أحمد القبانجي: ضمير المجتمع المسلم

محمد الحسن الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4018 - 2013 / 3 / 1 - 07:45
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

وأنا أقرأ صفحات عن حياة الحكيم اليوناني سقراط وكيف جاهد في سبيل تنوير المجتمع وتبليغ الحقيقة والعنت الذي لاقاه بسبب ذلك من السلطات والذي انتهى بسجنه ثم إعدامه, لم أستطع إلا أن أستحضر خبر إعتقال السيد أحمد القبانجي من طرف السلطات الإيرانية وأوجه الشبه العديدة التي تجمع الرجلين رغم فوارق الزمان والمكان والظروف بينهما .

عاش سقراط غريبا في مدينته أثينا يدعو الناس إلى التخلي عن القيم الزائفة والإخلاص في البحث عن الحقيقة وكذلك دعا القبانجي مواطنيه العراقيين ومعهم كل المسلمين الى إعمال العقل ونقد القيم التقليدية الموروثة, كان سقراط من المعارضين لسلطة الخطباء السفسطائيين الذين انبهر بهم الناس واعتبر ما يقومون به تزييفا للحقيقة وإفسادا لأذواق الناس وإستخفافا بعقولهم و كذلك انتقد القبانجي رجال الحوزة ونشرهم للخرافات بين العامة واستغلالهم لأموالهم وطاقاتهم داعيا الناس إلى حرية الفكر وعدم تقليد المراجع مستشهدا بالأية الكريمة: بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره , كان جزاء الرجلين من طرف الزمرة المسيطرة المستفيدة من تفشي الجهل, في كلتا الحالتين, هو تسخيف أرائهما و"تحذير" الناس منهما وتأليبهم عليهما أولا وهو ما تجلى في إدانة الممثل الديني للسيد خامنئي بالعراق للقبانجي ووصفه بالضال والمنحرف وإفتاء إمام جمعة النجف بإنحرافه عن الدين ثم بعد ذلك إعتقالهما وسجنهما بهدف الحد من "خطورتهما" ومنعهمامن نشر أفكارهما بين الناس.

إن مايجمع سقراط والقبانجي حقا ,هو الضمير و الوازع الأخلاقي, هو صوت الله في وجدان الإنسان الذي يدعوه لحب الخير لأخيه الإنسان ولو ترك في سبيل ذلك راحة زائفة و مطامع زائلة,لاخوف إذن على القبانجي فهو كان يعرف مسبقا ما سيلقاه وقد عبر مرارا في محاضراته عن إستعداده لمواجهته, بل الخوف كل الخوف على المسلمين الذين يقبعون بين براثن الجهل والتخلف ولايميزون لطول عهدهم بالظلما ت بين الصحة والمرض, بين الحق و الباطل وبين الموت والحياة كما جاء في الأية الكريمة: أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن هو في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون.

يبقى القبانجي و سقراط وسائر الأحرار على مر التاريخ نجوما ساطعة تنير لنا الدرب في هذا الظلام الحالك الذي تعيشه البشرية منذ نشأتها نتيجة لتفشي الجهل بين أبنائها وكما يقول سقراط إن الجهل هو أبو الشرور, الجهل هو المصنع الذي يعيد إنتاج الطغاة كماقال الكاتب المصري جلال عامر, الجهل هو الذي يمسخ الإنسان ويسلبه حريته وكرامته وروحه.

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات