أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سيد عبد الرحمن - المسألة اليهودية: تفسير ماركسي















المزيد.....



المسألة اليهودية: تفسير ماركسي


سيد عبد الرحمن

الحوار المتمدن-العدد: 3983 - 2013 / 1 / 25 - 08:02
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في أوروبا، وطوال قرون عديدة، ظلت كلمة تاجر تعني يهوديا وكلمة يهودي تعني تاجرا. إلا أنه في فترات تاريخية لاحقة أصبحت كلمة يهودي مرادفا لكلمة مرابي، وارتسمت صورة سيئة للغاية لهذا المرابي في أذهان الأوروبيين. فهو شخص معدوم الضمير لا رحمة في قلبه، الشيء الوحيد الذي يملأ قلبه ويشغل عقله هو المال. وخير تجسيد لهذه الصورة شخصية شايلوك في مسرحية "تاجر البندقية" لشكسبير.

لكن لماذا احتكر بعض اليهود التجارة لفترات تاريخية طويلة؟ وكيف تحولوا إلى مرابين؟ وما هي الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي خلقت كراهية اليهود في نفوس الأوروبيين؟ وكيف أفرزت تلك الكراهية الصهيونية؟ تلك الأسئلة هي محور كتاب "المسألة اليهودية: تفسير ماركسي"(1) الذي كتبه الاشتراكي الثوري أبراهام ليون عام 1942.

يعد هذا الكتاب واحدا من أهم كلاسيكيات الفكر الماركسي في القرن العشرين. ذلك أنه عرض رؤية متكاملة وعلمية لتاريخ الجماعات اليهودية منذ بداية ظهورها على مسرح التاريخ وحتى بداية القرن العشرين. وفيه أيضا قدم ليون تفسيرا لنشأة "المسألة اليهودية" في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر، كما انتقد بعنف الأساطير المؤسسة للصهيونية.

فهم المسألة اليهودية هو المدخل لفهم الصهيونية التي تدعي أنها حل لتلك المسألة. ومصطلح "المسألة اليهودية" الذي ظهر في القرن التاسع عشر كان يقصد منه توصيف حالة العداء والكراهية ضد اليهود في أوروبا في تلك الفترة التاريخية، الأمر الذي وصل إلى تنظيم مذابح ضخمة ضد اليهود في روسيا القيصرية وغيرها.

أبراهام ليون

قبل أن نعرض للكتاب وفصوله، فإننا يجب أن نتحدث عن المؤلف وحياته، ذلك أنها ذات صلة وثيقة بموضوع كتابه(2).

ولد أبراهام ليون في بولونيا في أكتوبر 1918 في أسرة يهودية تنتمي للبرجوازية الصغيرة وتتبنى الأيديولوجية الصهيونية باعتبارها الحل الوحيد للخلاص من اضطهاد اليهود. من هنا جاءت محاولة الأسرة الاستيطان في فلسطين. لكنها خلال عام واحد اكتشفت صعوبة تحقيق حلم الاستيطان ورجعت مرة أخرى إلى بولونيا. لكن الأسرة هاجرت مرة ثانية في عام 1928 إلى بلجيكا. وفيها عانى ليون الطفل من مشاعر الاضطهاد، حيث كان ينظر له دائما باعتباره يهوديا وغريبا. إذ كان بقية الأطفال في المدرسة يرفضون اللعب معه، وكان المكان الوحيد الذي شعر فيه بطفولته هو حركة "الهاشومير هاتزائير" الصهيونية التي كانت تهدف في الأساس إلى تربية الأطفال والشباب اليهود على الأفكار الصهيونية، وإن تغلفت بمظهر اشتراكي. ونشط الصبي ليون في تلك الحركة، ووصل إلى منصب قيادي فيها وهو في سن صغير.

هكذا نشأ ليون، كغيره من أبناء البرجوازية اليهودية الصغيرة في بدايات القرن العشرين، في أحضان الصهيونية. لكن قصة تحوله إلى معاد للصهيونية جاءت عقب تعرفه على الاشتراكية الثورية. ففي عام 1936 استمع ليون، ذو الثمانية عشرة عاما، إلى خطيب ثوري يشعل حماس العمال يدعى ولتر دوج، وهو المؤسس الأول للحزب الاشتراكي الثوري في بلجيكا. وعن طريقه استطاع ليون التمييز بين الستالينية والتروتسكية، وانحاز للتروتسكية، خاصة بعد محاكمات موسكو للمعارضين الاشتراكيين (الذين اطلقت عليهم موسكو أسماء "المنحرفين" و"المرتدين" و"المراجعين")، حتى يتمكن ستالين من التخلص من منافسيه عن طريق تشويههم.

