أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد الحلبي - هل هي عبقريتهم؟، أم هي سذاجتنا؟















المزيد.....

هل هي عبقريتهم؟، أم هي سذاجتنا؟


وليد الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 4101 - 2013 / 5 / 23 - 06:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الوقت الذي يفرض المنطق أن يبدأ المقال بالمقدمات لكي يصل منها إلى النتائج، فإن هذا المقال سوف يعكس الآية، فيبدأ بالنتائج لكي يعود منها إلى المقدمات، والنتيجة هنا هي حقيقة تواجد رجال حزب الله، يقاتلون على الأراضي السورية إلى جانب النظام السوري ضد من ثاروا عليه، بعد أن كان هذا الحزب قد أخذ شهادة سوء سلوك إسرائيلية مزورة، ضمنت له شعبية كاسحة من جاكرتا إلى الدار البيضاء، اتكأ عليها لكي يكون مخلب قط للوجود الإيراني في المنطقة العربية، فهل هذا الحزب بطل مقاوم يعادي إسرائيل! رغم أنف الجميع؟، أم هو غير ذلك؟. والآن لننتقل إلى المقدمات.
درج الناس على توصيف المؤامرة بأنها (نظرية)، لكنني أصر دائماً على وصفها بالقانون، فهي لا شك متلازمة مع سعي الدول بشكل سري إلى تحقيق مصالحها، وعندما يكون هذا السعي مشتركاً بين دولتين فأكثر، يطلق على هذا التخطيط وصف (المؤامرة)، فهي في المحصلة ليست عيباً أخلاقياً – هذا إذا اتفقنا مع الاستاذ ميكيافيللي على أنه ليس في السياسة أخلاق – بل إن المؤامرة حق مشروع لكل دولة، تحيكها وتنفذها طالما أنها تحقق أهدافها ومصالحها. عليه، فما من شك في أنه لولا العبقرية الصهيونية في التخطيط والتدبير باستخدام كافة الوسائل، وبشكل جهنمي لا يخطر على بال السذج أمثالنا، لولا ذلك لما قامت إسرائيل في الأصل، ولما استمرت قوية مسيطرة متحكمة بالمنطقة إلى يومنا هذا، ذلك أن مؤسسي الدولة – ومنذ فترة ما قبل قيامها – اعتمدوا على السلاح الأساسي في بناء الدولة ألا وهو علم النفس أولاً، والاستخبارات ثانياً، فلم يهملوا أية معلومات عن عدوهم، بل صنفوها في ملفات كثيرة معقدة غطت جميع نواحي الحياة العربية والإسلامية، بل تذهب بعض الروايات، التي في ظاهرها خيالية، إلى أن العديد من رجال الموساد قد درسوا العلوم الشرعية في معاهد عربية، وقد ساعد إسرائيل على ذلك، من ضمن ما ساعدها، تعدد الثقافات واللغات والأعراق في المجتمع اليهودي المتنوع، والذي ضم اليهود الشرقيين (السفارديم) والغربيين (الاشكنازيم)، علاوة على اليهود الأفارقة والآسيويين، فهذا التنوع العرقي والثقافي واللغوي أتاح للكيان الصهيوني اختراق المجتمعات العربية بالاتجاهين العمودي والأفقي، لذا يحلو لي كثيراً أن أقول بأن إسرائيل تصنع لنا الأبطال الذين يقودون مسيرتنا في مرحلة ما، وتصيغهم على مقاسها وهواها. والمتمعن في الشخصيات التي قادت العمل العربي بعد قيام إسرائيل، وربما حتى قبل ذلك، يرى أنها في الجملة كانت شخصيات مغمورة، طفت على السطح نتيجة مواقف متطرفة أعلنتها ضد الكيان الصهيوني، ومن الأمثلة الحية هذه الأيام أن معظم – إن لم يكن جلَّ – الذين اعتقلوا في لبنان بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، كانوا من أشد المنادين بضرورة محوها عن الخارطة، ناهيك عن الأصول المغمورة لأنور السادات ومعمر القذافي وحافظ الأسد وبعض القيادات الفلسطينية (ومثال ذلك الشخصية التي حملت ثلاثة أسماء في وقت واحد: خالد رشيد/ محمد رشيد/ محمد برهان رشيد، مستشار عرفات الاقتصادي، ما زال ماثلاً في الأذهان، ولمزيد من المعلومات عن هذه الشخصية المجهولة المحيرة، راجع الرابط: http://alkanani.com/index.php?name=News&file=article&sid=76&theme=Printer).
