أنا مش إخوان

سيد عبدالخالق الجندى

الحوار المتمدن-العدد: 4092 - 2013 / 5 / 14 - 20:05
المحور: كتابات ساخرة
    

خلال استكشافى لبعض الأماكن الشعبية، لمعرفة مدى ارتباطهم بالنظام - المرساوى- وجدت شعارات ومبررات خارجة عن حدود الفكر ونطاق العقل .
فى بداية الطريق دخلت إلى مقهى بسيط يجتمع فيه الكبار من أصحاب المعاشات، وبعد محاولات لإثارة الحديث أنقذنى أحد برامج "التوك شو" وإذ به يذيع أنباء عن حملة – تمرد- التى أنطلقت لسحب الثقة من مندوب مكتب الإرشاد فى قصر الرئاسة، وأرتفعت معارضات االمتواجدين، أحدهم رافض لتدخل المعارضة فى أمور البلاد قائلا:
- هى العيال دى عاوزة أيه ؟؟ مش كفاية اللى عملوه فى البلد؟
ويرد الثانى مؤيداً ومستخدما الأسلوب "العكاشى" فى التحليل السياسى :
- مش امريكا دفعت لهم بالدولار وجابتلهم بنات يهود فى الميدان ..الله يرحم أيامك يا مبارك مكنش حد يقدر يفتح بوقه ..!!
ولم يجد الثائر القهوجى مسكناً لعدم الحديث فأنطلق هو الأخر بوابل من التحليلات والانتقادات :
- العيال دى واخده فلوس من الفلول ياجدعان .. أنا بنفسى شايف - جمعه الضبع – بتاع الحزب الوطنى وهو بيجيب للعيال دى ورق ابيض عشان يلموا التوقيعات .. لا وكمان ادى لكل واحد فيهم سجارة اجنبي .. يبقوا تبعهم وربنا..!!
استمع لتلك "الخزعبلات" وأنا أحترق بنيران الثورة التى ضاع فيها أعز ما أنجبت مصر، وأهدرت دمائهم فى مؤامرة دنبيئة مخزية، هدفها إحباط مجد قد تحققه الثورة ومنها تنطلق مصر للريادة، الشبح الذى يطاردهم منذ ثورة يوليو وعهد الراحل – جمال عبدالناصر- .
اقتربت من مجموعة "الفتايين" وفى عينى نظرات التحدى – يا افهمكم يا انتحر – خاصة وإن أمثالهم خطراً على فكر مجتمع بسيط محدود الثقافة كمثل هذه المنطقة الشعبية .. تدخلت فى الحديث بهدوء :
- طيب الحل ايه؟ يعنى نستنى الأربع سنين يا جماعه؟؟
فرد أحدهم وكأنه المواطن – الفطن- ناظراً إلى بمكر ودهاء :
- وهما الاخوان هيمشوا فى اربع سنين؟؟
أما الأخر فكان له رأى – محنك- لم أسمعه من قبل :
- روحوا طلعوا مبارك .. هو الوحيد اللى يقدر يلمهم فى السجون من تانى .. بدل مانتوا مش عاجبكم حد ولا كبير – وكأنه قد رأى فى عينى نظرات الشاب الثوري التى كرهها - وبعدين يعنى شوية الورق دول اللى هيسقطوا النظام؟ مافيش فايدة العيال ضيعوا البلد وسلموها للاخوان ..!!
وجدت نفسى داخل قفص الإتهام ممثلاً لجيلي من الشباب فقلت:
- يا مصريين .. من امتى الشباب بيخربوا فى البلد؟؟ هو فى حد اتظلم فى حياته قد الشباب؟ مين اتخرج لقى القهوة مستنياه؟ مين عايز يتجوز مش لاقى أوضه تلمه ؟ مين محتاج يكون انسان ليه حقوق وواجبات؟ .. اللى اتظلم من الفساد هو الشباب اكتر من الكبار .. على الأقل الاجيال اللى قبلنا شافوا خير يحكوا عنه .. احنا ماشوفناش غير سواد في سواد .. يبقى ازاى هنضيع بلد؟ واللى بيقول شوية ورق لازم يعرف ان النظام وقع بشوية ورق زيهم قبل 25 يناير ..!!
وجدت الحرج يبدو على وجوههم وكأنى قد فاجأتهم بوابل من المياه – فى عز امشير – وبدأ الجمع فى الرحيل واحد تلو الآخر ، فقال معالى الثائر القهوجى :
- تصدق يا استاذ انت عندك حق .. الناس دى مش فاهمه حاجة وعمالين يتكلموا وخلاص.
ابتسمت وكأنى اقتنصت الفرصة للحديث مع هذه الشخصية العجيبة، التى تمارس التلون كممارسة الرذيلة فى شقة مشبوهة، وهنا قلت له بسخرية :
- انت سايبهم ليه وساكت ؟؟ مش كنت تقولهم حاجة طيب؟

