ذلك يودي الى تقيد حريتهم. بعد اكثر من 20 سنة من حكم ذاتي شبة مستقل في اقليم كردستان ليست من السهولة للكرد فتح الطريق امام الحكومة المركزية للسيطرة على الحقول النفطية المتناثرة في محافظات الاقليم الثلاث و الذي يتم استكشافه و ادارتة من قبل شركات دولية كبيرة مثل اكسون موبيل و شيفرون و كازبروم. و في هذا الصدد يجب الاشارة الى انه بحسب الدستور العراقي الجديد يجب ان يتم ادارة الحقول المستكشفة في الاقاليم بعد عملية تحرير العراق بالتنسيق و التعاون بين الحكومة المركزية و حكومات الاقاليم, و لكن هناك تفسيرات مختلفة للدستور بما يخص هذا المجال.
لقد قمت بذكر مسالة النفط لالقاء الضوء على اشكاليتين تواجهان تقدم الديموقراطية في المنطقة و هما ان وجود النفط كمصدر شبه وحيد للدخل و الثروة تمكن السلطات من اخراج المواطنين من دائرة صنع القرار اولا, و ثانيا ان التنافس و الصراع على السيطرة على الصناعة النفطية كونه المصدر الثروة الاكبر يخلق حالة من سباق التسلح و الاستعداد العسكري بين القوميات و الاثنيات المختلفة لانتشار حالة من عدم الثقة و الخوف من قوة الاخر. هذة الحالة من التنافس و عدم الثقة تدفع بالاقليات المختلفة للتفكير بمستقبلها بمعزل عن الاخرين و اعتبار الاخرين تهديدا لها. في بيئة كهذه تصبح فكرة التعايش السلمي و المصالح المشتركة و المستقبل الواحد بين الكورد و العرب و التركمان و الاقليات الاخرى في هذه المناطق حلما مستحيلا او بعيد المنال على اقل تقدير. من الواضح انة في غياب التعايش و الاعتراف المتبادل بين هذه المكونات و عدم وجود التفاهم والاحترام المتبادل لخصوصيات الاخرين لا يمكن الكلام عن حماية حقوق و حريات الافراد و الجماعات و بمعنى اخر تصبح الديموقراطية وهما و كلاما من غير محتوى.
احدى العوامل الاخرى المساهمة في خلق هذه البيئة من التنافس و انعدام الثقة هي ضعف و عدم قدرة مؤسسات الدولة على القيام بواجباتها تجاه المواطنين و خاصة السلطة القضائية و المؤسسات الامنية و الشرطة و يمكن تسمية هذه الظاهرة بشكل عام ب"غياب سلطة القانون".
عندما تكون مؤسسات الدولة قادرة و تقوم باداء مهامها تجاه المواطنين بدون تميز, تسود حالة من الاطمئنان بين المواطنين حول حياتهم و مستقبلهم. فعلى سبيل المثال اذا تعرض مواطن الى اعتداء و قامت السلطات الامنية بالقاء القبض على الجاني و ادت السلطة القضائية واجبها بمحاكمتة و معاقبتة بشكل متناسب مع جنحتة او جريمتة دون الاخذ بنظر الاعتبار الخلفية القومية او المذهبية لاي من الجاني و المجني عليه لايكون لدي الطوائف المختلفة ذريعة للتشكيك فى نزاهة السلطات او محاباتها لجهة ضد جهة اخرى. و لكن عندما تكون هذه السلطات غير قادرة على حماية المواطنين و تميز بين افراد المجتمع على اساس خلفياتهم القومية او المذهبية, تسود حالة من التخوف و عدم الاستقرار و