نناشد قطر ضبط النفس؟؟؟

ربيع الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 4043 - 2013 / 3 / 26 - 23:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

سمعنا كثيرا خلال العاميين المنصرمين من عمر الأزمة السورية عبارات مثل: قطر تتآمر على سورية، قطرائيل هي المستفيد من الاقتتال في سورية، دول الخليج هي من تقود المعارضة السورية وتتحكم فيها ، قطر تمول الجماعات الجهادية التكفيرية التي تفجر في سورية وتقتل الأبرياء ، أمير قطر يعتبر الموضوع السوري قضية شخصية، هناك خلاف بين قطر وأمريكا بشان تسليح المعارضة السورية حيث تصر الأولى على أن يكون هناك قرار أممي يتبنى تسليح المعارضة السورية بكل أنواع الأسلحة الحديثة لمجابهة القوة النارية التي يمتلكها الجيش السوري، قطر هي من تمول إرسال المقاتلين من كل أنحاء العالم إلى سورية، قطر هي تمول تدريب المسلحين في الأردن وتركيا ولبنان، قطر هي من ضغطت على كل الدول العربية من أجل تعليق عضوية سورية في جامعة الدول العربية. قطر هي من تضغط على السودان واليمن والدول الفقيرة كي تمتثل لقراراتها بشأن سورية، قطر هي من تتحكم في السياسة المصرية ، وهي من تضغط على الجزائر والعراق لتحقيق مصالحها عبر جامعة الدول العربية.
تسمع أيضا بعض المحللين يقولون: أمير قطر عميل لأمريكا انقلب على والده واستلم الحكم ويأتي اليوم ليعلمنا دروس في الديمقراطية، دويلة قطر لا تملك شعبا وأغلب عناصر جيشها والشرطة فيها غير قطريين من المجنسين من دول شرق آسيا، قطر لا تملك تاريخ ولا حضارة ولا مستقبل بل هي حالة طارئة فرضتها التغيرات الحالية وهي عبارة عن مشايخ جالسين على منطقة جغرافية غنية بالغاز والبترول ويملكون قناة إعلامية تسمى الجزيرة تبث السموم والفتن في كل الدول العربية والبعض يقول الجزيرة هي من تملك قطر، أميرها مصاب بعدة أمراض ومن المتوقع حدوث انقلاب عليه ويوجد خلافات بين ولي العهد ووزير الخارجية ويمكن أن تنفجر في أي لحظة.
أما قبل الأزمة السورية فكانت قطر دولة عربية أقرب لمحور المقاومة وكانت الجزيرة تقريبا تعني المنار، حتى أننا احتفلنا استثنائيا باتحاد البث بين التليفزيون السوري والقطري بتوديع عام 2010 واستقبال عام2011 ولم نكن نعلم أنها نهاية الاحتفالات بين قطر وسورية ، وكان السوريون ينظرون لأمير قطر على أنه نموذج منفرد عن حكام الخليج فقطر وقفت إلى جانب المقاومة على الأقل في العلن في عدوان 2006 على لبنان وزار أميرها جنوب لبنان وتعهد بإعادة الأعمار وبدأت قطر تتوسط بين سورية وفرنسا ليتكلل ذلك بزيارة الرئيس الفرنسي ساركوزي مع أمير قطر واردوغان إلى سورية في أيلول سبتمبر عام 2008 ، كما سميت العاصمة القطرية بدوحة العرب لأنها كانت مكان يجتمع فيه أبناء البلدان العربية المتحاربون ليعقدوا صفقات الهدنة والصلح على ارض الدوحة وبمتابعة وسهر أميرها لساعات الصباح الأولى كي يتم تحقيق الاتفاق بين الأفرقاء المتقاتلين كما حدث في أيار (مايو) 2008 بعقد اتفاق الدوحة بين اللبنانيين، وكذلك المحادثات بين جنوب السودان وشماله والعمل القطري على التقريب والمصالحة بين حماس وفتح، كما قامت قطر بمحاربة حكم مبارك المنفذ لأجندات إسرائيل إعلاميا وسياسيا ، وعقدت القمة العربية الاستثنائية التي سميت قمة غزة في قطر لبحث تداعيات وسبل إيقاف الحرب على غزة في نهاية 2008 وبداية 2009.
إذا قطر نفسها كانت تقود العمل العربي قبل الأزمة السورية وسعت لإيجاد حلول لأغلب الملفات الخلافية بين أبناء البلد الواحد وسورية أيدت مساعيها كما تم الترويج لقطر في الإعلام السوري على أنها مستقلة بقرارها وبموقفها وتنطلق من قناعات عروبية خالصة وبالتالي فهي أفضل للعرب والعروبة وخدمة المقاومة من السعودية التي تآمرت على المقاومة في عدوان تموز (يوليو) 2006 على لبنان واعتبرت ما قامت به المقاومة مغامرة غير محسوبة وعليها تحمل نتائجها .