وكما هو واضح، تحرص إسرائيل على بث بذور الخلافات والنزاعات بين دول الجوار كي يبقى الجيران منشغلين بأنفسهم، وربما كانت الطائفية واحدة من أمضى الأسلحة التي تخدم إسرائيل، هذا السلاح الذي لم يغب عن أذهان المخططين الصهاينة، غير أن الأيام أثبتت أن الأقليات والطوائف العربية لم تلب الحاجة الإسرائيلية بالشكل المطلوب، وخاب سعيها كما خاب سعي فرنسا من قبلها عندما قسمت سوريا إلى خمس دويلات طائفية، إذ أن الفورة القومية العربية التي رافقت التخلص من الحكم العثماني، حكمت على ذلك المسعى بالفشل الذريع، وبعد الحرب العالمية الثانية وقيام إسرائيل وثورة يوليو المصرية، تعمق الشعور القومي العربي الرافض بالضرورة لأية نعرات طائفية، عندها كان لا بد من التفتيش عن قوى إقليمية، بينها وبين العرب ما صنع الحداد، تصلح كي تكون حليفة للمشروع الإسرائيلي، فكانت إيران هي الحليف الذي يمكن تسخير طموحاته الإقليمية لخدمة المشروع الصهيوني، باتساق مع المشروع الإمبراطوري الفارسي، فكانت العلاقة الوطيدة مع الشاه، والتنسيق الوثيق بين جهازي الموساد والسافاك، واللذان دعما بقوة الجماعات الكردية في إقليم كردستان العراق الطامح إلى الاستقلال عن الدولة العراقية، ونتيجة للضغط الذي مارسته الثورة الكردية، اضطر العراق إلى توقيع اتفاقية الجزائر مع إيران عام 1975، والتي بموجبها حصلت الأخيرة على السيادة على النصف الشرقي لشط العرب.وكان مما أغرى اللاعب الإسرائيلي أن النفوذ الديني الإيراني في قم - وهو الذراع الضاربة للمشروع القومي الفارسي – أصبح منذ سبعينيات القرن الماضي منافساً حقيقياً لمرجعية النجف وكربلاء، خاصة بعد وصول حزب البعث إلى حكم العراق في بداية الستينيات، وسلوكه مسلكاً علمانياً حجم نفوذ المرجعية الدينية العراقية. كل ذلك وإسرائيل تراقب بشغف وشوق تحرك قيادات المذهب الشيعي - الذي أصبحت قم قائدته بلا منازع، - باتجاه الغرب، ولكن نظراً لاصطدامها بالجدار العراقي الصلب، خاصة بعد أن استطاع العراق بناء قواته المسلحة قبل وأثناء وبعد الانتهاء من الثورة الكردية، فقد قفزت فوقه لكي تدخل إلى لبنان أولاً ممثلة في شخص الإمام موسى الصدر، والذي أسس حركة المحرومين، التي تحولت إلى حركة أمل ، وكان نشوب الحرب العراقية الإيرانية في سبتمبر عام80 هو البشارة الحقيقية، وبارقة الأمل المنتظرة للقيادة الإسرائيلية في تحقيق أهدافها في بث الفتنة الطائفية بين فرس وعرب، وشيعة وسنة - بعد أن فشلت في بثها بين عرب وعرب – ومن ثم التفرج على المسلمين يقتل بعضهم بعضاً.
