أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير عادل - بين هولوكوست والأدب














المزيد.....

بين هولوكوست والأدب


سمير عادل

الحوار المتمدن-العدد: 1 - 2001 / 12 / 9 - 02:09
المحور: الادب والفن
    



ليس مهما كم كان عدد ضحايا اليهود في محرقة هولوكوست "المحرقة النازية"، وليس مهما أيضا إن كان العدد قليلا أو كثيرا. ولكن المهم هو إن هناك مجزرة ارتكبت ضد الإنسانية من قبل النازيين وهذا ما يجب أن نتوقف عنده !
وليس من باب المصادفة أن يقلل خامنئي مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران من حجم الضحايا في مجزرة هولوكوست في خطاب ألقاه في مؤتمر الانتفاضة الدولي الذي نظم في طهران في الوقت الذي نظم "اتحاد الكتاب الأردنيين" ندوة تحت عنوان"المحرقة النازية ومراجعة التاريخ" حيث قالت إحدى الكاتبات وهي حياة عطية "بأن هولوكوست خدعة كبيرة" وعلى نفس النسق ستعقد ندوة مماثلة في القاهرة ترعاها إحدى المؤسسات الإعلامية .و كان من المفترض أن تنظم ندوة مماثلة في بيروت إلا إن تدخل محمود درويش وأدونيس وإدوارد سعيد حال دون انعقادها .
وبالرغم من جميع الأمنيات والأحلام حول السلام والتطبيع والمحاولة في طوي صفحات الحقد والكراهية والدم طوال عقود من الزمن، التي حملتها اتفاقيتي مدريد وأوسلو إلا إنها أصبحت في مهب الريح مع إصرار الدولة العنصرية الإسرائيلية في استمرار وجودها القائم على الظلم القومي على الشعب الفلسطيني .
ولكن وطوال سنوات الصراع العربي- الإسرائيلي لم تستخدم هولوكوست كورقة دعائية وتحريضية من قبل القوميين العرب ولا من غريمهم الإسلاميين الذين نصبوا أنفسهم أوصياء وورثة القضية الفلسطينية .ومن المعروف كان إنكار هولوكوست "جوكر" كما أشار الكاتب (بيار أبى صعب) الحركات العنصرية المعادية لليهود وهي نفس الحركات التي كانت ومازالت تحارب المهاجرين واللاجئين من جميع الأقوام في أوربا ،وكان للعرب نصيب اكبر في تذوق مرارة ولا إنسانية تلك الحركات .
أما اليوم وفي خضم الصراع الدائر بين شعب اعزل يتاجر بقضيته حتى اكبر السفاحين في العالم يحاول إن يجيره لمصالحه وبين اعتى الجيوش في المنطقة مدججا بالحقد والكراهية التاريخية للحكومات النازية لإسرائيل وأسلحة متطورة وفتاكة تكاد لا تضاهي وحشية تلك الأحقاد، تدخل محرقة هولوكوست ولأول مرة لا لإثبات عدالة قضية الشعب الفلسطيني التي هي بعيدة كل البعد عن كل أشكال العنصرية والتمييز بل للتنافس على حلبة الصراع العنصري مع دولة إسرائيل.
والطامة الكبرى في الصراعات القومية هي إن جميع الأشياء الجميلة يضفي عليها طابع ذلك الصراع والأدهى من ذلك فأن المتنافسين في هذا الصراع لا يفسحون المجال حتى لزهرة بريئة نبتت بالصدفة في جهة ما من المتنافسين إلا وان ينفثوا عليها رياح العنصرية .
فعندما تتحول لغة ما من وسيلة للتفاهم بين البشر إلى أداة اتهام بالعنصرية لان مجموعة ما تشتهر بالأجرام وسفك الدماء تتكلم تلك اللغة وعندما ينتزع الأدب من مكانته الإنسانية ومكانته كإحدى الأدوات في تغيير المجتمع إلى وسيلة استعلائية ،فعلى البشرية التي ناضلت طوال تاريخها ضد الإجحاف بحق إنسانيتها ليس فقط أن لا تقف مكتوفة الأيدي بل وعليها أن تسحب البساط وتفضح إنسانية أولئك الأدباء المغلفة بألواح عنصرية .
