أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سهى بطرس قوجا - تأملات في الإنسان














المزيد.....

تأملات في الإنسان


سهى بطرس قوجا

الحوار المتمدن-العدد: 4077 - 2013 / 4 / 29 - 08:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لنتأمل قليلا في تلك الشجرة الشامخة على الأرض، أغصانها ترتفع بما يسكنها من ثمار أو زهر وأوراق في فضاء الحياة، وجذورها تمدها في باطن الأرض مُتمسكة فيها بكل قوتها. تعيش فصول الحياة الأربعة، تتحمل برد الشتاء القارص والمطر الهابط والثلج النازل بثقلهِ على أغصانها فتعيش محنتهِ بقسوة وتتحمل، ثم يأتيها الربيع بما يحملهُ من جمال خلاب ليعيد الحياة إليها وينعشها من جديد لتجدد وتُعطي وتهب ما لديها من خيرات، بعد الربيع أنهُ الصيف وشمسهِ الحارة والعطش والذبول النسبي تحضيرًا للخريف القادم أخيرًا، فيُجردها من أوراقها ورقةٍ ورقة ذاهبة في مهب الريح، ويُعيشها ما بين الحرّ والبردّ وما بين الصمود والتحدي وما بين الرحيل والبقاء!
ولحين ذلك وما بين هذه جميعها مُجتمعةٍ، قد يسكنها الطير ويعشش فيها وقد يزورها الغراب ليحل على غصنها، وقد يؤلمها نقار الخشب بمنقارهِ بنقرهِ المُتواصل عليها، أو تصبح طعامًا للدود الزاحف إليها رويدًا رويدا، وربما الإنسان نفسهُ يمد يده عليها بفأسهِ ليرميها أرضًا، مُنهيًا بفعلتهِ دورة حياة الحياة ذاتها، وتنتهي الحياة وتقطع الأنفاس!
الإنسان كتلك الشجرة أيضًا يعيش فصول الحياة بكل عواصفها وزوابعها المحملة على اختلافها، وبقوة إرادتهِ وتصميمهِ قادر على أن يثبت نفسهُ ووجوده بكل قوة وجدارة ويتخطاها إلى ما هو باقي من الموجود، وأيضا قادر على أن يتجاوزها من داخلهِ لكي لا تبقى وتأخذ مكانها وتحتلهُ وتستوطنهُ كما يحتل العدو والغريب الأوطان!
سنقوم برحلة وجولة لمدة زمنية قصيرة إلى داخل الإنسان لنجول فيهِ ونعرف ونتعرف ونتأمل في كل ما يجول في مكنوناتهِ وأعماقهِ، أنها رحلة صغيرة بدقائق معدودة نبدأها من القلب وما يتولد فيهِ وما يخرج منهُ، ثم نزور العقل لنستكشف كيف يفكر ويعطي الإيعاز لكل ما مكنون ومضمور في أوراق الإنسان للحياة وللآخر.
هذا الكيان الحيّ يتدفق الدم في شرايينهِ وأوردتهِ، واصلاً إلى جميع مناطق جسدهِ وهو مُحمل بالكثير من المعاني الثمينة عن النفس وعن الآخر من:" الاحترام، الحبّ، المشاعر، الأحاسيس، الألم، الحزن، البسمة، الشجون، كلمات جميلة، السعادة، الصمت، الشفافية، الحنين، النقاء، الضيق .... وغيرها الكثير مما يجول في الخاطر، قد تستأنس النفس لها أو ترفضها حسب ما يلائمها ويناسبها وأحيانًا ما يفرض عليها، فهي مرات لا تكون حرة أمام إرادتها! فالحياة إذن تكون بما تحملهُ والإنسان بما يتلقاه ويمارسهُ على نفسهِ وعلى غيره من فنون كثيرة وتحمل من الألوان والأدوار الأكثر.
وحينما نتأمل في الإنسان هذا الكائن المُميز والمُختلف عن باقي الخلائق والمميز بعقلهِ عنهم، نجدهُ حينما يغيب عقلهُ عن المنطق والإرشاد وعن الحضور الحاضر يُوعزّ لنفسهِ للقيام بالكثير من الأمور المُخالفة لطبيعتهِ كإنسان إنساني! يكون مسلوب الإرادة، هو من يسلبها حينما يسخر ذاتهُ إلى كل ما هو ضد النفس.
أنها عبثية الإنسان ومشكلة زمانهِ الحاضر التي غابّ فيها المعنى والجوهر، مما يدفعهُ بما يحملهُ في قلبهِ من شعور وما يختزنهُ عقلهِ من نظرة مُغايرة لواقعهِ لا يستسيغها بسبب واقع عاشه أو غيره ذاقهُ أثر في نفسيتهِ في الحالتين وغير من ملامح الحياة والإنسان في عينيهِ! دافعًا به بعد حين إلى التصادم والركون عند المشكلة التي تكون كتلك العاصفة الشتوية الباردة الهابة، تُبرد كيانهِ وتجعلهُ يجد صعوبة في التوافق الداخلي النفسي والحياتي مُستقبلاً! يفكر بما يسكنهُ وينظر لواقعهِ فيحتار ويتردد، وما يكون من العقل سوى إلقاء ظلالهِ بقوة على كل ما يُخالج القلب ويلمسُّ الشعور.
كثير من الأمور والأشياء يرغبها القلب ولكن العقل يرفضها، والكثير الآخر يسكن القلب والعقل يغلق الأبواب عليها! وهناك الأكثر مما يختزن في العقل ويضمر في القلب واللسان يترجمهُ بكلمات وجمل قد تسعد أو تحزن أو تعيش في الأيام كما تعيش الثواني والدقائق في الساعات. أو ربما قد يحدث العكس بنسبةٍ والقلب هو الذي يرفض ويتمردّ!
التأمل في هذا الكيان العظيم لا ينتهي، هذا الكيان الذي يحمل بين جنباتهِ: الذكر والأنثى، الأسود والأبيض، الخير والشر، الفكر والشعور، الحياة والموت، الضحك والبكاء، الزهر والأشواك، الحروف والأرقام، الشهيق والزفير، الحقيقة والخيال، الظاهر والمكنون، النور والظلام، الدفء والبرد، القصة والرواية، وأخيرًا وليس آخرًا الوطن والغربة! وتبقى نفوس تحيا في دنيا الحياة.