والسؤال الآن: عندما كنا ندعم مواقف قطر "القومية العروبية" هل نسينا أنها دويلة وعلى أراضيها قاعدة أمريكية من أكبر القواعد في الشرق الأوسط وأن أميرها قد انقلب على أبيه وأنها دولة مشيخة وأن تقاربها من سورية ليس من قبيل النخوة المفاجئة نحو العروبة والمقاومة؟
هذا الكلام لايعني أن لا نقيم علاقات مع قطر لكن أن نمنحها استثمارات متعددة ويتاح لها المجال لإقامة علاقات واسعة مع كثير من رجال الإعمال السوريين في الداخل والخارج ومع بعض المسئولين أيضا في الدولة وتدخل من خلال هذه العلاقات مخابرات دول متعددة تعمل لصالح أعداء سورية هنا المشكلة، فلماذا تذكرنا ذلك بعد تورطها في الأزمة السورية وبدأنا نعدد صفات قطر السلبية صباحا مساءا وكأنها خصائص جديدة لحكام قطر، لماذا غيبنا هذا عن الرأي العام في سورية وعندما انقلبت علينا قطر أظهرناه هل السياسة تتطلب ذلك ؟
بالتأكيد لا يوجد في السياسية والعلاقات الدولية صديق دائم ولا عدو دائم ولكن بالتأكيد أيضا من يتبع لأمريكا ومن يقيم أوطد العلاقات مع إسرائيل كقطر ومن يكون عضو في حلف الناتو ومستعمر لسورية مدة أربعمائة عام كتركيا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكونوا أصدقاء لسورية وهذا ما ظهر جليا من احتلال ثقافي وتجاري وصناعي تركي لسورية قبل الأزمة واحتلال عسكري بعد الأزمة، ألم تتضرر الصناعة والثقافة والدراما السورية بسبب العلاقات مع تركيا وماذا كان المقابل سوى بعض الكلمات العاطفية التي أطلقها اردوغان هنا وهناك لصالح الشعب الفلسطيني ولصالح سورية وهو نفس الأسلوب الذي يتبعه اليوم مع المعارضة و الشعب السوري المؤيد لما يسمى الثورة السورية، ألم يذكر وزير الخارجية الروسية لافروف أكثر من مرة بأن سورية لم تلجأ لروسيا إلا بعد أن خذلها الاتحاد الأوربي وبأن سورية كانت بعيدة عنا في الفترة الماضية، فلماذا لا نكون واضحين مع الرأي العام في سورية ونعترف بأننا ارتكبنا أخطاء إستراتيجية بدلا من أن نجملها ونقدم مبررات غير منطقية وغير مقنعة لرفع مستوى العلاقات بين سورية وكلا من قطر وتركيا قبل الأزمة.
واليوم عندما نردد أن دويلة مثل قطر تقوم بقتل وتدمير سورية وتدعم الإرهاب فيها ألا يعتبر هذا الكلام مسيئا للسوريين حكومة وشعبا قبل أن يسيء لقطر إذ كيف يمكن لدويلة ولمشيخة أن تقوم بتدمير بلد يملك حضارة عريقة ويعيش أبنائه مع بعضهم البعض منذ آلاف السنين؟ وكيف تستطيع دويلة بهذه المواصفات أن تحرض أبناء بلد مثل سورية على بعضهم البعض وتقسمهم طائفيا ومذهبيا وعرقيا؟ وكيف لها القدرة أن تعلن وعلى الملأ بأنه يجب تحقيق الديمقراطية في سورية وتتكلم عن حقوق الإنسان وتعين ممثلين للشعب السوري وترفض آخرين وهي تفتقد لأدنى مقومات الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ وكيف يمكن أن تصرح بأنه يجب تسليح المعارضة السورية بكل أنواع السلاح لمجابهة ما تسميه النظام الظالم؟ وكيف لها أن تقول أننا نصحنا السلطة السورية بأن تسمع لمطالب الشعب ولكنها رفضت؟ وكيف يمكن أن تتكلم قطر أيضا عن حقوق الشعب المصري الذي ابهر العالم بحضارته وبمنجزاته وأيضا تتحدث عن حقوق الشعب العراقي الغني بتراثه وبعلمائه وبحضارته أو تتكلم باسم الشعب الجزائري بلد المليون شهيد؟؟
الجواب وبكل بساطة لأننا ضعفاء اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا وسياسيا وإلا لم تكن لتتجرأ دولة مثل قطر لفعل ما تفعله من إساءة لشعب سورية وتاريخها وحضارتها واليوم نسيء لأنفسنا عندما نكتفي باللوم عليها ولا نعترف بأننا أصبحنا اضعف من مجابهة ما يسمى دويلة قطر لأن أصبح لها نفوذ داخل الشعب السوري وأصبح قسما من هذا الشعب يأتمر بأمرها وينفذ أجندتها فكفانا كلاما إننا نستطيع لو أردنا أن نوجعها كما توجع الشعب السوري ، فماذا ننتظر إن كنا نستطيع فعلا أن نرد على ماتفعله بحق الشعب السوري من مجازر وقتل؟
فهل سيأتي يوم أن ردت سورية ولو بشكل محدود على كل إساءات وأفعال حكام قطر بحق الشعب السوري سنسمع كلاما من الأمم المتحدة يناشد قطر بضبط النفس؟؟

#ربيع_الحسن (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات