أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد كناعنه - انها القدس .














المزيد.....

انها القدس .


محمد كناعنه

الحوار المتمدن-العدد: 4100 - 2013 / 5 / 22 - 12:35
المحور: القضية الفلسطينية
    


إنّها القُدس ..

في الخامس عشر من أيّار، ذكرى النَكبة، تنادى نُشطاء من مختلف فئات العمل الوطني في الداخل، صبايا وشباب لِنَصرَةِ القُدس في ذكرى أليمة في تاريخ الشعب الفلسطيني وقضيتهِ العادلة، وهي التي أصبحت رمزاً للنضال العالمي ضد الاستعمار والاحتلال والامبريالية، وغَدت خارطةُ فلسطين والعلم الوطني والكوفية رمزاً من رموز هذا النضال. وهذا تأتى بفعلِ بسالةِ هذا الشعب وصمودهِ وإصرارهِ على الحياة بحريّة وكرامة، وبفعلِ عَظمةِ التضحيات التي يُقدّمها أبناءُ فلسطين، نساء ورجال، شيوخ وأطفال على مذبح الحريّة.
القدس، مدينةُ السلام وما عَرَفت طعم السلام منذُ قرون، زهرة المدائن رحيقُها على أَسنَّةِ الرماح وفي فوَّهات بنادق المُحتلين وعلى صهوةِ الرياح تجوبُ عواصم الدنيا ومطامع الطامعين، مدينة الرسالات مسلوبةٌ رسالتُها، مسجدٌ وكنيسةٌ ومسرى الانبياء وتاريخٌ على كاهلها يئنُّ تحتَ وطأة عَبقِ مَن مَرّوا من بواباتها، ومَن رَووى بدمائهم طريقَ العودةِ إليها، في حَضرتها الذاكرةُ لا تنسى ولا تُنسى، يبوسُ العُروبة، كنعانيةُ الأسماء والأشياء،وعُهدتها العُمرّية، صليبٌ وهلالٌ في وَجه الصليبيين، عيسى العوام وصلاح الدين ودربُ الآلام يَشَهدُ على أنَّها رَغم أَنّاتُ الموت وزغاريدُ الغُزاة ما رَحلَت.
القُدس لا تَرحل، كلّ الغزاة رَحلوا، لم يبقى في تاريخ الشرق حاكم أو غازٍ من الغُزاة إلاّ ونازَلَ هذه المدينة العريقة، بِعراقتِها جذبت إليها الغُزاة، صارعتهُم، هدموها وعادت لتزدَهر، ثمانية عَشر خراب مَرَّ على جَسد يبوس العرب، لملمت جراحها ثمانية عشر مرّة عَبرَ التاريخ، نعم إنّها القُدس، تنام على حدّ السيفِ ولا ترحل.
قبل الميلاد بأكثر من ثلاثة آلاف عام جاءَ البلاد قبائل العرب الكنعانيين واليبوسيين من شبه الجزيرة العربية، وبُنيت القدس لأول مرّة على أيدي اليبوسيين، وسُمّيت يَبوس، وإزدهرت هذه المدينة وغَدَت مركزاً لمنطقة فلسطين، هذا البلد الذي سَكَنَهُ العرب من القبائل الكنعانية وأحفادهم الفلسطينيون وعلى مرِّ قرون لم يكُن ذكر لليهود في تاريخ وحضارةِ وتُراث فلسطين، إذ أقامَ العماليق، وهم من القبائل العربية، في جنوب البلاد وسكنوا في غزة وبئر السبع والخليل، وسكن الكنعانيون مُدن الساحل ونابلس وبيسان وصفد. وهكذا تحوّلت القدس عاصمة للازدهار وربطت بينَ شمال وجنوب البلاد، كانت وما زالت القلب النابض للوطن العربي، والذي عَرفَ الغَزو والفتح كما القُدس وفلسطين، لتتحوّل وعاصمتها إلى محط طَمع وجشع الاستعمار الجديد لتكون قاعدة للسيطرة على المنطقة برُمّتها من المحيط إلى الخليج وهكذا تحوّلت مدينةُ السلام إلى بؤرة للاستيطان الجديد والنهب والنبش في التاريخ والحضارة والتراث.
