أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أسامة لتيم - ماذا بعد القتل والجلد ؟














المزيد.....

ماذا بعد القتل والجلد ؟


أسامة لتيم

الحوار المتمدن-العدد: 4075 - 2013 / 4 / 27 - 10:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ماذا بعد الجلد والقتل ؟

صدمة تلوى الأخرى، وضعت بعض القطن في أذني وتظاهرت أنني لم أقرأ شيئا عن مجلسنا "العلمي" هذه الأيام، وساعدني كثيرا إيماني الراسخ منذ البلوغ أن لا علمية لهذا المجلس ولا لشيوخه الأشاوس، اللهم إذا تعلق الأمر بعلم يجعلك تفرق بمجرد النظر بين دم "الحيض" و دم "النفاس" أو دم "المرتد" المهدور دمه، إلا أن خبرا عن شاب مصري غرر به قرينه ليجالسه جلسة خمرية، لينتهي به الأمر مجلودا ثمانين جلدة بأمر من وكيل النيابة العامة، أقنعني أن الخطر أضحى أقرب من أن نظل صامتين متجاهلين.
إن ما وقع قبل أيام بالمغرب وما يقع اليوم بمصر لا يمكن إلا أن يكون إنذارا للعالم العربي بأسره من حالة الفوضى الذي يمكن أن تجتاح المجتمعات العربية جراء الوهم القاتل الذي يصور للبعض أنفسهم على أنهم مالكو الحقيقة بشكل حصري لا يقبل النقاش، وهو ما يبرر بالنسبة لهم الخروج عن كل القواعد التي تنظم الدولة وتحفظ للأفراد أمنهم وسلامتهم.
فدون الحديث عن صحة القرار "الشخصي" لوكيل النيابة العامة بمصر في جوهره من منظور جل الأنظمة الفكرية التي تتصارع فيما بينها لإثبات انضباطها للمنطق، يمكن القول أن ما وقع يتعدى كونه قرارا خاطئا من المنظور القانوني ليشكل جريمة يرتكبها واحد ممن يفترض بهم السهر على محاربتها، ليعيدنا إلى عصور عانى فيها الإنسان من حرية القضاء المطلقة في تكييف التهم وإصدار الأحكام من منطلق الأهواء الشخصية للقاضي، ما أدى إلى ظهور عدة مدارس فقهية في القانون الجنائي على مر الأزمنة وفي مختلف الدول، قبل أن تستقر المدارس الحديثة على تقييد القضاء بعدة طرق، يظل أبرزها تحديد طبيعة العقوبة المقابل لكل فعل مخالف للقوانين وكذا حديها الأقصى والأدنى بشكل قبلي من طرف المؤسسات التشريعية التي يتمحور وجودها خصيصا حول القيام بمهمة إصدار القوانين، هذه الأخيرة التي لا يمكن للقاضي تجاهلها مهما كانت مرجعياته الفكرية والعقائدية وبغض النظر عن أصل أو سلطة وقوة المتهم، وإلا سنكون بصدد حالة من الفوضى العارمة التي يمكن معها لكل من أسندت إليه مهمة السهر على احترام وتطبيق القانون والسير العادي للمؤسسات والأفراد داخل المجتمع، أول و أكبر تهديد من شأنه أن يقوض النظام الاجتماعي.
لقد آن الأوان للحسم بشكل جدي في طبيعة العلاقة بين المعتقد الديني ومختلف أشكال السلطة في أنظمتنا السياسية بما لا يدع مجالا للشك أو الالتباس، فالقول أن الشريعة هي مصدر من مصادر القانون الوضعي هو أمر واقعي من حيث أن هذا الأخير يستلهم سياقه على هدي التوجهات العامة للشريعة الإسلامية ويحاول أن يضفي عليها صيغة الإلزامية عبر ترجمتها إلى نصوص قانونية-بتصرف طبعا-مقرونة بالجزاء الذي يتعرض له مخالفها، إلا أن محاولة تنزيل مختلق النصوص الدينية مهما كان مصدرها قرآنيا أو غيره محل القانون بشكل مباشر يظل شيئا مستحيل تطبيقه لاعتبارات عدة.
مرد ذلك أن مصادر القانون الوضعي على تعددها تظل مصادر واضحة من جهة ومتجددة باستمرار لتتماشى مع ما يتطلبه تطور المجتمعات وبالتالي تطور التشريع بها، وبالتالي فإن ما يجعل مختلف النظم القانونية قريبة في أغلب الأحيان من منطق الأمور، هو كونها نسبية في الزمان والمكان ،حيث يحرص واضعوها على أن تقوم على أسس مرتبطة بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مرحلة محدودة زمنيا، فما تلبث أن تعرف الدول متغيرات مؤثرة فيما يتعلق بهذه الأوضاع حتى تنعكس على السياسات التشريعية بها إيجابا أو سلبا بما يضمن تدبير الأزمات أو النهضات على حد سواء بشكل عقلاني مؤسس على معطيات وحقائق آنية.
على النقيض من ذلك فإن الشرائع الدينية على اختلافها وعلى مر القرون لم تجد مصادرا موثوقة متعارف بشأنها، حيث أن أغلب القواعد الناظمة للسلوك الإنساني داخل المجتمع في الأديان هي نتاج اجتهادات وتأويلات فقهية عفا عنها منطق الأمور نظرا لأنها ارتبطت بمتغيرات لم تكن لتصمد قرونا وقرون، وهو ما جعل الصراع المحتدم ينتج مذاهب متعددة داخل المنهج الواحد، لدى يستحيل العثور على نسخة واحدة متوحدة من النظام التشريعي في أي دين من الأديان.
من جهة أخرى فإن أغلب الكتب والوثائق الدينية التي جمعت أكبر عدد من المجمعين على صحتها ذهبت إلى رسم خارطة لما يجب على المرء فعله أو تركه، و خولت سلطة الجزاء التي تقوم عليها شرعية القاعدة القانونية إلى الإله، قبل أن تعود الاجتهادات على اختلاف مشاربها و اقتتالها فيما بينها لتنتزع هذه السلطة من يد الله وترمي بها في يد ولي الأمر، وهو ما جعل مختلف هذه القواعد إما غير مستندة إلى مصدر بين، وإما في أغلب الأحيان متنازع في صحتها داخل الفرقة الواحدة، أخيرا فإن جمود المصدر وعدم قابليته للتجديد، يعني بالضرورة دوران مخلفاته في نفس الحلقة باستمرار، وبالتالي يؤدي إلى عجز واضح في تدبير مختلف المتغيرات التي يمكن أن يمر منها الفرد أو الدولة على حد سواء.



#أسامة_لتيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أسامة لتيم - ماذا بعد القتل والجلد ؟