أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد سالم - مسرحية -رأس الشيطان- نموذجًا للتعايش في الأندلس العربية تأمل حول التناضح بين ثقافتي حوض البحر المتوسط















المزيد.....



مسرحية -رأس الشيطان- نموذجًا للتعايش في الأندلس العربية تأمل حول التناضح بين ثقافتي حوض البحر المتوسط


خالد سالم
أستاذ جامعي

(Khaled Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 3981 - 2013 / 1 / 23 - 09:42
المحور: الادب والفن
    


مسرحية "رأس الشيطان" نموذجًا للتعايش في الأندلس العربية
تأمل حول التناضح بين ثقافتي حوض البحر المتوسط




د.خالد سالم

بقدر ما هو مطروق موضوع الأندلس فهو مجهول بالنسبة لنا نحن العرب ، فالحديث عن هذه النقطة المضيئة في تاريخ الحضارة البشرية ، بكل ما تعنيه من سمو وانحطاط في التاريخ العربي، حديث شجي، مؤلم، مثير للعواطف والأفكار المتطرفة، كلها في آن واحد. ما من عربي أو مسلم إلا ويفخر بالأندلس، إحدى النقاط الفارقة في تاريخ البشرية بكل ما عنيت وأثرت في ضفتي بحر الروم. بيد أن هذا الفخر يثير حزن بعضنا نظرًا إلى تكرار المأساة اليوم في بلدين عزيزين، العراق وفلسطين، والبقية تأتي مع بعض أقطار الربيع العربي فلم يستخلص حكام العرب والمسلمين الدرس من مأساة الأندلس، بل إنهم يبالغون في تكرار مواقف ملوك الطوائف وقراراتهم ، ويتبارون في هذا.

تؤكد كتب التاريخ أن أحد أمراء الأندلس أهدى ابنته إلى حاكم من حكام الممالك المسيحية، الإسبانية، كي يرضى عنه ويتركه حاكماً لمملكة هزيلة ضمن الأندلس الممزقة. إلا أن الحاكم المسيحي لم يحترم الاتفاق وغدر بالعربي الذي هان عليه شرفه. ولكم من حاكم عربي اليوم يكرر هذا التكتيك الرخيص إرضاءً لإمبراطورية العصر. فهل استخلصوا الدروس من سقوط الأندلس وضياعها إلى الأبد؟ الإجابة معروفة ومعها المبررات.

اليوم ونحن نتعرض لهجوم شديد على وطننا وثرواتنا ومعتقداتنا أصبحنا مطمعًاً للجميع، والأندلس خير مثال على ذلك. فهناك من يزمع تزوير التاريخ بالحديث عن ثقافات ثلاث بنت الأندلس، أي الثقافات الإسلامية والمسيحية واليهودية، ولمَ لا وقد زوروا كل شيء في فلسطين ونسبوا تراث الفلسطينيين إليهم؟! مع العلم بأن اليهود عاشوا في الأندلس تحت كنف الثقافة العربية ولم يقدموا شيئاً مهماً ضمن ثقافتهم، إلى درجة أن العبرية أخذت قواعدها وعروضها من العربية. وضمن هذه الردة القوية على كل ما هو عربي تراجع مستعربون إسبان عن مواقفهم السابقة، من بينهم سيرافين فانخول، الأستاذ في قسم الدراسات العربية والإسلامية والشرقية في جامعة مدريد أوتونوما، الذي قفز إلى مركب اليمين الإسباني بزعامة رئيس الحكومة السابق خوسيه ماريا أثنار، وأخذ يكيل الذم للعرب والمسلمين، مشوهًا المفاهيم الإسلامية ومفسرًا إياها حسب هواه. ولم يكتفِ بهذا، بل أهاب بالإسبان أن يطالبوا بالأندلس مساواةً بالعرب . (1)

لحسن الحظ أن مواقف وشخصية هذا الأستاذ ليست كثيرة بين الإسبان الذين لا يزالون يعتزون بتاريخهم المشترك مع العرب، الأقرب إليهم وإلى ثقافتهم، رغم استمرار سياسة غرس الأفكار المعادية لنا والرافعة من شأن اليهود منذ أن اعترفت إسبانيا بإسرائيل في عام 1986، في برامج تلفزيونية. الحقيقة أن مواقفه هذه محيرة، خاصة تحوله الكبير هذا.

لعل مواقف صاحب المسرحية التي بين أيدينا، مسرحية "رأس الشيطان" ، خير مثال على اعتزاز الإسبان بالحقبة الأندلسية من التاريخ العربي، إذ بذل جهدًا خلاقًا في استرداد العناصر التاريخية التي كانت حاسمة في ما وصلت إليه من رقي القارة الأوروبية والتبادل الثقافي بين ضفتي البحر المتوسط.

