أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال بلقاعدة - قصة















المزيد.....

قصة


جمال بلقاعدة

الحوار المتمدن-العدد: 4106 - 2013 / 5 / 28 - 00:05
المحور: الادب والفن
    



خسارة ... في كون الأشياء تأخذ قيمتها من التصرفات القبيحة، وكأن الطبيعة الهمجية تجمعت في هذا المنزل، قوارير مفرغة من حياتها، وبقايا السجائر جردت من تمارها المر مذاقها، وبكل وقاحة فتح الباب وقال تفضل، من دون أن يفكر حتى في نتانة هذا البيت الذي لا يليق بالضيوف، ولا يغري إلا بالكسل، تساءلت وأنا أتأمله وكأنه في عداد الموتى يراقب تلك الصور المعلقة في ثنايا جدران المنزل، إحداها لممثلات مشهورات بألبستهم الضيقة، وأخريات بأدوارهن الوسخة التي أعدها الكثير بالحرية والثورة على حدود الجسد المختبئة خلف القماش، ما أثار اشمئزازي من تلك الصور كون إحداها لكاجول وهي تحلم أن شاروخان يضمها إلى شفتيه الملعونتين، فتحت معه بابا للسين والجيم باحثا عن شيء يخص النص ويضيف إليه بعض الفواصل لعله يجد بعض الحدود التي يبحث عنها القارئ، لكن متاهاته ومراوغاته في الجواب أصعب من أن تعطي للسين قيمته المثلى، بل إنه يبلغ من الذكاوة ما يجعله بعيدا عن بلوغ مرادي، سألته للمرة العشرة وهو يتلاعب بي كالطفل يعبث بقطة صغيرة، ما سبب كل هذه الفوضى العارمة في بيتك وفي النص؟ ولماذا ضجيج بيتك يرتفع كل ليلة كالحبر بلا مرود، وما الداعي لأسمع بابك يفتح كل صباح كمن يخرج لصلاة الفجر، وأنا أعلم أن باب المسجد يكفر بما تحمل جواربك من جرم؟، كل هذا لم يعره اهتماما كالمسيء يبحث عن عذر، بل ضايقته أسئلتي الجريئة من دون أن يتفوه بذلك، لأنه لم يعرض علي قائمة المشروبات كما كان يفعل دائما، بل اكتفى هذه المرة أن قال: أتشرب قهوة بالحليب أم تريدها سوداء، وفي محاولة مني لأهدئ من روعه، قلت! قهوة سوداء بلا سكر من فضلك، لم يمنعني ذلك الصوت المنبعث من المطبخ من أن أتطفل قليلا على خزانته، غرقت في الصمت وأنا أتفحص عمق تلك الخزانة الغريبة ألوانها، لكن الذي يهيمن على رفوفها دواوين لنزار قباني، وقليل من كتب الفلسفة والسياسة لا تأخذ من حجم الخزانة الكثير، كانت تجاورها صيدلية صغيرة لم أتمكن من قنص زجاجها، حتى افرغ بنبرة صوته الحادة، القهوة جاهزة يا أحمد، أخجلني فضولي ولم أجد ما أردف به سوى جمع بعض الأشرطة الإباحية، متساقطة جوار التلفاز، لم يسمعني وأنا أتمتم كمن يهدي، أردت أن أسأله ثانية لما لا تنطفئ أضواء بيته الرومانسية حتى الفجر، لكن توتره وخوفه من مواجهة الحقيقة منعني من ذلك فقد أفرغ يلتهم سجائره بشراهة، صدقت حينها قولة لرولان بارث حين قال: على المرء أن يخفي على الآخرين صيدلية بيته..ومكتبته، لأنها دوما تعطي للشرطة الدليل القاطع، حاول أن يلهو بي عن الموضوع ويستدرجني قليلا بمساءلته عن عملي كيف تجري أحواله وما الجديد فيه، لم أكترث كثيرا لما قاله، بل أجبته باستفسار آخر عن سبب وجود محفظة صغيرة تخص الفتيات في بيته، وأنا أعلم أنه لم يلبس ثوب العرسان الأبيض بعد، وحسب ذلك الرسم الأحمر في وجهه تبين أنها استعملت قبل ساعات قليلة فقط، بدأت هواجس تراودني أن الحياة لا تبتدئ عند هذا الرجل إلا عندما يكون مع إحدى الفاتنات يغازلها وتغازله، أو يقرأها شعر قباني وما يخفيه حين تقابله، وكأنه يحقق بطولة رسمية في حضرة النساء أو يمتطي جوادا في سباق وهن تشجعنه، استوقف هواجسي بدقه لطبولي أذناي بسكبه لردة فعل لم تدم طويلا أمام سيمفونية لبتهوفن، أخذت أصابعه وكأنها واثقة من نفسها حبرا أحمر، عله يكون له جدار يحميه من الخوف وعجز لسانه أمام الأسئلة، فأخد يتجرع