ظل ليون لفترة مرتبطا بالحركة الصهيونية، مما أهله لرئاسة الاتحاد الصهيوني في بلجيكا لمدة عام. لكن مع تعمقه في فهم الماركسية بدأ يشك في صحة سياسة "الهاشومير هاتزائير". ففي البداية سأل نفسه: لماذا يتعاون مع ممثلي البرجوازية والبرجوازية الصغيرة داخل التنظيمات الصهيونية؟ لماذا هو متحد معهم في تلك اللحظة بالرغم من أنه يتوقع أنه سيحارب ضدهم بعد تحقق الحلم الصهيوني في فلسطين، حسب الرؤية الستالينية لتنظيم "الهاشومير" ذي الصبغة الاشتراكية التي تؤجل النضال من أجل الاشتراكية إلى مرحلة لاحقة للنضال القومي التحرري (وطن قومي لليهود في فلسطين)؟ لكن السؤال الأهم الذي سأله لنفسه: أين توجد الأرض المشتركة بين النضال القومي اليهودي وبين النضال من أجل الاشتراكية الأممية؟ كيف يوفق بين أفكار لينين والصهيونية؟

عندما اكتشف ليون استحالة التوفيق بين هاتين الفكرتين المتعارضتين، قرر أن ينحاز لفكرة النضال من أجل الاشتراكية الأممية. فبدأ من داخل تنظيم "الهاشومير" يشن هجوما على الأفكار الستالينية. كان يسبح ضد التيار بقوة! ففي أجواء الحرب العالمية الثانية، وبينما شبح هتلر يثير الخوف في الأوساط اليهودية، شن ليون هجوما على فكرة دعم دول الحلفاء خلال الحرب قائلا "الويل لأولئك الذين يأملون في تحسين أحوال اليهود في أوروبا كنتيجة لحرب الإمبريالية البريطانية ضد المنافس الألماني".

ثم بدأ ليون البحث في تاريخ الجماعات اليهودية. حيث اطّلع على عدد كبير من الدراسات والوثائق حول تاريخ الجماعات اليهودية. وعن طريق منهج علمي وضع تفسيرا متكاملا لتاريخ تلك الجماعات. وخلال البحث اكتشف حقائق تناقض الأساطير الصهيونية، مما دفعه لقطع صلته بالصهيونية. وبالفعل نشر ليون بعض مقالاته في المجلة التروتسكية الأسبوعية "النضال العمالي"، وأدان بكل صراحة نشاطه السابق، وفضح الصهيونية باعتبارها أيديولوجية خيالية للبرجوازية الصغيرة وأداة في يد الرأسمالية العالمية لضرب نضال الشعوب. وانحاز ليون للأفكار الاشتراكية الحقيقة القادرة على تخليص البشرية من مساوئ وقسوة النظام الرأسمالي القائم على الاستغلال والنهب، وذلك بالنضال المشترك للمُضطهَدين والمُستغـَـلين ضد الرأسمالية، بغض النظر عن العرق واللون والنوع والدين.

بدأ النضال الثوري لأبراهام ليون بعد نجاحه في تحرير ذاته وعدد من رفاقه من التراث الصهيوني. حيث تمكن من تشكيل حلقة دراسية بهدف جذب المنتسبين إليها إلى أفكار تروتسكي.

كانت الحركة العمالية والأحزاب اليسارية في بلجيكا في أزمة. فبالرغم من وصول خبر اغتيال تروتسكي، 20 أغسطس 1940، فإن أبراهام واصل اتصالاته بقيادات اشتراكية سابقة حتى نجح في تشكيل منظمة تروتسكية تولى فيها منصب الأمين العام. وفي يوليو عام 1941 نجح في بناء الحزب وعمل على ربطه بالمنظمات الثورية في أوروبا والعالم.

هذه هي الأجواء التي كتب فيها ليون كتابه القيم "المسألة اليهودية"، الذي انتهى منه في عام 1942 وعمره أربعة وعشرون عاما فقط. كان أيامها في قمة نشاطه الثوري، حيث عمل بجهد من أجل تنظيم الطبقة العاملة في بلجيكا وناضل ضد الصهيونية والنازية التي نجح جنودها في اعتقاله عام 1944. بعدها تعرض ليون لأيام طويلة من التعذيب الجسدي والنفسي على يد الجستابو بهدف جعله يتكلم. وبعد أسابيع من العمل الشاق في شق الطرق، نقل إلى الحجر الصحي، ثم إلى التفتيش الصحي، ومنه إلى غرف الغاز. هكذا اغتالت النازية المناضل أبراهام ليون في سبتمبر 1944 وعمره ستة وعشرون عاما.

"المسألة اليهودية"

يتكون كتاب "المسألة اليهودية: تفسير ماركسي" من ثمانية فصول. يحمل الفصل الأول عنوان "المقدمات المنطقية لدراسة علمية لتاريخ اليهود"، وفيه يعرض أبراهام ليون للتصور الخيالي الذي تتبناه الأيديولوجية الصهيونية للهيكل العام لتاريخ اليهود، والذي يفترض أن "الأمة اليهودية" قبل تدمير القدس (عصيان بركوكبا Bar Kochba) لم تكن تختلف عن غيرها من الأمم (الأمة الرومانية والأمة الإغريقية) المتكونة طبيعيا. لكن الحروب بين الرومان واليهود أدت إلى تشتت اليهود، وفي الشتات قاوم اليهود بضراوة الاندماج القومي والديني. وكان "يهود الشتات" في البداية يعملون في قطاعات مختلفة (زراعة، صناعة، تجارة). وفشلت محاولات تحويل اليهود إلى المسيحية نتيجة إخلاصهم الديني. ويدعي هذا التصور أن الاضطهادات الدينية دفعت اليهود إلى التمركز أكثر فأكثر في التجارة وعمليات الربا، كما صعّدت الحملات الصليبية، وما أثارته من تعصب، من تحول اليهود إلى مرابين، وأدت إلى انزواء اليهود في الجيتو Ghetto.

