أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عصام التل - الرأسمالية | تزداد شراسة وتفقد مواقع أقدامها















المزيد.....

الرأسمالية | تزداد شراسة وتفقد مواقع أقدامها


عصام التل

الحوار المتمدن-العدد: 4058 - 2013 / 4 / 10 - 22:21
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



شهدت الأسابيع الأخيرة تطورات نوعية على صعيد الوطن العربي والعالم، تؤكد أن حالة المراوحة التي طالت فيما يخص العدوان على سورية أصبحت تقلق العديد من الأطراف، بينما راحت مفاعيلها تنسكب خارج الإطار الذي أراده مهندسو الأزمة السورية.

الإدارة الأميركية تتخبط بصورة واضحة، فبعد الحديث عن مخاوفها من هيمنة “القوى الإرهابية” على الوضع السوري ومحاولات التقارب، ولو شكلاً، مع الموقف الروسي، المطالب بمفاوضات “سورية- سورية” على أساس تفاهمات جنيف، عاد الأميركيون للتبرع بمبالغ علنية (تقدر بنحو 65 مليون دولار) للقوى “المعتدلة” المناهضة للدولة السورية، وإلى الحديث عن ضرورة تسليحها؛ بينما حاولت بريطانيا وفرنسا استصدار قرار من الاتحاد الأوروبي لرفع الحظر الرسمي المفروض على تصدير الأسلحة إلى سورية، ومن دون جدوى، بينما لم يمنعها ذلك من تصعيد لهجتها حيال ضرورة تسليح “الثوار” السوريين.

تخلل ذلك جولة قام بها الرئيس الأميركي، أوباما، اقتصرت على “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية ابتداء، والأردن عقب ذلك، ولم تترك معطياتها ودلالاتها مجالاً للتأويل، إذ كانت الحالة السورية محورها بامتياز، وسعى أوباما فيها إلى حشد القوى “الصديقة” لتعديل ميزان القوى السياسي لصالح الأطروحة الأميركية بضرورة تخلي الرئيس السوري، بشار الأسد، عن السلطة كشرط للتعامل مع أطروحات جنيف.

أبرز ما رافق الزيارة، اعتراف أوباما بيهودية الدولة “الإسرائيلية”، وفق ما طلب اليمين الصهيوني، مقابل تقديم الحكومة “الإسرائيلية” تنازلاً شكلياً يسمح بتطبيع العلاقات على المستوى الرسمي مع حكومة أردوغان، التي ظلت تطالب بالاعتذار الرسمي عن مقتل ضحايا سفينة مرمرة، وتقديم التعويضات لأهاليهم، وهو ما قام به نتنياهو في ربع الساعة الأخير، ممهداً الطريق، بسرعة البرق، لعودة المياه إلى مجاريها بين الحليفين الأطلسيين، بغض النظر عن عدم انتساب الكيان الصهيوني للناتو رسمياً.

وبينما لم يقابل أوباما بالورود، وإنما بالهتافات المعادية، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كان من الواضح أن السلطة الفلسطينية تريد تحقيق ولو مكاسب “واقعية” من زيارته، فلم يزعجها حديث أوباما عن يهودية الدولة، أو منعهم من التحدث عن المستوطنات وضرورة إزالتها، أو تلويح السلطة بشروطها لاستئناف المفاوضات العبثية، بل اكتفت بإفراج الحكومة الصهيونية عن ضرائب محتجزة بقيمة 500 مليون دولار مستحقة للسلطة، ضمن تفاهمات أوسلو. ليتضح مدى كاريكاتورية التهديد بحل السلطة.

في زيارته الأردنية القصيرة، بدا البروتوكول باهتاً، حيث لم يستقبل الملك عبد الله ضيفه الكبير في المطار، وهناك من يقول إن ذلك كان بطلب من أوباما. بينما خلا المؤتمر الصحفي المشترك لرئيس الولايات المتحدة وملك الأردن من المودة التي طالما سادت علاقات الطرفين. فلم يتجاوب الملك مع دعوات أوباما المتكررة إلى ضرورة تخلي الأسد العلنية.