إن الندوة المذكورة التي نظمت من قبل اتحاد الكتاب وأقوال عدد من الكتاب مثل إدوارد خراطة ويوسف القعيد وغيرهم التي نشرتها مجلة الوسط حول ممانعة ترجمة أعمالهم إلى اللغة العبرية وتحريض الرأي العام ضد الكتاب الذين يحاولون أن يترجموا أعمالهم إلى تلك اللغة هو تغيير مسار الأدب وطمسه بمستنقع العنصرية .
صحيح إن النتاج الأدبي هو من صنع الأشخاص لكن هذا لا يسمح لهم في فرض أية سلطة معنوية وأخلاقية في احتكارها وحجبها عن الإنسانية تحت ذرائع محاربة العدو الصهيوني والتطبيع وغيرها .أي بمعنى آخر أن الأدب كان وسيكون ملك للإنسانية وليس لاحد سلطان عليها حتى أولئك الذين يساهمون في إنتاجها.
أما الجانب الآخر للقضية هو إن هؤلاء الأدباء ينظرون إلى المجتمع الإسرائيلي بمنظار واحد ولا يكتفون بهذا الحد بل يحاولون أن يفرضوا تصورهم على المجتمع العربي برمته وهو نفس حالة الإسلاميين في "تكفير المجتمع" لكن تحت عنوان آخر وهو " جريمة التطبيع مع إسرائيل،"وبالرغم من إن مقولة التطبيع هي من إنتاج الحكومات العربية التي كانت يوما ما تعتاش على عدائها لإسرائيل أما اليوم فهي متورطة في الاستمرار في التطبيع مع إسرائيل لتحقيق مكاسب اقتصادية معها أو أن توقف تلك العملية بسبب ضغط الشارع عليها . إلا إن هؤلاء "الأدباء الثوريين" لم يستطيعوا حتى أن يدينوا عملية تطبيع بعض الحكومات العربية لعلاقتها مع إسرائيل ولم نسمع بأنها اتخذت قرار مثل قرار اتحاد الكتاب في مصر في طرد علي سالم من عضويته لان له علاقات مع أدباء إسرائيليين أو في تهديد نجيب محفوظ وآخرين إذا لم يوقفوا عملية "التطبيع" كما يزعمون !
ويبقى الإنسان الإسرائيلي البسيط مجرم في نظر هؤلاء الأدباء مثلما الإنسان العراقي مجرم في نظر الساسة الأمريكيين ومثلما الإنسان العربي مجرم في نظر حزب العمل والليكود وحاخامات إسرائيل.
وتبقى مسالة أخيرة يستوجب أن نقولها وهي أن الأدب نوعان في أي مجتمع كان مثل الأخلاق والأيدلوجية والفلسفة والقانون وعلم السياسة ،هناك أدب أنساني يطرح هموم ومشكلات الإنسان ويكون أداة بيد المحرومين والمسحوقين في المجتمع لتغيير أوضاعهم وأدب لا يتجاوز تطلعات الأغنياء والأثرياء في المجتمع الذي يكون سندا في تثبيت سلطتهم السياسية. وأني لاشك أن من يطرح النوع الأول من الأدب أن يكون عنصريا ويدرك بالتالي أن إنهاء الظلم القومي للشعب الفلسطيني لا ينهيه إلا بنضاله العنيد ومساندة مناصريه في المجتمع الإسرائيلي.





#سمير_عادل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنطق الوحشي والنفاق السياسي
- الاستهتار بحقوق الإنسان من المنظور الأمريكي
- مقولة الإلحاد في مفهوم السلطة والمعارضة
- مفارقات عنصرية
- ماذا حدث في مؤتمر دربان ؟


المزيد.....




- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير عادل - بين هولوكوست والأدب