أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقى عبد الحميد - عن الضباع ورحلة -سهير المصادفة-















المزيد.....

عن الضباع ورحلة -سهير المصادفة-


شوقى عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 4060 - 2013 / 4 / 12 - 15:43
المحور: الادب والفن
    


مصر.. تخلع ثوب الضباع
=======

تصف الأقوال الشعبية من يعود من مهمة وقد أنجزها، أنه سبع، ومن عاد ولم ينجزها، فهو ضبع. وبين السباع والضباع.. قرون عديدة.
وتصف الأقوال الشعبية الزوج لامرأته "ظل وغطاء". وكثير من الأزواج للضباع أقرب.
وتصف سهير المصادفة رحلتها في تاريخ مصر بـ "رحلة الضباع". كشهادة علي عصر، كانت له بدايات بعيدة، كنبت غرسَ في الأرض فتجذرت عروقه وتشعبت فأنبتت فروعًا تطاولت فطالت أرض العرب، وتاريخ المسلمين. فأنبتت شوكًا يوخز المعاصرين، فينتبهون ليصنعوا ثورة توحي بأمل في عصر جديد.
ففي رحلة العودة من الاتحاد السوفيتي إلي أرض الوطن "مصر" تأملت تطبيق التجربة السوفيتية علي أرض مصر فوجدت أن التجربة قائمة علي الأقوال لا الأفعال، وأن من كانوا يعدون بالقضاء علي الإقطاع والملوك، صاروا هم الملاك والملوك، فوصفت التجربة بـ "لهو الأبالسة"* انتهت منها بأن رحلة التنوير تنبع من الذات ومن الداخل، لا هي بالغربية ولا بالشرقية.
فغاصت في الذات وفي الداخل، فوجدت الماضي الأحمر (السوفيتي) يسيطر ويهيمن، وحتي يستطيع الحاضر أن يواجهه، يطلق عليه من يستطيع أن يواجهه، فخرجت الأصولية المتطرفة، وبدلا من أن تتعادل الكفتان ويستوي الميزان، تعلو بطشة اليمين علي اليسار، فتقتل الحاضر(السادات ذاته) وتقتل الجمال والمثال، تقتل "ميس إيجبت" ذاتها. مقتطعًا – للتنكيل بها - جزءًا من أعضائها التناسلية، في رمزية لنهاية الإنجاب.
لكن مصر أبدًا لن تموت ولن تعقم. ورغم أن سهير المصادفة تتركنا في دوامة السؤال: هل ماتت "ميس إيجيبت" فعلا، أم أنها في غفوة، ولابد لها أن تعود، وهل مصر عقمت بالفعل، أم أن الأمل لايزال في أن تأتي لنا بالولد؟
وتحمل سهير المصادفة زادها وزوادها من تجارب التاريخ وعبراته، بحثًا عن إجابة السوال عابرة من الماضي عبر الحاضر نحو المستقبل في "رحلة الضباع" .
تعود بنا "رحلة الضباع" إلي ألف وأربعمائة عام مضت، وتحديدًا بعد الهجرة النبوية بنحو ثلاثين عامًا تنتهي بالاتفاق علي تقسيم دولة الخلافة، فيختص معاوية بالشام ومعها مصر، ويختص علي بالعراق، ليظل الخلاف بين أتباعهما إلي اليوم، وربما غدًا. وهو ما رأته، وسجلته "رحلة الضباع":
{والمؤلم يا أختاه أنه لم يسلم في ساحة الوغي تلك أحد من الصحابة أو كبار مكة والمدينة من الهجاء الفاحش. أحاول أن أبحث عن هذا الحق الذي يريدون رفع راياته فلا أجد إلا خصام قبائل علي من يكون له الأمر. أحاول حتي أن أنحاز إلي فريق من الفريقين فأجد نفسي ألطم وجهي وأنا أصرخ: يا لضياعنا إلي أبد الآبدين. إن كلمات الله لم تصل إليهم كأنه قد صار بين القرآن الكريم وبينهم حجاب. كدت أهتف فيهم: أوتقتلون الناس دفاعًا عن الله وهو الذي حرم قتل النفس؟ لكنني أدرك أنهم قد مُلئت آذانهم بالشمع فهم لا يسمعون} .
نتعرف في البداية علي "جمال إبراهيم" الذي يعمل مصححًا بجريدة "أندلسية" وقد قرر أن يطلق زوجته "نرمين" لعدم إنجابها.
يتشكك الزوج في زوجته، ويزرع لها الكاميرات في البيت. يكتشف أنها تكتب. يتصور أنها مذكرات، يحملها إلي سفح "الهرم" ليقرأها بعيدًا عن الأعين، وعنها. وكأنه يذهب بنا إلي بداية الحكاية، حكاية مصر. ويكون "الهرم" هنا هو الإشارة الأولي التي تضعنا علي إسقاط الحكاية علي مصر، ولتبدأ الحكاية مع مذكرات الزوجة فتبدأ "رحلة الضباع" في الرواية (الداخلية) بالبحث عن الخلاص من تلك الفتنة أو اللعنة التي أصابت المسلمين وروت الأرض بدمائهم التي حرمها الله. إذ تصورت الجدة "السوداء بنت الرومي" أن في سرد الحكاية تحذيرًا وتنبيه للأحفاد. وكأنها "زرقاء اليمامة" تحذرهم مما كان وما سيكون، ولتتوقف الدماء، فتحكي للحفيدة:
{نعتوني بـ "غراب البين" وبـ "الرائية" ومَن أطلقوا عليَّ "المتتبعة للجيفة" ومن رموني ظلما بـ "الضبعة" أو لم يكونوا هم أنفسهم الضباع؟} . فعلي مر التاريخ هناك من يقرأ.. ولكن دائمًا هناك مَن لايسمع.
وتصحبنا "السوداء" في رحلتها عبر الزمن، حاملة نبوءتها، دافعة بالماضي أمامها، صارخة بتحذيراتها: {الآن أعرف أن سرد الحكاية يكاد يكون لعنة توارثتها حفيدات الجدة ولا خلاص منها إلا بأن تُحكي} .
و في رحلتها، تتعرف "السوداء" علي وتصطحب معها " الليث بن أسيد" ليكون الإشارة الثانية التي تضعنا في عمق مصر، وليعيد كلاهما (السوداء والليث) إلي الأذهان قصة الخضر وموسي في رحلتهما إلي المعرفة، فيحمل "الليث" معها الرسالة، ويصبح هو المردد للتحذيرات التي أطلقتها "السوداء" أو أطلقها التاريخ الذي كتب بدماء المسلمين، والذي يشهد بأن أمراء المؤمنين ماتوا إما مسمومين أو مصلوبين أو مخوزأين. التاريخ الذي يبين لنا الأغراض الحقيقية التي يتخفي وراءها أولائك الذين يتسترون وراء الدين سعيًا للحكم {آه لو كنت تعرفت إلي سيد هذه الدار منذ أيام وهو يزعق مثل ديك الفجر في أهله بأنه ذاهب إلي نصرة الله والحق. والمصيبة أن جميع أهله وجميع الناس يعرفون جيدًا إلام هو ذاهب.. لاشىء سوي جمع الغنائم والاستيلاء علي المزارع وأسر الجواري. والأعجب أن لا أحد حاول إيقافه.} .
وعلي الرغم من تقاطع الخطين – الواقع والتاريخ – فإنهما يصنعان خطين متوازيين، يصنعان تقابلاً كاشفًا. فالخط الواقعي – حكاية أحمد إبراهيم ونرمين – تكشف سواءات المجتمع المعاش، والذي يتحتم تغييره، بينما خط التاريخ – حكاية السوداء بنت الرومي – تحذر من أن يكون التغيير بالدم، وبالفتنة والقتل.