وفي المقابل، وضمن محاولات النظام الحاكم في الأردن إمساك العصا من المنتصف في مقاربة الحالة السورية، فوق الطاولة على الأقل، ظل النظام يتحدث على المستوى السياسي الذي يجب التزامه، وهو أن التسوية السورية يجب أن لا تستثني الرئيس الأسد، بينما استمر، وكالعادة في العلاقات التحتية بين النظام ومرجعيته الأميركية، ولقد تسربت معلومات يحاول النظام التكتم عليها بشدة عن وجود قواعد أميركية وأطلسية لتدريب “معتدلين” سوريين، تارة في سياق الحديث عن “الأسلحة الكيماوية” والسيطرة عليها، وأخرى في إطار “مواجهة” خطر تمدد الإرهاب المتمثل في “جبهة النصرة” من سورية. وفي الوقت نفسه، يبدو الآن واضحاً أن ثمة جبهة خلفية تمتد من شمال الأردن عبر الجولان المحتل وتصل إلى جنوب لبنان، مكان سيطرة قوات الأمم المتحدة، تتعاون فيها مختلف أجهزة الاستخبارات العربية والغربية والصهيونية تحت غطاء من السرية وإن بفاعلية. كما بدا واضحاً أن ثمة تدريب لمرتزقة سوريين تتولى أجهزة في النظام إعدادهم، وربما إطلاقهم عبر المناطق الخاضعة التي تسيطر عليها قوات “الجيش الحر” وتستقبلهم في طريق العودة. وكان من الملفت للنظر كَشْف النقاب عن عدد ليس بالقليل من مقاتلي “المعارضة” السورية الذين يعالجون في المستشفيات الصهيونية، ومدى تغلغل الاستخبارات وحتى القوات العسكرية الصهيونية في المناطق المحاذية لخط وقف إطلاق النار في الجولان، وبالتوازي مع وجود هؤلاء المقاتلين.

تُرافق كل هذا مقدمات لقيام تحالف عملياتي “تركي- إسرائيلي- أردني”، أكثر من موضوعي، بقيادة أميركية للتعامل مع المستجدات. وعلى ما يبدو، فإن الضغوط التي مورست على النظام الحاكم في الأردن للخروج من حالة الإنكار العلني لوجود دور فاعل له ضد الدولة السورية، سواء من السعودية وقطر، أو من قبل الأوصياء الغربيين، والانتقال إلى المشاركة الإيجابية العلنية في المؤامرة على سورية، قد بدأت تؤتي أكلها. فعنق الزجاجة الاقتصادي الذي وصلت إليه الأمور في الأردن قد تراجع نسبياً، بينما يُدفع الملك دفعاً إلى إعلان مواقف لا تخدمه على المدى القصير، وإن كانت ضرورية لتطبيع الواقع الأردني وفق ضرورات التغيير “الديموغرافي- السياسي” لصالح البرنامج “الأميركي- الصهيوني” للشعب الفلسطيني، الذي يرى أن حل “مشكلات” الفلسطينيين يجب أن يكون عبر إدماجهم حيث هم، و”تحسين نوعية” حياتهم، بما يعني استمرار الاستيطان دون عوائق، وتحسين شروط يهودية الدولة، وإيجاد صيغ تلفيقية لإعطاء هذه الحلول عناوين سياسية، كالكونفدرالية أو الاتحاد الجمركي (البنيلوكس) “الصهيوني – الفلسطيني– الأردني”، على طريق التخلي التام عن الحقوق الوطنية الفلسطينية وإلزام الأردن بالفائض السكاني الذي تقتضيه الخارطة الجيو- سياسية والاقتصادية الجديدة.

