أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد القصبي - سيميائية الصمت بين رمزية الدليل و عنف التاويل















المزيد.....



سيميائية الصمت بين رمزية الدليل و عنف التاويل


محمد القصبي

الحوار المتمدن-العدد: 4118 - 2013 / 6 / 9 - 06:57
المحور: الادب والفن
    


سيميائية الصمت بين رمزية الدليل و عنف التاويل
قراءة في ديوان الاستاذ نور الدين برحمة لوحات بلون الحرف
توطئة..
لقد صدر للشاعر نور الدين برحمة اولى باكورة اعماله الشعرية المتوجة بديوان لوحات بلون الحرف من القطع دون المتوسط اذ يقع في146 صفحة مفهرسا على25 قصيدة هي السند لبلاغة التعبير في قطبيه الشعري و التشكيلي وعطفا على ما سبق فالديوان صادرعن المطبعة السريعة بالقنيطرة يزدان غلافه بلوحة فنية هي من ابداع الشاعر نفسه مما يطرح مقاربة استفهامية بين دلالة العنوان و المتن الشعري بما تمثله اللوحة من تعابير فلسفية قائمة على استكناه كل الافتراضات الوجودية التي يتمثلها المتلقي عند المقايسة ثيميا بين دلالة الريشة في سحرها الابداعي و بلاغة الحرف في ومضاته الاشراقية التي تتصوف لغة الصمت الكاشفة شطحاتها الصوفية الاسرة للعمق الوجودي كاختزال او كحراك فلسفي ضمن انطولوجية المعنى في مفازات القصيد المديدة دلالتها
و لقد ساقه الهوس الشعري الى تحبير اهداءين فالاول عام تغيى من ورائه شرط التمجيد و التشريف عبر اصالة الانا اهداء حروفه الالقة لونا الى كل من يتقاسم و اياه سحر الضاد في شعريتها لانها الاحساس القائم على مرآوية الاخر و دلالة الشعر في ارقى تجليه و تجلياته اعترافا منه بالسي الكفء الذي يقدس الاثر الرمزي شعرا ينحث تمثال المجد لاله الحرف المعشوق الساكن عمق كل ذات مبدعة خلاقة على المغايرة و الاختلاف التجنيس و اللاتجانس في زوايا تتعدد فيها مشهدية الشعر و رسالاته الانسانية
اما الاهداء الخاص المقترب وضعا على بوابة متون القصيدالكبرى انما هو على حد تعبيره الى اهله و رفاقه في العمل الذين يقاسمونه اللحظات العابرة في يوميات زاحفة بوجع المسؤولية هكذا كان الاهداءان ترجمة لوفاء الشاعر ازاء الجميع ممن يتفاعلون و اياه بالكتابة او التلقي او ضمن شروط الحياة البيولوجية خارج صواتيات الحروف و صوامت الاشكال في الرسم الدلالي تشكيليا و بين الاهدائين كان الهرم –الشاعر نور الدين في شموخه و ابائه عادلا في توزيع محبته للمهدى لهم ضمن ما جاء على مستوى التقدير و الاعتراف
دلالة الغلاف بين التجريد و غرابة التجسيد

تتصدر واجهة الغلاف في ثلثي المساحة لوحة تشكيلية هي من لمسات الشاعر السحرية اذ تتجوهر على سند اسود موغل في الاعلى قتامة لكن يسفل بانفتاحه المستبطن لحركية الشكل لكن بسكونية الاشياء الهادئة الصاخبة قيمها الماتلفة جمعا في سياقات الحياة و التي هي عند التامل الدقيق لتفاصيلها قد توحي بسلطة التمنع استكشافا للمغزى الدلالي وضعا و تعبيرا هو المتن الاسود بتأطيرات ارتسمت خطوطا مستقيمية عند الحواشي و اخرى متكسرة في انعراجات خارقة لوجوه الرموز الاخرى التي تتصدر السند