أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لؤي حاج بكري - الصراع الثقافي في بلدان التحرر الوطني - سوريا نموذجا














المزيد.....

الصراع الثقافي في بلدان التحرر الوطني - سوريا نموذجا


لؤي حاج بكري

الحوار المتمدن-العدد: 4032 - 2013 / 3 / 15 - 07:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الصراع الثقافي في بلدان التحرر الوطني – سوريا نموذجاً
يعتبر الكثير من الباحثين تنوع الثقافات أساس التطور والازدهار في المجتمعات الانسانية، مدللين على ذلك بالكيانات ما بعد الدينية والقومية التي نشأت حديثاً كدول متعددة الثقافات في الولايات المتحدة وكندا واستراليا، وفي تحول أعرق الدول التقليدية نحو الاتحاد الأوربي ككيان تعددي حديث قطع خطوات راسخة ومهمة ، في حين تتعرض معظم الكيانات لصراعات اجتماعية وعنيفة ناجمة عن ذلك التنوع بشكل رئيسي كما في الدول العربية والافريقية وروسيا والهند والصين والعديد من الدول الآسيوية، مما يبرز إلى السطح مسألة الصدام الثقافي الداخلي في المجتمعات البعيدة كل البعد عن أطروحة هنغتنتون المعروفة بصراع الحضارات الكبرى.
إن للبحث في تجليات تلك الظاهرة على الواقع السوري مداخل مختلفة باختلاف الهويات الثقافية للباحثين واجتهاداتهم الشخصية، لكنه ومع الاحتقان الاجتماعي المتزايد والتخوفات المختلفة من التصادم الاجتماعي الأكثر عنفا لابد من إيلائها الاهتمام المناسب، بتحديد أسبابها وآليات الخروج منها رغم الشكل الواضح للصراع القائم على إسقاط النظام السياسي؛ وكمدخل اولي للمقاربة يمكن القول بان تلك البقعة الجغرافية المعروفة بسوريا اليوم قد تعاقبت عليها العديد من الدول المختلفة اجتماعيا مما يرجح حصول صراعات اجتماعية حادة، وبأن المجتمع السوري الحالي ليس إلا مزيجا من الثقافات التي وجدت عليها، وبأن الكيان السياسي الناشئ فيها مع سقوط السلطنة العثمانية بدايات القرن العشرين قد أسس لمجتمع له العديد من الامتدادات في كل الكيانات المجاورة، وبأن المجتمع الحالي ذو تركيبة ثقافية متنوعة من عوائل المدن والأرياف الحضرية ذات الخلفيات الدينية والطائفية والقومية المختلفة ومن العشائر العربية والكردية المنتشرين من جنوب البلاد حتى شمالها؛ لقد تشكلت الجمهورية العربية السورية كإطار وطني لهذا المجتمع وفقا لدساتير وقوانين وسياسات متتالية، انتهت إلى الشكل الذي رسم ملامحه حافظ الأسد الذي قاد الانقلاب العسكري الأخير عام 1970، شكلا يقوم على صهر تلك المكونات الاجتماعية في بوتقة القومية العربية كما يسميها، عبر طمس التنوعات الثقافية وفرض ثقافة مشتقة على ما يبدو من ثقافة اشتراكية عسكرية في نموذجها الكوري الشمالي.
انطلاقا من تلك المعطيات فإن ما جرى من تغيرات دولية عاصفة نهاية القرن العشرين ، تمثلت بانهيار الثقافة الاشتراكية وانتشار نظريات ثقافية ليبرالية جديدة حول العولمة ونهاية التاريخ والصراع الحضاري، ومن المتغيرات الثقافية الحاصلة في البلدان الاشتراكية والبلدان المتأثرة بها أكثر من بقية البلدان الأخرى، حيث عادت مجتمعات الاتحاد السوفياتي السابق إلى الشكل القومي للثقافة كرد على التسلط الروسي المباشر، وحيث أن مجتمعات أوربا الشرقية التي شعرت بالتحرر من النفوذ الروسي لم تستغرق طويلا في تنمية ثقافاتها القومية بقدر ما انتقلت لتنمية قيم الثقافة الغربية، وحيث أن الصين صاحبة التجربة الاشتراكية المستقلة قد بقيت بعيدة عن تلك المتغيرات الحادة بسبب جنوحها المسبق نحو خصائص الثقافة الصينية، في حين أن كوبا سعت لتكريس اشتراكية جديدة في محيطها الاقليمي مستندة لانتزاع الفئات المهمشة الثروات العامة والشخصية من الفئات الأخرى، فإن تلك الدول التي استوحت أشكال متفاوتة من الثقافة الاشتراكية ولم تستطع فرض متغيرات ثقافية واضحة قد بقيت أسيرة لهياكل ثقافية فارغة، تلك البلدان التي عرفت ببلدان التحرر الوطني كالجزائر وتونس وليبيا ومصر والعراق وسوريا واليمن ، والتي استمدت من التجربة الاشتراكية العالمية عناصر ثقافية متعلقة بمفاهيم كالحزب القائد والمدعي الاشتراكي واللجان الشعبية، تعرضت مؤخرا لمتغيرات عاصفة مختلفة تماما عن المتغيرات الطبيعية الهادئة في البلدان ذات الطبيعة الاجتماعية المشابهة لها.
إن ما حصل في سوريا بعد الخواء الثقافي بتلاشي قيم الثقافة الاشتراكية القومية وتحول مؤسسات الحزب القائد إلى هياكل عظمية من المسؤولين الحزبيين، وبغياب أية طروحات ثقافية جديدة قادرة على التأثير في الشارع السوري، وبالاستعاضة عن شعارات البعث والقائد الأمين بشعار الثالوث المقدس - الله سوريا بشار وبس - ، فتحت الباب أمام صراع ثقافي من نوع سوري في ظل تفجر الأزمة المتراكمة بين السلطة والشعب، فالإسلام السلفي كثقافة تقوم على المنع والنهي والأمر تحاول شق طريقها عبر سيطرة مسلحي الكتائب الاسلامية على المناطق المحررة، والسلطة المتبقية على المناطق الخاضعة مازالت مستندة لثقافتها بقدسية بشار معززة إياها بمفاهيم المؤامرة والممانعة وكل ما يوحي لها بمواجهة المقدس للمدنس، والمكونات الاجتماعية المختلفة تبحث في استعادة هوياتها القومية والدينية والطائفية والعشائرية كثقافات مكونات ارتدادية تنذر بالتشظي لمجتمع مرّ على نشوئه نحو مائة عام، وحدها تبقى الثقافة الحداثية المعول عليها بوحدة المجتمع السوري وبكافة أطيافه كمفاهيم للدولة المدنية الديمقراطية، ثقافة تبدو هدفاً وأملاً يزداد في تباعده عن الواقع ليتلاشى في آتون صراعات ثقافية تناحرية ، صراعات تتكرس على الأرض مع التأخر الحاصل للوصول إلى حل سياسي دولي كسلطة انتقالية توافقية لكل السوريين .