أمام هذا المشهد، لا بد من رؤية الصورة المقابلة، فقد شكلت قمة دول “البريكس” التي اختتمت في ديربان، بجنوب أفريقيا، الأسبوع الفائت، نقلة نوعية في موازين القوى السياسية والاقتصادية على الصعيد الدولي. إذ تحول هذا التجمع الاقتصادي الضخم، المتعافي نسبياً من أعراض الأزمة الرأسمالية المتفاقمة، إلى تجمع جيو- سياسي مدركاً لذاته ولضرورة قيامه بدوره للتصدي للبرامج التدميرية التي تشنها الرأسمالية الغربية المنهارة، ليس فحسب على صعيد العالم العربي، وإنما على صعيد العالم بأسره. وثمة تحركان لا تخطؤهما العين في هذا السياق. ففي الرابعة صباحاً يوم 28 شباط، أصدر رئيس روسيا الاتحادية، فلاديمير بوتين، فور عودته من ديربان، أمره بإجراء أكبر مناورة عسكرية يقوم بها الأسطول الروسي في البحر الأسود منذ انهيار الاتحاد السوفييتي. ويرافق ذلك انتشار للقطع البحرية الروسية في المتوسط قريباً من السواحل الشرقية، في فكي كماشة من الواضح أنها تبعث برسالة صريحة إلى الأساطيل الغربية في المتوسط بأن الاقتراب من سورية ممنوع، وفي الوقت نفسه تلوح لتركيا “العثمانيين الجدد” بأنهم تحت مرمى النيران، إذا ما فكروا بالانتقال، وربما مع الأردن وإسرائيل، لفرض مناطق للحظر الجوي، بغية تحسين شروط الاشتباك على الأرض للحلف المعادي لسورية.

التطور الثاني النوعي هو إعلان قمة “البريكس”، التي تضم روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، ذات الاقتصادات الصاعدة والقرار السياسي المستقل، إنشاء “البنك العالمي للتنمية” برأسمال ضخم، ودون إخفاء حقيقة أن هذه الخطوة موجهة ضد “البنك الدولي” و”صندوق النقد الدولي”، أداتي الرأسمال المالي المتوحش في السيطرة على العالم. وهذا يعني أن دولاً كثيرة من تلك التي تتطلع للإفلات من فخ الهيمنة الاقتصادية للاحتكارات الغربية سوف تكون قادرة على مواجهة مشكلاتها بعيداً عن قبضة الإمبريالية. وبينما يشكل هذا التوجه ضربة نوعية للهيمنة الرأسمالية الاحتكارية، فإنه يعزز ما أقدمت عليها دول أميركا اللاتينية في الاستقلال الاقتصادي والمالي عن البنك والصندوق الدوليين، ويفسح المجال أمام تشكل سوق عالمية لا تخضع لإرادة نصف الكرة الغربي، وتتيح تبادلات تجنب الدول النامية إلى حد كبير ضريبة التبعية للمراكز الرأسمالية الإمبريالية.

إن الصورة معقدة على صعيد العالم والوطن العربي في هذه المرحلة الانتقالية، التي تسعى الإمبريالية أن تجعلها دموية ما أمكن ذلك وهي تفقد هيمنتها ومواقعها. بيد أن ما هو واضح أيضاً أن المراكز الإمبريالية عاجزة عن وقف التدهور في نظامها الرأسمالي المتآكل، وعاجزة كذلك عن إخضاع العالم بالحروب العالمية، كما كانت تفعل في القرن الماضي، علّ ذلك يخرجها من أزمتها عن طريق عسكرة الاقتصاد العالمي. ثمة عالم جديد أكثر توازناً يولد اليوم، وعلى الشعوب والقوى المتضررة من الهيمنة الإمبريالية والمناهضة لها تحمل مسؤولياتها على طريق التخلص من نير العبودية الرأسمالية المتوحشة، وتحقيق الاستقلال الوطني وبناء عالم أكثر عدلاً وأقل إجراماً.



#عصام_التل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-
- تظاهرات لعائلات الأسرى الإسرائيليين أمام منزل نتنياهو الخاص ...
- جامعة كولومبيا تعلق المحاضرات والشرطة تعتقل متظاهرين في ييل ...
- كيف اتفق صقور اليسار واليمين الأميركي على رفض دعم إسرائيل؟


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عصام التل - الرأسمالية | تزداد شراسة وتفقد مواقع أقدامها