أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - الإسلاميون يصرون على َبـْدوَنَـة الإسلام ومناهضة الحداثة - 2















المزيد.....

الإسلاميون يصرون على َبـْدوَنَـة الإسلام ومناهضة الحداثة - 2


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 1178 - 2005 / 4 / 25 - 11:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


على المستوى الاجتماعي يترتب عن هيمنة تيار البدونة على الحياة الفكرية والدينية ، تكريس قيم الانحطاط والحيف الاجتماعي والقانوني ، خاصة في كل ما يتعلق بالمرأة ، بحجة أن هذه الأخيرة هي الحافظة لشخصية الأمة وقيمها الدينية وهويتها الحضارية . لذلك يحرص تيار البدونة على :
أ ـ تكريس التمييز الجنسي بين الذكور والإناث معتمدا تأويلات خاصة ومغرضة لنصوص القرآن الكريم وأحاديث الرسول (ص) لإضفاء المشروعية على هذا التمييز . ومن ضمن تلك الآيات القرآنية ، قوله تعالى ( وليس الذكر كالأنثى ) ، علما أن الآية لا تفيد الأفضلية ، بقدر ما تفيد الغيرية . ومن ثم تتم عملية توظيف الدين لخدمة الأعراف والقيم الاجتماعية المستهجنة للمرأة ، مما تكون له انعكاسات خطيرة على المجتمع من حيث حرمان النساء من الانفتاح وتطوير قدراتهن ، بحيث يُمنع على المرأة طلب العلم والمعرفة ضدا على تعاليم الدين الإسلامي التي تجعله فريضة على الذكور والإناث . فيسود الجهل وتتفشى الأمية فيطوف طائف التخلف على الأمة بأجمعها . بهذا يكون تيار البدونة هو المتآمر على الأمة والمدمر لمقوماتها البشرية والمادية، بحيث يرميها فريسة العجز والعالة تنخرها كل أمراض العصر . ذلك أن أسباب القوة والمنعة لا تصنعها الجهالة وشلل نصف المجتمع ، كما أن ضعف الأمة وتخلفها لا ينقذ منهما حجب المرأة ولا حجابها .
ب ـ حرمان النساء من كل حقوقهن الاجتماعية والسياسية : وتلك نتيجة حتمية لسيادة قيم تحقير المرأة وتهميشها ، بحيث لا يُعترف لها بدورها الاجتماعي ، إذ يُنظر إليها ككائن ناقص تفتقر إلى رجاحة العقل وسداد الرأي . ويستند تيار البدونة في تمرير موقفه هذا على نصوص حديثية منسوبة إلى الرسول (ص) ، منها ( النساء ناقصات عقل ودين ) ، و ( لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة ) . لن ندخل في جدل فقهي حول صحة هذه الأحاديث ، بل تكفي مواجهة المتمسحين بها بنصوص القرآن الكريم حتى يتبين الهدى من الضلال . يقول تعالى ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) التوبة :70 ، وقوله تعالى ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ، وقوله عز من قائل ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها )الأعراف : 189 . بيّن إذن أن هذه الآيات الكريمة تضع المرأة على قدم المساواة مع الرجل في الآدمية وفي الحقوق والواجبات الدينية والسياسية والاجتماعية ، ولا فضل للذكر على الأنثى أو للأنثى على الذكر ، فهما شقيقان في الحقوق والأحكام . والقول بوجود تفاضل بين الجنسين إنما هو انقلاب على الدين الذي جاء يجُب ما قبله من قيم الامتهان ومواقف التبخيس في حق النساء . وليست الغاية ، كما يزعم تيار البدونة ، هي تكريم المرأة وصيانة مكانتها داخل المجتمع ، بل الغاية هي فرض مزيد من القيود على حرية المرأة حتى يستأثر حاملو قيم البدونة بكل الأدوار والسلطات داخل المجتمع . علما أن الإسلام ضمن للمرأة نفس الحقوق التي ضمنها للرجل ، بما فيها حق الولاية العامة . لهذا يعض تيار البدونة بالناب والمخلب على كل النصوص التي تتحمل التأويلات الذكورية ، ومن ثم يلجأ إلى تحصين مواقفه بإصدار الفتاوى الفقهية التي تشرعن القهر والإذلال وتحرم على المرأة تولي المناصب السياسية والقضائية . ومن ضمن تلك المواقف ما عبر عنه الدكتور محمد الطبطبائي عميد كلية الشريعة في الكويت من "أن هيئة الإفتاء بالكويت أصدرت فتواها بتحريم المشاركة البرلمانية للمرأة سواء بالترشيح أو الانتخاب وهو ما أرجحه في هذه المسألة) . إنه خزي ما بعده خزي أن تلتئم هيئة الإفتاء المشَكَّلة من "كبار العلماء" لتحكم على المرأة بنقصان عقلها وبعدم أهليتها السياسية والاجتماعية . ولم يدركوا أنهم بهذه المواقف المخزية يعقرون النصوص الدينية ويعرضون الأمة الإسلامية لسخرية الأمم التي صنعت النساء مجدها ورفعت قدرها .
ج ـ منع الاختلاط في المؤسسات والمرافق العمومية : إذ يعمد تيار البدونة إلى الإصرار على الفصل بين الجنسين في الحياة العامة ، وتلك مسخرة لم تشهدها البشرية منذ نشأتها . وآفة ذلك أن هذا التيار جاء ليشغل الناشئة بمواضيع فقهية تافهة ، ويبعدها عن الوعي بدورها الحضاري والاضطلاع بواجبها الوطني والإنساني . لقد كان المجتمع الإسلامي الأول يعيش رجاله ونساؤه في تناغم من حيث طلب العلم أو نشر الدين أو بناء الدولة . إذ كانت المرأة تضطلع بمهام الإفتاء والمشورة والتعليم والجهاد والبناء والحكم . بل لم يعرف المجتمع الإسلامي الأول عزلا بين الجنسين حتى داخل المساجد وفي مجالس العلم والرأي . وبعد أن قطعت البشرية أشواطا في تأطير النساء وتأهيلهن لكل الأدوار ، ها هي التيارات الإسلامية تحكم على نصفها بالدناءة والشيطنة والدنس والفساد ، بعدما جاء الإسلام مصدر تكريم وتعظيم للمرأة .