التقنية الروائية
تسعي سهير المصادفة دائمًا لأن تجدد نفسها وتقنياتها. فإذا كانت في روايتها الأولي "لهو الأبالسة" قد جعلت من الهامش نصًا موازيًا، فكانت الهوامش الافتتاحية للفصول تشكل بعدًا آخر للفصول وتشكل في مجموعها بعدًا رومانسيًا للبعد الواقعي في المتن الأصلي. وجعلت من الافتتاحيات في "ميس إيجيبت" كشافات إضاءة للمتن. فقد جعلت في "رحلة الضباع" من الهامش متنًا أساسيًّا، بينما تحول المتن الأساسي إلي هامش، حتي أنه علي الرغم من أن عنوان الرواية هو "رحلة الضباع"، فإنها وضعت للرواية الداخلية، أو الضمنية عنوانًا ثانيًا هو أيضًا "رحلة الضباع"، وكأنها تؤكد أن الرواية تبدأ.... من هنا. فقد دار المتن الأساسي حول "نرمين" الزوجة الوفية الذي يتشكك زوجها فيها، والذي يتنصت عليها ليكتشف أنها تكتب أشياء، لا يعلم ماذا تكتب، ولنتبين أنها تكتب رواية – دون أن تصرح الكاتبة بأنها تكتب رواية – أي أنها تكتب التاريخ الذي من المفترض أن يكون العبرة والدرس، لمن يعي ويعتبر: {لم أعد أدري الآن يا بنيتي كم لبثت في كنفه أتمرغ في الحرير وأتثاءب من السعادة وأساعده في كتابة الأخبار التي يمكن كتابتها علي لوح الزمان بعد أن علمني الكتابة} . وكما تؤكد الكاتبة في هامش الفصل الخامس { وحيث إنه قادر علي طحن أقدم العظام حتي ما دفن منها فيما قبل التاريخ، فكل من يعرفه يعرف أنه سيخلف روثًا أبيض يشبه كثيرًا لون الآزل، أو لون صفحات التاريخ حين تبيض أحيانًا وتصمت أحيانًا أخري وتمتلئ بما يريد الملوك تدوينه في أغلب الأحيان} . وليصبح ذلك هو الرؤية الأساسية في العمل. فضلاً عن كونها امتدادًا لـ "ميس إيجيبت" التي لم تنجب، فهي هنا أيضًا لم تنجب، ليظل لها ذات البعد الرمزي. بينما الزوج يعمل مجرد مراجع أو مصحح في جريدة، وعندما يكتب مقالاً وحيدًا، لايشعر به أحد، ويمر كأن لم يكن.
تربط الكاتبة بين الروايتين، الخارجية (قصة الزوج جمال إبراهيم والزوجة نرمين)، و الداخلية (الزوج عمر بن عدي والزوجة السوداء بنت الرومي) برباط رفيع متين في نفس الآن. فتقول السوداء بنت الرومي (الجدة الأولي) لنرمين (آخر الحفيدات):
{أنتِ إذًا حفيدتي "هاجر" ابنة الحبابة ابنتي} . فإلي جانب الإشارة إلي العلاقة بينهما، نجد الإشارة ب(هاجر) إشارة أخري إلي مصر فـ (ها-جر ها (بالهيروغليفيى معناها زهرة اللوتس وكلمة (جر) معناها أرض جب بالمعنى التوراتى (مصر) أي اسمها زهرة اللوتس وكنايتها (المصرية(. فهي إذًا إشارة إلي هاجر المصرية القبطية التي تزوجها سيدنا إبراهيم عليه السلام وأم إسماعيل، الذي رحبت بأن يذبحه أبوه إبراهيم، ما دامت تلك دعوة الله. فهي إذًا الصابرة المضحية المؤمنة - فالبداية (الجدة) إذن من{جبل أحد وشعاب مكة} وآخر الحفيدات (هاجر) من مصر - وهي الصفات التي منحتها سهير المصادقة لكلتا المرأتين. فالسوداء بنت الرومي ظلت وفية لزوج عربيد هجرها، وراح يتاجر في السلاح، الذي به تسيل دماء المسلمين، وعندما عثرت عليه مؤخرا باعها كجارية. ونرمين الحفيدة ظلت وفية لزوجها، لا تتأخر في طلب من طلباته، حتي تركها في النهاية ليتزوج من { المرأة الغريبة كليا عني والتي لا تتوقف عن سؤالي عن رأيي فيما ترتدي من قمصان نوم عارية وجميعها من مشتقات اللون البنفسجي الذي يتعب عيني} . وبعد أن تتبين حقيقة كل زوج، تعيش السوداء مع القعقاع في الحرير، وتنعم بالحياة، وكأنها وصلت لبر الأمان، تخلع "نرمين" النقاب الذي كانت ترتديه مع الزوج وترتدي { بنطلون جينز واسعا وبلوزة زرقاء وجاكيت أسود} لتصبح امرأة أخري، يشار إليها في أجهزة الإعلام. ولتغير مصر رداءها وتخرج للحياة بعد ثورة قام بها { شباب أنبل جيل أنجبته البلاد} . وكأنهن استبدلن الضباع.. بالسباع. لتتم دورة الحياة والإبداع، وحتمية التغيير.
فضلاً عن أن كلتيهما (السوداء ونرمين) تعمل عمل زرقاء اليمامة، فتحمل النبوءة السوداء، وتحذر من مصير الدم، وتعمل علي إيقاف نزيفه.
كما تظل الكاتبة محتفظة بمفتتحات الفصول بنصوص مستقلة، مثلما فعلت في روايتيها السابقتين، ولتظل هذه المفتتحات، كشافًا يضىء النص. فهي هنا، تكشف عن بيانات ومعلومات عن الضباع، إلا أنها البيانات والمعلومات التي في الحقيقة يمكن خلعها علي الشخوص المعنية من الرواية، أي أنها تتحول من هامش إلي متن أيضًا، إذا تصبح جزءًا عضويًا وفاعلاً في إضاءة الرؤية الكلية للعمل.
وكما في أعمالها السابقة، عمدت الكاتبة علي إذابة نقط الدواء في كوب كبير من الماء المحلي، فقد بثت الواقع المرير في ثنايا عمل كبير يحمل متعة التلقي، وشهوة المتابعة.
فوسط قصة زواج واقعية، تحمل كل نبض الواقعية، من إخلاص الزوجة وشك الزوج، ورغبة الزوج وأمه في الإنجاب، تبث لنا سوءات المجتمع بين الحين والحين، وكأنها تذكر قارئها كلما استغرق في متابعة الحياة، ألا ينسي أن ما ترمي إليه أبعد من الهموم الفردية، إنه هم الوطن. وكأنها ترسم صورة المجتمع المرفوض والذي يمهد لثورة لابد آتية: {من الواضح أنها لشباب من هؤلاء الذين درسوا في مدارس وجامعات أجنبية.. وجميعها تتحدث عن ثورة قادمة لا محالة، وعن طوفان سيكتسح كل هذا الفساد وكل هذا الخراب العظيم}

عتبات النص
علي الرغم من رفضي لاعتبار غلاف العمل عتبة أولي للنص – في مصر تحديدًا – لاعتقادي أنه ليس هناك دور كبير للكاتب في اختيار لوحة الغلاف، فإن غلاف "رحلة الضباع" يجبرني علي اعتباره عتبة أولي، لقدرته علي تصوير أجواء الرواية، حيث نري في أعلي صفحة الغلاف مجموعة من أرجل نساء حفاة يبدو عليها جميعا التراب والإرهاق، بينما امتد اللون الرملي باقي صفحة الغلاف، لنتبين منها، امتداد صفحة الصحراء، والنساء قد أنهكها السير، وما زال أمامها مشوار طويل. كما توحي اللوحة بتقفي الأثر، وبالبيئة العامة التي تدور فيها الرواية.
أما العتبة الثانية، وهي افتتاحيات الفصول، حيث لا عناوين داخلية، فقد جاءت إضاءات علمية ومعرفية حول حيوان الضبع، والذي تمهد لنا به معرفة خواص شخوص الرواية التي تنطبق علي الرجال المعنيين فيها. فإذا كان مفتتح الفصل الأول يربط بين الضبع والإنسان مباشرة، حيث يشبه عواء الضبع بالضحك الهستيري للإنسان، أي الضحك غير الطبيعي، فإن مفتتح الفصل الثاني يورد: {وهو غير مهتم علي الإطلاق بقتل فريسته قبل الشروع في نهشها}.
وفي مفتتح الفصل الثالث نقرأ: { ولأنه خسيس وجبان وغبيّ حتي أن مخه كان يضرب به المثل علي الحمقي من الرجال..} ونقرأ في في متن الرواية { أجوب البوادي برسائل لا تصل إلي من يعنيهم الأمر وإذا ما وصلت فهي تصل دائما متأخرة} أي أن الراوية دائمًا ما (تؤذن في مالطة) مثلما يقول المثل عمَن يسدون آذانهم، فلا يسمعون، وإذا سمعوا فهم لا يعون. أليس ذلك من الحمق والغباء الذي يتصف به الضبع؟ ثم تصرح "السوداء" عن زوجها، بما بربط بين الرجال والضباع { وكنت أهمس للضبع الجبان أن اهجم علي النسر الآن فإنه ممتلئ البطن ولن يستطيع الطيران، لكنه كان لا يحب إلا لحوم الميتة من البشر........ولقد تهافتت عليَّ كل مصائب صراع الضباع علي الملك خلال رحلتهم الدموية}.

