أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - بشير عيسى - إنصافاً للماركسية: قراءة على ضوء التحولات الليبرالية















المزيد.....

إنصافاً للماركسية: قراءة على ضوء التحولات الليبرالية


بشير عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 3984 - 2013 / 1 / 26 - 11:48
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


معلوم أن الغرب استمد إيديولوجيته الليبرالية من كتاب آدم سميث «ثروة الأمم»، المنشور عام 1776، الذي أرسى فيه أسس الليبرالية القائمة على العمل الاقتصادي الفردي، بقوله: إنّ للرأسمالية إذا ما تُركت وشأنها قوة ذاتية، «يداً سحرية» تحوّل المصلحة الخاصة إلى فضيلة عامة! لكن الأزمات التي عصفت بأوروبا قد أسهمت في الوصول إلى الحربين الأولى والثانية، ما دفع الاقتصادي جون مينارد كينز (1883-1946 ) للقول «إنّ الأسواق الحرة لا تسهم تلقائياً في تحسين أحوال البشر ورفاهيتهم»، كما اعتبر تدخل البنك المركزي، من قبل الدولة في الأزمات، لا يُعد بيروقراطية. ومع كينز انقسم الرأسماليون إلى معسكرين، الأول اختار اليد السحرية للتخطيط الحكومي في توجيه النمو الاقتصادي، وهو ما شهدته بقوة لثلاثة عقود بعد الحرب العالمية الثانية الديموقراطيات الاجتماعية في أوروبا، وبدرجة أقل في الولايات المتحدة، كما عبّر الرئيس ريتشارد نيكسون في جملته الشهيرة «نحن جميعاً كينزيون»، فيما اعتمدت دول شرق آسيا نظرية «السوق المحكومة». أما المعسكر الثاني، فقد تبنى اليد السحرية للأسواق، بعيداً عن تدخل الدولة.
لكن مع ظهور المقاولين والمضاربين الماليين، بالتزامن مع تزايد نمو الشركات ودأبها المستمر على البحث عن أسواق لمنتجاتها، تحوّل التنافس فيما بينها إلى صراع، وهو ما دفع المعسكر الثاني للتفتيش في الحقل السياسي عن قوانين تعزّز مصلحته الخاصة، حيث استغل نفوذه للهيمنة على الدولة، وذلك عبر الإتيان بحكومات تعكس توجهاته، فعمد إلى دعم شريحة نافذة من الانتليجنسيا، وقام بتبنيها وعمل على توجيهها عن طريق مراكز دراسات وأبحاث، مموّلة من قِبله، بغية خلق رأي عام يجري فيه تضليل كافة مكونات المجتمع بخطط ممنهجة ومؤثرة، بحيث تكرس وتحول الوهم إلى الاقتناع بخطر خارجي يريد حرمانها حريتها وديموقراطيتها، وبالتالي رفاهيتها. فكان هذا العدو الافتراضي، هو الشيوعية، ممثلاً بالاتحاد السوفياتي وحلفائه. بهذا السياق، خرجت البروباغندا الإعلامية والثقافية لإضعاف دور الاتحادات والنقابات العمالية، ذات التوجه اليساري والاشتراكي، المطالبة بدور فاعل للدولة يكفل تحقيق العدالة الاجتماعية في التوزيع العادل للثروة، والدفاع عن حقوق العمال ومحاربة البطالة، والحدّ من الفوارق الطبقية عبر وضع قوانين ضريبية عادلة، إضافةً إلى مراقبة الأسواق وضبطها.
لقد كان الماركسيون مدركين «أنّ القوة الاجتماعية المسيطرة في طبقة تؤقلم وتعمّم العقائد والقيم التي تلائم مصالحها». أما أنطونيو غرامشي، فقد علّل سبب ظهور هذه الهيمنة الإيديولوجية وسطوتها «أنها تشكّلت أساساً بواسطة المؤسسات المدنية، أكثر مما شكلتها الدولة». وإكمالاً للحقيقة، فقد كان صراعاً يمتد إلى العمق داخل المنظومة الغربية الرأسمالية، ويتمحور حول النسق الإيديولوجي الأمثل بنظرهم لقيادة العالم والسيطرة على أسواقه، والاستحواذ على منابع الطاقة والثروة. وتمثّلت هذه الإيديولوجية بالليبرالية الجديدة، التي كان أول هدف داخلي لها هو القضاء على الإيديولوجية الكينزية، المجسّدة بدولة «الرفاه الاجتماعي». بدأ ذلك على نحو جليّ مع وصول مارغريت تاتشر ورونالد ريغان، مطلع ثمانينيات القرن العشرين، إلى دفتي الحكم في انكلترا والولايات المتحدة. وهنا بدأت الليبرالية الجديدة بتغيير سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بما يخدم ويعكس توجهات منظمة التجارة العالمية، الساعية إلى الهيمنة على الأسواق العالمية، وذلك على خلفية الشروط التي وضعتها بذريعة مساعدة الدول الفقيرة والنامية ممثلةً بخفض الإنفاق الحكومي للبنى التحتية مع تبني الخصخصة، والحدّ من سياسة تدخل الدولة في دعم السلع الأساسية، الأمر الذي يمكّنها من تحرير الأسواق والسيطرة على هذه الدول.
