أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرعي حسن أبازيد - أزمة حكومات أم أزمة ثقة















المزيد.....

أزمة حكومات أم أزمة ثقة


مرعي حسن أبازيد

الحوار المتمدن-العدد: 4052 - 2013 / 4 / 4 - 21:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القواعد الدستورية يجب أن لا تقف في تضاد مع الواقع.
تجبرنا الأزمة المالية العالمية في الوقت الحاضر إلى إعادة النظر في الكثير من التطورات وإعادة التفكير في الكثير من الظواهر للمفاهيم التي تكونت في السابق وكيفية الوقوف في وجه التهديد العالمي، إذ أصبح واضحاً أن الأزمة الإقتصادية العالمية لن تذهب سريعاً.
مراكز التحليل العالمية الكبيرة جميعها تنذر بأن العالم في العشر سنوات القادمة سوف يعيش في ظروف التهديد الدائم بحرب نووية، وزيادة احتمالات ظهور نزاعات على مصادر الطاقة والمواد الغذائية والمياه، في ظروف المواجهات الاستراتيجية المتعلقة بالتجارة والاستثمار والتقنيات الحديثة والمنافسة العسكرية التي لا تنتهي. على هذه الخلفية يتقدم الإرهاب بشكل أكبر كأداة في إدارة أشكال جديدة من الحروب وحل النزاعات. وهذا مابينته الأحداث التي شهدتها العديد من الدول، من أن منفذي الهجمات الإرهابية من الممكن أن يبقوا مجهولين.
المشكلة الدستورية الرئيسية للحكومة في هذه الظروف هي حل مسألة التضارب بين واجب ضمان حقوق وحرية الفرد (المواطن) وضرورة تأمين الأمن القومي. إذا نظرنا للأزمة المالية الاقتصادية العالمية من وجهة نظر رجل الاقتصاد فإننا نرى قبل كل شيء أزمة مالية – اقتصادية حصلت نتيجة لخرق القوانين الاقتصادية بمستوياتها العليا. أما من وجهة نظر قانونية فإن الأزمة نتيجة لعدة انحرافات عن أسس قوانين الإقتصاد الرئيسة في إطار حكومات بعينها وعلى المستوى العالمي حيث أصبحت المعايير القانونية عديمة الجدوى وغير مهنية نتيجة لعدم شرعية أفعال موظفين حكوميين بيروقراطيين وأصحاب قرار بعينهم بالإضافة إلى الشركات العملاقة بما في ذلك الإهرامات المالية المثيرة للشك والجدل في داخل جسد الحكومات كما عبر الدول. كل هذا مجتمعاً أدى إلى عدم التطابق في تحديد المبادئ القانونية المستخدمة في مجال تنظيم الاقتصاد والمال الحديث وإلى تشويه حقوق وواجبات شخصيات العلاقات الاقتصادية بما في ذلك الحكومات والمنظمات المالية العالمية.
الأزمة الإقتصادية المالية العالمية بجوهرها تعني أيضاً أزمة دولة القانون الحديثة. قبل كل شيء بشكلها المتكون في الغرب طالما السلطة السياسية والطبقة السياسية مسؤولة عن السياسة الاقتصادية المتبعة وعن تحديد وتنفيذ الوظائف الاقتصادية للحكومة، وفي النهاية عن مشروعية السياسة التي تمارس.
المشرعون في الغرب وفي أي مكان آخر يستندون دائماً إلى أن المثل الكلاسيكي الأعلى لدولة القانون هي (الولايات المتحدة الأمريكية). لكن الآن عندما أصبحت مكشوفة ومن خلف الكواليس نظامها المالي هل من الممكن حتى لغير المجرب والساذج بعد كل هذا الذي يحصل أن يقول بأن أمريكا هي بالفعل المعيار لدولة القانون؟
إذا ما نظرنا إلى مخترقي القانون ومرتكبي العمليات المالية في سوق الأوراق المالية الأمريكية والتي يجرمها القانون كانوا لعشرات السنين يتحكمون بالسياسة المالية العالمية. إذن عن أي دولة قانون نتكلم؟ الإقتصاديون يقولون إن مؤشرات أسواق الأوراق المالية وأسعار العملات وكل أسواق "فوركس" هي زيف ورياء وكذب وأن حالات النصب والاحتيال والغش تعتبر الشعار الرئيسي لهذه الأسواق! لأنها تعكس مصالح بنى سياسية واقتصادية وعصابات كاملة محددة ومتخفية وليس مصالح عامة الشعب في حكومات العالم وهذا ما أصبح من المعطيات الأساسية للأزمة. المنبع الأساسي للأزمة من حيث الجوهر يعتبر مضاعفة الالتزامات بالمقارنة مع الموجودات، أي الالتزامات التي أُخِذَتْ أكثر بمئات المرات من الموجودات الحقيقية في العالم.