هذا التصور لتاريخ الجماعات اليهودية يفترض تاريخ موحد لليهود في كل بقاع الأرض. وينطلق هذا التصور الاختزالي من أنه لا يمكن فهم تاريخ اليهود إلا من خلال كونهم يهود. وقد استند ليون إلى مجموعة من الحقائق التاريخية لتكذيب هذا التصور المثالي. هذه الحقائق عرضها بإيجاز في الفصل الأول، ولكنه فصّلها في بقية فصول الكتاب الذي يقدم تصورا مغايرا لتاريخ الجماعات اليهودية مستندا لعدة شروط منهجية وضعها ماركس في كتابه "المسألة اليهودية" (1844)، مثل "يجب ألا نبدأ تفسير تاريخ اليهود انطلاقا من الدين اليهودي"، و"لم تستمر اليهودية، بالرغم من التاريخ، ولكن استمرت بحكم التاريخ"، و"يجب البحث عن العناصر غير الدينية في الصراعات الدينية".

اليهود والتجارة

يسرد ليون في الفصل الثاني من كتابه تاريخ الجماعات اليهودية في الفترة ما بين عصر الإمبراطوريات القديمة (مصر- آشور- الإغريق - الرومان) وحتى أواخر القرن العاشر ميلاديا. يبدأ الكاتب الحديث عن الموقع الجغرافي لسوريا وفلسطين، اللتان وقعتا بين أقدم وأكبر مركزين حضاريين في حوض البحر المتوسط، وهما مصر وآشور. هذا الموقع لعب دورا حاسما في الطابع التجاري لكل من الفينيقيين (الذين سكنوا الجانب الشرقي من ساحل المتوسط) والكنعانيين (سكان فلسطين قديما)، ثم العبرانيين اليهود الذين استوطنوا فلسطين في مرحلة لاحقة.

فسر ليون انتشار اليهود خارج فلسطين بسبب طبيعتها الجبلية التي لا تـُوفر لعدد كبير من سكانها حياة كريمة، مما دفع أعداد كبيرة من السكان إلى الهجرة. وليون هنا ينقد الأسطورة الصهيونية التي ترجع "التشتت اليهودي" إلى حرب الرومان ضد اليهود، الأسطورة التي تقول أن "التشتت" حدث بعد تدمير الهيكل. تلك الأسطورة تتناقض مع حقيقة أنه قبل عصيان بركوكبا وتدمير القدس كان ثلاث أرباع اليهود يعيشون خارج فلسطين (3.5 مليون يهودي خارج فلسطين، وأقل من مليون داخلها). وبالرغم من ذلك فإن الأسطورة الصهيونية تبالغ في النفي البابلي (587 ق.م)، في عصر نبوخذ نصر، وتدعي أنه سبب أساسي في "التشتت اليهودي"، رغم أن السبي البابلي لم يمس إلا قسم من الطبقة الحاكمة في فلسطين.

انتقد ليون أسطورة أخرى من الأساطير المؤسسة للصهيونية، تلك التي تتحدث عن اضطهاد اليهود في كل زمان ومكان. وفي هذا الصدد يذكر أن اليهود تمتعوا بوضع متميز في الإمبراطورية الرومانية وحازوا على امتيازات خاصة في الإسكندرية وروما. ففي الإسكندرية التي بلغ عدد اليهود فيها حوالي مليون نسمة، عين الرومان يهوديا حاكما على المدينة، واندمج اليهود المقيمون في الإسكندرية تماما ولم يعودوا يفهمون سوى الإغريقية، ومن أجلهم ترجمت الكتب الدينية العبرية إلى الإغريقية. كما انتشر اليهود في إيطاليا وبلاد الغال وأسبانيا، وظلت القدس تمثل مركزا دينيا لليهودية فحسب. وأوضح ليون "أنه لخطأ أن نعتقد أن فلسطين كانت مسكونة بالكامل باليهود. ففي الشمال كانت هناك العديد من المدن اليونانية، أما باقي فلسطين فكان مسكونا بخليط من قبائل من المصريين والعرب والفينيقيين".

أكد ليون أنه بالرغم من أن أغلبية اليهود لعبت دورا تجاريا في الإمبراطورية الرومانية، فلا يجب أن نعتقد أن كل اليهود كانوا من أثرياء التجار، بل على العكس كان معظمهم من الفقراء الذين يعيشون بشكل ما على التجارة، مثل الباعة الجوالين والحرفيين الصغار وعمال شحن السفن. تمركز هؤلاء الفقراء بأعداد كبيرة في المدن التجارية، وكانت تلك هي المجموعات اليهودية التي عانت من تعسف الحكم الروماني، كما عانت من سقوط وانهيار الإمبراطورية الرومانية.