د ـ فرض ما يسمى بالزي الإسلامي : الذي ليس سوى إجراء يزيد من تكريس تهمة الفساد والإفساد في حق النساء . إذ لم يعمل هذا التيار على احترام الأزياء التقليدية لكل مجتمع ، ولكن أدانها والزم النساء بأزياء يتفنن فارضوها في التشدد بخصوص أشكالها ( الحجاب ، النقاب ، الشادور ، البرقع ) . والجدير بالذكر أن الخطورة لا تكمن في الزي بحد ذاته ، بل في ما يرمز إليه من امتهان وما يستدعيه من تمثلات موغلة في السلبية عن ذات المرأة التي لم تعد ترى في كيانها غير "عورة" وفي وظيفتها غير الخلف والعلف . أما وظيفة الاستخلاف والتعمير التي أناطها الله تعالى بالذكور والإناث معا ، فصارت من مهام الذكور دون سواهم . بل جُعِلت المرأة مصدر "إفساد" لهذا الاستخلاف وتخريب للعمران . كذلك صوّرتها ثقافة البداوة لما جعلتها "أخت " الشيطان ، تارة ، وأخرى نظيرة البهائم في الحقارة ، كما تدل عليها عبارة " الولية حاشاك" . لهذا تشدد تيار البدونة في فرض مواصفات محدد على لباس المرأة . يذكر أنطوان بسبوس الواقعة التالية ( احتل صالح العاقل ، وهو عالم وهابي لمدة شهرين متتابعين الصفحات الأولى للصحف في الكويت ، لأنه أفتى بأن لا تظهر النساء إلا عينا واحدة وراء الحجاب حتى يمكنهن أن يتنقلن في الشارع ) .
هـ ـ فرض الولاية والوصاية على المرأة بحجة قصورها وعدم أهليتها . وفي هذا تناقض مع تعاليم الدين الإسلامي التي أقرت للمرأة استقلالية ذمتها المالية وكيانها الاجتماعي وحريتها الشخصية وولايتها على نفسها في إبرام العقود واستجارة المجير . وتجدر الإشارة هنا إلى مواقف تيار البدونة من مطالب النساء بإقرار حقهن في الولاية على أنفسهن ومن هم تحت كفالتهن . إذ تصدى هذا التيار على امتداد العالم الإسلامي لتلك المطالب . كما عرف المغرب محطتين بارزتين ناهض خلالهما هذا التيار مطالب النساء بكل شراسة . كان ذلك سنة 1992 لما طالب القطاع النسائي لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي بتعديل مدونة الأحوال الشخصية من خلال عريضة المليون توقيع ، وكذا سنة 2000 حين صدور مشروع الحكومة المتعلق بإدماج المرأة في التنمية .
و ـ تكريس الحيف القانوني والاجتماعي ضد النساء : إذ يحرص تيار البدونة من خلال مناهضة تعديل قانون الأحوال الشخصية ، على تجريد المرأة من كل حماية قانونية ضد العسف أو العضل أو القهر . ومن ثم الإبقاء عليها تحت رحمة الرجل وتصرفه ، سواء في مجال الطلاق أو التطليق أو الخلع أو التعدد أو الممتلكات الزوجية وغيرها من القضايا التي لم يزدها هذا التيار إلا تعقيدا . وكمثال نورد واحدا من المطالب التي تقدم بها حزب العدالة والتنمية للجنة الملكية المكلفة بتعديل المدونة ، ومما جاء فيه حول مطلب الولاية في الزواج ( وإننا لا نرى مبررا لحذف الولاية في الزواج .. كما أننا نرى عدم استثناء الرشيدة في اشتراط الولي ، لأن النصوص الشرعية الواردة في الموضوع لا تفرق بين ذوات الأب واللواتي لا أب لهن نظرا لعمومها وإطلاقها ) . علما أن المدونة موضوع النقاش كانت تقر للفتاة الرشيدة التي لا أب لها حق الولاية على نفسها في الزواج ، وجاء موقف الحزب لا ليدعم مطلب النساء ، بل ليتصدى له ويتقهقر بالموقف إلى ما هو أشد انحطاطا وظلما . كما أن الكتب التي تشيع قيم البدونة هي أشد فظاعة وأقسى إجحافا . ومما يتضمنه أحدها تحريم لجوء المرأة إلى طلب الطلاق مهما كانت معاناتها الزوجية . بل جعل صاحب الكتاب " كبائر وذنوب النساء" أن طاعة المرأة لزوجها تدخلها الجنة ، بينما عصيانها له يجلب عليها غضب الله بحيث لا تُقبل حتى صلاتُها .
على المستوى الفقهي
اعتبارا لتشبث تيار البدونة بالقيم والأعراف الريفية ، وحتى تكتسب مواقفه سلطة متعالية ، لجأ إلى اعتماد الآراء الفقهية الأكثر تشددا في المعاملات والعبادات ، والتي تضع المسلمين ضمن مساحة لامتناهية من المحرمات والنواهي تجعلهم في حرج دائم مما يفعلون أو يفكرون في إتيانه ، بحيث يظل هاجسهم هو البحث عن دليل الإباحة وليس دليل التحريم . وبذلك تنقلب القاعدة الفقهية السليمة التي تتأسس على أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا ما ورد فيه نص بالتحريم ، إلى قاعدة مناقضة تجعل الأصل في الأشياء التحريم إلا ما ورد فيه نص بالإباحة . وبسبب ذلك ، امتلك أصحاب تيار البدونة سلطة دينية مرجعية تتصدى لكل مجدد أو مجتهد بأن تلزمه بتزكية رأيه بدليل الإباحة . الأمر الذي يخالف الشرع وما نص عليه القرآن الكريم ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) . ومن ثم تصير الأعراف الاجتماعية شريعة مستحكمة في الرقاب وموجهة للسلوك . كما ينفصل الفقه عن الواقع ويُكتفى بتنزيل الأحكام الفقهية التي صارت جامدة لانتهاء مدة صلاحيتها بفعل ارتباطها بزمان وواقع ولى عهدهما . إن هذا التيار لا يراعي حركية الواقع وتطور أحداثه وتجدد نوازله . بل يسعى إلى إخضاع المتحرك لما هو ثابت دون إعمال العقل في النصوص لتجديد فهمها حتى تستوعب مجريات الواقع الحالي . وبسبب هذا الانغلاق والتحجر تتم محاصرة الاجتهادات الفقهية المنفتحة على الواقع والمتفاعلة مع أحداثة .