الأزمة المالية الحالية هي نتيجة لأشكال الخروج عن الحقل الحقيقي للإقتصاد، "الفقاعة" في الأسواق العقارية، الخداع والتلاعب بالعملات الصعبة والثروات الطبيعية مع مجموعة من المؤشرات الأخرى التي حطمت دور الاقتصاد العالمي كقاطرة تجر العالم نحو التقدم والإزدهار. هذا الاستنتاج غير المشجع احتوته وثيقة مؤتمر الأمم المتحدة الأخير للتجارة والتنمية.
وعلى إثر ذلك، أعلن رئيس البرازيل أن الأشخاص المسؤولين عن المال العالمي قد حولوا السوق المالي العالمي إلى كازينو قمار دولي، ومراقبوا اللعب في هذا الكازينو نصابون محترفون على مستوى عالٍ. ليس صدفة أن الأزمة الاقتصادية العالمية أنشأت أزمة أخرى، وهي الأخطر لأنها تعتبر أزمة اجتماعية، هذه الأزمة هي أزمة الثقة. هناك حيث تتحطم الثقة بين الفعاليات الاقتصادية والحكومات والبنى المالية العالمية، تتولد حالة عدم ثقة شاملة من قبل عامة الناس بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية والحقوقية المحلية والدولية. هنا تنجرف حدود ذلك المفهوم لدولة القانون والأمن القانوني. حيث يفقد الفرد في لمح البصر ما جمعه من مال كوسيلة للوجود أو ما ادخره في صندوق التقاعد. هل يستطيع بعد كل هذا أن يعتبر نفسه في دولة القانون؟ وله الحق أن يضع سؤالاً: ما فائدة الدساتير والقوانين؟ أو الحكومات والدول؟ وفي النهاية المعاهدات والمنظمات الدولية التي لم تستطع حمايته في اللحظات العصيبة! وبالتالي في وجه أزمة المفهوم القانوني الحديث! هذه الأزمة أي أزمة الثقة أخطر بكثير من مجرد كونها أزمة مؤسسات! الأزمة العالمية تحتم إعادة النظر في الكثير من التصورات عن كيفية التصرف في وجه التهديد العالمي المتمثل في كيفية إعادة تشكيل القانون الدولي والوطني، ومؤسسات الحكم الدولية الحكومية ووظائفها.
كل حكومة تتخذ على عاتقها قرارات إنقاذية اضطرارية. المجتمع الدولي مصدوم يبحث عن طرق لتخطي الأزمة والذين اجتمعوا ومازالوا يجتمعون في العديد من الأماكن كلما سنحت لهم الفرصة، قد اتخذوا قرارات للقيام بكل شيء ممكن لإرجاع الثقة للنظام المالي العالمي وتنظيماته، واتفقوا على إزالة التعارض بين القواعد الدولية والقومية التي تحدد بما في ذلك حالة رأسمال النظام البنكي.
وصل المشاركون في المؤتمرات الدولية إلى توافق في أساسيات إعادة تشكيل نظام التمويل العالمي وزيادة الاحتياطي وإعطاء مساعدات مالية للدول الأكثر معاناة من الأزمة ومحاربة واحات الضرائب وتنظيم الدفعات التسليفية لإدارة الشركات والبنوك وتنظيم إجراءات الأسواق بالنسبة للحقائب المحلية وتشديد المراقبة على الأسواق المالية ومن ثم تأمين ثبات الإقتصادات القومية.
ظهرت العديد من الاقتراحات بالنسبة لضرورة إيجاد أشكال جديدة وطرائق تنظيم الأسواق المالية والضرورة العالمية لتحديد الموجودات في فترة مابعد الحرب العالمية الأولى والذي لم يحصل عملياً في أية دولة. المسألة المتكررة هي إنشاء عملة مكافئة جديدة للاقتصاد العالمي وهذه الفكرة أيدتها عدة دول عظمى.