والمؤلف خيسوس كامبوس غارثيا حاز الجائزة الوطنية للمسرح عام 2001، وكان موضع تكريم من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الخامسة عشرة عام 2003، وله أعمال مسرحية كثيرة. والمسرحية ترتوي من نسغ الثقافة العربية في الأندلس التي انتقلت إلى أوروبا عبر مسيرة الترجمة. والمسرحية موثقة بشكل جيد حول الثقافتين البارزتين حينئذ، العربية والمسيحية، دون نسيان الحضور اليهود في ربوع الأندلس.

مما لا شك فيه أن "رأس الشيطان" تتسق مع مسيرة المؤلف المسرحية، وتتواصل مع التجريب في عالم المسرح، وتمثل التزامًا مع المشكلات المعاصرة، وإن كانت تختلف عن أعماله الأخرى في أنها تنتمي إلى المسرح التاريخي. وعنوانها يحمل على الإيحاء، ويثير فضول القارئ منذ أن تقع عيناه عليه. ورأس الشيطان تعني في هذا السياق وحسب المؤلف رأس المعرفة، الرجل ذا الرأس الذي على شكل طائر، ويحيل إلى تمثال الإله الفرعوني توت. هذا دون أن يفوتنا الإشارة إلى أنه يحيل أيضًا إلى حلم البطل وجنونه وشبقه بالسلطة.

ولفهم المسرحية يجب وضعها في سياق معاصر إذ يمكن أن تنسحب أحداثها على المسرح العالمي لما فيه من تناضح ومواجهات بين ثقافات العالم المعاصر. تدور مشاهد المسرحية في إطار الواقعية التاريخية، وتنم عن مؤلف ذي معرفة عريضة بالموضوعات التي يطرحها، ويفاجئ القارئ العالم بهذه المعرفة. ومن بين معارفه العريضة اطلاعه على المصادر العربية، خاصة تلك المتعلقة بالإحالات التاريخية والفلسفية للصوفية. ورأس الشيطان ذاته يحيل القارئ أو المشاهد إلى هذا المجال، وهو ما أكده الكاتب إدريس شاه في كتابه عن الصوفية حيث يؤكد الأصل العربي للعنوان، إذ أُخذ من "رأس الغول" أو "رأس الشيطان" في الفكر الصوفي. وهو عنوان يضفي غموضًا وتشويقًا، ويحيلنا إلى حلم السلطة، السلطة المطلقة.

تطور المسرحية: حلم
بداية المسرحية وهمية، خيالية، تحيل إلى مواقف لا تفتقر إلى الهزل، دون تخلي الكاتب عن العمق في الرمزية. المشهد الأول من المسرحية محدد تاريخيًا، تدور أحداثه في قرطبة عام 960 ميلادية/344 هجرية –التاريخ الهجري من وضع المؤلف-. يبدأ المؤلف بإرشادة مسرحية شارحة يقدم فيها السارد عناصر تعريف تكشف هوية وشكل هذا الرأس محور العمل الدرامي. هذا الرأس الناطق من خلق خيال جيلبرت في بحثه عن السلطة. يتدخل الرأس ثماني مرات في المشهد الأول من الفصل الأول ليطالب جيلبرت بالوفاء له مقابل تحقيق ما يريد له، ما يشكل جزءًا مهمًا من البناء الدرامي. وفي بعض المداخلات، عندما يلجأ الرأس إلى صوت السارد، يضفي جوًا كوميديًا مما يلطف التطور الوهمي لعالم المسرحية.

والسارد، بعيدًا عن العالم الخيالي لما هو في إطار التمثيل، يشرح العرض عبر الخيال الدرامي الذي يتعامل معه المؤلف بفطنة. ومن هذا السياق يخلق جوًا قصصيًا يضعه القارئ أو المشاهد في سياق مسرحي بحت، بفضل التعامل الحذق مع الشخوص والزمان، بتداخل الحاضر والماضي والمستقبل. وتلعب الإرشادات دوراً مهماً في هذا السياق، إذ تحمل على خلق عالم زاخر بالمخلوقات الخيالية. والسارد والإرشادات هما السبيلان الوحيدان اللذان يقدمان معلومات مباشرة في هذه المسرحية. فمن المعروف أن المؤلف -نظرًا إلى قصور المسرح أمام الرواية- يلجأ إلى الإرشادات لتوسيع المعلومات الموعزة والذاتية التي تقدمها الدراما، هذا إذا أخذنا في الحسبان طبيعة الرواية إذ تقدم تفاصيل وصفية للشخوص والأجواء والأحداث.