رسم الشخصية
حيث إن القارئ العربي يعيش الآن فترة حراك مزلزل، استحوذ عليه كل اهتمامه، بعد ثورات تقاربت في الزمان وتباعدت في المكان، فطالت دولا عدة، ومازالت تعيش حالة القلق، بعد أن جاء المولود فيها غير مكتمل، فراحت تذكره بين الحين والحين بما كان وما ثار عليه، مثلما أشرنا إليه من قبل. وهو ما فعلته أيضًا في رسم الشخصيات. حيث توزيع تحديد معالم الشخصية علي صفحات الرواية. مثل صورة الزوج "حمال إبراهيم" توزعت علي مدار الصفحات فنجد: {في الحقيقة لم أخلق لأكون صحفيًا فأنا كسول للغاية ومخي لا يبدع أي شىء جديد وهناك عطب ما في مشاعري حتي إنني لا أدري في أية مرحلة من مراحل عمري وضعت ما يسمونه بالمشاعر في فريزر ما لا تنقطع عنه الكهرباء أبدًا.....} وكأنه يجسد نفسه في صورة "الضبع". ثم يعود في ص22 ليصرح {يبدو أنني لم أحب أبدًا أبي ومن حسن حظي أنه مات وأنا في السابعة من عمري.....}. ثم يواصل حديثه عن والده {وبينما كنت أهرب منه ومن الرائحة وأنا أنهض من جواره انتفض فجأة وجن جنونه، وألقاني أرضًا وهو يصرخ أنا ما أعرفش أنام في البيت ده أبدًا }.ويعود في ص 79 {لا أريد الآن إلا أن أستسلم تمامًا لهذه النفس الخربة التي أمتلكها...}. وكأن الكاتبة تؤكد لنا علي دفعات أو مراحل مدي تشوه تلك الشخصية، وعدم صلاحيته لأداء دوره مع زوجته الفاعلة "نرمين".

