|
لاجئ سياسي
جان برو
الحوار المتمدن-العدد: 4032 - 2013 / 3 / 15 - 16:11
المحور:
الادب والفن
لَاجِئٌ سِياسِيٌّ
لَاجِئٌ سِياسِي.. وَيُخْتَصَرُ إِسْمِي، وَاِسْمُ أُمِيّ، وَأَبِي وَوَطَنِي، وَكُلُّ تَارِيخِي، بِكَلِمَةً وَاحِدَةْ.. لَاجِئٌ سِياسِي.. وَأَبْدُو كَمُتَسَوِّلٍ فِي اَلأَزِقَّةِ الغَرِيبَةِ، أَشْحَذُ خُبْزً، أَشْحَذُ عَطْفَاً، أَشْحَذُ اِبْتِسَامَةً مِنَ النَّاسِ.. وَأَبْدُو كَمُتَسَوِّلٍ لَا جُذُورَ لَهُ، ثُمَ أُصْبِحُ شِيءً، أَو رَقَمَاً، أَو جَسَدً مُتَحَرِّكً، بِلَا هَوِيِّةً أُو أَسَاسِ.. لَاجِئٌ سِياسِي، أَصْبَحْتُ أُسَمَى بِلَاجِئٍ سِياسِي، اِسْمٌ لَمْ أَخْتَرْهُ لِنَفْسِي يَا وَطَنِي، وَلَمْ أَكُنْ لَهُ مُدْرِكً، وَلَا كَانَ فِي لَحْظَةٍ عَلَى قِيَاسِي، فَأَنَا لَسْتُ سِيَاسِيَّاً، وَلَمْ أَكُنْ بِوِزَارَةِ النَفْطِ مُغْرَمً، وَلَا كُنْتُ مُولَعً بِالكَرَاسِي، وَلَا كُنْتُ عَلَى قُصُورِ الأُمَرَاءِ مُتَرْدِدً، وَلَا لِسِياسَةِ الخَارِجِيَّةِ مُحَدِدً، وَلَا كُنْتُ شَاعِرَ القَصْرِ الرِئَاسِي، وَأَنَا لَسْتُ إِلْاَ شَاعِرً يَعْشْقُ الحُرِّيَةَ، بِكُلِّ وِجْدَانِي، وَضَمِيرِي وإِحْسَاسِي، وَأَنَا شَاعِرٌ مَا كَتَبْتُ القَصِيدَةَ إِلَا لِحَبِيبَتِي، فَمَا بَالُ شِعْرِي يَضُجُ مَضَاجْعَ الأَنْجَاسِ، وُمَا بَالُ قَصَائِدِي المُتَنَاثِرَة بِينَ طِياتِ دَفَاتِرِي، تُرْعِبُهُمْ، وَتَخْلُقُ لَهُمْ الْفَ وَسْوَاسٍ وَخَنَاسِ، وَالشِّعْرُ يَا وُطْنِي لِيسَ تُهمَةً أُدَانُ بِهَا، أَوَلَيسَ الشِّعْرُ حَدِيثَ الأَنْبِياءِ، وَلَحْنُ قُدَاسِ.. أَهٍ مِنْكَ يَا وَطَنِي.. صَنَعْتَ مِنْ كَلِمَاتِي، لَاجِئً سِيَاسِي، فَهَلْ أَشْكُوكَ لِفِيرُوزٍ، أَمْ لِأَزِيزِ الرَّصَاصِ فِي ذَاكِرَاتِي، أَمْ لِمَواوِيلِ الصَّبْرِ، أَمْ أَشْكُوكَ لِخَمْرَتِي، وَسَعِيرِ الكَاسِ، أَمْ لِلْتَّوْرَاتِ أَشْكُوكَ، أَمْ لِصُحُفِ التَّارِيخِ، أَمْ أَشْكُوكَ لِلْمُتَنَبِّي، وَأَبِ الفِرَاسِ.. أُحِبُّكَ يَا وَطَنِي.. وَالرُّوحُ لَكَ تَرْخَصُ دُونَ وَسْوَاسِ، وَأًنْتَ قَدَرِي، وَأَنْتَ العِشْقُ، وَأَنْتَ الدُرُ وَالمَاسِ.. أُحِبُّكَ يَا وَطَنِي، رُغْمَ أَنَ المَحَبَّةَ قَدْ عُلِّقَتْ عَلَى مَشْنَقَةِ الأَجْدَادِ، وَمَا وَرِثْنَا مِنْهُمْ سِوَى فُرْقَةً، وَدَسَائِسً، وَاَحْقَادِ، أَهٍ مِنْكَ يَا وَطَنِي، عَاتَبْتَنِي.. وَجَرِيحٌ أَنَا يَا وَطَنِي، وَأُمِّي الَتِي حَطَّمَتْنِي بِدَمْعِهَا، وَقَفَتْ فِي صَفِّكَ يَا وَطَنِي، وَشَوَارِعُ حَيِّنَا القَدِيمْ، وأصْوَاتَ المَآَذِنِ، وَوَالِدِي.. ذَاكَ الشِّيخُ العَظِيمْ، عَاتَبُونِي لِأَجْلِكَ يَا وَطَنِي.. وَالجُرْحُ يَا وَطَنِي جَمْرَةٌ تَغْلِي فِي صَدْرِي، وَقَهْرٌ يُمْعِنُ فِي مَأسَاتِي، وَيَزِيدُ قَهْرً عَلَى قَهْرِي، وَالجُرْحُ يَا وَطَنِي دَمْعَةٌ مَنْسِيَّةٌ فِي عِينِ أُمِّي، أَبْكَتْ الرَّبِيعَ عِطْرً، أَبْكَتْ الأَحْزَانَ صَبْرً، وَأَبْكَتْكَ دَمَاً.. يَا وَطَنِي.. أُحِبُّكَ يَا وَطَنِي، أَيُّهَا النِّسْرُ الجَرِيحْ، أَيُّهَا الغُفْرَانُ المُقَدَّسُ، يَا رَيحَانَةَ بِيتِنَا، يَا شَمْسً أَضَاءَتْ رِسَالَةَ المَسِيحْ، كَثُرَتْ آهَاتِي وَلَمْ تَعُدْ كُلُّ كَلِمَاتِ العِشْقِ تَشْفِنِي، وَلَمْ تَعُدْ كُلُّ سَحَابَاتِ العَالَمِ بِأَمْطَارِهَا تَرْوِينِي، وَلَمْ تَعُدْ لِلْقَهْوَةِ نَكْهَةٌ، وَلَا لِلْمُوسِيقَى نَكْهَةٌ، وَلَا لِشُرُوقِ الشَّمْسِ.. خَلْفَ حُدُودِكَ أَيُ شَيءً يَعْنِينِي، اِشْتَقْتُ إِلِيكَ يَا وَطَنِي.. اِشْتَقْتُ إلَى اِبْتِسَامَةِ أُمِّي، وَيَاسَمِينَةَ قَلْبِهَا، أُخْتِي الصَّغِيرَةْ، وَقَصَائِدِي الَتِي دَفَنَـتْهَا الذِّئَابْ، وَقِيثَارَتِي العَجُوزْ، وَرَائِحَةُ التُّرَابْ، اِشْتَقْتُ إِلِيكَ يَا وَطَنِي.. أَيُّهَا القَصْرُ المُتَأَلِّقُ فَوقَ السَّحَابْ، هَلْ لِي بِعِيشَةٍ كَرِيمَةٍ تَحْتَ جَنَاحِيكَ، وَلَمْسَةً حَنُونَةٍ عَلَى قَلْبِي مِنْ يَدِيكَ، أَمْ أَنَّ قَدَرِي أَنْ أَبْقَى لَاجِئً مَنْفِياًّ، فِي بِلَادِ الأَغْرَابْ، أَمْ أَنَّ قَدَرِي أَنْ يَقْتُلُنِي قَهْرِي، وَيقْتُلُنِي الذُلُّ، وَيُنْهِينِي العَذَابْ، اِشْتَقْتُ إِلِيكَ يَا وَطَنِي.
جان برو
#جان_برو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علماني وافتخر
المزيد.....
-
الشاعر إبراهيم داوود: أطفال غزة سيكونون إما مقاومين أو أدباء
...
-
شاهد بالفيديو.. كيف يقلب غزو للحشرات رحلة سياحية إلى فيلم رع
...
-
بالفيديو.. غزو للحشرات يقلب رحلة سياحية إلى فيلم رعب
-
توقعات ليلى عبد اللطيف “كارثة طبيعية ستحدث” .. “أنفصال مؤكد
...
-
قلب بغداد النابض.. العراق يجدد منطقة تاريخية بالعاصمة تعود ل
...
-
أبرزهم أصالة وأنغام والمهندس.. فنانون يستعدون لطرح ألبومات ج
...
-
-أولُ الكلماتِ في لغةِ الهوى- قصيدة جديدة للشاعرة عزة عيسى
-
“برقم الجلوس والاسم إعرف نتيجتك”رسميًا موعد إعلان نتيجة الدب
...
-
“الإعلان الثاني “مسلسل المؤسس عثمان الحلقه 164 مترجمة كاملة
...
-
اختتام أعمال منتدى -الساحة الحمراء- للكتاب في موسكو
المزيد.....
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
المزيد.....
|