أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد محمد خضر - مسرحية (المفتاح)أو محاولة الكشف عن الحقيقة















المزيد.....

مسرحية (المفتاح)أو محاولة الكشف عن الحقيقة


سعاد محمد خضر

الحوار المتمدن-العدد: 4049 - 2013 / 4 / 1 - 00:52
المحور: الادب والفن
    


من اجل الانسان ، من اجل التطوير المتواصل لأحسن خصائص الانسان الفرد ، ومن اجل انتصاره على قوى الطبيعة ومن اجل سعادته وصحته النفسية حاول الفن دائما حل المشكلات الحياتية التي تعترضه في مسيرة تطوره . ولكي يصل الانسان الفرد الى ذلك الكمال النفساني لابد من وجود المجتمع الحر العادل . ولهذا نرى ان الانسان والمجتمع هما محور معظم النتاج الفني والادبي الحديثين . وكثيرا ما نرى في حل هاتين المشكلتين في هذا النتاج او ذاك . تجسيدا حقيقيا للصراع الايديولوجي والطرق الفنية الابداعية ومنهم يختلف للتاريخ .
وتطور الفن والادب عملية متواصلة من الاقتراب من الواقع والتطور يواكبه امتلاك حقيقي للتناقضات الحياتية في تصويرها الاستاتيكي عبر العلاقات المتبادلة المؤطرة بين الحقيقة والمثال عبر بلورة المثال الاستاتيكي والتأكيد على الحياة في الفن يؤدي الى خلق المعادل الاستاتيكي والى التأكيد على ذلك المثال مع رفض كل ما يناقضهما . والفنان هو يعتمد على تناقض المثال والواقع نراه يتغلغل في التحليل في هذه البدايات في ديالكتيك التناقضات الحقيقية ، وفي هذه الدرجة او تلك عندما يصل الى منطقة المثل يبدأ في التفكير في تغير الحياة وحركتها الدائبة الى امام . ووضعنا تطور الشكلالمثالي للحياة امام مشاكل عديدة متصلة بمفهوم نوعية تصوير الحقيقة الفنية في مختلف مراحل وجودها . كما ان من يتابع طريق وتطور الشخصية والصفة الفنية في اي عمل ادبي مسرحي وحركتها من اقدم المقاييس حتى الواقعية يكشف تغيير النظرة للعالم وتطور مثل الطبقة والصفات والظروف التاريخية والوسط الاجتماعي .
ويدور تطور لا ينقطع وتكامل وتطوير وتعميق طرق التقييم الاستاتيكي وعلاقته بمفهوم حركة تناقضات الحياة ومتطلبات تصوير الحياة في تطورها يفترض في نهاية الامر امتلاك الافاق الوقتية واكتشاف الافاق الوقتية يؤدي الى تفهم تتابع علاقة وتبعية الموضوع كما يتطلب ليس فقط النظام في الاحداث وانما العلاقات المسببة التي تؤدي في النهاية الى الافق التاريخي والذي بدوره يتصل بسلسلة من الاكتشافات الفنية الجديدة .
ولاول مرة يجابهنا (يوسف العاني) بطريقة جديدة وبشكل يختلف تماما عما داب عليه من قبل ليقدم لنا اعمالا فنية كاملا يعبر عن وجهة نظر نافذة وعن فهم جريء وموضوعين للواقع المرتبط باحداث التاريخ ومن محاولة مخلصة لتقديم الحلول .
وككل عمل فني ناجح هادف الى مسرحية (المفتاح) محاولة لعرض ناجح لمشاكل العراق والشعب العراقي خلال اربعين عاما باحداثها الدامية وبافراحها التي كانت ومضات تمر كالحلم في جو غارق بالدماء . تم ربط تلك الاحداث بابعاد الاحداث التاريخية المعاصرة لها . فالعالم اصبح (صغيرا جدا) وما يدور في فيتنام له اثاره الواضحة على احداث الشرق الاوسط وما قاساه العراق في الاربعين سنة الماضية له علاقته الوثيقة بما حيك ويحاك من مؤامرات على الدول العربية المتحررة بل ان مأساة الخامس من حزيران هي بدورها حلقة لا تنفصل عن تلك الاحداث . فكل ما يحدث في العالم من مآسي سلسلة الحلقات تديرها وتبرز حلقاتها صراعات متصلة حتمية من اجل مصالح الاحتكار الامبريالي العالمي . ان نجاح (يوسف العاني) في ربط تلك الاحداث جميعا يرتفع بالمسرحية عن الاجواء المحلية ليخرج بها الى الافق العالمي . ومع مسيرة العاني في عرضه للعملية التاريخية نرى انه قد استطاع ان يكشف عن امكانيات