يبقى السؤال الرئيسي بعيداً عن النقاش، من سيكون فاعل الخير في جرد الموجودات؟ وبأي قواعد سيتم تحقيق ما يسمى "التخفيف" من حدة العلاقات بين الدول التي نادى بها الرئيس الأمريكي أوباما. المناصرون للعمومية الدولية يرون جذور الحقد في ذات الدولة، فلذلك يعلنون أن الوقت قد حان لوضع نظام عالمي جديد وتشكيل حضارة جديدة تتخطى فيها العولمة دائماً أشكال القومية الحكومية والحدود الوطنية. هذا يعني أنه يجب إنشاء دولة كونية واحدة وعملة عالمية واحدة، وبرلمان ومحكمة وجيش وشرطة وبنك واحد، وتوضع الأسلحة النووية والطاقة النووية والتقنية الفضائية وكل الثروات القومية تحت إشراف المراقبة الدولية ولم يعد هذا من المهام القومية للدول. هذا يعني أن الإستقلالية القومية يجب أن تمحى والدستور والنظم القانونية الحكومية ترمى في مزبلة التاريخ. تسير مع هذه المقترحات نصائح لإرساء تعليمات قاسية بشأن الولادة بحيث يتناسب مع مستوى الإنتاج وكمية مخزون كل بلد من الثروات. هنا تعود المقولة المجنحة للعجوز مالتوس: "يجب أن لا يتكاثر الفقراء أكثر من الآخرين". يخططون في النظام العالمي الجديد للمراقبة الجينية في المراحل الجنينية لتنظيف المخزون الجيني للإنسان باستمرار. يظهر في الذاكرة بشكل لا إرادي الدكتور هاي من فيلم "الموسم الميت" الذي كان مناصراً نشيطاً للعملية الجينية الجديدة وهذا لم يمنعه من أن يكون رومنسياً محباً للموسيقا الكلاسيكية. مرة أخرى أنوه إلى أن السؤال الرئيسي هو: كيف سيتم وضع النظام العالمي الجديد؟ كما يقول المحللون: إن "لعبة العولمة" تقصي أي تراجع في قسم شخصيتها مقابل عدم الوضوح في مستقبل العولمة. والقيام بمراجعة "التفكير الجديد"، كما تقول الأحجية: "البلد منهار والحكم ضائع".
صعقت الإنسانية من أنه في القرن العشرين وفي مركز أوروبا تورطت إحدى أكثر القوميات ثقافة وعراقة في مغامرة تطرف قومي. في كافة مراحل التطرف القومي حاولت أفضل العقول البشرية الإجالة على سؤال: كيف كان لذلك أن يحصل؟ البعض أعطى شروحات ومبررات مختلفة. برأيي أن الشرح الأكثر عمقاً استطاع إعطاؤه الذين توقفوا عن الدوران في البحث في التطرف القومي بهذا الشكل المطروح، وبدلا من ذلك بدأ النظر إلى السؤال بالشكل التالي: ماهي الأسباب التي أثرت في نشوء فكرة التطرف القومي؟.
برأيي أن الذي أثر في ظهور التطرف القومي هو مايسمى بجمهورية "فايمار". في هذه الجمهورية شكلياً كل شيء تطابق مع الديموقراطية المثالية للنظام السياسي. تأسست هذه الجمهورية نتيجة لخسارة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى. إنها تجرعت الكأس المر عندما تم ضمها وإجبارها على دفع الثمن. هذا الذل القومي كان كبيراً والوضع الاقتصادي مزرياً، ظهر فراغ ضخم بين شكل الديموقراطية المثالية وبين المحتويات الحقيقية التي كانت مضطرة لوضع هذا الشكل فيها. المضاربة بالعملة والربح الفاحش، البطالة، غياب الخبرة الحقيقية في السياسة الديموقراطية، هذه هي جمهورية "فايمار". بالتحديد خصوصية بنائها وخصوصية عدم التطابق بين الشكل القانوني ومحتوى الحقيقة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، هو ماأوجد التطرف القومي. القضية ليست في وصول هتلر إلى الحكم بشكل ديموقراطي بل القضية تكمن في الفوضى التي تولدت نتيجة للشرخ الحاصل بين الشكل المثالي والمحتوى الحقيقي للدولة الألمانية بعد الحرب وهذا ما أذهب لب الشعب الألماني وسمح لهذا الشعب الأكثر ثقافة وعلماً بأن يرى في الغيور المحتد هتلر رسول إنقاذ لألمانيا.