مع أن الإرشادات مقصورة على الفنيين أو المخرج، المسئولون عن العرض، فإنها في هذه المسرحية توجه أيضًا إلى القارئ. لهذا نجد أن لا غنى عنها في القراءة، إذ ليس كل الأعمال المسرحية تتحول إلى عروض، وهي منتج أدبي في الوقت نفسه. هذا دون الخوض الآن في تقييم أزمة صالات المسرح أو تراجع اهتمام الجمهور بالمسرح الذي يولي اهتمامًا أكبر بنتاج العولمة والتكنولوجيا المعاصرة. والمؤلف، خيسوس كامبوس غارثيا، يتميز بدقة الإرشادات ووفرتها، وهو في هذا الصدد لجأ إلى تقنية خاصة بالمسرح تهدف إلى تزويد القارئ المتخصص وغير المتخصص بمعلومات عن تطور العمل المسرحي.

وهو شخصية فريدة، متكاملة في عالم المسرح، يتعامل مع أوجه الإبداع المسرحي كافة. وهو مسرحي قادر على ممارسة جوانب مسرحية عديدة، مثل الكتابة الدرامية، والإخراج والسينوغرافيا، والتنظير، والتدريس. وهذا الاستعداد حمله على إخراج كافة أعماله، إلى جانب مسرحيات كتاب آخرين. ويندرج نتاجه المسرحي ضمن ما يطلق عليه المسرح الإسباني الجديد، وهو ذو نظرة تشاؤمية للمجتمع المعاصر، الذي يعالجه في أعماله كلها .








إلا أنه مفكر يؤمن بالتفاهم، بالحوار بين الحضارات، يرفض أفكار العولمة الأمريكية المتمثلة في نظرية صامويل فيليبس هانتينغتون، في كتابه "صراع الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي"، التي أصابت المسرح السياسي العالمي بالفقر منذ أن أطلقها في مطلع التسعينات على أثر انهيار الاتحاد السوفيتي وحرب الكويت. ومن منطلق معرفتي عن قرب بخيسوس كامبوس غارثيا، ذي الأصل الأندلسي - من مواليد مدينة خاين، جيان العربية، عام 1938- يمكنني التأكيد أنه من المثقفين الإسبان الذين يقدرون الثقافة العربية، ويناصر القضايا العربية المعاصرة، وأبرزها قضيتا العراق وفلسطين.وهذه المسرحية خير مثال على هذا الجانب في الثقافة الإسبانية المعاصرة (6).

ومسرحية "رأس الشيطان" هذه نتاج معتقدات مبدعها، طريقته الخاصة في فهم الإنسان. وعليه فإنه عادل في عرفانه بأهمية أكبر منبعين لحضارة الأندلس، العربي والمسيحي، دون أن ينقص الثقافة اليهودية حقها لتأتي في درجة أقل من السابقتين. ومع ذلك فإن المؤلف لم ينس التعريج على التعايش بين الأديان الثلاثة في الأندلس، وإن لم يكن سلمياً في كل مراحله، كان مثمراً، ينم عن تسامح عربي تًمثّل في شغل يهودي وظيفة مترجم في القصر، الحاخام موسى بن حنوش، والد سارة التي كانت تخبئ مخطوط رأس الشيطان في منزلها.

تدور أحداث المشهد الرابع في الفصل الثاني بين الصعلوك المتلهف على السلطة جيلبرت وابنة الحاخام سارة. لجأ إلى حيل تخيم على أجواء العصور الوسطى كي يقنعها بفتح شراعة الباب، مع أن في ذلك مخالفة لأمر أبيها. يواصل خداعه لها فيقنعها بفتح الباب، ليدخل الكهف المخبأ فيه المخطوط. هذا الوصف، مضافًا إلى مناخ الصعلكة من قبل الاثنين، يجعل من هذا المشهد جديراً بأن يكون سيناريو شريط سينمائي شائق، وهو الفيلم الذي ينتهي بحصول البطل جيلبرت على المخطوط.

تندرج هذه المسرحية ضمن الأعمال الأدبية الإسبانية التي تغوص بنا، عربًا وإسبانًا، في أعماق ماضٍ مشترك، كانت تتعايش فيه الثقافتان اللتان تمثلان اليوم ضفتي البحر المتوسط. والأعمال القصصية والمسرحية التي تعالج هذا الماضي تثري أرفف المكتبات الإسبانية دون اهتمام كبير من قبل الإخصائيين، وتستحق أن تنقل إلى لغتنا، ومن بين هذا الأعمال يمكن الإشارة إلى "أهلاً"، و"مقبرة"، و"مكتوب"، و"كتاب"، و"الزهراء". وهي عناوين جاءت كما هي عربية بحروف إسبانية دون ترجمة.

والتراث المشترك ممثل بشكل جيد في هذه المسرحية المكتوبة على أعتاب القرن الحادي والعشرين، في مناخ معادٍ للضفة الجنوبية لحوض المتوسط. وهي دعوة إلى موقف انتقادي أمام الواقع. إنه واقع يقترح مراقبة حاضر يحاول الشركاء فيه تجميله بأدوات رثة كي لا ندرك أنه يماثل ماضيًا عاشته المنطقة من تكرار مكائدهم وحيلهم (2).

في هذه المسرحية، ذات البعد التاريخي، لا يرغب المؤلف في سرد أمجاد الماضي، بل في أن يكون العمل أداة نموذجية لانتقاد نواقص الحاضر عبر الإقصاء. ولهذا فإنه يسترد شخصًا من الماضي المشترك للثقافتين بهدف جعل المشاهد يتأمل ويفكر في مواقف وتصرفات تنتمي إلى الحاضر على أساس أحداث من الماضي. وعليه فيمكنه أن يستخدمه في التأمل في عيوب وتعسف ونواقص لا تزال ترتكب رغم مرور الزمن وطوله.

ومع ذلك فالمسرحية تعد عرفانًا بفضل العرب على الحضارة البشرية من خلال الحضور العربي الزاهر في شبه جزيرة أيبريا، إسبانيا والبرتغال. ولعل أبرز نموذج في هذا الصدد هو الذي يسرده جليبرت-سليفستر الثاني في مداخلات عدة حول مدينة الزهراء، منها مداخلة تتعدى الصفحة، حيث يحكي فيها تجربته في هذه المدينة، القصر، خارج مدينة قرطبة، مع كل ما تمثله وترمز إليه من أبهة معمارية وتنظيم إداري وسياسي، أي إنها نداء لتعايش يرغبه ويشتاق إليه كثيرون من الشرق العربي والغرب.

وإمعانًا في نقلنا إلى ذلك المناخ العربي الأندلسي يطرز المؤلف مسرحيته بكلمات عربية دخلت واستقرت في اللغة الإسبانية، كلمات تنتمي إلى تلك الحقبة، من بينها: وزير، قاض، حريم، فقيه، جب، قصر، درب.... هذا بالإضافة إلى أسماء الأعلام التي تزين النص المسرحي. غير أنه يسقط في خطأ يرتكبه غربيون كثيرون -ومعهم بعض العرب- عند الإشارة إلى لفظ الجلالة، الله، إذ يقصره على الخالق بالنسبة إلى المسلمين برسمه بحروف إسبانية Alá وعند الحديث عن اللفظ نفسه بالنسبة للثقافة الغربية فيكتبه بشكل آخر Dios، أي الله بالإسبانية، مع أن الخالق واحد لا يتغير في الأديان السماوية. لهذا أعتقد أنه ما كان لكاتب في ثقافة ودراية خيسوس كامبوس غارثيا أن يقع في مثل هذا الخطأ، مثله مثل ذوي الثقافة العادية، خاصةً وأنه وصل إلى معرفة دقائق التقويم الهجري وأسراره وهو ما تجلى في هذا العمل، وهذا أمر يستحق التوقف أمامه إذا أخذنا في الحسبان أن كثيرًا من العرب يفتقرون إلى دراية استخدام التقويم الهجري.

هذا بالإضافة إلى المعلومات الثرة التي يزود بها المشاهد في بداية المسرحية من خلال الإرشادة الأولى عند الحديث عن جيلبرت إذ يقول: " تدور أحداث هذه المسرحية حول حكاية جيلبرت دو أورلياك: المستعرب والرياضي والميكانيكي والمخترع وفيلسوف مدرسة رانس Reims، التي شغل فيها العرش البابوي في نهاية الألفية تحت اسم سيلفستر الثاني، وقيل عن -دون أساس من الصحة- إنه وصل إلى امتلاك رأس الشيطان".