التطور اللا محدودة للشكل وللشخصية الادبية اي البطل ، فقد فتح افاق التغلغل في ديالكتيك النفس البشرية مع اعطاء ملحمة تراجيدية لحياة الشعب فقد قدم لنا امثلة للصفات الفردية بارتباطها باحداث التاريخ وحياة الجماهير والصورة التاريخية لمصير الفرد في علاقاته باحداث التاريخ . وقد نجح العاني في اعطائنا صورة للفرد الذي يعرف انه جزء من الجماهير الثورية ، جزء كامل ومتعدد الجوانب وبهذا وضع حدا للتغلغل اللا نهائي في اعماق الفرد على حساب ترك العالم الخارجي الذي شعرت فيه بنفسها الجماهير الثورية والواقع الذي ترى له تأثيره على ارادة الفرد كجزء من الجماهير الثورية ونتيجة لعدد من الظروف يقع الشعب في تناقضات تراجيدية اثارت اهتمام الكاتب واصبحت الاساس المتحرك لاحداث المسرحية . ومع اندفاع (يوسف العاني) للافق التاريخي لم يترك في الظن بطلا واحدا من شخوص مسرحيته .
ويمثل كل كل بطل من ابطال المسرحية قطاعا من قطاعات الشعب بافراحه وامانه ومعاناته . العامل والفلاح والمثقف والرجوازي .. لكل دائرة تفكيره ولكل موقفه من الاحداث ومن الناس ، وببراعة يزيح يوسف العاني الستار عن اغوار كل منهم ، فكل كلمة وكل حركة وكل لقطة من حوار ابطاله ولم تكن هباء ولم تأتي عذرا بل كانت الضوء الذي يحدد ابعاد نفسية وموقف كل منهم ، والذي يحدد ابعاد نفسية وموقف كل منهم ، والذي يكشف امام المشاهد اين كانت الحقيقة واين كان الوهم .
واختيار العاني للاسطورة واختيار موفق فاستخدام الاسطورة للتدليل على محتوى اجتماعي جديد ليست بطريقة جديدة على المسرح العالمي واستعمال الاسطورة معناه العودة الى الماضي بحثا عن مفتاح العصر الحديث المعاصر للكاتب . والعودة للبداية ضرورية لكي نفكر جيدا في ذلك وفي تكرارها بعد ذلك في تاريخ الانسانية وفكرة البعث (بعث الجدودة) متصلة بفكرة التطور واستخدام الكاتب الرموز بهذا الصدد معناه ان الانسان لا يعيش كما يريد له العقل ذلك وانما عن عدم اهتمام وتمسك بالتقديم البالي المتأخر ، انه يستمر يعيش في هذا التيه ويظل يدور ويدور ويتعب ويسير ويعود ادراجه الى نقطة البداية .. وذلك لانه لا يستمع لصوب العقل والمنطق .
ويدلل الكاتب بذلك على عدم قابلية الانسان غير الواعي على الاصفاء لصوت الحقيقة الجديدة والذي ادى الى ذلك الطوفان الذي غلف العراق بوشاح من دماء فاحرق الاخضر واليابس .. فما زالت هناك الام ومعاناة واضحة متصلة ببقايا الماضي ولكن الكاتب يتخطاها ويدفع بابطاله الى تخطيها كذلك . ويعمل (الحداد – العامل – " والمثقف نوار" الذي سيأتي بالفانوس من البئر ، على مساعدة الشعب البائس المتعب على تخطي هذه البقايا ) ..
ولكن الطريق اماه حيران وعراقه (حيرة) ما زال طويلا شاقا منهكا وما زال حيران لا يستطيع ان يفهم ما يدور في هذا العالم الفائر .. فالعراق يريد الحياة باي ثمن وحيران يريد الضمان الاكيد الملموس لهذه الحياة الجديدة الاتية . ولكن حيرة رغم اصرارها الشديد على الحصول على هذه الحياة الجديدة الاتية فهي مازالت تتخبط في اوهام الماضي .. فهل ستستطيع حيرة ومعها حيران ان يتخطيا بقايا هذا الماضي ؟
(المفتاح) هنا هو الجواب لقد اعطاهم العامل (المفتاح) بلا ثمن فهل يا ترى سيستعملونه الاستعمال الصحيح ؟
ان الطبقة العاملة تقدم لها عصارة فكرها وخلاصة تعبها فهل يمكنهم استخدامها ؟ هل سيغلقون بالمفتاح صناديق الاوهام ام سيفتحون به ابواب المستقبل فيشع النور على الحياة الجديدة ؟ .. ان الحياة الجديدة شيء حتمي يمليه منطق تطور التاريخ . ويؤكد عليها الكاتب فالايام حبلى بها . ويرمز لذلك منظر حيرة وهي نائمة في البستان وقد احست ببوادر الحمل الجديد ولكن حيران ونوار لا يعرفان عن ذلك شيئا . منظر اخو يؤكد الحياة الجديدة الحلم الذي رأته حيرة وهي نائمة في البستان المفقر .. الفتيات الصغيرات الجميلات يغنين نشيد الحياة ويقدمن لها ولحيران التفاح .. التفاحة التي هي رمز الحياة . منذ الخليقة .. ولو كانت قبلا ثمرة محرمة فان الحياة الجديدة لن تكون ابدا ثمرة محرمة على افراد الشعب يتمتع بها البعض دون الاخرين .