في وضعها --هي اللوحة التي عند قاعدتها و في افضيتها يستغلق الشكل ليستجلى علوا الى دوائر و مربعات و معين الا ان الشكل الاهم الذي هو واسطة العقد ما تمثلته سمة الوجه او هكذا يقرا ضمن خصائص اللوحة في توليفاتها الهندسية على الوضع و التقيد بنسق التفجيرات التحديدية لبلاغة المعنى ضمن اطروحة اللوحة كجهاز مفاهيمي متمرس على تمرد و سياقات المعجم التداولي –هي اللوحة نفسها التي حضيت بشرف التوأمة و نبض الحرف الشعري لهذا كانت من بين روائعه التي تفردت تزامنا بالوان خاطفة محبلة بالتكثيف الرمزي كالاحمر مثلا الذي ينم عن حرارة العاطفة الصادقة و الدفء الى صور متحركة في الذاكرة و غضب مكبوث يعكس اساسيات النظام في الخلق و الابداع اما القناع كشكل رامزيمتلك مفتاحا سحريا لدلالة التجسيم التشكيلي فهو قد تناسب و اللون الاصفر الساخن هذا اللون الذي من تعبيراته النفسية كان الذكاء لغويا في توظيفاته عما يعتلج من لذة وسعادة و مرح قرار النفس المتهجدة لما تتفجرعليه من اثار واقعة هي تاريخات لمراحل من حياة الشخصية الخاصة و العامة لدى الشاعر في اطار تفاعلاته الشاملة و في مساحة اخرى للازرق الذي تم استعماله بحذر شديد انما ليخفي مقدار الالم النفسي الذي ترجمه حرف الشعر بالكلمة الدلالية التي هي الصمت لكن تبقى ثيمة اللون الرمادي طافحا بالامل و اليأس و تحري الاستمرارية تاكيدا لبلاغة النفس القادرة على احتواء مشاعرها فكان ابداع الشاعر عبر هذه اللوحة اداة للتكيف و الملاءمة التفسية لانها قطعا اللوحة الصادقة في كل توصيفاتها لشاعر يعرف للامانة كيف يكافئ نفسه على سنوات انتكس فيها الشعور بالحلم و الامل
فاللوحة انما لها في خاطره منها موقعا خاصا ربما لانها اكثر تعبيرية عن نفسه الرصينة الوقور بمسحة من الهيبة الرمزية التي تتماهى لونا وحرفا و شكلا متعدد الابعاد انها بلاغة التلاشي في احتوائه الذاتي او بالاصالة عن نفسه لسان حاله حقا هي اللوحة التي تكتشف عمق الشاعر لانه بالقطع صمتا يختبئ خلفها ليطل من القناع صوتا استقرائيا او من المعين بحجم قبضة ضوء ابتلعها سحر جدلية السواد انها الشجرة التي تخفي الغابة وراءها فالقناع قد يفه عشقا ما لزوايا المظلمة التي تتجنح عةالم الشاعر النفسية و في هذا يقول عند الصفحة 12
ان للعشق وجهان
وجه بقناع
و قناع بوجه انسان
او لربما هي انعكاس تجريدي لصيحة العمق او ما اطلق عليها بصرخة التفريغ و الاسقاط أي كصرخة استرجاعية لقيم الذكرى المغتصبة بفعل سياسة القلب و التحويل و التمييع و التهجين للمعتقدبناء على قوله في الصفحة 124 اذ يقول بلسان الحكمة الجهورية تارة و المهموسة اخرى ما مفاده
يوم اعتقلت في كهف صمتك
صاح الديك حتى مات الديك
اذا ما علاقة ما تتجوهر عليه من رموز و خصائص المتن الشعري كقضايا وجودية احساسا و تفاعلا؟؟؟؟
للاستدلال على ما سلف ذكره و تدعيما لجانب التحليل الوصفي للايقونة الصفراء فان حديثا عابرا مع صاحب العنوان قد منحنا ما قد تعبر عنه خلفية اللوحة من ابعاد فكان سياق الحوار كالتالي
الفاحص
حدثني عن الايقونة الصفراء اوجه هي ام قناع؟
