بهلول الكظماوي
الحوار المتمدن-العدد: 1180 - 2005 / 4 / 27 - 08:16
المحور:
كتابات ساخرة
( بغداديات )
بتوقيع : بهلول الكظماوي
( مشتهيه .... او مستحيه )
يحكى انّه كان في بغداد قاضياً فقيهاً حكيماً عادلاً , لا يظلم عنده من قصده في شكاية او مظلمة .
حدث في احدى الايّام ان قدمت اليه امرأة تشتكي اليه احد الشبّان الذي اغتصبها امام الملئ , ويصحب هذه المرأة جمهرة من الناس ليشهدوا على ذلك قبل ان يفر الجاني و يهرب .
ارسل قاضينا عسسه و مخبرين وراء هذا الشاب, فالقوا القبض عليه فاحضر الشاب و اودع التوقيف لحين مواجهته بالمدّعية عليه.
ولمّا حان وقت المحاكمة و ووجه الشاب الغادر بخصمه وهي المرأة المغدورة ... اعترف الشاب بالعمل الشنيع الذي قام به معها , ولكنّه انكر فكرة الاغتصاب مدّعياً انّ عملية الزنا كانت قد تمّت باتفاق و رضا و قبول الطرفين , متّهماً المدّعية عليه بأنّها حينما فوجئت بجمهرة الناس خافت على سمعتها من الفضيحة فانكرت رضائها و قبولها ورمت بكل وزر العمل الفاحش عليه ليتحمّل العقاب لوحده .
ولكن كل هذا الدفاع من قبل الشاب لن يجده نفعاً لعدم وجود دليل بينة لديه ليدعم به ادعائه و خصوصاً هناك جمهرة من الناس المتواجدين يشهدون لصالح المرأة المدّعية .
واخيراً اصدر القاضي حكمه على الشاب بالجلد لاتهامه بجريمة الزنا, و اجباره على دفع دية للمرأة على اغتصابها .
صعق الشاب حين صدور الحكم عليه و طار صوابه و جنّ جنونه , فاخذ يزبد و يرعد مدّعياً انعدام العدالة .... والاّ كيف يحكم عليه لوحده لجريمة هو شريك فيها ... و ليس هو الجاني الوحيد... و خصوصاً لم يكتف القاضي بادانته لوحده و ترك شريكته في الجريمة لحالها ...؟ بل اجبره على دفع دية لم يكن له يد في سببها.
كان يجلس حينها الى جانب القاضي احد حاشيته من الشيبة الحكماء ( الختيارية ) الذين اكسبتهم السنين و مجالسة القضاة و الحكماء تجارب و عبر.
اراد هذا الحكيم ان يكشف عن هذه الملابسات التي خفيت على القاضي وعلى الناس , وبعد ان استأذن من القاضي اشار الشيخ ( الختيار ) الى المرأة بأن تتقدّم و تدنو منه امام جميع الحاضرين , ولمّا دنت منه امتشق سيفه واعطاه لها لتحمله بيدها قائلاً لها : برهني على حقّك و عفّتك و طهارتك بان تدخلي رأس هذا السيف الذي انت الآن تحملينه بغمده الذي انا احمله بيدي ....؟
فكانت كلّما ارادت المرأة ان تدخل رأس السيف بالغمد الذي يحمله الشيخ ( الختيار ) يقوم الشيخ بحرف الغمد عن رأس السيف لألاّ يدخل السيف في الغمد .... ولمّا عجزت عن المحاولات قالت له : يا شيخنا الجليل : انّك تطلب المستحيل حيث تمسّكت بان تمسك الغمد بيدك لتعيق عملية الادخال ....؟
حينها اجابها الشيخ الختيار : الم يكن زمام الامر بيديك ساعة ما رمى بنفسه عليك كما هو حال الغمد الذي بيدي الآن ؟؟؟؟
ثمّ لماذا لم تعيقي محاولته كما اعيق انا محاولة ادخال السيف الآن ؟؟؟
عندها اجهشت المرأة بالبكاء واعترفت بمشاركته الجريمة.
