كلكامش نبيل
الحوار المتمدن-العدد: 4099 - 2013 / 5 / 21 - 09:05
المحور:
الادب والفن
رسالة الأرض
كان صباحا عاديّا،
ككل صباحات بلادي الحزينة،
أوقظني من نومِيَ القلق
صوت إنفجار،
وربّما صرخات ضحاياه المكتومة،
وصداها الذي لم يتمكّن من تبديد
صمت الإنسانيّة المميت
كان صباحا عاديّا،
بسماء رماديّة يخنقها الدخّان
الآتي من بعيد،
رافضا التلاشي،
مصرّا على حجب نور الشمس
عن عشب حديقتي الصامت،
المختنق برائحة الموت
كان جدارا واطئا،
يفصل الحديقة عن الشارع،
ولكنّه لم يتمكّن من صدّ الألم
الآتي من بعيد،
كان العشب نديّا رغم الحر،
يتلألأ في حزن
بقطرات ندى كالدموع
إقتربت من الأرض،
محاولا الحديث إليها،
لكنّها أبت،
غير أنّ ذلك السكون
أفصح عن مدى الغضب الكامن،
بركان يثور في صمت،
وهي تشعر بالغثيان،
بحاجة إلى التقيّؤ،
فقد سئمت شرب دماء أبناءها،
لكنّ حبّها لنا منعها من ذلك
خشية أن تلوّث مياهنا
فنموت عطشا.
لقد سمعتُ في صمتها
رفضا لكؤوس الدم التي نرغمها
على إحتساءها كالزعاف
كل حين،
وإستنكارا لنكراننا عطاياها،
كأبناء جاحدين،
أعماهم الحمق فتصارعوا
على اللاشيء،
وماتوا من أجل اللاشيء،
وتسبّبوا في مرض أمّهم وحزنها،
من أجل ذلك اللاشيء نفسه
كان صباحا عاديّا،
وذلك هو المحزن في الأمر:
أن نعتاد صباحات الموت،
ورائحته الثقيلة ولونه القاتم
بدل أن نفيق ونقف في وجهه
قبل أن نصبح، نحن أيضا
جزءا منه،
في إحدى تلك الصباحات
العاديّة.
كلكامش نبيل
20-5-2013
#كلكامش_نبيل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