أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاصم محمودأمين كاتب كردي من سوريا - طبيعة الصراع السياسي العربي العربي















المزيد.....

طبيعة الصراع السياسي العربي العربي


عاصم محمودأمين كاتب كردي من سوريا

الحوار المتمدن-العدد: 4114 - 2013 / 6 / 5 - 12:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لاشك أن المصالح الدولية والإقليمية، والدول العربية الدينودنيوية، باتت تتقاطع بشكل فاضح بعد عقودا من السرية ، وأفرزت مقولات ورؤى جديدة تواكب العصر وتتماشى مع حاجات الإنسان الغربي المتزايدة،وفي سيرها آخذة بالتجديف من فوق بحر من الدماء العربية وشركائهم في الأرض والوطن، ولم تعد فن السياسة حكرا على الغرب وحدهم، إذ بات التلميذ يلوي ذراع معلمه، فمن كان في الأمس طفلا وراعيا قبليا يتعاطى السياسة، بات اليوم محترفا سياسيا بامتياز،ومن كان خليل السجود والركوع وحب الوطن والله، استحال إلى خليل المجد والخلود والفردانية، دائرا دفة الصراع من عربي غربي إلى عربي عربي،من صراع وطني يتوق إلى التحرر والانفتاح العقلي، إلى صراع أخوي يتوق للمجد والسلطة ،وفق منطق العصبية القبلية (الديالكتيك الخلدوني )التي تحرك الصراع العربي،ناهيك عن كونه مندوب المصالح للقوى والشركات التابعة للنظم الرأسمالية الاحتكارية،اذا أن وراء كل صندويشة همبرغر أو فروج كنتاكي في دول المركز، يختفي خلفها جوع ومعاناة وحرمان أطفالنا وعبوديتنا...

الصراع حالة طبيعية بين البشر،قد يتخذ أشكالا متعددة ،بيد أن لكل مرحلة صراعها الخاص وفق منطقها ومنظومتها الأخلاقية والتكوينية،وتأخذ الصراع أشكاله الطبيعية حين يكون في مساره متفقا مع قوانين تطوره وسيره الغائيين.ويفقد الصراع ذاتيته مالم يكن وفق المنطق المتكون منه.

من الصعوبة بمكان أن نفصل الصراع العربي العربي الحالي من سياقه التاريخي،والتاريخ يفصح عن نفسه ببلاغة.قديما كانت العرب مجموعات قبلية متصارعة و متناحرة " وأصعب الأمم انقيادا بعضهم لبعض للغلظة والأنفة ....والمنافسة في الرئاسة "1.إلى أن جاء النبي محمد ( ص ) بالإسلام ووحدهم تحت راية الدين ،استطاع الرسول توجيه الصراع العربي إلى الخارج دينيا،نحو الفرس والبيزنطيين والأمم الأخرى،وكان بداية لتأسيس دولة إسلامية دنيوية لتتحول فيما بعد،وبعد وفاة الرسول إلى دولة قبائل وطوائف وأسر،تتصارع من اجل الملك وخلافة الرسول،كان لابد لغاية الحكم أن تكون بحلة دينية لان"العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو اثر عظيم من الدين " 2،هكذا فهم ابن خلدون المجتمع العربي آنذاك.

أن انقلاب الإنسان العربي على وضعه وواقعه المؤلم والمسلوب منه في الزمن المعاصر ،كان فاتحة لصراع حقيقي من اجل نيل حريته وبقائه الطبيعيتين،لكنه لم يكن يمتلك مفتاح وثقافة التصالح مع الذات كي يتصالح مع الآخر،ولم يستطيع التجرد من براثن موروثه القومي والديني التاريخيتين المزمنة من جهة ، وسطوة الحاكم التاريخي المتزامن وجبروته وطموحه وتبعيته اللامتناهية من جهة أخرى.إلا أن محاولته وانقلابه هذه لم يكن إلا إحياء للماضي المسعور بكل صراعاته الدموية والوحشية ،أشبه بنبش في قبر لمومياء محاطة بقوانين السحر والموت،مؤكدا بذلك أن القوانين التي تسير المجتمعات العربية ليست إلا تلك التي وصفها و استنتجها ابن خلدون عن العصبية القبلية ، وعوائد التوحش،وإنتهاب ما في أيدي الناس،وان العرب اذا تغلبوا على أوطان أسرع الخراب إليها ....الخ،التي تنافي الحضارة والعمران.3