يحاول المكونات المختلفة توفير الحماية لافرادها و بهذا تشتد سباق التسليح و الاستعداد لتوفير الحماية الذاتية, وعندما تبداء مكون معين بتسليح نفسة تتخوف المكونات الاخرى من تزايد قوتة و تدفعهم في العمل بنفس التوجة لانهم يعتبرون الاخرين تهديدا لهم عندما لاتكون الدولة قادرة على توفير الحماية . هذه الحالة من التنافس و سباق التسليح تسمي "مأزق الأمن" في مجال العلوم السياسية و الاجتماعية. يمكن رؤية هذة الحالة بوضوح في محافظة كركوك و المناطق الاخرى المتنازع عليها. فبالاضافة الى وجود ظاهرة الارهاب و التي تفسر في كثير من الاحيان بالدوافع الطائفية, هناك حالة من ضعف و الاهمال المستشري في اداء المؤسسات الامنية و السلطات القضائية في المنطقة, فالكثير من القائمين بالاعمال الارهابية لا يزالون طلقاء و عدد قليل جدا من نزاعات الاراضي قد حلت من مجموع ما تعد بالالاف من القضايا في السنوات الثمانية الاخيرة. لهذه الاسباب جميعها و اخرى لايتسنى المجال لذكرها الان يتواجد الحالة "مآزق الامن" هذه بشكل كبير في محافظة كركوك و المناطق الاخرى المتنازع عليها. تعتبر ضعف المؤسسات في هذه المناطق عامل اخر معرقل لتجذير و تطوير الديموقراطية, لانه من البديهي ان الديموقراطية غير ممكنة في غياب مؤسسات دولة قوية و قادرة على اداء واجباتها.
هاجس السيطرة و الهيمنة و المنطق العسكري و وضع المناطق المتنازع عليها و حلم السيطرة على المورد الرئيسي للدخل التي تتنازع عليها النخب السياسية و عدم وجود اجماع على كيفية ادارة الصناعة النفطية و اخيرا و ليس اخرا وجود ظاهرة الارهاب و ضعف مؤسسات الدولة تعتبر من التحديات الكبيرة في وجه انتقال المجتمع العراقي الى الديموقراطية, هذا بالاضافة الى مصالح و تدخلات بعض الدول و القوى الاقليمية التي تحبط التوجه الديموقراطي. بالاضافة الى العوامل الانفة الذكر يمكن القول بان الديموقراطية ينظر اليها و تمارس كمادة مستوردة لا توجد لها جذور محلية, تعتبر الاعتبارات الدينية اكثر اهمية من الممارسة الديموقراطية. الانتماء المذهبي كالسنة و الشيعة تلون البيئة السياسية بالوانها, بمعني اخر ان الانقسامات الاجتماعية في المجتمع العراقي ليست مبنية على اساس الغنى و الفقر, المدينة و القرية, العمال و الرسماليين, و الاحرار و الاشتراكيين الديموقراطيين, انما ما يحدد الهوية السياسية هي الانتما القومي و الطائفي و المذهبي. لهذا عندما نتكلم عن الديموقراطية التوافقية في هذا البلد فاننا نتكلم عن التوافق بين المذاهب و القوميات. و الجدير بالذكر ان الديموقراطية التوافقية هذه تتطلب توافر ظروف خاصة كالاستقرار الامني و المؤسساتي للدولة و الاعتراف المتبادل بين مكونات الشعب و الذي لا تتوافر اية منها في الظروف الحالية في العراق, لهذا يمكن القول بان افاق و مستقبل الديموقراطية غائمة و مشبوبة بالمخاطر.