الشاعر
وجه يخرج من بين مراة منكسرة وعلى ملامح الوجه دهشة واقتحام لعوالم السقوط والانكسار وكانه يقول للجسد المتهاوي المتعب متى تشعر يا رفيقي بالتعب فتكف عن القلق وعن السؤال وعن الشغب اما تعبت يارفيق من هذه الطريق رقم الانكسار والسقوط ....فما اروعك ايها الانسان
تعقيب الفاحص
سيان ان يكون قناعا او وجها فاغرا فاه تعجبا و على التوازي في لحظة فاصلة بين عهدين تصدحت الصرخة التشكيلية التي هي صرخة الالم العناء العذاب و الاغتراب انها نتاج جلد الذات باسئلة الاختلاف في الوجود و معالم الطاقات المنفلتة من نير الالتزام
انها صرخة حفزت الشاعر عل التقوقع داخل استيهامات الذات المنكسرة و تباريح الذاكرة الماسورة عمق حس حالم بازمنة افل نجمها
سيما لخطى كانت تحث السير في مساراتها ومنعرجاتها وهاد ها و مهادها منحنياتها في الحياة الكفاح و درب الاصلاح هذا تاسيا بالرموزالتي ما كان لها ان تميع رسالة المرجعية الايديولوجية لولا انهيار القيم

سيميائية العنوان في التوليف الرمزي لنسق الكتابةالمزدوجة بين الالة البصرية وهندسية البناء الخطابي

تمثل شعرية العنوان اختزالا لغويا مكثفا باعتبارها بؤرة التي تتشظى على حقول دلالية سيتم الولوج الى مغالقها تيسيرا للفهم الشامل لدلالتها انها الاداة التي تسعف على خلخلة التراكيب النفسية لاواليات المعنى المتماهي و ثنائيات الحركة و السكون و من ثمة كان العنوان نفسه بوابة الدلالة الراشحة بجمالية المعنى الشعري الثاوي بين حدس التشكيل و بلاغة التاويل و امام استكناه الوحدات اللغوية التي تنبني عليها ثيمة العنوان فانها جمعا تبوثق جملة اسمية ساكنة الحركة مؤتثة بالصورالعميقة لغة و المزدوجة الفاعلية ترسيما للدليل اللغوي بين الكتابة بالاداتين الحرف الذي يعرب كقيمة نحوية و اللون الذي يفسر بحجم الاضاءة و الظل اذ بهما نمتشق الية في التفسير الاعرابي لكافة عناصرالعنوان سيميائيا كفك الارتباط بين الوحدات الاساسية التي حسب العنصر الاول منها ==لوحات == هي في عداد التقدير الاعرابي خبر لمبتدا محذوف تقديره هي بينما تتطرف هذا المبتدا شبه جملة كفضلة متممة لدلالة ومعاني الجملة الاسمية فسلطة الاعراب تكمن في تحديد التفسير الموضوعي لتركيب العناصر ضمن اطروحة الابعاد اللغوية و جملة العنوان الاسمية هي اساس المعنى السكوني الفاعل على مستوي نبض الحركة للون الحرف المتصل بحرف الجر الذي يفيد الالتصاق و المصاحبة و المواءمة في تيسير التكامل الوظيفي للغة تجمع بين الحرف و لونه لذا
فحرف الجرانما هو الحلقة البنائية لكل وصل تتقاطع فيه الكتابة بالحروف و ما يكملها على مستوى التناظر الخطابي سيما نظيرتها القائمة على فلسفة اللون و الصورة المخيالية و من ثمة تماسست نظم المشاهد الحية التي استوطنت بالتحفيز الاشراطي ضرورة النفاذ عبر العنوان الى تفقد معمارية بناء القصيد بلون فجر لوحات ضوئية اسنفرت كل ادوات السيميائية تحليلا و تدليلا و من ثمة كان التوليف الرمزي لمثل هذا النسق الحداثي في الكتابة الضوئية البليغة و هي ناذرا ما نصادف مثل هذه البوثقة في التعبير الشعري اليس بعد كل ما ابسط توضيحا من تجديد تفردت به قصيدة النثر لدى الشاعر ذ= نور الدين برحمة الذي يستحق التنويه على ما قد به علينا اجاد وضعا و خلقا و تكسيرا لقواعد السائد اللغوي في السرد الشعري