لم يمارس الرومان التجارة. حيث ظهرت قوانين تحظر على الشيوخ (Senators) وأبنائهم ممارسة التجارة أو امتلاك بواخر تجارية. ذلك أن الطبقات الحاكمة الرومانية كانت تزدري التجارة والتجار. وظلت التجارة في الإمبراطورية الرومانية في أيدي الأجانب (خاصة اليهود).

وذكر ليون أنه قبل بداية العصر المسيحي ازداد التهويد، حيث كان مغريا لكثير من الفئات الاجتماعية الانضمام إلى التنظيم التجاري المزدهر (اليهودية). ثم تحدث عن انتشار المسيحية التي وجدت أرضا خصبة بين جماهير المدن والريف الفقراء، وأوضح كيف تبنت الطبقة الحاكمة الرومانية المسيحية، وحولتها إلى أيديولوجية لخداع الطبقات الفقيرة. وبيّن أن انتشار المسيحية في أنحاء أوروبا ترافق مع انتشار الاقتصاد الطبيعي. لذلك غُلِفت المسيحية في تلك الفترة بقيم تمجد النشاط المرتبط بالزراعة، محور الاقتصاد الإقطاعي، وتحتقر التجارة. حيث كان يردد رجال الدين المسيحي "أنه من الصعب أن يرضى الله عن التاجر، وكل تجارة تحتوي على مقدار ما من الغش". هكذا رفض الكثير من التجار اليهود التحول إلى المسيحية، لأن معنى ذلك التخلي عن النشاط الاقتصادي المميز، وهو التجارة، والنزول إلى مرتبة الفلاحين الأقنان. وبالرغم أن المسيحية ظهرت في أوساط اليهود، وأن المسيحيين الأوائل كانوا يرون أنفسهم يهودا، فإن اليهود كانوا أكثر الناس معارضة للمسيحية. هكذا يفسر الوضع الاقتصادي تعلق اليهود بديانتهم وليس العكس، إذ ليس صحيحا القول بأن إيمان اليهود باليهودية أكسبهم وضعية اجتماعية خاصة.

فسر أبراهام ليون اشتغال اليهود في أوروبا دون غيرهم بالتجارة، من خلال فهم الاقتصاد الطبيعي natural economy الذي ساد أوروبا لفترة طويلة. حيث أن المجتمع ذو الاقتصاد الطبيعي ينتج ما يحتاجه ويستهلك كل ما ينتجه، بمعنى أنه ليس هناك ضرورة لتبادل المنتجات مع المجتمعات الأخرى. لذلك كانت التجارة تعد نشيطا غريبا وهامشيا في المجتمعات الإقطاعية في العصور الوسطى. بالتالي كان التجار من الأجانب، وانحصر دور التجارة في تقديم المنتجات الكمالية الترفيهية للملوك والنبلاء والسادة الإقطاعيين، خاصة المنتجات القادمة من الشرق، مثل التوابل والعطور. هكذا وُجد رأس المال بشكل هامشي في مسام المجتمع الإقطاعي (على حد تعبير ماركس)، التي استطاع التجار اليهود الأجانب التغلغل فيها.

معاداة اليهود في أوروبا

لم تبدأ كراهية اليهود مع المسيحية، حيث كانت موجودة قبل ذلك. فالكراهية ترجع في الأساس لمعارضة مجتمع الاقتصاد الطبيعي للتجارة، بمعنى أن منبع الكراهية طبقي وليس ديني. لم تكن كراهية اليهود في أوروبا في القرون العشرة الأولى من عمر المسيحية تهدف إلى القضاء عليهم. فبينما كانت المسيحية الرسمية تضطهد عبدة الأصنام دون رحمة، كان وضع اليهود يتحسن باستمرار حتى القرن الثاني عشر.

استمر النظام الإقطاعي في أوروبا الغربية حتى القرن الحادي عشر، بينما استمر في أوروبا الشرقية حتى أواخر القرن الثامن عشر. خلال تلك الفترة تمتع اليهود بحماية الملوك والنبلاء، وكانت فترة رخاء اقتصادي للتجار اليهود الذين شكلوا طبقة اجتماعية منفصلة ومختلفة عن طبقة الإقطاعيين والفلاحين الأقنان. وحرصت تلك الطبقة على الحفاظ على المكانة الاقتصادية المتميزة، عن طريق رفض الاندماج، وعن طريق المحافظة على دينهم وعلى بعض خصائصهم الثقافية المختلفة، ذلك أن الاندماج في المجتمع المحيط كان يعني التحول إلى المسيحية، التي غُلِفت بأيديولوجية تحرم التجارة وتنظر لها بازدراء، مما يعني نزول التاجر اليهودي إلى مرتبة قن الأرض.