#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلاميون يصرون على بَدْوَنَة الإسلام ومناهضة الحداثة
- الإسلاميون والدولة الديمقراطية
- السعودية بين مطالب الإصلاحيين ومخالب الإرهابيين
- ليس في الإسلام ما يحرم ولاية المرأة
- ارتباط السياسة بالدين أصل الفتنة وعلّة دوامها
- العنف ضد النساء ثقافة قبل أن يكون ممارسة


المزيد.....




- “TV Toyour Eljanah”‏ اضبطها حالا وفرح عيالك.. تردد قناة طيور ...
- إنشاء -جيش- للشتات اليهودي بدعم من كيان الاحتلال في فرنسا
- بينهم 5 أمريكيين.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل سبعة يهود حاولوا ...
- اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمشاهدة ممتعة لاحلي اغ ...
- لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا ...
- -باسم يوسف- يهاجم -إيلون ماسك- بشراسة ..ما السبب؟
- إسرائيل تغتال قياديا بارزا في -الجماعة الإسلامية- بلبنان
- -بعد استعمال الإسلام انكشف قناع جديد-.. مقتدى الصدر يعلق على ...
- ماما جابت بيبي.. تردد قناة طيور الجنة الجديد الحديث على القم ...
- معظم الفلسطينيين واليهود يريدون السلام، أما النرجسيون فيعرقل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - الإسلاميون يصرون على َبـْدوَنَـة الإسلام ومناهضة الحداثة - 2