أن ثورة الإنسان العربي الحديثة وصراعه ضد الحاكم الطاغي، هي ثورة رجل مريض، قد أنهكته ذلك الموروثه بقيمه ومقولاته ومثله السامية من جهة،وضياعه واغترابه القومي والديني من جهة أخرى،لذلك من الصعوبة لصراعه أن يخرج بقوانين جديدة ،سوى تلك التي تنتج نفسها والماضي معا.وليكرهنا بفكرة أن الإنسان العربي ككائن بيولوجي طبيعي متمدن لم يتعين بعد ، فهو مازال ذلك العربي البدوي التفكير، الذي وصفه ابن خلدون بأشد العبارات قسوة. والحاكم العربي نفسه ليس بمنأى عن هذا التفكير بجبلته وتكونه وخلقته، لا يمكنه الخروج عن موروثه التاريخي فهو ابن التراث والثقافة الكمية المتراكمة،بغير قادر للتنازل عن الملك طوعا او ديمقراطيا أو حقناً للدماء "فالعرب متنافسون في الرئاسة وقل أن يسلم أحد منهم الأمر لغيره ولو أباه أو أخاه أوكبير عشيرته إلا في الأقل وعلى كره" 4.

هذا الصراع ربما محاولة لأن تأخذ شكلا وصراعا حقيقيا هادفا للمستقبل ،أو فاتحة للانفصال عن ما يعيق حركته ونموه،وخلق إنسان عربي ضمن مجتمع متمدن بعيد عن قيم البداوة والتوحش، رغم أن الروح الجاهلية البدوية وانتمائه القبلي تجري في خطواته وسلوكه .وكأن روح الديالكتيك الخلدوني المذكور في كل حركة أو انعطاف له، لدى مشاهدة وسماع ما يجري في العالم العربي من براكين بشرية، تقذف بالحمم الطائفية والمذهبية والأصولية،من باطن التاريخ نحو الحاضر العربي المغترب والمهترء والغارق في الماضي،في غياب كامل للعدالة والقانون،متجسدا في تعبير أرسطو أن "الإنسان عندما يكون كاملا هو أفضل الحيوانات،وحين ينفصل عن القانون والعدالة يكون أسوأها 5.

والسؤال أين يتجه هذه الثورات العربية المعارضة اليوم؟ و ماهو هدف الثورة والصراع؟ طالما هدف الحاكم المتصارع واضح و مختزل في كرسيه وتبعيته للقوى العالمية التي تسيطر حتى على أحلامنا ونمط عيشنا.وهل تمتلك المجتمعات العربية الإرادة الحرة، والوعي السياسي المستقل،ويكون بمقدورها خلق دول ومجتمعات على أسس المواطنة واحترم حقوق الإنسان، واحترام حقوق الأقليات والقوميات الغير عربية ، وقيم العلمانية و المجتمع المدني ؟

أولا-القارئ للوضع العربي وأزماته الثورية، لايمكن أن يغفل عنه خطاب الطرف المعارض الذي لا يقل دهاء وحنكة عن الحاكم،هو إما قومي للعظم وإما ديني حتى النخاع،هو الوجه الآخر للفكر الشمولي العربي الذي يتربع على مقولتي الدين والعروبة ،كثيرا ما يخرج الخطاب عن سياقه الصوري ليفصح لنا ما بدلوه، أن مفرداته ومقولاته وتصوراته ومشاريعه ماهي إلا تحايلا وتمكراً على بقية المكونات والشعوب التي تشارك العرب في الأرض والتاريخ والوطن ،هي تماثل"نظرية أرسطو حول المجتمع المدني وفي وصفه للمواطنة حين تم استبعاد العبيد والأطفال والنساء والغرباء عن أثينا.." 6.بالإضافة أن صراعه وثورته تختزل في الملك والسلطة والقيادة، متحاشيا بقصد كل الذوات المختلفة عنه والتي تتألف منها الدولة والمجتمع،بما فيها الشكل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي سيكون عليه الإنسان في الدولة التي سيديرها.أن القراءة الجوهرية لسياسة ومشاريع الحكام العرب ومعارضيهم لا تتجاوز سقف "الحفاظ على البقاء البيولوجي للمواطن العربي" على حد تعبير جاد الجباعي.7

ثانيا-المجتمعات العربية لم ترتقي بعد إلى مفهوم المجتمع المدني الذي يتجسد في الإرادة الحرة للأفراد والجماعات، وساحة وميدان للفعل السياسي والاقتصادي الديمقراطي الحر، والمتعدد وفق صيغ المواطنة، التي تتناولها الفلسفة وعلم الاجتماع السياسي وعلم الاجتماع،كونها كانت في حالة حجز وعجز وإقصاء ومنهكة في الصراعات التاريخية الأبوية.