ولكن الكاتب لا يتركها تسترسل في الحلم فلكي يكون ذلك الحلم حقيقة لابد من العمل ، لابد من التغيير واذ ذاك ستعود للبستان خضرته وسينهمر المطر ليزرع الحياة والحقيقة وبمحو الوهم والخيال . وصورة تلك الحياة الجديدة التي تزخر بها الايام القادمة للعراق ليست وهما او حلما يراود دعاة الاصلاح ، فقد اصبحت حقيقة انتزعتها شعوب في بقاع اخرى من الدنيا حيث وصلت المجتمعات فيها الى مراحل التطور اللانهائي المبدع لعمل الانسان الحر . فقد وصل انسانها الى القمر واصبحت فيه المرأة رائدة فضاء واصبح الفن غذاء للروح وللنفس الانسانية يغذى فيها نواحي الخير والمحبة ومن اجل مثل هذا المجتمع المشرق الحر العادل تحارب المرأة الفيتنامية بيد وباليد الاخرى تزرع الحياة ببلادها التي اشعل فيها هولاكو الجديد النيران .
هولاكو العالم المجنون الذي زرع ويزرع في بلادنا الموت والخراب والدمار والتشرد .. هولاكو الذي احرق البسمة على افواه الصغار واحال خضرة ارضنا الخيرة الى سواد قاتل . فمن اجل ذلك الجديد ومن اجل القضاء على الخراب والعار يجب ان يتخطى الانسان بقايا ومعاناة الماضي فالشمس لن تغيب ابدا .. ولن يستطيع سواد الليل مهما حلك ان يخفى نور القمر .. فالعمل والحركة وحدهما هما السبيل الوحيد اما الشعب .. وعلينا ان نحافظ على النبتة الجديدة التي مرقت من خلال العدم وفتحت عينها للشمس علينا ان نساعدها ونرعى نموها لكن تستطيع ان توجه الضربة لهولاكو الجديد وان تمحو بقع الدم وناسو الام الالاف من المشردين ... العمل الصادق الواعي المليء الثقة المستقبل ولن تقف الشعوب ابدا فستتحرك بل ستركض فتصل الى المستوى الذي سبقتنا اليه شعوب حققت حلم الحياة الجديدة .
فالفهم المتفائل للعالم والانسان في الفن هو مواصلة وتطور لاعمق التقاليد الشعبية في الفن في مرحلة جديدة . كما ان الصحة النفسية ليس معناها السذاجة باي حال من الاحوال لان المشاهد يبحث في المسرح عن تأكيد لثقته الداخلية في النصر النهائي الكامل للخير .
وهذه الثقة هي القوة الضرورية جدا للحياة بل وقانون التطور . والكاتب الواقعي هو الذي يستطيع ان يكشف الصلة العضوية بين الانسان وبين الاجواء المتفاعلة لمصائر الانسان التاريخية . وفي عصر الثورة والاحداث التاريخية الفائرة يهدف الفن الى تحرير ما هو كامن في اعماق الانسان من قوة بل اظهار مبدأ فني جديد لمقاومة الوسط الذي يسل حركة الانسان ولرفض المجتمع الذي تعمل فيه جموع عطشى ، حيرى ، جائعة عارية لتقدم الحياة لحفنة من الناس . فقد كانت رحلة يوسف العاني الشاقة مع ابطال مسرحيته بحثا عن الحقيقة ومحاولة لكشف التقارب عن الوهم ودعوة لكل فرد ان يعرف نفسه وان يعمل ويناضل من جديد من اجل الحياة الجديدة . واقولها صادقة لاول من يشاهد جمهورنا عملا فنيا عالي المستوى من ناحية الشكل والمحتوى يفرض نفسه على واقع الفن عندما يعتبر بداية الطريق نحو فن وادب ملتزمين ينبعان من صميع الشعب ليخدما الشعب وستظل عملا واضحا في طريق الفن العربي الاصيل . وكما يقول (بلزاك) : (فلا يوجد عمل عظيم يغمره النسيان) .



#سعاد_محمد_خضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النخلة والجيران !


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد محمد خضر - مسرحية (المفتاح)أو محاولة الكشف عن الحقيقة