|
الإسلاميين و فجوة العقل و الضمير
مازن صلاح الأمير
الحوار المتمدن-العدد: 4039 - 2013 / 3 / 22 - 14:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن أدعياء الدولة الدينية عموما يعانون من أزمة ضميرية خانقة تكمن في زوايا نظرهم لجموع الإنسان غير المسلم و ذلك من خلال محاولاتهم المحمومة ل(شيطنته) ليفتحوا الباب بعد ذلك على مصراعيه لإضطهاده دينيا و سياسيا بإعتبار أنه يقل دونا بالنسبة له ،هو الممنوح حسب تصوره الحق الإلهي في الغفران و العقاب لذا يمكن القول أن الإسلامي ليس مهموما بإصلاح المذنبين بقدر إشتهاءه لمعاقبتهم و يتمثل ذلك في رغبتهم الجارفة في سن قوانين حدية و جزائية تنم عن حقد و تشفي بل و الإصرار عليها بإعتبار أنه المنقذ من الضلال و الهادي إلى سبيل الرشاد ، وأغفلوا بنفس السرعة أن هذه العقوبات ليس غاية في حدها بل وسيلة لتقليل الأضرار التي تصيب المجتمع من بعض المسالك التي يمكن إنفاذها عبر وسائل أخرى متحضرة تتناسق و إنسان الآن و لا تؤدي إلى التكريس على دونيته إجتماعيا و تشويهه بدنينا في جرائم قد يعاقب عليها و يكون هناك إحتمال عدم إرتكابها له وارداً ، و ما محاكم العدالة الناجزة إبان فترة الديكتاتور نميري و تحالفه الآثم مع جماعة الترابي إلا مثالاً فاضحا على همجية المنفذ و المشرع. الفخ الأخلاقي الذي يسقط فيه الإسلامويون هو في أنهم يحاولون فرض الشريعة قسرا مع عدم مراعاة التباين الذي قد يلازم المجتمع في نسبية الأخلاق و التدين الفردي ، فمثلا من المنطقي في جوانب السلوك المتماهي مع المعتقد الديني يكون الجانب الأكثر صحة بالنسبة للدين ذلك الذي يقف فيه رجال الدين و لكن ليس من الضروري أن يكون هو الأصح مع ذلك سيحاول هذا المتدين فرض رأيه عن طريق النص لا العقل و تبني الدولة لرأيه بإعتباره تشريعا ملزما ، و هو ما يفتح الباب على مصراعيه على أشكال من التدين النفاقي بإستخدام أشكال من التقية تمنع من التصادم أو التعارض مع دين الدولة الرسمي و هو ما يختلف مع جوهر كثير من الأديان التي تستلزم إيمانا قاطعا يقينيا ، و عودا على نقطة الفجوة الضميرية فإن شذوذ الإسلامي عن القاعدة الذهبية للأخلاق و التي تنص على الفرد يجب أن يقيس تصرفه بالنسبة للآخرين من حيث وضع نفسه في موضع المفعول به ، و لو فرضنا مثلا أن هناك سلفي لا يرى في الحياة إلا سبيلا لموت جهادي يستلهم فيه بطولات الأولين و في المرأة موضعا جيدا لحيوانيته و لحيته الأناركية أجمل عنده من أزاهير الرياض ، لو فرضنا أنه ألقي به في جزيرة معزولة و ليس بها إلا مجموعة من الرجال الذين يدينون ب(الرانكارانية)* التي تلزمهم بأن يتناولوا حبوب الهلوسة مع المغيب و يمشوا عاريين مع الظهر و يعتبر كل من لا ينفذ ذلك مذنبا و تجب معاقبته ، هل سيطيب المقام لسلفينا المبجل بهذه الجزيرة ، أم أنه سيطالب بقوانين وضعية حينها تراعي التعدد الديني و الطائفي ، ليصبح وبكل أسف علمانيا فاسداً!!!! الفجوة العقلية الملازمة للإسلاميين هو قشورية قضاياهم ، فمثلا نحن نتمتع بهيئة علماء عالية الكفاءة من الناحية الفكاهية ، و يمتلك فقهاءها غباءاً لا يمكن أن يحسدهم عليه أحد بل يرق لتبلدهم قلب الكافر-حسب تعابيرهم- فالقضايا المحورية بالنسبة لهم هي هل سفر الرئيس للجنوب شرعي أم بدعة !!! ، و لم نسمع يوما و لو على سبيل الشائعات ذات الغرض أن هيئتنا الهمامة ناقشت تدهور المناهج التعليمية أو تفشي ظاهرة الإغتصاب في مدارس الأساس ، فالإسلاميين في حاجة عاجلة لنفض غبار صحراء نجد عن عقولهم و محاولة الإسراع في الإلتحاق بركب العالم و العلوم ، لكن لو إستمروا في محاولاتهم بأن يجعلوا لكل العلوم نصا قرآنيا يليق بها فلن يبلغوا علما و لا دينا ، بل سيظلون كما هم يفوقون الجهل العريض!!!!
#مازن_صلاح_الأمير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإسلاميين و صدمة الصعود
-
العلمانية في السودان : الطريق نحو الأنسنة-*
المزيد.....
-
غانتس يعلن أن إسرائيل لم تتلق ردا عن موافقة حماس على الصفقة
...
-
باكستان تتعرض في أبريل لأعلى منسوب أمطار موسمية منذ عام 1961
...
-
شاهد: دمار مروع يلحق بقرية أوكرانية بعد أسابيع من الغارات ال
...
-
خطة ألمانية مبتكرة لتمويل مشاريع الهيدروجين الأخضر!
-
بوندسليغا: بايرن يتعثر أمام شتوتغارت ودورتموند يضرب بقوة
-
الداخلية الألمانية تحذر من هجوم خطير
-
روسيا.. 100 متطوع يشاركون في اختبارات دواء العلاج الجيني للس
...
-
ملك المغرب يدعو إلى اليقظة والحزم في مواجهة إحراق نسخ من الق
...
-
تأهب مصري.. الدفع بهدنة في غزة رغم تمسك إسرائيل باجتياح رفح
...
-
تونس.. وزارة الداخلية تخلي مقر المركب الشبابي بالمرسى بعد ال
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|