سيميائية الصمت و دلالة الابعاد القيمية
قيل العرب ظاهرة صوتية و لعل اشعارهم كانت سجلا حافلا بخطابات الانتصار للغة الشفاهي لغة التواصل عبر احتكاك الرسائل تيسيرا للفائدة الكلامية لكننا في شعر الاستاذ نور الدين برحمة الامر اختلف كلية لان ديوانه الذي نحن بصدده قد حبل بكلمة الصمت على اختلاف الوانها النفسية و الموغلة اكتساحا للبياض و قد ازدانت بسواد ما تعارف على اللون الاسود كوسيلة رقن وطبع و احتواء للاشكال الا المعاني و من ثمة كان توليد اسئلة المواجهة بلغة نفسية بليغة الاثر و الديوان عند استقرائه ليس في غالب متنه صامت كصمت ابي الهول لكنه كلام سام ينافي السكوت انه الحياة في حركتها شجوها و ترديدها اناشيد الحلم انه السفر الى عالم الذاكرة انه سيزيفي الالم و العتاب العذل و الاعتذار هكذا هو الصمت المشخص في شخص الشاعر هيبة و مسحة من وقار ها نحن نراه حركة صراع وحنين تنديد و استنكار
هو الصمت الحضاري في ابلغ صوره الصمت الهادر بكل اللغات و التي في تهيئة تواصلها بالعالم الداخلي و الكوني شمخت شعرية الصامت عنفا رمزية الصائت تداولا لدى الشاعر وذلك بمثل ما تجلى ابان اكتشاف اينشتاين البعد الرابع لابعاد الحياة اذ وجد الكون غابات يملؤها الصمت لكن صمت فلسفي حذر يؤرخ لحس التواصل متى كان عمقه بليغا كعمق شاعرنا اذ في رحابه يتمجد بصلوات روحية توصله الى حمم الذكرى الذكرى التي تبصم وجوديته فاعلا منفعلا ثائرا متاثرا هدأة و سكونا صامتا حالما منتكسا بطلائع الفجر المحموم لغوا و كلاما الا الصمت الصمت الذي يصنع المعاني السامية كالتي تطالعنا بين قصيد و قصيد من ديوان لوحات بلون الحرف

الحقول الدلالية و الثيمات القيمية
لقد اعتمد في تفسير الصمت اسلوبا انشائيا محفزا على تمثل خطاب الشاعر في دورة الاسئلة الاستكشافية هذا ليتفتق و معاني الكلام المباح وفق طلاسمية ما وراء المعنى انها البنية اللسانية على مستوى احداثية الصوت كقوله في الصفحة 5
في كفك وردة
شاخت من النداء
اقرعي الاجراس
و من ثمة اختار الشاعر لازمة من يعلق الجرس دعوة منه للتنبيه و الاعلام و الاشعار بما يجب تكسير حاجز الانغلاق و الانتصار على طابو الصمت المريع بالعشق المسكون ضمن اجتراحات الالوان الزاحفة و البديلة نحو غياهب الذاكرة الحزينة فيعلو صخب الانزياح تدليلا على فلسفة الصمت المختال لنقيضه في الطبيعة و الوجود انه الكلام الفيزيقي الصوت الاثيري مما جعل الشاعر يستمد من اللون الاسود ما يسعفه على توطين مشاعر الصمت كالية للنسيان اذ يقول في الصفحة 13
لينشق في صمتي
بعض ظلي
لعلي انسى بداية الحكي