ضمن هذه التوجهات في السياسة النيوليبرالية، وفّر مناخ العولمة، ممثلاً بثورة الاتصالات والمعلومات والنقل، الأرضية الصلبة للشركات والرساميل العابرة للقارات، لتشكيل ما يمكن تسميته حكومة ظلّ عالمية، تتحكّم بحكم قوة نفوذها وانتشارها في مؤسسات وهيئات ومنظمات المجتمع الدولي. بهذا المسار جرى الانقلاب على دولة العدالة الاجتماعية، فبادر الحزب الديموقراطي مع بيل كلينتون بالتقرّب من الحزب الجمهوري، وفي بريطانيا اقترب حزب العمال مع طوني بلير من حزب المحافظين. ليبدو كأنّه حلف أنغلو- أميركي، انفردت به أخيراً الولايات المتحدة، مسوقةً الليبرالية الجديدة، على أنها علم اقتصادي. وبناءً عليه، يصبح أيّ رأي أو توجّه يختلف معها، كأنّه معارض للعلم! وهنا حدثت ذروة الخديعة والتواطؤ، بعدما حابى الاشتراكيون والكينزيون في الغرب هذا التسويق، الذي يُقرّ بالتغيير والتطوير الاقتصادي، على أساس الحامل الإيديولوجي للنيوليبرالية المعولمة. فجرى تهميش الدول، من خلال النظر إليها ككيانات اقتصادية أو حقول استثمار، فكانت أولى ضحايا هذا التوجّه هي الدولة والمجتمع الأميركي ومجتمعات دول اليورو. وللدلالة أكثر، نأخذ الحرب على العراق وأفغانستان مثالاً، حيث كان الرابح الفعلي فيهما كارتل شركات النفط والسلاح، وغيرهم ممن يُمسك بجماعات الضغط والإدارة السياسية. أمّا الخاسر الأكبر ـــ بعد العراق وأفغانستان ـــ فتجسد في الخزينة الأميركية والمواطن دافع الضرائب، الذي بدأ يفقد حقّه في الضمان الاجتماعي والصحي، والتعليم الجيد!
وبعد افتعال أحداث 11 أيلول، تقدمت السياسات الأمنية بغرض التحكم في الحريات الفردية.
إنّ التحدي الحقيقي لمواجهة هذا التحوّل المتمدّد في كل العالم، والباحث عن العمالة الماهرة والرخيصة، لا يمكن مواجهته إلا بدعم قوى وحركات الرفض، المتمثلة في عودة اليسار الماركسي وأحزاب الخضر، وغيرها من مناهضي هذا الشكل من عولمة النهب، وذلك من خلال تشكيل جبهة واسعة لمناهضة الليبرالية الجديدة، وإجبار الأمم المتحدة والبنك والصندوق الدوليين على سنّ تشريعات تحمي الاقتصادات الوطنية، وعلى رأسها الدول الفقيرة. فتوقعات الخبراء للقرن الحالي، تشير إلى أنّه سيكون بمقدور 20% من السكان العمل والحصول على الدخل والعيش في رغد وسلام، أما النسبة الباقية، فتمثّل السكان الفائضين عن الحاجة، الذين لن يستطيعوا العيش إلا من خلال الإحسان والتبرعات وأعمال الخير!
وهنا ترجَّح رؤية فوكوياما المستقبلية في كتابه «إنسان ما بعد الحداثة» مع ثورة «الجينوم» التي يقودها الإنسان «الأقوى والأذكى والأجمل»! بعدما أخفقت نبوءته، التي ترى خلاص البشرية في الليبرالية الرأسمالية، كما جاء في كتابه «نهاية التاريخ».
وإنصافاً للماركسية والماركسيين، أودّ التأكيد أنّ تشويهاً كبيراً قد لحق بهما، أسهم فيه غلاة الرأسماليين والشوفينيين ودعاة الأوتوقراطية. هذه النظرة ما زالت تحاكمهم على ضوء التجربة السوفياتية في كونهم شموليين يرفضون الديموقراطية، رغم كلّ المراجعات النقدية التي قاموا بها، إلّا أنّ هذه النظرة النمطية المقصودة أو اللاواعية، ما زالت مسيطرة كأنّ من انتقدوهم كانوا ديموقراطيون بالفعل. وللأمانة التاريخية أودّ التذكير بما كتبه لينين في رسائله الأخيرة، حين قال: سيأتي يوم تحاربنا فيه الرأسمالية بأهدافنا، المتمثلة في الحرية والديموقراطية. حيث شدّد بعد ثورة 1917 على دخول الحزب البلشفي في انتخابات ديموقراطية مع باقي أحزاب الشعب، كما طالب بفصل النقابات عن الحزب وفصل الحزب عن الدولة. لكن مع قدوم ستالين وواقع الحرب، فقدت هذه التجربة أهم أعمدتها ومرتكزاتها، وهو ما يعمل عليه مطوروها، فالماركسية كنهج مقاوم للاستغلال استطاع بذات الوقت، على خلفية الفلسفة المادية، تحرير العقل من كافة أشكال الاستلاب، وفي مقدمتها الاقتصادي والديني والمعرفي.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- الجبهة الديمقراطية تندد بتصريحات وزير الحرب الإسرائيلي بشأن ...
- كفى عبثا .. يجب إنقاذ الاتحاد العام التونسي للشغل
- م.م.ن.ص// منجم عوام بمريرت.. نضال واعتصام تحت الأرض
- “النساجون الشرقيون” تفصل 70 عاملًا تعسفيًا بعد التجسس على حس ...
- شهداء لقمة العيش.. مقتل 12 عاملاً بينهم أطفال في حوادث سير
- A Christmas Story: The Courage Jesus Learned as a Refugee
- Who’s the Real Outlaw at Sea? Trump’s Tanker Grab Vs. the Ho ...
- What Christmas Once Meant—and What It Could Mean Again For a ...
- Life on Earth (Past, Present, and Future)
- Americans Aren’t Traumatized Enough by Gun Violence