وقد كان من حسن طالع إيران وإسرائيل أن يستيقظ سكان دمشق يوم 16 نوفمبر 1970 على انقلاب قاده حافظ الأسد، والذي كانت إحدى معجزاته أنه كان وزير الدفاع الوحيد في التاريخ البشري الذي يهزم أمام عدوه هزيمة ساحقة، ثم يصل رغم ذلك إلى منصب رئيس الدولة، لكن المطلع على زيارات الأسد السرية إلى بريطانيا في عامي 1965/1966، وقبيل توليه وزارة الدفاع، يدرك أن الرجل لم يأت من فراغ، ثم إن سعيه في تطييف (جعل الحكم طائفياً) الدولة السورية أمر لا مراء فيه (انظر نيكولاوس فان دام "الصراع على السلطة في سوريا" على موقع 4shared.com). وكان التقارب بين الأسد وإيران الثورة سريعاً، رغم أنه كانت له قبل ثورة الخميني علاقة، وإن بشكل خجول، مع نظام شاه إيران. والظاهر أنه بينما كان حافظ الأسد يجري اتصالاته بوزير الدفاع البريطاني، وبالمستر طومسون ، وكيل وزارة الخارجية البريطانية، لتسهيل وصوله إلى السلطة، كان الخميني وطاقمه في باريس على اتصال بأجهزة الاستخبارات الغربية لتسهيل عودته إلى طهران، وتأمين خروج الشاه منها لكي تحل مكانه حكومة الآيات في قم، ثم إن عودة الخميني فيما بعد على متن طائرة الخطوط الجوية الفرنسية أمر يعرفه الجميع. وربما كان من المفيد العودة إلى الظروف التي سهلت عودة الخميني إلى طهران وانتهاء حكم الشاه، ذلك أنه أثناء الزيارات المكوكية التي كان يقوم بها وزير الخارجية الأمريكية هنري كيسنجر بين دول الشرق الأوسط من أجل إنهاء النزاع العربي - الإسرائيلي، ونظراً لتأكد الغرب من خروج مصر، بقيادة السادات، من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي، والذي تأكد بتوقيعها اتفاقية كامب ديفيد وملحقاتها السرية في سبتمبر 1978، فقد كان من المنطقي ألا يبقى في ساحة الصراع سوى دولة العراق، والتي كانت قد بنت جيشاً قوياً خلال الصراع مع الأكراد، هذا الجيش الذي أثبت قدرته القتالية عندما شارك بقوة على الجبهة السورية في حرب أكتوبر 1973 وحمى دمشق من السقوط بيد الإسرائيليين، فكان من البديهي أن تسارع إسرائيل، مدعومة بأمريكا والغرب، إلى التركيز على ضرورة عودة الخميني إلى طهران والتخلي عن نظام الشاه، ذلك أن شعبية شاه إيران كانت في الحضيض بسبب تسلط أجهزته الأمنية وعلاقته المشبوهة الوطيدة بالغرب، لذا لم يكن الشاه مؤهلاً شعبياً لخوض حرب تؤدي إلى هزيمة العراق، بينما كانت هذه الشعبية مضمونة لرجال الدين بقيادة مرشدهم الأكبر، وهكذا، وبعد خمسة أشهر من توقيع كامب ديفيد، كانت طائرة الخطوط الجوية الفرنسية تحط في مطار مهرباد في طهران، حاملة "سيد روح الله موسوي خميني"، لكي يفر الشاه وينتهي نظام حكم أسرته الذي بدأ عام 1925. وبعد أقل من سنة اشتعلت الحرب العراقية الإيرانية، والتي استمرت لمدة ثماني سنوات كاملة، تلقت إيران خلالها كميات من الأسلحة الأمريكية عن طريق إسرائيل فيما عرف لاحقاً بفضيحة "إيران – كونترا". وبعد ذلك بخمسة عشر عاماً كاملة، تقدم الولايات المتحدة لإيران الإسلامية خدمة العمر بغزوها العراق وتدميره وإعدام رئيسه، وبذلك انفتح الطريق واسعاً أمام إيران لكي تصل إلى بلاد الشام.