وفي نفس الصفحة يطالب سيدته الوجه الاخر للوجود العيني التفكير المختلف جنسا هذا للتامل الذاتي بل هي نصفه الذي يحياه على عتبات الانفصام بين العشق و الام و القصيدة و القضية و الالتزام بمبادئ المرجعية بالا تكتب في حين نعلم ان الكتابة ضرب من الكلام لذا فهو يعتز بصمتها كبؤرة يدفن فيها تجاربه التي انتكست بفعل خيانة الرفيق و تعرجات الطريق المتعرشة تشجيرا متاهاتها الضالة لكن الى الحلم المقدس لقد وفت فامنته الا تجرده منسلطة التحكم بها حفاضا على ما يحبل به الصمت من اسرار هي بنية شخصيته التحتية في الحياة و خلال محاكمة التاريخ لان الصمت منارة الامل اذ يقول في نفس الصفحة
لا تكتبي اليوم
لوني بحرفين
و كم اطربتني هذه الصورة البلاغية التي تمازجت فيها سلطة اللون و الحرف في تناغم دال بليغ فيقول باذخا متساميا منتشيا بازدواجية التعبير الضوئي المسطح
تحبيرا و سوادا في نفس القلعة دائما يغير لفظا
لا تكتبي اليوم لوني على باب حرفي
و لعل ما يميز الحقول الدلالية لبلاغة الصمت لازمته الرائعة من يعلق الجرس التي شاء لها ان تتكرر لقيمتها المخلخلة للنمطية السالبة في حياة العامة فالصمت هنا مجرد الكلام المادي المرتجى من اجل البحث عن دليل منبه يتحمل عناء التحذير و التنبيه و اليقظة و مسؤولية بعث الذاكرة فينقية من احتراقات الواقع الاسود المميع ثقافة فكان الاستفهام في رحمه على الشجو ينبعث الصيحة المدوية النافرة من اجل اصلاح ما شرخ و تهرا من بنيات الواقع الرمزي سيما لدى الشاعر و في هذا المقام يقول
حكت قصة الهجر للريح
انزياح مدهش يوائمه تعميق التعبير باستعمال فنية الخطاب الموجه الى الشمس كرمز الحقيقة الواضحة هذه الحقيقة التي تفجر بعنف و قوة ايات التجلي لما الت اليه انتكاسات الملتزم بقضايا و مطالب الاصلاح المنتسف مرجعا و مذهبا انه صمت يقول مالا لا ينطق به مصداقا لبيته التالي
كم من كلام لا يقولك
من هنا قد ارتكز على حقل دلالي اشد خطورة و الصمت الحابل بالكلام الغير المباح كلام اسير العمق عمق الدواخل العمق الذي اكتوى بنار النفعية و خيانة المرجعية السياسية و الثقافية انها الدواخل الجريحة التي منحت الشاعر صوتا رخيما اذا ما شاء لها في أي لقاء الشعري ان يفجرها بصوت دافئ رخيم شجي محبوس يعكس نفسية الانسان المقهور سلوكا و فلسفة عندئذ يكون الشاعر نور الدين برحمة الى امارة شعر الحزن قاب قوسين او ادنى
و يقول و قد تسادد نكوصا و اغترابا
ووحدك من تغازل سقوط الحروف
و ارتباك المعنى في غياهب الصمت
هكذا نلمس الوحدة الدلالية لبلاغة السقوط سقوط حرية التعبير هاوية العجز في اداء الرسالة التي بترت منها استقامية المعنى الدقيق الدال داخل غياهب الصمت و من ثمة اصبح الشاعر مؤسسة لمصادرة حاجاته في رجع ثقافة الجرح النفسي توليدا لقرار يكون بديلا عن الانتفاء خارج حس تحمل المسؤولية مستلذا بفيء التهميش الاراديهذه الثقافة التي تنز دما دائم النزيف الداخلي فلسفته في ذبح الكلام على معبد الحقيقة حقيقة الانهيار لذا و تبنيا لمقاربة المفهوم فالصمت لغة و تفجير و تشظي و اسر للكلام لانه الصورة الذكية للخطاب التوعوي الدال باعتبار الذات المنكسرة انما هي فاعلة منفعلة بقضاياها و بشؤون المعتقد العام لدى النخبة المخندقة ضمن اطروحة ما به كان النضال شعارا لاجل التغيير التغيير في منهج التفكير و التدبير و الحكامة الجيدة التي تمنح للجميع المشاركة و تقاسم النتائج في توزيع عدالة الناتج الحضاري كما يعتقد افكار ضد الرصاص منحتنا القوة الفاعلة علىرصد الحقل الحقل الدلالي للفراغ و الوحدة و الانفصام السلبي عن الذات الملتزمة بامانتها القيمية اذ يقول
