عبدالمنعم عبد العظيم
الحوار المتمدن-العدد: 4061 - 2013 / 4 / 13 - 02:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رحلة سرمدية فى رحاب النيل
كتب عبدالمنعم عبدالعظيم
بعد زيارة الرئيس المصرى محمد مرسى للسودان تم تسريب بعض التصريحات بان الرئيس سيسلم مثلث حلايب وشلاتين الى السودان وظهرت خريطة بموقع حزب الحرية والعدالة لمصر دون مثلث حلايب وشلاتين وأنكر الجانب المصرى والتسريب تم من الجانب السودانى الرسمى
ولعل من صنعوا من المشكلة قنبلة موقوته تنفجر فينفجر الصراع وتعود العلاقات الودية للتوتر ويتحول التقارب الى تباعد فيندفع التباين الى قمته والخلاف الى ذروته
ومع اختلافي مع الرئيس مرسى الا ان وحدة وادى النيل ليست قضية للخلاف ولا إشكالية للشقاق يثور حولها الجدل ولن تكون مقدمة للصراع ذلك أن جذورها تمتد عبر الزمان وتستمد من المكان والنهر والتضاريس الطبيعية والمناخ والوشائج الحياتية قوتها
و عندما يستمر الحوار ويمتد حتى تزول الجفوة وتستمر الصلات الإنسانية والروابط التاريخية بما يجعلها اقوي أساسا وارسخ بنيانا وتصبح اكبر من كل الأسافين التى دقها المستعمرون بدءا من القراصنة الانجليز حتى العصابات الصهيونية المتحالفة مع رعاة البقر الأمريكيين مرورا بالفرنسيين والبلجيك والايطاليين وكل من جعل من القارة السوداء مشاعا للنهب الاستعماري يستبيحون فيها الأرض والثروة حتى الإنسان لم يسلم من غدرهم وباعوه رقيقا فى أسواق النخاسة
ولعل الذين يحاولون تجديد الصراع واضرام نار الفتنة لتعصف بالبقية المتبقية من عرى الود والصداقة وأواصر الدم والعراقة بين الشقيقين مصر والسودان سيصابون بخيبة أمل وسيخيب أملهم أكثر عندما يمتد الحوار ويستمر حتى تزول الجفوة وينجلى الصدأ الحادث عل سطح العلاقات التاريخية بيننا والتى تستمد من شريانها النيلى الحياة والاستمرارية بين الفيض والانسياب والضبط فى رحلة النهر الخالد التى تمنحنا مع مائها المتدفق وغرينها الحياة والأمل والنماء
ولعلنا مازلنا نحلم بالعودة الى أن نردد من أعماق أعماق قلوبنا نشيدنا الخالد الذى طالما شدونا به فى الصبا
عاشت مصر حرة والسودان
دامت ارض وادى النيل امان
اعلوا تنولوا واهتفوا وقولوا
السودان لمصر ومصر للسودان
ان المشكلة التى وضعوا فيها الفتيل الشيطانى اكبر من قطعة ارض مصرية صوت سكانها فى انتخابات سودانية او عملت فى اكتشاف البترول بها شركة لحساب السودان سواء كانت شمال خط عرض45و21 الذى رسم الحدود او جنوب هذا الخط واكبر من اتهام مصر بايواء عناصر المعارضة السودانية
فالسكان فى صحراء مصر والسودان ومنذ التاريخ لم تقف فى وجه ترحالهم حدود مصنوعة فهم يهبطون السهل شتاءا حيث الماء والكلأ ويعدون الجبال او يرحلون غربا بحثا عن المرعى
فهذه القبائل ترتبط بمصر والسودان وتربط بينهما برباط عضوى لايمكن ان تنفصم عراه وتجمعهم فى الشمال والجنوب أواصر القربى وصلات الرحم والأصل المشترك وتمتد جذور هذه القبائل شمالا حتى محافظات الجنوب المصرى وجنوبا حتى حدود إثيوبيا ولها نفس الأسماء البشارية الكوامل الرشايدة الرزيقات الجعافرة بنى هلال بنى سليم وغيرها
وستظل هذه الأواصر لا يحكمها سوى صلات الدم فهى صلات اكبر من السياسة وأعمق من القوانين المحلية والدولية وأكثر اتساعا من الخطوط الحدودية المصنوعة وأوثق من الاتفاقيات المكتوبة
ان سياسة الأسافين الاستعمارية ليست جديدة على المنطقة وتحفظ لنا ذاكرة التاريخ كيف خلق غوردون وكرومر قضية جنوب السودان وأشعلوا نار الفتنة بيت السودان العربى والسودان الافريقى وكيف لعبت البعثات التبشيرية دورها المرسوم فى محو الهوية العربية ووضع بذور الفتنة الطائفية التى نجحت أخيرا فى تحقيق الانفصال بين الشمال والجنوب وبدات الدسائس فى مناطق أخرى كدارفور وعنتيبى وايبيبى والنوبة
ولاينكر منكر ان المؤامرة ضد السودان نجحت وخلقت مشاكل عوقت النمو ووادت اى محاولة للتقدم والاستفادة من ثرواته الطبيعية ونجحت أكثر فى خلق الكيان البشرى العازل بين السودان والقارة الأفريقية وهو الهدف الاستعماري العتيق للحيلولة دون امتداد الدعوة الإسلامية الى أعماق القارة البكر
هذا الهدف ليس استقراء للأحداث ولكنه جزء من مخطط رسم بإحكام وصيغ بذكاء نشرت صحيفة صنداى اكسبريس البريطانية على لسان جون واطسن السكرتير العام لمجلس الإنجيل البريطانى الذى قال:
إن مانفعله ونخطط له ليس التنافس مع الإسلام إننا ننظم حملة صليبية سليمة الهدف ان مجلس الكنائس العالمى كون هيئة خاصة لبحث مضمون الإسلام وبحث أفضل الطرق التى تكون فيها المسيحية بديلا للإسلام فى إفريقيا التى يوجد بها 150 مليون افريقى يبحثون عن دين
والسودان يدرك ان مصر وطن الجميع
لهذا فرغم اختلافي مع الرئيس مرسى ومعارضتى لحكم الإخوان أرى ان لقاء مرسى البشير بادرة طيبة ومطلوبة وان إزالة الخلافات والحوار حول المشاكل قضية محمودة فى حدود عدم المساس بالسيادة والتنازل عن الثوابت الأصولية والقانونية
فنحن نعلم أن دروب الحدود مع السودان متشعبة ومفتوحة ويسهل التسرب منها واليها
إننا كعرب نواجه حربا شرسة ضد اى تكامل او تنسيق او تقارب او تنمية
نحن فى حاجة الى ان نفتح وسط هذا الصخب أفاق أوسع للتلاقى والتفاهم والتكامل
وستظل القبائل المصرية السودانية تجوب الجنوب وتصعد الى الشمال فى رحلتها السرمدية فى رعاية النيل العظيم لاتوقفها حدود مصنوعة ولاتعوق حركتها اتفاقيات ولا تشل حركتها اتفاقيات ولايحد من انطلاقها قانون انه قدر وادى النيل وما تفرضه وحدته الطبيعيةوالتاريخية والجغرافية
عبدالمنعم عبدالعظيم
مدير مركز دراسات تراث الصعيد
الاقصـــر مصــــرِ
#عبدالمنعم_عبد_العظيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