والغريب أنه في الوقت الذي كانت الحرب فيه مستعرة بين العراق إيران، قامت إسرائيل عام 82 بتدمير مفاعل "تموز" الذري العراقي، وفي نفس العام دخلت إلى الجنوب اللبناني لطرد مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية منه، ثم لتستكمل ذلك في سبتمبر من ذلك العام فتطرد المنظمة تماماً من بيروت، ولم يكن ذلك كافياً للطرفين الإيراني والإسرائيلي، فقد تابعت ميليشيا حركة أمل - مدعومة بالكامل بالقوات السورية التي دخلت لبنان عام 1976 - تابعت الحرب ضد المخيمات الفلسطينية بحجة تطهيرها من بقايا المقاتلين الفلسطينيين، بينما دفع عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين أرواحهم في تلك الحرب. وهكذا يكون المشهد قد اكتمل بصورة دراماتيكية لا مثيل لها: إيران تهاجم العراق من الشرق لتقضي على آخر أمل تبقى للعرب في صراعهم مع إسرائيل بعد خروج مصر، وفي نفس الوقت تطرد إسرائيل منظمة التحرير من لبنان، وميليشيات إيران المتمثلة بحركة أمل تقضي – بمساعدة الجيش السوري - على ما تبقى من قوة الفلسطينيين في مخيماتهم. ونظراً للتوجه الوسط ما بين الديني والعلماني لنبيه بري، فقد كان لا بد لإيران من تأسيس مجموعة تأتمر مباشرة بأوامر الخميني، فكان تأسيس "حزب الله" في عام 1982، والذي جاء في بيان صادر عنه في 16 فبراير/ شباط 1985؛ أن الحزب "ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه، وتتجسد في روح الله آية الله الموسوي الخميني مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة".
يبدو أن الخلاف بين قيادات حزب الله على نوعية العلاقة مع إيران قد بدأت بعد تأسيس الحزب عام 82، واستمرت في التصاعد إلى أن أزيح الشيخ صبحي الطفيلي الأمين العام الأول للحزب بسبب اعتراضه على إملاءات إيران وشكل العلاقة معها، وكذلك اعتراضه على انخراط الحزب في الحياة البرلمانية اللبنانية، ووصل به الأمر بعد خروجه من حزب الله إلى أن يوجّه انتقادات قاسية لقيادة الحزب، لدرجة أنه اتهمها بالعمل على حماية المستعمرات الإسرائيلية في شمال فلسطين، وحل مكانه عباس الموسوي كثاني أمين عام لحزب الله عام 91، غير أن إسرائيل اغتالت الموسوي عام 92، فخلى المنصب لحسن نصر الله الذي لم يكن قد تجاوز الثانية والثلاثين من العمر، ومنذ ذلك العام ، عام تولي حسن نصر الله أمانة الحزب، تصاعد الصراع! مع إسرائيل، ومدت إيران حزب الله بكافة أنواع المساعدات المالية والعسكرية، مستفيدة من الوجود السوري في لبنان منذ عام 1976، وعلاقتها الوثيقة مع حافظ الأسد، تلك العلاقة التي تعززت أثناء الحرب مع العراق، ووقوف العروبي! حافظ الأسد إلى جانب إيران ضد جاره العربي وعمقه الاستراتيجي: العراق. ورغم احتدام الصراع بين الإسرائيليين الذين احتلوا الجنوب منذ عام 1982، وحزب الله، إلا أن الجيش السوري التزم بوقف إطلاق النار مع إسرائيل، ولم يكن له أي وجود جنوب نهر الليطاني، علاوة على الهزيمة المنكرة التي تعرضت لها القوات السورية في سهل البقاع عام 82 عندما فقدت ستة آلاف قتيل و400 دبابة و 82 طائرة خلال ساعات، واستمر القتال بين رجال حزب الله والإسرائيليين حتى خروجهم من الجنوب عام 2000. بهذا الخروج تعزز نفوذ حزب الله في المنطقة، فمنع تواجد أية قوات مقاومة باستثناء قواته، أي أنه احتكر المقاومة، وأمعن في تصعيد لهجته ضد العدو الصهيوني، إلى أن كانت حرب تموز 2006، والتي دمرت فيها البنية التحتية اللبنانية بشكل شبه كامل، والتي ما يزال الشعب اللبناني يعاني من نتائجها حتى الآن، وقتل ما لايقل عن 1400 مدني لبناني، كما خسر حزب