تنادي من بعيد
قلبك صحراء
من يعيد النداء
من يرفع البكاء
و لقد وظف اسلوب الاستفهام كضرب للعتاب السلبي الرامي الى تبرير غائية هذا الانعزال المسود بخلفية تشاؤمية حادة اثارها
و لعل الثيمة الدلالية لسلبية العالم و فق المنظور الصوفي في عشقه و اشراقه يتمجد خلوة الى النفس المهزومة المهزوزة قناعاتها اذ من خلال انعكاساتها كان الشاعر كالمتصوفة الذين دفعوا حياتهم ثمنا لمعتقداتهم الا شاعرنا الذي كان موته حسي معنوي يتكرر على مدى ما يعيش من ايام عمره موت مفتوح الاجل و هذا لعمري لقدر اسود اشد ايلاما و لتفحيم الاستدلال يقول في الصفحة70
هناك يرسمني اغنية
ارددها في زاويتي
لاقتبس من ربيعة العدوية
صدقي
يا اهل الليل
يوم ابتسم غيلان الدمشقي
كلمات و فسر العشق لغيري
سقط راسه
و من اجل المجاهدة و الانقطاع الى التدبر الصوفي كمنهج فلسفي تفكيرا و تاملا نلاحظ من خلال ثيمة الغوص قرار الذات هذا لاجل الاكتشاف و اعادة ترتيب الاستفهام لعنته التي تمتح من الكوميديا السوداء فلسفتها نهجها في الطرح و الغضب
اغارق انت في اعماقي تتخذني قبرا لاسراري
و يقول في الصفحة 80 دلالة على بلاغة القضية العادلة الثائرة المتمردة عمقه فيصدح
شهرزاد اصمتي شهرزاد اصمتي و االا انشدتك وحدتي
فمن تكون شهرزاد يا ثرى
انها كل فكرة عذبته في الحياة العامة هي المعنى لكينونة رموزها في الحياة و الشعر و التشكيل هذا فضلا عن ثيمة الموقف العام من القضايا العربية كالصراع مع الكيان الاسرائيلي ممتشقا في ذلك دلالات و ايقونات اسمية فقدت رمزيتها الحركية في نسيج الوعي الجمعي كحنظلة ناجي العالي فيروز و مارسيل خليفة هذا فقط لان العرب انما هم قوم جبلوا على التنصل من براءة صنع التاريخ وذلك بقتل الذاكرة دون ان نغفل و للدعم العام ثمة هناك توظيف ناجح للاسطورة مستمدا من شخصياتها كزيوس سادة الاوليمب سارق النار بروميثيوس لغة حركية في الصراع بين الفضيلة و الرذيلة هذا الصراع المشخص في غائية اسعاد البشرية بمحق فلسفة الشر و تهيئة السعادة لعالم الانواركما سيسمى فيما مضى خلال فترة الحلم المتبرعم امالا فهذا العالم الذي سقط كسقوط المدينة الفاضلة التي هوت من علياء حلم الشاعر ترتب عنها النكوص والتقهقر فكان الانتحار المعنوي الكاسح لجغرافية المبدا المرجعي لكن في النهاية و للامانة انتصر الشعر في وصف كل الحالات النفسية المتعالقة فاتى الديوان لوحات بلون الحرف حاويا لهذه الثيمات كصور حية فلا غرو ان تجوهرت بنبض الحرف و اللون معا
و كم هو جميل لما نستقرئ ثيمة الموائمة بين دلالة حروف المعاني و الوان الفرشاة لرسم لوحات ضمنية للجوع و البحث عن الصدق فيقول
لونبشت القبر لصرخت الاحلام المنكسرة