أجاب :
- ماهو اديك شايف .. كلامهم كتير والواحد مش هيخلص .. بس انا بقولهم انهم مش فاهمين حاجة.
فكان علي المواجهة فقد بدأ التلون :
- لما انت عارف ان الكلام غلط ليه قولت ان الشباب قابضين من الحزب الوطنى ومن مبارك ومن المخابرات الاسرائيلية.. انت شوفت الكلام دا بنفسك طيب؟؟
الارتباك يسيطر على نفسه، وكأنه قد – تبول – لا إرادياً :
- اه شوفتهم .. امال ايه ؟ انا هكدب يعنى ؟ .. حتى خميس اللبان شافهم .. وام احمد بتاعت البطاطس كمان .
الرد على مثل هذه الخرافات لابد أن يكون حاسماً فمثله بإمكانه أن يشوه ثورة بأكملها لذا قلت:
- وهو فى حد بيمول ويدفع فلوس للخراب او اسقاط نظام يقف قدام الناس فى الشارع كدا عينى عينك؟؟ قول كلام غير ده .. تلاقيك بس شوفتهم واقفين بيحاولوا يمضوه على الاستمارة مش اكتر ..!!
أرتعش رأسه وكأنه يبحث عن مخرج وفجأة :
- على فكرة انا مش اخوان .. ومابحبهمش .. بس بقول اللى انا شوفته.
أبتسمت بداخلى وهمست لنفسى "ياراجل حمد الله على السلامه" ثم قلت له:
- فعلا مادمت مش اخوان بس بتحترمهم .. يبقى انت كلامك صحيح .. انت زى الفل خليك كدا على موقفك وأوعى تكون مع تيار ضد اخر .. خليك مصرى ..
وقفت للخرج من المكان فطلبت منه معرفة حسابى للمغادرة، وكان يحدثنى فى حرج وعيناه تنظر إلى الأرض:
- خمسه جنيه يا باشا
أعطيته المبلغ المطلوب وقبل أن أخرج من المقهى دخل أحد الأشخاص إليه ليخبره بأن معرض السلع المدعمة للإخوان غداً وعليه ان يطلب من صاحب المقهى استضافة – أهل الدين - لخدمة – أهل الحي- ولم تكن الخدمة بدون مقابل، فقد أتفق مع القهوجى على مبلغ من المال يمنحه له نظير هذا العمل .. وانقطع المشهد الذى اتابعه من بعيد بأتصال هاتفي من أحد الاصدقاء فأجبت:
- ألو .. ايوه يافندم مكتب الموساد؟ ايوه معاك .. بكرة فى التحرير . الساعه 12 الظهر هنصلى ونطلع على الاتحادية .
وهنا وجدت القهوجى – الفصيح- وصاحبه ينظرون إلى فى تفحص، فأبتسمت وغادرت المكان ..

#سيد_عبدالخالق_الجندى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات