|
اسفل الحياة
سعدون جبار البيضاني
الحوار المتمدن-العدد: 4041 - 2013 / 3 / 24 - 00:08
المحور:
الادب والفن
اسفل الحياة قصة قصيرة اعتكف على تدوين واقعة وجوده على قيد الحياة ، افترش خارطة حياته وبدأ يرسم خطوط عرض كيانه ، بعد جهد مضني استطاع تحديد الشمال ثم انحدر مسترسلا ً مبتئسا ً مستأنسا ً بنبش الماضي والسيطرة على فلوله المنهزمة متدليا ً نحو الجنوب ، كانت المطبات التي أعاقت سيره غامضة جدا ً واستعصى عليه إقصاؤها من منهاج عمله ، فتح اضبارة حياته ، وقعت عيناه على الملف الأول ، أوراق دونت فيها الوحشة ، تقاطعات لزمن لم يعد يتذكره ، قسم من الأوراق ظهرتْ فيها دمامل برؤوس دامية وأورام شكلت ْ هاجسا ً مأساويا ً لفترة ليست بالقليلة ، أحزان مشطوبة عليها ملاحظات بكتابة ناعمة جدا ً تعثر في قراءتها ، انتشلها من الأضبارة وكتب عليها أو أسماها ملف رقم واحد ، أسدلها جانبا ً وواصل البحث في اضبارة حياته ، هذه ورقة وجد فيها فهرست حياته متدلية مبوبة حسب نظام ملفل ديوي ومقسمة إلى فصول : فصل: عشر سنوات طفولة ، عشرة مراهقة /ضياع عشرة حرب ، عشرة حصار ، أوراق عديدة مدون فيها النوم بلا أحلام /سبات قسري . فصل آخر : الأمراض ،حصبة /سعال / التهاب الرئتين / تمزق بسيط أسفل المخ (لم يكتشفه الأطباء حتى هذه اللحظة ) أغلق الملف وأسماه ملف رقم (2). بعد استراحة قصيرة أخرج مطرقة وضربها بقوة على رأسه وصاح – محكمة – استدعى أمه وعقد معها اجتماعا ً مغلقا ً لاستجوابها وكان سيل الأسئلة منصبا ً حول فكرة تكوينه ، رغم الحرج والتحفظات استطاع أن ينتزع منها اعترافا ً خطيرا ً أدلت ْ به بعد إذ داهمها بعرض شريط مسجل يحتوي على معلومات بصوتها وضعها أمام الأمر الواقع بحيث لا تستطيع إنكار أو إخفاء أية معلومات فاضطرتْ أن تكاشفه الحقيقة .. بني : ما كنت ناوية قط إنجابك وقد استعملت ُ كل الوسائل المتاحة دون أن تكون لكن أباك في لحظة شبق عارمة جاءني متوهجا ً تقدح الشهوة من عينيه فأوقع بي وصب جام غضبه الذي تدفق ساخنا ً حد أنه أغمي علينا لحظتها وكدنا أن نفتضح لولا وحشة الدار التي سترت ْ الموقف وحال احتوائنا الحالة وفي بدء استعادة وعيي لطمت على وجهي وصرخت ُ انك آت ٍ لا محالة وهكذا وقعت ْ الواقعة خارج ارادتي في الوقت الذي مسّد أبوك شاربه وخرج يتلمظ مغمورا ً بالبهجة ، بينما كان اعتراف أبيه الذي انتزعه منه بالقوة مخالفا ً لما أدلتْ به الأم حيث أسند التهمة اليها كاملة وذكر أنها استخدمت ْ معه أقصى ألاعيب المكر والخديعة وراودته عن نفسها بعد أن خلعت ْ أمامه ما يسترها متذرعة بحرارة الجو واندلقت فوقه كالسمكة وهددته أن تسلك الرذيلة أن باءتْ محاولتها بالفشل فاضطر إلى مواقعتها لكن ما تطابق من الشهادتين أن حالة الإغماء وقعت فعلا ً وأضاف الأب إلى إفادته لكني يابني ما كنت أبغي أن تكون إطلاقا ً لا والله .. أغلق الملف وأسماه ملف رقم (3). أغلق الأضبارة واستعان بخبير ينقل المدونات إلى الواقع ، استل عموده الفقري وعظامه بأجمعها باستثناء الجمجمة ورزمها في حقيبة ، جمع اللحم ورزمه في حقيبة أخرى ، سار الولد يحمل الحقيبتين ، وقف على حافة حفرة عميقة ، أراد أن يطمر نفسه ، دخل الحفرة تمدد فيها، شعر بالراحة والاطمئنان ، نام...، وقد ظلت الحقيبتان على حافة الحفرة والهواء يقلب اضبارة حياته في مكان ما والى جانبها جمجمة لا علاقة لها بما حدث ....
#سعدون_جبار_البيضاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|