إلى فلسطين جاءَ اليهود بَعد خروج مصر عام 1230-1240 قبل الميلاد، ولا أنوي البحث هُنا في تفاصيل الرواية الدينية، والتي تُؤكد وجود العرب قبل اليهود في فلسطين بآلاف السنين، ولكنّ دخولهم إلى هُنا كانَ حَرباً، وحينَ خَسروا حَربَهُم فيما بَعد مع نبوخذنصّر لم يجدوا من يُجيرهُم غيرَ العَرب في شبه الجزيرة العربية، وعندما خرّبَ الرومان مدينة القُدس، وعزا إبن خلدون ذلك إلى فساد اليهود وفتنتهم في المدينة وهذه المرّة كانت المنطقة العربية حاضنة لليهود الذينَ نجوا من قائد جيش الرومان "تيطس" والذي أخمدَ تمردهم في القدس ودمّرها تدميراً كاملاً، وللتذكير فقط، عندما سقطت الأندلس وخَسرَ العَرب آخر قلاعهم هُناك، لجأ اليهود إلى شمال أفريقيا العربي وعاشوا عصراً ذهبياً في دولة المسلمين وفي حُضن العروبة ونجوا من مجازر أوروبا
إنّها القُدس، تذهبُ بكَ بعيداً في أعماق التاريخ، تُسافرُ في ذاكرة الأجيال من دون أن تنتبهَ أنكَ على موعدٍ مع عَصى شرطيٍ أو جنديٍ من مُخلّفات الرومان ما زالَ على بوابات المدينة يحرقُ البَسمة على وجوهِ أطفالها ويسلبُ الناس فَرحهم والمآذنُ حزينة وأصوات الكنائس تُنذرُ المسجدَ من أوباش الرذيلة.
في أزقتها تجوّل أبطال العودة، في ذكرى النكبة، صبايا وشباب إلى باحات الأقصى هَبّوا، إلى شارع صلاح الدين تنادوا وعلى مُدرّج باب العامود أنشدوا للحريّة , للعودة للقدس لفلسطين للأسرى للاجئين لغزة ، للثورة غَنّوا، للكفاح للوحدة، وللحياة كانَ نصيبُ الأسد في جُهد جموع مَن تجمهروا من كلّ أنحاء الوطن القادر أن يحضُرَ إلى عاصمة الوطن, وعلى أنغام هذه الموسيقى هرولَ جُندُ الاحتلال وأوباش شرطتهِ ووحداته الخاصة، أزعجهم مَشهدُ الحياة باب العامود فصَبّوا حقدهم في الأجواء، إنَّهم أحفاد نيرون يريدون أن يحرقوا المدينة، كرٌ وفرٌ، شبان صغار يَصُدونَ عَنهُم هُراوات الحقد، جُندي يهرُب, طفلٌ يُلاحقَهُ، جيبٌ عسكري يَتَحرّش بنا , إمرأة فلسطينية تزرع العَلم الفلسطيني على سيارة العسكر، زُعران الوحدات الخاصة يعتدون بالضرب المُتعمَّد ومع سبق الاصرار على صَبايا الحريّة بالركل بينَ الفَخدين، تراهُنَّ يتألمنَ ويرفُضنَ أن يُغادرنَ باب العامود ، هُم من سيرحل. أما نحنُ فباقون والمدينة.
في وسط هذا الزحام، صُراخ في كل مكان نشيدٌ لم يتوقف رغم صوت القنابل وعصي الجُبناء، إبنتي تحملُ رأسها المضروب هُراوة وتبتسم والأخرى ترفع العَلم دون وجل، وقالت لي : "يجب أن نعود إلى هُنا، غصباً عنهُم سنعود " رجالٌ يترقبونَ المشهد، نبتسم والأطفال يعاودونَ الكرّة في مطاردة الجند،
وأبو علي شيخة يردد : انها القدس .

محمد كناعنه (أبو اسعد )
اسير محرر وأمين عام حركة ابناء البلد سابقا



#محمد_كناعنه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد كناعنه - انها القدس .