الله – حسب تقديراته – 250 قتيلاً، بينما تعطي المصادر الغربية رقم 500 قتيل، وخسرت إسرائيل حوالي 140 جندياً، علاوة على تضرر اقتصاد مستعمرات شمال الجليل خلال فترة الحرب، وقد انتهت هذه الحرب بصدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 والذي أنهى على ما يبدو حالة الحرب على هذه الجبهة، إذ نص صراحة على وجوب انسحاب رجال حزب الله شمال نهر الليطاني، ومرابطة خمسة عشر ألف جندي من قوات اليونيفيل على الحدود بين البلدين، ودخول الجيش اللبناني إلى الجنوب، (وهذا ما يفسر سحب حزب الله قواته من الجنوب باتجاه وسط سوريا دون أي خوف من إسرائيل)، وهكذا انضمت الجبهة اللبنانية إلى الجبهات المصرية والأردنية والسورية في كونها سواراً يحمي إسرائيل من أعدائها الحقيقيين: الفلسطينيون أصحاب القضية. وعليه، فقد كان بديهياً أن تكون نتيجة هذه الحرب إيذاناً بتفرغ حزب الله للعمل السياسي داخل الساحة اللبنانية، وهذا ما تم له. غير أن الغريب في الأمر أن حسن نصر الله، و بروالذي ذاع صيته كمقاتل شرس ضد إسرائيل، وكاستراتيجي على مستوى رفيع، يقول في مقابلة مع التلفزيون اللبناني وصحيفة "الحياة" اللندنية في سبتمبر 2006 إن "قيادة الحزب لم تتوقع ولو واحداً في المائة أن تؤدي العملية إلى حرب بهذه السعة وبهذا الحجم، لأنه وبتاريخ الحروب هذا لم يحصل. لو علمنا إن عملية الأسر ستقود إلى هذه النتيجة لما قمنا بها قطعاً"، فهل نستطيع اعتبار قوله هذا اعتذاراً من الشعب اللبناني على ما أصابه نتيجة تهور حزب الله في اتخاذ قرار غير محسوب العواقب؟، أم هو اعتذار من إسرائيل على الخسائر التي تكبدتها في هذه الحرب عن طريق الخطأ!، هذه الحرب التي يبدو الآن أنها كانت مسرحية محكمة الأداء، والتي كان من أهم نتائجها بروز اسم حسن نصر الله، كما برز من قبله أنور السادات كـ (بطل العبور) و (بطل الحرب والسلام) بعد مسرحية حرب أكتوبر، تمهيداً لتوقيعه كامب ديفيد وإنهاء حالة الصراع مع إسرائيل، وظهور اسم حافظ الأسد، الذي تراجع جيشه في حرب أكتوبر 73 ما لايقل عن عشرين كيلومتراً أمام الإسرائيليين، ثم أصبح لقبه (بطل تشرين)، والذي (دوخ نيكسون وكيسنجر) بعناده التفاوضي، بينما كان هو الذي انحنى حتى كادت جبهته تلامس الأرض عندما صافح نيكسون وكيسينجر عام 1974، اللذين زاراه لتهنئته بتوقيع اتفاق فصل القوات على جبهة الجولان.
هم مجموعة من الأبطال المزيفين، كما أسلفت، صنعتهم إسرائيل ولمّعتهم، ووضعتهم في مصاف أشد أعدائها، كي نتمسك بهم، ونضفي عليهم هالة من القداسة والعصمة والوطنية، والتي هم أبعد ما يكونون عنها، ثم نسير خلفهم دون وعي وتدبر. واليوم، يبدو حسن نصر الله واحداً من هؤلاء الذين قدمتهم لنا إسرائيل على أنهم من أشد أعدائها، لنكتشف أن قوات حزب الله (والذي أصبح يطلق عليه حزب اللات) أصبحت تقاتل السوريين الآن في كافة المدن السورية إلى جانب نظام مجرم هو خليفة لنظام مجرم قبله، صنعتهما إيران، وأصبغت عليهما إسرائيل صفة الأعداء اللدودين والأشداء المقاومين، فمنحتهما الجماهير بسذاجة عجيبة صك الوطنية والشرعية. وهكذا يبقى السؤال معلقاً يبحث عن إجابة شافية: هل هي عبقرية الإسرائيليين؟، أم هي سذاجة العرب؟.
22 ماي 2013



#وليد_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيناء، وعصمة الزعيم
- (ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)
- هل نحن مقبلون على كارثة أخلاقية؟
- يتلاعبون حتى في أحكام الله


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد الحلبي - هل هي عبقريتهم؟، أم هي سذاجتنا؟