أوضح ليون دلالة اختفاء اللغة العبرية مبكرااً كلغة حية، حيث تبنت الجماعات اليهودية لغة الشعوب التي تعيش في أواسطها، وأخذ هذا التبني شكل لهجات جديدة، مثل "عبرية-عربية"، "عبرية-أسبانية"، "عبرية-ألمانية" والتي تعرف بالإديشية. عبّر هذا التكيف اللغوي عن اتجاهين متعارضين في أوساط الجماعات اليهودية، اتجاه نحو الاندماج في المجتمع المحيط، واتجاه انعزالي نابع من الواقع الاجتماعي الاقتصادي المتميز.

قبل دخول الإسلام شمال أفريقيا كان عدد كبير من اليهود فيها يمارس الزراعة، وقد اندمج معظم هؤلاء بالسكان المحليين، ذلك أن الزراعة ساعدت على انتشار اليهود في تلك الأنحاء، وتوقف هؤلاء اليهود عن تشكيل طبقة خاصة بهم (غريبة ومعزولة)، مما أدى بعد عدة أجيال إلى الاندماج الكامل مع بقية السكان. هذه الحقيقة جعلت ليون يصيغ قانون سماه قانون الاندماج "Assimilation Law": "عندما يتوقف اليهود عن تكوين طبقة سيفقدون ، سواء بسرعة أو ببطء، خصائصهم العرقية، والدينية، واللغوية، ويندمجون في المجتمع".

عهد المرابي اليهودي

تحت هذا العنوان، يتحدث الفصل الثالث من الكتاب عن الفترة الممتدة من القرن الحادي العاشر وحتى القرن التاسع عشر. حيث دخلت أوروبا الغربية منذ بداية القرن الحادي عشر طورا جديدا من التطور الاقتصادي السريع والمكثف بظهور برجوازية محلية تجارية وصناعية، حيث دفعت التجارة، بشكل تدريجي، الإنتاج المحلي إلى الأمام، وبدأ الإنتاج للتبادل يحل تدريجيا محل إنتاج قيم استعمالية. وظهر الصوف الإنجليزي، وجوخ الفلاندر، وملح البندقية، والنحاس الديننتي، وغيرها..

أدى تراكم الثروات السريع إلى نمو مطرد لطبقة تجارية محلية بدأت تنافس التجار اليهود، الذي ظلت التجارة طوال القرون العشر الماضية في أيديهم، في الأغلب. هذا التنافس سحق مركز اليهود التجاري، حيث حل تجار مسيحيون محل التجار اليهود. ورافق هذا اضطهاد دموي ضد اليهود، وقد وفرت الحروب الصليبية – التي تعبر عن إرادة الطبقة التجارية الجديدة في شق طريقها إلى الشرق – الفرصة للقيام باضطهاد اليهود وبمذابح ضدهم. وبدأ الدور التجاري لليهود ينهار، لكن ظل عدد من اليهود يمتلك من المال ما يكفي لكي يقرض السادة الإقطاعيين والنبلاء والملوك. مما أدى إلى انتقال عدد من ممتلكات النبلاء إلى أيدي اليهود، بفضل معدل الربا المرتفع الذي كان يتراوح بين 43% إلى 86%.

فإذا كانت كلمة "يهودي" مرادفة لكلمة "تاجر" طوال القرون العشر الأولى للميلاد، ففي أوروبا الغربية، وبشكل تدريجي منذ القرن الحادي عشر، بدأت كلمة "يهودي" تقترن بكلمة "مرابي". كان المرابي يقرض الإقطاعيين والملوك لرفاهيتهم ولمصاريف الحرب، ويقرض المزارعين والحرفيين ليتمكنوا من تسديد الرسوم المستحقة منهم. ومن المعروف أن الأموال التي يُقرضها المرابي لا تخلق أي قيمة فائضة، بل تمكن المرابي من الاستيلاء على جزء من القيمة الفائضة. أدى هذا إلى اتساع كراهية اليهود بين طبقات عدة (النبلاء الإقطاعيين، والفلاحين، والحرفيين).

هكذا اختفى اليهود من المجال التجاري وتحولوا إلى مرابيين زبائنهم، في الأغلب، هم الملوك والنبلاء. ولكن دخول الاقتصاد التبادلي إلى الزراعة وفر الكثير من الأموال في يد النبلاء مما مكنهم من التخلص من سيطرة المرابيين اليهود. هكذا ضاقت سبل العيش بكثير من أعضاء الجماعات اليهودية، وأخذت تتنقل من بلد إلى بلد، واندمج عدد آخر منها في البرجوازية المحلية، وفي بعض المدن الإيطالية والألمانية تحول بعض اليهود إلى مرابين صغار للطبقات الشعبية يستغلون الناس مما جعلهم في كثير من الأحيان عرضة للانتفاضات الشعبية.

ففي عام 1290 طرد جميع اليهود من إنجلترا وصودرت ممتلكاتهم، وكان اليهود في فرنسا المجزأة بين عدد من الأمراء والسادة في القرن الثالث عشر عرضةً للابتزاز بشكل كبير من قبل هؤلاء الأمراء، حيث كانت تصدر، بشكل متكرر، أحكام جماعية ضد مجموعات من اليهود بالطرد، ثم يسمح لهم بالبقاء مقابل دفع رسوم، بخلاف الضرائب. وقد تم طرد اليهود من فرنسا في نهاية القرن الرابع عشر، ومن أسبانيا في نهاية القرن الخامس عشر. كل هذا دفع عدد كبير من اليهود إلى الهجرة إلى أوروبا الشرقية، التي استمر فيها النظام الإقطاعي حتى نهاية القرن الثامن عشر، مما مكن هؤلاء اليهود من ممارسة وظائفهم التقليدية (التجارة والربا).

لقد كان اليهود في أوروبا يشكلون جماعات لها وظائف اقتصادية محددة، وبالتالي مصالح طبقية محددة. لذا حرصت الجماعات اليهودية على عدم الاختلاط بباقي الطبقات الشعبية والاندماج في المجتمع، حفاظا على المصالح الطبقية المميزة. لذلك كان الحفاظ على بعض الخصائص الدينية والعرقية واللغوية تعبيرا عن الرغبة في عدم الاندماج أو الذوبان في المجتمع المحيط. وبالرغم من هذا شكل اليهود، في الحقيقة، مزيجا عرقيا متنوعا جدا، وقد اختلطوا بعناصر عرقية غير سامية متعددة، ففي إنجلترا جلب احتكار اليهود للربا ثروات ضخمة لهم مما دفع بعض المسيحيين للتهود من أجل المساهمة في هذا النشاط المربح. هكذا يتضح أن الجماعات اليهودية نتاج لعمليات من الانتقاء والانتخاب الاجتماعي.

اليهود والرأسمالية

يحمل الفصل الرابع العنوان التالي "اليهود في أوروبا بعد عصر النهضة"، وفي بدايته ينقد ليون نظرية "سومبارت" عن "اليهود والحياة الاقتصادية"، تلك النظرية التي تمجد الدور الاقتصادي لليهود بشكل مبالغ فيه، حيث تدعي أن "اليهود دفعوا النهضة الاقتصادية في البلدان والمدن التي استقروا فيها إلى الأمام، وأدوا إلى الانهيار الاقتصادي في البلدان والمدن التي هجروها"، ويدعي "أنهم مؤسسو الرأسمالية الحديثة"، برهن ليون على عدم صحة نظرية "سومبارت" من خلال قراءة متأنية لتاريخ الجماعات اليهودية في أوروبا الغربية.

في الجزء الثاني من هذا الفصل تحدث ليون عن أوضاع الجماعات اليهودية في أوروبا الشرقية، التي لجأ إليها الكثير من أبناء الجماعات اليهودية، حيث لم تصل إليها الرأسمالية بعد، حتى يتمكن هؤلاء من ممارسة مهنهم التقليدية (التجارة والربا). وتدريجيا أصبح أغلبية اليهود في العالم تعيش في أوروبا الشرقية، وخاصة بولونيا التي تمتعت فيها الجماعات اليهودية بحماية الملوك، لأنهم كانوا مصدر هام للخزانة الملكية. اشتغل اليهود في التجارة، والمصارف، والجمارك. كان النبلاء هم زبائن المرابين اليهود، لذلك كان النبلاء في حالة صدام دائم مع اليهود. ظل وضع الجماعات اليهودية في بولونيا جيدا حتى القرن السابع عشر، حيث بدأ المجتمع الإقطاعي يعاني من مشاكل ضخمة، عندها تدهور الوضع الاجتماعي لليهود، وأصبح اليهودي مجرد وكيل أعمال للسيد النبيل، أو جابي ضرائب، أو خمار، بالتالي أصبح مكروها من الفلاحين، لأنه تحول إلى أداة رئيسية لاستغلالهم في يد النبلاء.

الفصل الخامس يحمل عنوان "تطور المسألة اليهودية في القرن التاسع عشر"، في البداية يوضح الكاتب بالإحصاءات أن أكثر من 86% من يهود أوروبا الشرقية كانوا يعملون بالتجارة، وأن حوالي 11% حرفيين، وأقل من 2% مزارعين. لكن هذا التمايز الاجتماعي الذي ميز تاريخ الجماعات اليهودية في ظل الإقطاع تعرض لتغيرات جوهرية مع بداية ظهور الصناعة في أوروبا الشرقية، ومع ظهور برجوازية محلية. حيث أدى تطور الرأسمالية في أوروبا الشرقية إلى نتائج كارثية، فقد كان معدل هدم النظام الإقطاعي أكبر بكثير من قدرة الرأسمالية على توفير فرص عمل. وتفاقم وضع اليهود بشدة وكان الحل هو الهجرة، حيث سعت الجماهير اليهودية إلى ترك الأماكن التي انهار فيها الاقتصاد الإقطاعي إلى أماكن يمكن إيجاد فيها مصدرا للرزق. بينما كان متوسط الهجرة في بداية القرن الثامن عشر 4.5 ألف مهاجر سنويا، وصل في بداية القرن العشرين حوالي أكثر من 150 ألف مهاجر سنويا.