#سهى_بطرس_قوجا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاسترقاق أو العبودية المعاصرة
- التحرر في العقل
- ناقوس الذكرى
- الحاضر المغزول بخيوط الماضي
- وكم من طيبات قبعنْ مثلها
- الشهادة العلمية: هل هي نقطة في ديمومة الحياة؟


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يُعلن استهداف دبابات في الريف الغربي للسويد ...
- مصر: تسجيل صوتي منسوب لوزير النقل ينتقد فيه -هشاشة البنية ال ...
- دولة جديدة تلوح في الأفق، ماذا نعرف عن استقلال كاليدونيا الج ...
- نتنياهو يرفض خطة إقامة -مدينة إنسانية- جنوبي غزة ويتّهم حماس ...
- بين الذاكرة والمخاوف: -لبنان الكبير- والتحديات القادمة من -ب ...
- الأنظار تتجه إلى بروكسل.. اجتماع دولي يضم وزيري خارجية فلسطي ...
- حدثان أمنيان في غزة ووسائل إعلام إسرائيلية: العثور على جثة ج ...
- فرنسا: إلقاء القبض على سجين فر من سجن بضواحي ليون داخل حقيبة ...
- إعلام إسرائيلي: نتنياهو أطال الحرب لدوافع حزبية
- تردي الوضع الصحي لحسام أبو صفية في سجون الاحتلال


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سهى بطرس قوجا - تأملات في الإنسان