#لؤي_حاج_بكري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة السورية والوجه الاسلامي
- المعارضة السورية والحل السياسي
- وبرغم كل ما يجري في سوريا


المزيد.....




- إحراج وتعليقات طريفة يثيرها رئيس وزراء فرنسا بعد فيديو ما حص ...
- من المتضرر من توقف عمل حقول الغاز الإسرائيلية في المتوسط؟
- حرب إسرائيل وإيران تدخل إسبوعها الثاني: معركة كسر العظم لا ت ...
- حرب الأرقام الثقيلة بين إيران وإسرائيل: حين تفوق كلفة الدفاع ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير أنظمة صواريخ إيرانية في أصفهان و ...
- بلومبرغ: إيران استطاعت الولوج إلى كاميرات المنازل والتجسس دا ...
- -روساتوم-: ضرب محطة بوشهر النووية الإيرانية قد يؤدي لكارثة ف ...
- وزراء خارجية أوروبيون يلتقون نظيرهم الإيراني في جنيف سعيا لح ...
- روسيا تحذر أميركا من استخدام النووي ضد إيران أو اغتيال خامنئ ...
- داكار-جيبوتي.. بعثة فرنسية سرقت كنوز أفريقيا الفنية


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لؤي حاج بكري - الصراع الثقافي في بلدان التحرر الوطني - سوريا نموذجا