نافلاً على ذلك حالة التمدن بمفهومها السياسي في المجتمعات العربية لا تخرج من حيز الفكر القومي الديني أو الديني السياسي، وهما أعلى سقف لهذا المفهوم في وعيها،ولا مكان للفرد والجزئية في كلتا الحالتين حيث يذوب في مصلحة الجماعة والكلية. هذه المجتمعات شمولية الرؤية والعمل، كونها ذات طابع ديني وقبلي متأصل مستهلك لا ينتج إلا نفسها.

والأسرة البطريركية هي نموذج مصغر للمجتمع والدولة التي يتكون منها،حيث لا مكان لخصوصية الفرد فيها حيث نجد الأب يبني عرشه وزعامته ودولته الجزئية داخل الأسرة على حساب حرية وحقوق أفراد العائلة، محاكيا بذلك الدولة والعائلة الكبيرة ،محققا القانون الذكوري الجمعي،وبذلك تنفي عن إنسان المجتمع العربي صفة المواطنة كونه لاوجود للفرد والحرية الفردية ،لاغيا في الوقت ذاته كل شروط الانتماء إلى المواطنة والمدنية،وتغدو كل المفاهيم مسائل عامة واجتماعية بما فيها الدين الذي هو مسألة خاصة، ليغدو شأنا من شؤون الدولة،وتبقى مسألة فصل الدين عن الدولة ضربا من الخيال واللاادرية العلمانية.وهنا يغيب الوعي السياسي بكل أشكاله لينحصر دوره في ميدان القيم الأخلاقية والمواعظ والتراتيل الدينية...

أن الذين يقودون الثورات العربية،يسيرون على نهج حكامهم،الصراع على الملك،إنتاج ماهو منتج مسبقا،الهيمنة المطلقة مقابل تعليف المواطن، تلك الهوية والعقل ما قبل الاجتماعية المدنية ، الانتقال من السياج القومي إلى السياج الديني الطائفي وهكذا دواليك تختزل الحياة في البلاد العربية، مختزلين الدولة بكافة مؤسساتها في شخصية الفرد الصمد وجماعته الطائفية أو المذهبية أو الحزبية أو العائلية،جاعلا من الدولة أسيرة لسلطتهم المطلقة،ومن الشعب عبيدا يديرون حياتهم ونمط عيشهم وثقافتهم وفق ثقافة الحاكم وبيئيه ورؤيته،ووفق حاجات الحاكم ومصالحه،غير مدركين أن الدولة تبنى على نظام الحاجات أو تلبية للمتطلبات المجتمعية وفق إرادة الشعب ، وهي تجسيد لرغبات الأفراد الأجزاء،التي يتكون منها المجتمع المدني ،الذين تنازلوا عن جزء من حرياتهم للدولة مقابل مصالحهم وأمن حياتهم وعملهم وضمان حرياتهم الباقية في العقد الاجتماعي على حد تعبير جون لوك.

هكذا يفهم طبيعة الصراع والسلطة والحكم داخل المجتمعات العربية ،وتدار عجلتها من الخارج،والمدنية السياسية التي يسحرنا بها أقنعة الحكام ورموز سلطاتها وإعلامها،ماهي إلا أشكالا من الخداع والزيف المرئي والسمعي،وليس القصد هنا من باب التجريح أو التشويه والافتراء والتجني ،بقدر ماهو قراءة برؤية خلدونية للفكر والواقع العربي.وربما يكون نشاط المجتمعات العربية وصيرورة فكرها ونموها لها قواعدها وميدانها الخاص ،لم يفهم أو يكتشف بعد،رغم محاولات ابن خلدون الخجولة والقاسية.


يمكن للقارئ مراجعة:
1-مقدمة ابن خلدون،الفصل السابع والعشرون.
2-نفس المصدر الفصل السابع والعشرون.
3-نفس المصدر الفصل السادس والعشرون.
4-نفس المصدر الفصل السادس والعشرون.
5-جون إهرنبرغ،المجتمع المدني التاريخ النقدي للفكرة،المنظمة العربية للترجمة،ترجمة د علي حاكم صالح .
6-نفس المرجع السابق.
7-جاد عبد الكريم الجباعي ،المجتمع المدني ،هوية الاختلاف.



#عاصم_محمودأمين_كاتب_كردي_من_سوريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاصم محمودأمين كاتب كردي من سوريا - طبيعة الصراع السياسي العربي العربي