الكأس بعد الأخر والقارورة بعد الاخرى، ذكرني حينها بالزير سالم حين قتل جساس أخاه، فبدل أن يثأر قبل أن يهرب القاتل أخد شراب الحانة كله لوحده، وقال اليوم خمر وغدا أمر، شعرت أنه يعاني من أزمة عاطفية حادة، ربما تكون أمه طلقت الحياة مبكرا أم أن الكاتب جعل عمرها قصيرا في القصة، وقد يكون أعدمها قبل أن تلده حتى، أراهن أن صباح الأحد الذي عاشه مع أسئلتي كان أسوء طرف نهار في حياته، وكأنه عاشه في مخفر شرطة يستدرجونه إلى قول الحقيقة، إلا أنه عنيد لا تظهر رجولته إلا إذا كان ثملا، فبعدها لم يعد ينتظر الأسئلة ليراوغ عن الإجابة بل أصبح فيلسوفا وحكيما يتقن الكلمات ويعرف كيف يجعل بعد كل أربع كلمات قافية موحدة، فقد أفرغ يتحدت قائلا بكل حدة صوته: أتريد مني أن أتركهن وحيدات بلا مأوى بعد أن حطمت أنوتثهن وحقرهن الوطن وأخد براءتهن منذ الطفولة، أوقفته بقولة لساشا كمن يزيد للنار وقودا، لكن ليس من النساء إنات شريفات وأخريات غير شريفات، بل هناك غير شريفات وأخريات غير جميلات فيختبئن وراء حجاب ساتر، لم يكن ليتقبل الطرح وهو الذي يظن أنه يجعلهن كمن يحضن اليتامى في قصره بل كان بإمكانه أن يشهر سلاحه في وجهي، حين حملنا المسؤولية بقوله بطريقة أسد جامح: لسنا هنا لنلعب يا قاص حتى تعبث بكلماتي، جد مكان آخر للهو واتركني والبنات، أوقفته أي بنات، أولائك اللواتي تخلين عن أنوتتهن في لحظة استجابوا لقدر الرجال الذي لا يعرف لقيمتهن مقدار، أولائك اللواتي نحدتهن في الهواتف ويقولون اشتقتك وأينك أرجوك خدني من هذا الجحيم وهي تطلب بكل حنية كعصفورة أتعبها سجن الشارع بيتا يأويها من كلاب الطريق الفاجرة، من تلك الأصوات التي تلاحقهن أينما حلوا وارتحلوا، بل تجدهن يبدعن في الكذب أحيانا ويقلن بصوت خافت كمن أحرجه قول لا يروقه: الحياة لا تساوي شيئا من دونك، ونحن فور وضع السماعة يرن هاتفنا الخلوي، ما إن تمد بصرك لشاشته حتى ترى أنتى وفور قطعها تأتي أخرى وبعدها تأتي أخرى وأخرى تطلب ودنا هي الأخرى.
بدأت أتراجع ولم أرد أن أجرح مشاعره أكثر، بل إن النوم بدأ يتسلل إلى رموش عينيه ولم أرد ان أزعجه، بث كمن أمسى يطفئ حريقا، كمن سمع كلاما كثيرا لا يعجبه ويبحث عن حل لمحوه من الذاكرة، كإله كتب لممثلين أدوار، وفور انتهاء الثمتيل أعاد ترتيب كل شيئ من البداية، شعرت حينها أن حيطان بيته تزحف إلي على مهل تريد الانتقام ، كان الرجل يحتج ويشعر بشيئ من الاحراج، معتقدا أنني أفعل ذلك طمعا في تنغيس حياته ومريدا تخريب جنته، ومنعه من ملائكته، كان لوجودي في ذلك البيت ضياع للوقت ففي النهاية وجدت أن فلسفته مستوحاة من الشك واللاوعي في حين ما أبحث عنه مشحون ببحث عن الحقيقة واليقين، فهل ما يقوله هذا الفيلسوف هو الحقيقة أم أن ساشا هو الصائب.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إضاءة على أدب -اليوتوبيا-.. مسرحية الإنسان الآلي نموذجا
- كأنها خرجت من فيلم خيالي..مصري يوثق بوابة جليدية قبل زوالها ...
- من القبعات إلى المناظير.. كيف تُجسِّد الأزياء جوهر الشخصيات ...
- الواحات المغربية تحت ضغط التغير المناخي.. جفاف وتدهور بيئي ي ...
- يحقق أرباح غير متوقعة إطلاقًا .. ايرادات فيلم احمد واحمد بطو ...
- الإسهامات العربية في علم الآثار
- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...
- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...
- تنسيق كلية الهندسة 2025 لخريجي الدبلومات الفنية “توقعات”
- المجتمع المدني بغزة يفنّد تصريح الممثل الأوروبي عن المعابر و ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال بلقاعدة - قصة