المزيد.....

- بين قيم اليسار ومنهجية الرأسمالية، مقترحات لتجديد وتوحيد الي ... / رزكار عقراوي
- الاشتراكية بين الأمس واليوم: مشروع حضاري لإعادة إنتاج الإنسا ... / رياض الشرايطي
- التبادل مظهر إقتصادي يربط الإنتاج بالإستهلاك – الفصل التاسع ... / شادي الشماوي
- الإقتصاد في النفقات مبدأ هام في الإقتصاد الإشتراكيّ – الفصل ... / شادي الشماوي
- الاقتصاد الإشتراكي إقتصاد مخطّط – الفصل السادس من كتاب - الإ ... / شادي الشماوي
- في تطوير الإقتصاد الوطنيّ يجب أن نعوّل على الفلاحة كأساس و ا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (المادية التاريخية والفنون) [Manual no: 64] جو ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية(ماركس، كينز، هايك وأزمة الرأسمالية) [Manual no ... / عبدالرؤوف بطيخ
- تطوير الإنتاج الإشتراكي بنتائج أكبر و أسرع و أفضل و أكثر توف ... / شادي الشماوي
- الإنتاجية ل -العمل الرقمي- من منظور ماركسية! / كاوە کریم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - بشير عيسى - إنصافاً للماركسية: قراءة على ضوء التحولات الليبرالية