تحت عنوان "الاتجاهات المتناقضة للمشكلة اليهودية في فترة صعود الرأسمالية" تحدث الفصل السادس من الكتاب عن مرحلة صعود الرأسمالية الصناعية في أوروبا الغربية، التي نجحت في الاستيعاب الاقتصادي لجزء كبير من اليهود، بدخولهم صفوف البرجوازية الأوروبية، واندمج هؤلاء في مجتمعاتهم ثقافيا واجتماعيا، بل تحول عدد كبير منهم إلى المسيحية، وإن لم تختف اليهودية بشكل كامل من الغرب. ثم أوضح المؤلف أن ظهور المسألة اليهودية في أوروبا الغربية لاحقا في القرن التاسع عشر يرجع إلى التخلف الاقتصادي لأوروبا الشرقية، حيث أن دخول الرأسمالية إليها أدى إلى إفقار الكثير من جماهير الفلاحين والحرفيين، ودمر الوظائف التقليدية لغالبية اليهود، وهذا ما دفعهم إلى الهجرة إلى أوروبا الغربية وأمريكا. وهكذا انتقل عدد كبير من يهود أوروبا الشرقية إلى أوروبا الغربية. كما حدث تمركز لليهود بأعداد كبيرة في المدن، وترافق ذلك مع معدل مرتفع للمواليد بين اليهود، مما أدى إلى إثارة النعرات القومية ومعاداة اليهود.

تناول ليون في الفصل السابع "اضمحلال الرأسمالية والمأساة اليهودية في القرن العشرين"، وكيف أنتجت الرأسمالية المسألة اليهودية. ذلك أن الرأسمالية – التي دخلت مرحلة الأزمة – فشلت في دمج اليهود في المجتمع الرأسمالي. فقد اختفى التاجر اليهودي لعصر "ما قبل الرأسمالية" ، بدون أن يتمكن ابنه من إيجاد مكان في الإنتاج الحديث، وتحول ذلك اليهودي إلى عنصر فائض لا فائدة منه ويجب التخلص منه.

في هذا الفصل يتحدث ليون عن ظهور الصهيونية التي برزت كردة فعل من البرجوازية اليهودية الصغيرة، التي شكلت أغلبية اليهود في أوروبا، على الاضطهاد التي عانت منه وجعلها تجبر على الانتقال من بلد إلى بلد. حيث أن إعادة هيكلة الاقتصاد الروسي عام 1863 جعل وضع الجماهير اليهودية في المدن الصغرى لا يحتمل اقتصاديا، مما دفعها للهجرة إلى أوروبا الغربية. وفي الغرب أخذت الفئات الوسطى الأوروبية المسحوقة توجه غضبها ضد اليهود، مما دفع بالأفكار الصهيونية للانتشار بين أوساط اليهود. فبعد مذابح 1882 في روسيا، ظهر كتاب ليوبنسكر "التحرر الذاتي"، وبعد قضية دريفوس(3) ظهر كتاب "الدولة اليهودية" لتيودور هرتزل 1896. وفي عام 1897 عقد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل.

ظهور الصهيونية

ناقش إبراهام ليون بعض ادعاءات الصهيونية، وأوضح عدم صحتها استنادا إلى الواقع التاريخي، فإذا كانت الصهيونية ترى في سقوط القدس سببا "للتشتت اليهودي"، بالتالي مصدرا لجميع آلام اليهود في الماضي والحاضر، وترى أن عدم قدرة اليهود على الاندماج في مجتمعاتهم ترجع إلى الشعور القومي بضرورة العودة إلى "وطنهم القديم"، فإن ليون طرح السؤال التالي على الصهاينة، لماذا لم يحاول اليهود العودة إلى هذا الوطن المزعوم طوال تلك القرون الطويلة؟ لكن الصهيونية لا تستطيع الإجابة على هذا السؤال وتتستر بالدين مدعية أنه كان على اليهود انتظار قدوم المسيح. وهنا يطرح ليون السؤال التالي: لماذا اعتقد اليهود في ضرورة الانتظار؟ ثم يجيب ليون بأن الدين يمكن أن يُوظف كانعكاس أيديولوجي لمصالح اجتماعية، حيث كان انتشار اليهود في أرجاء العالم لأسباب اقتصادية، فكان ضروريا وجود تبرير ديني لهذا الانتشار، هذا التبرير هو انتظار المسيح، بينما "حلم العودة إلى صهيون" لم يكن شيئا، كان مجرد حلم لا يتطابق مع أي مصلحة حقيقية لليهود طوال قرون طويلة، بالتالي لم يحاول اليهود العودة.

الصهيونية وليدة الرأسمالية في عصر الإمبريالية، من هنا استنتج ليون أن حل المسألة اليهودية يصبح مستحيلا بدون القضاء على الرأسمالية التي أنتجتها. ففي عصر أزمة الرأسمالية يوجد فائض منتجات وفائض عمالة، بينما العالم بأكمله قد استعمر ودخله التصنيع والنظام الرأسمالي، وأينما حاول اليهود حل المسألة اليهودية بإقامة وطن قومي لهم وحدهم سيصدمون بالقومية المحلية وبالإمبريالية. وبناءً على هذا التحليل يمكننا فهم ما حدث في فلسطين في النصف الأول من القرن العشرين، حيث احتاج الصهاينة لدعم الإمبريالية الإنجليزية للتغلب على المقاومة العربية، واحتاجوا لدعم الإمبريالية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية لمقاومة النهوض القومي العربي. إن توافق المصالح بين الإمبريالية البريطانية والصهيونية هو الذي أدى إلى إنشاء دولة عبرية في فلسطين عام 1948، وإن توافق المصالح بين الإمبريالية الأمريكية والصهيونية في المرحلة الحالية هو الذي يضمن استمرار الدولة الصهيونية.