التحديات الاقليمية

مما لاشك فية بان الاحداث و الظروف السائدة في الدول المجاورة و الذين يتعاملون بصورة يومية مع تفاعلات القضية الكردية ليست بدون تاثير على شؤون الحكم و الديموقراطية في اقليم كردستان. من الواضح ان ما جرى و يجري في المنطقة لها تاثير على القضايا الداخلية في العراق و كردستان و لكن ما يدعو للاسف ان اكثر الانتفاضات و الثورات التي جرت في سياق ما سمي بالربيع العربي لم ياتي بما كان متوقعا منها. سقوط الدكتاتوريات لم تثمر عن بناء و تطور الديموقراطية و بالاضافة الى ذلك نتجت هذه الثورات و الانتفاضات عن صعوبات امنية و اقتصادية للمواطنين, ظواهرالتميزو الاضطهاد على اساس العرق و الجنس و الدين ارتفعت وتيرتها. من العوامل الذي لة تاثير بالغ على الاوضاع الداخلية في اقليم كردستان و العراق هو ما يجري حاليا في كل من تركيا و سوريا. ان مستقبل سوريا و الكرد في سوريا ليس واضحا في الوقت الحالي و لا نعرف ماذا يحمل المستقبل لهم و لكن هناك انطباع تنتشر في بعض الاوساط الكردية بان عصر انكار وجود الكرد و اعتبارهم ضيوفا و مهاجرين في سوريا قد ولى, و لكن بالرغم من هذا لايزال الوقت مبكرا على الكلام عن افاق الديموقراطية هناك حتي اذا تم اسقاط نظام اسد في الفترة القصيرة القادمة. ان ما يدعو للاسف هو ان ما يجري الان في سوريا ليس له تاثير علي النخب الحاكمة في بغداد و اقليم كردستان و ان الربيع العربي لم يستطع اقناع الحكام في هذا البلد بضرورة اعادة النظر في سياساتهم و اجراء اصلاحات سياسية و اعادة السلطة الى الشعب. بل العكس هو الصحيح, حيث ان الحكام في هذا البلد و تحت تاثير ما جرى و يجري في المنطقة يحاولون جاهدا تحصين حكمهم بشكل لاديموقراطي و على حساب حريات المواطنين تحسبا لاي طاري قد يهدد بقائهم في السلطة. توتر العلاقات بين بغداد و اربيل من جهة و بين الاحزاب الحاكمة و المعارضة في الاقليم تستخدم كذريعة لادامة سلطة الحكام حاليين بطرق لاديموقراطية و لاقانونية.
ما يحدث في تركيا حاليا هي خطوة ايجابية و يمكنني القول بانها تجعلنا متفاءلين بعض الشىء. و لكن بالرغم من وجود بوادر بما يسمونه انفتاح السلطه السياسية في تركيا على القضية الكردية و يمكن رؤية نوع من المرونة على الاقل على مستوى التصريحات السياسية لا زلنا لا نستطيع اعتباره انفتاحا حقيقيا. يمكن الشعور بهذه المرونة من خلال ترك سياسة انكار وجود الكرد و الاعتراف بوجود القضية الكردية, و الظاهر بان مجريات الامور تتطور بطريقة تفرض على السلطة السياسية في تركيا التفاوض مع ممثلي الكرد من المسلحين و السياسين المدنيين. ولكن ما اعنيه بتجاوز تركيا لسياسة انكار الكرد و القضية الكردية هو اعترافها بوجود هكذا قضية شفويا, اما من الناحية العملية فان الدولة التركية لا تزال تمنع الكرد في تركيا من ممارسة حقوقهم القومية. المواطنين و الاطفال الكرد في تركيا لا يزالون محرومين من ابسط الحقوق الثقافية و التربوية. شعب تعداده 20 مليون نسمة محروم من استخدام لغته الام في المدارس الحكومية. الاعتراف الكتابي (فقط) بحق الحصول على دروس اللغة الكردية بشكل اختياري و في المدارس الخاصة خارج اطارالتعليم النظامي ما هي الا اهانة بالغة توجة الى مباديء الديموقراطية و حقوق الانسان. و لكن بالرغم من كل هذا الانتقادات توجد في الوقت الحاضر فرصة ذهبية امام السلطة السياسية في تركيا للاعتراف بارادة الشعب الكردي و جعل تركيا الدولة قوية في المنطقة, لانه لايمكن لتركيا ان تصبح دولة قوية ما لم تقوم بحل القضة الكردية و بالاضافة الى هذا تعتبر حل القضية الكردية مفتاح ابواب اوروبا المغلقة بوجه تركيا في الوقت الحاضر. يمكن اعتبار تجاوز سياسة الانكار في تركيا خطوة اولى في طريق ترسيخ الديموقراطية في ذلك البلد و مما لا شك فيه بان تطور هذه العملية ستكون لة تاثيرات ايجابية على صعيد تطور الديموقراطية في اقليم كردستان.