تسخير الأفعال للمضارع
من الحيل التي تجعلنا نعيش الماضي وكأننا نشاهد الحاضر أيضًا، أن نري استخدام الفعل الماضي متصورين أنه المضارع. فمن المتصور أن الجدة تحكي لحفيدتها عن رحلتها، إلا أننا نشعر وكأنها تعرض شريطًا يصور الماضي لنتعايش معه {وها نحن نعود إلي البيداء والبراري والقفار مرة أخري يا بنتي..} فاستخدام {ها نحن} تضعنا مباشرة في المضارع، في الحاضر. وكذلك المستقبل، نراه رأي العين والسمع، كأنه الحاضر{سأكتشف بعد سنوات من الآن أن الحب مرتبط بالضرورة بالعجز والصمت الطلق والخجل.. سأتابع عندما أكبر في السن خطوط التجاعيد تحت عينيها كلما ابتسمت ابتسامتها الحلوة..ٍ. وكأن الكاتبة تحاصرنا دومًا بواقعنا الحالي المعاش.
لقد بذلت الكاتبة مجهودًا معرفيًا جبارًا، صاغته بصيغة روائية تحسد عليه، الأمر الذي يتطلب من قارئها أن يبذل مجهودًا لا يقل عنه في المقدار، ويكفيه ما ناله من متعة مصاحبتها في رحلة عبرت بها الزمان والمكان.



#شوقى_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقى عبد الحميد - عن الضباع ورحلة -سهير المصادفة-