يجب أن لا تدخل المعايير الدستورية في تعارض قاس مع الحقيقة، هذه هي خبرة فايمار الألمانية، خبرة حصلت صدفة للكثير، لكن للبعض، هي ليست صدفة بل إنشاء مقدمات ديموقراطية لانتصار التطرف القومي، مقدمات ناشئة عن توجهات بلا حلول وسط لترسيخ شكليات قانونية مثالية بدون الأخذ بعين الاعتبار الحالة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية الحقيقية لهذا الشعب. هنا من الممكن أن يتذكر المرء دائماً التجربة الفايمارية الرهيبة. أنا أفهم أن التطرف القانوني بلا حلول وسط، من الممكن أن يصبح من بركات الديموقراطية التي تمهد الطريق إلى الجحيم بالفوضى الشاملة وأن مايحدث في الشرق الأوسط حالياً يذكرنا أيضاً بـ "فايمار"! حيث تهان الكرامات وتداس التقاليد والثقافات المتراكمة منذ آلاف السنين، وتهمل الديانات والتقاليد الدينية، مما أدى إلى ظهور التطرف القومي والديني الذي نسيته المنطقة منذ فترة طويلة جداً. وهذا أدى إلى ظهور الفوضى في كل مناطق الشرق الأوسط تقريباً، والتي يسميها الغرب الفوضى الخلاقة أو الفوضى المنظمة، لكن في الحقيقة هي ليست خلاقة وليست منظمة، بل هي فوضى هدامة تريدها العولمة لترويض المجتمعات المنظمة.
بأي حال من الأحوال، فإن الشكل القانوني، يجب أن يكون متبلوراً لأنه في لحظات، من الممكن أن يتغير تحت تأثير أي تجربة سياسية. الشكل القانوني يجب أن يتمتع بالقدرة على حماية نفسه، ويجب أن يكون مرناً حسب المقاييس والأطر المعطاة دائماً للحقيقة. هنا يجري الحديث عن تحسس الوسطية الذهبية، والقول بشكل محدد، "لا" عندما يجري الحديث عن الفوضى بكل أشكالها.
هنا أرى شيئاً قريباً من ذلك يجري في روسيا، ولم أر أحاديثاً كثيرة تدور عن أن روسيا سوف تتحول إلى دولة مشابهة للدول الغربية متخلية عن عاداتها وأخلاقها الاجتماعية التي تراكمت عبر قرون طويلة لصالح الفوضى الأخلاقية الغربية. في الحقيقة العملية، أن بعض عناصر السلطة السياسية متمسكين بعدة مؤشرات ينسبونها للمرحلة الانتقالية من الدولة غير العادلة إلى الديموقراطية الجديدة.
الشيء الأهم، هو تأمين العلاقة المثلى بين المبادئ والأسس القانونية في أي مرحلة من مراحل تاريخ تطور البلدان. لكن لا يمكن لأي شكل دستوري أن يحل المشاكل. فمن الممكن بناء دستور في أي جمهورية برلمانية بصلاحيات حكومية رمزية للرئيس، لكن ذلك بالتأكيد، سيساعد على ازدهار العدمية القانونية والجريمة والفساد وانعدام سلطة القانون في البلاد.
هنا مكان لتقديم مثل قديم: "أن شخصاً بنى بيتاً جميلاً بمخطط جيد على الرمال وآخر بنى بيتاً مماثلاً على تربة صخرية وأسس وقواعد قوية، فجاء المطر وسيل الرمال فانهار البناء الأول وأصبحت الأسرة بلا مأوى لكن الثاني صمد". وظيفة السلطة الحكومية هو تأمين بناء حكومي قوي متخطية العدمية القانونية وتأمين تشكيل المعرفة القانونية للمهنيين ولعامة الشعب، القادرين بشكل حقيقي التأثير على أسس المبادئ الحقوقية والقانونية الدستورية والعيش في ظل القانون. الحياة أحجية قاسية. بالتحديد سيأتي بدلاً عن التعسف الحكومي الذي بطبيعته كبير، تعسف اللصوص وقطاع الطرق والانقساميين والمتطرفين والكثير من القوى الإجرامية التي ستجد نفسها في منأى عن القانون. كما يشهد التاريخ أن الشعب سوف يتقبل تعسف الدولة على تعسف اللصوص وعدم الاستقرار والتطرف وأن يبقى في خوف دائم من ضعف القانون وعدم تطبيقه.