في ايران لا توجد اي حراك سياسي في الوقت الحالي لكي نبني تحليلاتنا عليه و لكن يمكن القول بان قضية الديموقراطية و حقوق الشعب الكردي و القوميات الاخرى تعاني من تراجع ملموس حاليا.

تحديات الديموقراطية داخل الاقليم.

لغرض توضيح التحديات الديموقراطية في اقليم كردستان يجب استخدام تعريف الديموقراطية الاكثر انتشارا كنقطة بداية و التي ينص بانه "لايمكن الكلام عن وجود نظام ديموقراطي اذا لم يتمكن الاكثرية الغالبة للسكان و ليست الاكثرية فقط من ان يكون له دور في عملية صنع القرارات المتعلقة بحياتهم اليومية و مستقبلهم". عند القاء نظرة على الظروف السياسية في اقليم كردستان نرى بان هذا التعريف تواجة تحديين اساسين الا و هما ممارسة دكتاتورية الاكثرية في حكم الاقليم و وجود نخبه سياسية قوية و مسيطرة على مقاليد السلطة.
الكرد يويدون استخدام مبداء التوافق في حكم المركز و لكنهم يستخدمون مبدا سلطة الاكثرية في حكم الاقليم و هو تناقض بحد ذاته. مما لاشك فية بان كلا المبداين التوافق و الاكثرية يتمتعون بجوانب ايجابية و يعانون من سلبيات, و لكن استخدام مبداء الاكثرية في الحكم في اقليم لم تترسخ فيها الثقافة و المؤسسات الديموقراطية و لم يصل اليها حكم القانون الى المستوى المطلوب, في اقليم حيث يسيطر فيها عدد قليل من الاحزاب على مصادر الدخل و القوات المسلحة و الام لا يكون ذا نتائج ديموقراطية و عادلة, لان الاكثرية الحاكمة سوف تستخدم القانون و القدرات الاقتصادية و السياسية للاقليم في سبيل ادامة حكمها. لقد استمرت هذا الوضع لمدة 22 سنة الاخيرة في اقليم كردستان.
التناقض الاخر في سياسة حكام الاقليم هو ان الكرد كانوا مشاركين نشطين في اصدار قانون تحديد مدة بقاء الرئيس بدورتين فقط للرئاسات الثلاثة (في الحقيقة تم اصدار هذا القانون لتحجيم المالكي) و لكن في كردستان لا يتم العمل بهذا المبداء. و السبب في ذلك هو وجود نخبة سياسية قوية ضمن الاكثرية الحاكمة مبنية على علاقات اقتصادية و سلطوية و عشائرية متينة و تتمتع بالسيطرة المطلقة على المصادر الاقتصادية والمؤسسة العسكرية و الامنية و لا يرضون بالتخلى عن سلطاتهم و امتيازاتهم. لقد قمت بتسمية هذه النخبة بفراعنة العصر في احدى مقالاتي السابقة لما يتمتع بها من سلطة و امكانيات غير محدودة. لقد ساهم ممارسة دكتاتورية الاكثرية و وجود هذه النخبة السياسية في استبعاد اكثرية مواطني كردستان من عملية اصدار القرار لفترة طويلة و التي تتناقض مع ابسط مبادىء الديموقراطية.
وجود و ممارسة المركزية الادارية في مؤسسات الاقليم قد عمقت من سلطة النخبة السياسية و قللت من دور و تاثير المواطنين في عملية صنع القرار. هناك تهكم واسع الانتشار في الاقليم على هذه المركزية حيث يتندر المواطنون بانه حتى تعين فراش يتطلب موافقة الوزراء و مسؤلي الاحزاب الرفيعي المستوى. و بالرغم من بعض الاصلاحات في مجال انزال الصلاحيات الى المستويات الادارية الادنى لا تزال السلطات المحلية محرومة من اي دور حقيقي تلعبه في ادارة مناطقها و لا تزال الاعتماد على سلطة المركز هي الغالبة في تصريف شؤون الادارية للاطراف. و يمكن القول بان اللامركزية الادارية و مشاركة المواطنين في صنع القرار التي تعتبر من المكونات الاساسية للنظام الديموقراطي هي في ادني مستوياتها في الاقليم.