فنستشف تناص جزئي لبيت الشاعر عنترة بن شداد في بيته الرائع المائز صوتا و صورة حيث قال
مُهفْهَفة ٌ والسِّحرُ من لَحظاتها إذا كلمتْ ميتاً يقوم منْ اللحدِ
فضلا عن استحضار الثقافة الشعرية العلائية من خلال توظيف بيت ابي العلاء المعري فيما يتفق و مقام العبثية سمة الحياة الراحلة
خفف الوطء ما اظن اديم الارض الا من هذه الاجساد
لقد اجاد الشاعر فضلا عن ذلك الاقتباس القراني كقوله
يعتري وجهك الغريق لونا اصفر فاقع و القلب انكسار
صور دالة معبرة تمنح للديوان توهجه سيما عند التزام الشاعر بمبادئ الشرعية اللغوية للايديولوجية الوظيفية سياسيا رغم طلاقه منها عمليا طلاقا ببينونة كبرى تحقبت زمنا من القطيعة فرغم افول نجمها حنينا اذ يقول
على بوابة صمتي
هنا ارضي هنا ابناء الكدح
فيا لها من مفارقة تعززها تيمة التحرر الشعري لاجل حرية التعبير على اطلاقه و صفا و توصيفا للدفقات الشعورية التي تتحدى الوزن و القافية و تفعيلية الوضع الشعري مواضعة تقليدية تتجنح التقييد للعمق المصطخب الما و انشراخااذ يقول بروح التجديد الشعري
انا الذي كسرت قيود الشعر جهرا
و بالشعر كانت الية التوظيف لثيمة الثقافة الاسلامية التي يتشربها و التي تنم على مدى الاستعمال العقلاني لبعض الصور الدلالية و التي آثرت البناء اللساني المكثف و المتفجر على ايحات موفقة في توريث ما لا يتفق و ما جرى به العهد و العادة فحينما يورث القلب انزياحا فلان القلب ارشيف الممتحنات من التجارب العظيمة التي صنعت عظيما كنور الدين برحمة و هو القائل
هذا القلب وزعوه
تعصيبا و شيعا
بعدئذ و من خلال استحضار ترتبية الحقول الدلالية بتنظيم محكم البناء نلمسه قد تفوق في الاشتغال على ثيمة غريزة الوالدية و علاقة الموت بالغياب لرموز كنات الحضور في التعليم و التاسي و الاقتداء فهما و احتواء للواقع العام الذي يحيا داخله الشاعر على تقدير كاريزمية الاب و الام
انه الم الفقد و ضياع الدليل في الحياة و من ثمة كانت دعوته الى الاشفاق على المصير لاجل الشمس التي هي بعيدة باستغراق التعجب
كم هي بعيدة الشمس
عطفا على ذلك يقول بلغة التحدي و التذكير
فالارض ليست لك
لك شبر من تراب
و رداء ابيض
فلم الحزن
كل الى وداع
و كانه على الشط الاخر من يم المعنى المتشجرة مراميه وبفلسفة الصمت بصورة مضمرة يقنع نفسه على توديع حلمه المرافق الواسع حد الجنون لكن ثيمة التسامح و الاختلاف تتجسد في احترام الاخر النقيض المنافس في رقعة هي مضمار التنافس و التحدي لاجل امتلاك سيادة الفراغ بعد سقوط الجدار هكذا اصبح شاعرنا يتعالى قائلا
لك العشق منذ بزوغ القمر
تهوى الاختلاف مذهبا
تهوى لحن الصمت ان كان يجدي
اكتب وحدك لتعيش اختلافك
يا لها من صيحة جبلت علة مفارقة عجيبة بين التسامح و القبول و رفض المعاشرة لمواصلة السير في طريق هو احوج اكثر من أي وقت مضى الى رفيق في مثل حجمه و نخبويته الفاعلة الصانعة لخيارات البناء و الوفاء انها الصيحة التي تعالت للاحتفاظ بكرامة الذات المنتكسة في اطار الاختلاف و الاخر المتسلط بجلمودية الانكسار و التسلق و خيانة من صنعوا المسار و اذا كان الامر كذلك فمن يتشظى حياة داخل حياة الهامش الشاعر ام الاخر المرفوض فكرا المقبول اختلافا