مثل هذه الدروس تعلمها بشكل جيد روزفلت و ديغول ومن يقف خلفهم من النخبة الإدارية وبالتالي اشتغلوا على تجنب انزلاق بلدانهم إلى الكارثة. لعل السياسيين يبحثون عن توازن أمثل بين الكل وتشكيلاته الجزئية، بين المركز والمناطق. يجب على القانونيين مساعدة السياسيين بكل الأشكال في هذا البحث، ودائماً تمني تلك الحرية للمناطق، بحيث لا يتم القضاء على الكل، ويجب أن نتذكر كيف كان القضاء على هذا الكل في عام 1991 أثناء تقسيم وانهيار الاتحاد السوفييتي، وأن ماسمي بـ"مسيرة الاستقلال" حينها، انقلبت إلى مأساة حقيقية للملايين داخل وخارج الاتحاد السوفييتي السابق ووضعت روسيا على حافة الاندثار.
وفي نهاية التسعينات من القرن الماضي، كانت روسيا جاهزة لتخطي هذا الحد والصمود بصعوبة بالغة، واستطاعت القيام بذلك بشكل أمثل باستخدام المبادئ الدستورية للسيادة والبنية الدستورية القوية للسلطة الرئاسية. لم يؤيد الشعب بوتين غير المشهور حينها لولا حدة الفهم الشعبي العام بأن خطوة واحدة ويصبح الوطن في ضياع إلى غير رجعة. قام بوتين في ذلك الوقت، بتأدية واجبه التاريخي، عندها تكونت حقيقة جديدة من الممكن تقديم الكثير من الاعتراضات عليها من قبل أشخاص كانوا صامتين في اكتوبر 1993 عندما أحرقت دبابات يلتسين وسط موسكو العاصمة بقصفها المباشر للبرلمان المنتخب ديموقراطياً، لماذا يقدم هؤلاء اعتراضات حينها وظلوا صامتين؟ هل يسمح الغرب بحصول ذلك في أي دولة أوروبية؟ هنا تظهر ازدواجية المعايير بما يخص الديموقراطية والمطالبات القانونية! هذه هي التجربة المحزنة للأسف التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار. عدا تجربة ازدواجية المعايير، يجب علينا الأخذ بعين الاعتبار مسألتي "العولمة" أو مايسمى بـ"الأزمة"، وما هي الدروس التي يجب أن نستقيها؟ قيل لنا عبر سنوات طويلة، أن النظام الاشتراكي أثبت فشله، وأن دور الحكومة يجب أن ينتهي في الادارة، وإن السوق هو بنفسه يضع الأولويات ويطور كل شيء ويطعم ويلبس ويكسي إلخ... ماذا يلزم لذلك؟ فقط تقزيم دور الحكومة وجعلها "حارساً ليلياً" فقط. وبعد ذلك حصل العكس تماماً، ما إن بدأت الأزمة الاقتصادية حتى هرول أنصار سياسة السوق يتباكون إلى الحكومات المنبوذة لطلب المساعدة، ليس مليارات بل ترليونات من الدولارات.
"المعلمون صامتون"، - بتهكم غير مصطنع ولطف قالها مندوب الصين ويقصد الغرب طبعاً، عندما ناقش فكرة ضرورة تقزيم دور الحكومة. بعد كل هذه الارهاصات، بدأ العالم يتكلم عن نهاية النموذج الليبرالي الجديد والنموذج الانجلوسكسوني .... إلخ.
مرعي أبازيد.



#مرعي_حسن_أبازيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصير مجهول بعد عامين من الثورة
- سياسة روسيا في الشرق العربي في ظل الظروف الجديدة
- واقع اليسار العربي
- الإخوان أزمة تاريخية
- العالم الاسلامي على حافة هبوط سكاني


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرعي حسن أبازيد - أزمة حكومات أم أزمة ثقة