التحدي الاخر التي تواجة الديموقراطية في الاقليم هو استشراء الفساد و انتشار حالة من عدم الثقة بين المواطنين انفسهم من جهة و بين المواطنين و السلطات من جهة اخرى. عدم وجود الشفافية في الدوائر الرسمية و التعاملات المالية للحكومة و قطاع النفط و الغاز و كذلك امتناع السلطات عن توفير المعلومات الضرورية للمواطنين و الاعلام تعمق من حالة عدم الثقة هذه. لاتوجد اية مؤسسة رسمية لمكافحة الفساد في الاقليم في الوقت الحالي. السلطات التنفيذية لا تخضع لسلطة البرلمان, يتم تحديد جدول اعمال البرلمان من قبل المراكز الحزبية خارج البرلمان و السبب في ذلك هو عدم تواجد مسؤلي الاحزاب الرفيعي المستوى داخل البرلمان انما يقومون بممارسة سلطاتهم من خلال احزابهم السياسية. كل هذا العوامل حول البرلمان من المؤسسة الرئيسية في النظام البرلماني الى كيان تابع للاحزاب و اصبحت وظيفتها الاساسية اضفاء الشرعية على قرارات الاحزاب السياسية و بهذا تفقد البرلمان واحدة من وظائفها الاساسية الا وهي تمثيل المواطنين و بذلك اصبحت عاجزة عن مواجهة الفساد. بالاضافة الى عقم البرلمان في مواجهة الفساد هناك مؤسستين مختصتين بمواجهة الفساد الا و هما هيئة النزاهة و ديوان الرقابة المالية و لكن لنفس الاسباب لا تستطيع المؤسستان القيام بواجباتها. عدم فعالية المؤسسات الرقابية في اقليم كردستان تلحق ضررا جسيما بعملية بناء الديموقراطية في الاقليم و تشكل استخفافا كبيرا بالمصالح العامة و تؤدي الى تعميق حالة عدم ثقة المواطن بالمؤسسات الحكومية و التي تشكل علة مميتة للديموقراطية.
بالرغم من وجود بعض المؤسسات و الممارسات اليموقراطية كالانتخابات و حق التجمع و التنظيم و حرية الرأي لا يمكن تسمية نظام الحكم في هذا الاقليم بالديموقراطي, ليست فقط لللاسبابى التي تم ذكرها, و لكن لان التداول الديموقراطي للسلطة لا تزال وهما و لأن امكانية اللجوء الى العنف و منطق القوة من قبل الحكام في سبيل البقاء في السلطة لا تزال كبيرة. اريد ان انهي موضوعي هذا بكلمة ذكرتة في احدى مقالاتي قبل حوالي سنتين الا و هي " المواطنين في اقليم كردستان يعانون بين ربيع الديموقراطية و جلد المستبدين, نحن لا نستطيع تسمية نظام الحكم في هذا اقليم بالديموقراطية, انما هو اقليم يمر بمرحلة انتقالية, لهذا اعتقد بانه من واجب مناصري الديموقراطية و مبادىء حقوق الانسان ان يناضلوا في سبيل عدم انحراف هذا التحول بالاتجاء الخاطيء و لضمان الاستمرار في مسار التحول الديموقراطي. و قد اكدت باستمرار بانه في تجربتنا الديموقراطية يجب ان لا نقارن انفسنا بالدول المجاورة في الشرق الاوسط انما يجب ان نبني ديموقراطيتنا على النوذج الاوروبي و الامريكي المتطور, لان مقارنة انفسنا بالدول المجاورة تخدم التوجة اللاديموقراطي و يمكن استخدامة كذريعة من قبل التوجة الاستبدادي في المجتمع. اخيرا اريد ان اقول باني اخذت موقفا انتقاديا من الديموقراطية في الاقليم و لكن بالرغم من هذا لا ازال متفائلا بمستقبل الديموقراطية في الاقليم.



#دانا_سعيد_صوفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - دانا سعيد صوفي - الديموقراطية و تحدياتها في اقليم كردستان - العراق