في الفصل الثامن، الذي يحمل عنوان "سبل حل المسألة اليهودية"، استبعد ليون احتمال نجاح تحقق الحلم الصهيوني بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. أرجع ليون هذا إلى أحد التناقضات التي يتضمنها المشروع الصهيوني، حيث أن إقامة وطن لليهود في فلسطين يتطلب رؤوس أموال ضخمة، بالتالي تفرض الصهيونية على الجماهير اليهودية المنتشرة في أرجاء العالم التبرع لصالح هذا المشروع، لكن طالما ظل وضع الجماعات اليهودية في أنحاء العالم محتملا، فلن يكون هناك أي ضرورة تجبر اليهود على التبرع ومساندة الصهيونية، وإذا زاد تعرض الجماهير اليهودية للاضطهاد عندها تقل قدرتهم الاقتصادية على دعم المشروع الصهيوني. ويعد هذا أحد أهم تناقضات المشروع الصهيوني، من وجهة نظر ليون.

لكن الحلم الصهيوني بإقامة دولة تحقق، عام 1948، حيث استطاعت الصهيونية تجاوز التناقض السابق عن طريق الدعم الإمبريالي، ومازالت إسرائيل تحوز على هذا الدعم نتيجة للدور الوظيفي لإسرائيل في عصر الإمبريالية الأمريكية. وهذا أحد أهم عناصر ضعف المشروع الصهيوني، حيث بانتهاء دور إسرائيل الوظيفي تختفي إسرائيل من على الخريطة.

وفي نهاية الكتاب يقول ليون إن آلام اليهود لن تزول أو يتحسن وضعهم بتحقق الحلم الصهيوني، حيث أن وضع اليهود لا يتعلق بوجود أو عدم وجود دولة يهودية في فلسطين، بل يتعلق بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي العام. لن تزول مشكلة كراهية اليهود إلا في ظل اقتصاد اشتراكي على مستوى أممي، وهذا لن يتحقق إلا بثورة عمالية أممية.

تكمن أهمية هذا الكتاب، أنه مازال يقدم لنا في القرن الحادي والعشرين الأساس العلمي لفهم الصهيونية، مما قد يساعد المناضلين ضد إسرائيل والصهيونية في فهم ومعرفة حقيقة الصهيونية، وبالتالي استنتاج أفضل الطرق لمواجهتها.

ترجم هذا الكتاب عام 1969 تحت عنوان "المفهوم المادي للمسألة اليهودية" وصدر عن دار الطليعة في بيروت. ولكن للأسف كانت الترجمة غير دقيقة وغير صحيحة في كثير من الأحيان، مما شوه الكثير من أفكار المؤلف. كما أن هذه الترجمة لم تلتزم الأمانة في نقل الهوامش، حيث لم ترد أغلبها في النسخة العربية رغم أهمية تلك الهوامش، كما أن المترجم سمح لنفسه بدمج فقرات معا وتقطيع فقرات أخرى، كما تم تجاهل علامات التنصيص والكثير من الإشارات المرجعية الموجودة في النسخة الإنجليزية. لذا نأمل أن يترجم هذا الكتاب الهام مرة ثانية، أو أن تراجع الترجمة مراجعة دقيقة، مما يعود على القارئ والمثقف والمناضل العربي بالفائدة في فهم ومعرفة أبعاد المسألة اليهودية، ومدى ارتباط تلك المسألة بالصهيونية.



1- النسخة الإنجليزية من الكتاب على الموقع التالي: http://www.marxists.org/subject/

2 - لمزيد من التفصيل حول قصة حياة ونضال أبراهام ليون أنظر المقال الذي كتبه إرنست ماندل عام 1947، والمنشور باللغة الإنجليزية على الرابط التالي: http://www.marxists.org/archive/aleon.htm

3- قضية دريفوس هي قضية ضابط فرنسي يهودي اتهم بالتجسس لصالح ألمانيا وتمت محاكمته بشكل يجافي العدل، وكان هناك إصرار على إثبات التهمة لكونه يهوديا. هذه القضية أحدثت تحولا فكريا عميقا لدى الصحفي تيودور هرتزل الذي كان يقوم بتغطية القضية صحفيا، حيث تحول من شخص مؤمن بفكرة ضرورة اندماج اليهود في مجتمعاتهم، إلى ضرورة إقامة "دولة اليهود".



#سيد_عبد_الرحمن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا يمكن إصلاح الرأسمالية


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سيد عبد الرحمن - المسألة اليهودية: تفسير ماركسي