وألآن عزيزي القارئ الكريم:
لقد تعوّدنا ان نرمي بكل اوزار اعمالنا السيئة على الآخرين. و اول هؤلاء الذين نرميهم باوزارنا هو الشيطان تارة او على الاستعمار تارة , او دول الجوار تارة او الاعداء الخارجيين تارة اخرى ؟؟؟؟
والحقيقة انها حتى الاستعمار لو لم يجد فينا القابلية على استعماره لنا لما تمكّن منّا ؟
الم يقل سيد البلغاء و باب علم مدينة رسول الله :
((( ميدانكم الاوّل انفسكم .... فان قدرتم عليها كنتم على غيرها اقدر؟؟؟ )))
لنسحب القصّة البغدادية السالفة الى زمننا الحالي هذا, حيث المشهد السياسي العراقي اليوم تنطبق عليه ما ورد في القصّة اعلاه .
فمن المؤكّد انّ الحكومة العراقية كانت قبل فترة ليست بالوجيزة قد منعت استيراد السيارات من موديل سنة 99 فما دون .
ومن المؤكّد انّ امارة شرق الاردن لا تزال تصدّر لنا هذه السكرابات رغم منع الحكومة العراقية لها , وبواقع 700 سيارة باليوم الواحد .
فما هذه المفارقة ؟
كيف هي ممنوع دخولها ..؟ ثمّ كيف هي تدخل رغماً عن المنع ؟ و بهذه الكميات الكبيرة ؟؟؟
ومن المؤكّد ان جهات سوداء الايادي في حكومتنا المنتهية ولايتها حالياً هي التي تسهّل عملية دخول هذه السيارات بموافقات خاصّة لقاء عمولات و رشاوي.... كلّ همّ هؤلاء المرتشين ان لا يجوع مصاصي دماء شعبنا, وان يضل عراقنا ارضاً و شعباً و حكومةً مرتهنين لهؤلاء الوحوش الضارية .
و من المؤكّد ان تصدير هذه السيارات المسكربة و القائها على رؤوس العراقيين ليست وحدها التي يبتز بها شعبنا المظلوم.
فحريق الشورجة سيوفّر مناخاً جيداً للابتزاز, فقد التهمت النيران التي اشعلها الارهابيون اكثر من ملياري دولار من السلع و المواد المرشّح تعويض الكثير منها عن طريق الاردن .
و قبلها كانت الحنطة و الطحين المسمّم ببرادة الحديد قد مهّد له باحراق مخازن المواد التموينية الغذائية .
((( و لذلك نرجوا و نلفت الانتباه اذا كانت هناك ثم’ لجنة للتحقيق في الحريق و في الحنطة و الدقيق المسمّم ببرادة الحديد ان تبحث عن المستفيد من هذه الكارثتين الكبيرتين ))).
ولا بأس بمن يرمي او يؤشّر باصابع الاتهام على دويلة اسرائيل ، ولكن كيف اتت اسرائيل الينا ؟؟؟ هل انزلت عملائها علينا بالباراشوت ؟؟؟ ام مرّت عن طريق دولة يرفرف علمها بخيلاء على سماء عاصمتها المجاهدة جدّاً جدّاً .
عزيزي القارئ الكريم :
من كلّ ذلك يتوجّب علينا اذا اردنا ان نفتح تحقيق في الاتجار الاردني الغير مشروع على حساب شعبنا العراقي المظلوم .... يتوجّب علينا ان نبحث على اعلى المستويات ونعاقب من سمح لهذا الاتجار من الغير مندسّين ، بل المكشوفين في الحكومة العراقية و الذين هم بمثابة ( المشتهية ) في قصّتنا البغدادية الواردة اعلاه .
واذا كانت ( المشتهية ) في القصة قد استحت من فضيحتها فالقت اللوم على الفاعل الذي وافقها على الفعل الشنيع لوحده , الا ان ايادي و عملاء الامارة في حكومتنا المنتهية الولاية اليوم يعملون علانية في وضح النهار و لا يستحون من عمل اي شيئ من اجل كسب رضا و ودّ اسيادهم عنهم .
ولذلك على من يستلم الحكم واخص بهم لجنة النزاهة و لجان القضاء العراقي و امام سهولة ادانة هؤلاء العملاء و المرتشين , قتلة الشعب العراقي انزال اقصى و اقسى العقوبات قصاصاً بحقهم .
و نردّدها ثانية لا ثالثة لها:
فضيّق الحبل و اشدد من خناقهم ..... فانما كان في ارخاءه الضرر .
و دمتم لاخيكم :
#بهلول_الكظماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