المعجم اللغوي و بلاغة الاسلوب الابداعي


نظرا للتنوع الثقافي الذي يميز شخصية الشاعر المعرفية في الادب و الاسطورة و كافة العلوم الانسانية سيما لما تطالعنا صور المعرفة اليسارية اذ نجده من الذين فهموا المرجعية على مستوى استكناه قيمها بما يطبع روح اسلوبه الابداعي كتوظيف بعض الكلمات الدلالية التي هي ذات الارتباط بجانب الحياة المنمطة على قواعد الاحتواء اللفظي للسلوك الفلسفي المنتسفة اطاريح ايديولوجيته و من بين ما فحم القناعة بهذا الطرح استعماله صيغة الكدح الكادحين الرفيق و كم هو جميل لما نرى حلول المشاعية في ذات واحدة اذ يقول
سنفترق اليوم فكرا
ففلسفتي تقولني
يذوب في عشق الاخر
حلما
يكتب عند عتبات الفقراء
هي الصورت التي عكست روح التعايش مع المضاد الثقافي سيما الحقل التصوفي اذ نجده يمتح من عوالمه معجما راقيا اشراقيا كاشفا تنويريا زهديا جهاديا للذات و من ثمة كان قد استعمل في هذا جملة من الالفاظ ذات العلاقة بهذا المجال الديني الذي له رواده كالحلاج و غيره من الاقطاب الواردة ذكرها في سياق الخطاب الشعري هو نور الدين برحمة الذي يتوحد اختلافا و يتشجرا توحدا و من ثمة يقول
كل مشايخ جنوني
من غيلان الدمشقي الى البسطامي كبروا في اعماقي حتى سكنوا وجداني اهل البوح علموني رسم وجهي
هذا الوجه انما الايقونة الصفراء التي بالجمال الوظيفي دلالة تطرز جمالية الغلاف
ناهيك عن الاستعارات و الانزياحات و التشبيهات التي توامت رحلة الكتابة خبريا و انشائيا بمختلف الاساليب من امر و استفهام و تكرير للعبارات التي يراد بها التنبيه و تفجير الصامت من محمولاتها
خلاصة تركيبية
في كلمة موجزة جدا نجزم قولا ان الاستاذ نور الدين برحمة سيما في ديوانه لوحات بلون الحرف قد اطلق صرخة تجديدية تصدعت انجازا متفردا على مستوى البناء الهيكلي و تنوع حقوله التمثيلية من خلال استدعاء رموز تحقبت اختلافات ازمنة الفكر في حياة الانسانية وقد اسعفته في انجاح هذا التميز في الخلق الشعري على مستوى الجدة البنيوية المؤتلقة بشعرية استعاراته التي مجدت رثاء الامس بكل تجلياته و تقلباته و تقافزات اطاريحه المفاهيمية و النظريةسيما لتجربة انتكست بفعل المد الطافح بالارتجال و التعدي على اختصاص من اهل التنظير انه التجديد الذي استمد من اللون و الحرف قيمة نوعية اضافها للديوان حيث قرئ بصريا مخياليا عبر دلالة الصورة الممتشقة من جراحات الذاكرة و في وجه اخر كان جادا متفوقا في توامة التفجير الصوتي لبلاغة الصمت و الاطباق المكثف لصواتيات ترخمت تشكيليات الصمت المجسد لونا على سند القماش الحابل بما لم يقله القصيد



محمد القصبي
سوق اربعاء الغرب
في 29 ماي 2013
المغرب الاقصى



#محمد_القصبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نزيف وحي الليل...


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد القصبي - سيميائية الصمت بين رمزية الدليل و عنف التاويل