وعن هذه الشخصية يقول د. بسام بركة ضمن مقال له عن الأرقام والأعداد ودور العرب في تطويرها ونقلها إلى الغربيين "... لكن تاريخ انتشار الرقم والأعداد عبر العلوم العربية، يتعدى مسألة الشكل أو الرسم. فالتأريخ لدخول الأرقام العربية إلى أوروبا، يبدأ مثلما تبدأ الحكايات التي لا يكاد العقل يصدقها. ففي سنة 945 ميلادية، وُجد طفل صغير على باب أحد الأديار في منطقة أوفرني في فرنسا. اعتنى رهبان الدير بهذا الصبي وأحسنوا تنشئته، وعندما شب وأبدى من الذكاء والفطنة ما لا يوجد عند غيره من الشباب، سُمح له بمرافقة الماركيز بورّيل دي برشلونة إلى الأندلس، وهو لا يزال في العشرين من عمره. وقد استطاع خلال وجوده في الأندلس أن يختلط بالعلماء العرب الذين علموه كيفية الحساب بالأرقام الجديدة التي كانوا قد أدخلوها إلى بلادهم منذ فترة قصيرة. وكان بذلك أول عالم غربي يستعمل الأرقام العربية. هذا العالم أصبح في ما بعد أسقف مدينة رينس ثم انتخب بابا في عام 999 تحت اسم سيلفستر الثاني .

ورغم تحامل خيسوس كامبوس غارثيا على بطل مسرحيته، إذ يصل إلى تعريته، فإنه يعزو إليه دورًا بارزًا في إطار التبادل الثقافي، إذ يؤكد أن فضل نقل الأرقام العربية إلى أوروبا يعود إلى جيلبرت، إلى جانب نقله الأسطرلاب والمعداد العربيين إلى أوروبا (3).

إننا أمام شخصية تاريخية، بطل مطلق لهذه المسرحية، سافر إلى قرطبة، عاصمة الخلافة، بهدف إبراز علاقته المباشرة مع الثقافة العربية في الأندلس. هذه الرحلات المتكررة إلى أراضي الإسلام، في أقصى جنوب القارة الأوروبية، تنم عن معرفة قوية بالنصوص الفلسفية لابن مسرة، مع أن الاثنين لم يعيشا في الوقت نفسه، فمن المعروف أن الفيلسوف العربي توفي قبل مولد جيلبرت بخمسين عاماً. وقد عني المؤلف من وراء هذه المفارقة التاريخية إضافة عنصر درامي مهم على المسرحية.

لم يقتصر المسرحي في استفادته من الماضي على الأندلس، إذ عرج على الحضارة المصرية القديمة، وعلى وجه الخصوص الإلهة إيزيس، مازجاً في ذلك ما هو أسطوري بما هو واقعي. وفي المشهد الخامس والأخير من الفصل الثاني عاود الخوض في مصر الفرعونية من خلال إله الحكمة توت، والبرديات، وذي النون المصري.

الحبكة: السلطة
يلح على هوس البطل في العثور على رأس الشيطان "بافوميت" Bafomet أو Bufihimat ، محور العمل كله، وهو رأس أسطوري، يمثل هوساً بالمعرفة. والكلمة الإسبانية تحريف للعربية "أبو الفهم" أو "رأس الفهم"، حسب بعض المصادر المتخصصة في الفكر الصوفي تعني العقل المثقف، الفاهم، الضمير المتحول . هذا الهوس يؤدي بالبطل إلى الالتباس، الهذيان، واختلاق مواقف من نسج خياله، في ما يتعلق بابن مسرة الذي يسهل على المشاهد أن يربطه بجيلبرت نفسه، ليصبح ذاته.

وفي هذا السياق، سياق الهوس بالسلطة، بالبحث عن رأس الشيطان، يلجأ إلى وسائل تنم عن خسة في بحثه، تصل إلى حد التحالف مع الشيطان من أجل تحقيق هدفه. وتصرفاته بهذا الصدد تؤدي إلى وصفه بمدعي الرؤى والطماع. كل هذا من أجل السلطة.

يعيش جيلبرت دي أورلياك هذه الثنائية، الازدواجية، التي تمثلت في التعايش الذي شهدته الأندلس التي كانت أول مجال لصدام الحضارات، تمثل في الحروب الدينية التي أسهمت بدورها في انتقال المعارف العلمية والفلسفية إلى الغرب. وخلاصة القول فأن لا شيء أبيض ولا أسود خالصًا، لا في الماضي ولا في الحاضر، بالطريقة التي يريد بها البعض إفهامنا. وهذا يلخص موقف المؤلف بوصفه مواطنًا أوروبيًا يعيش بدايات القرن الحادي والعشرين، أي بعد ألف عام من الأحداث التي يتخذها سياقًا تاريخيًا لمسرحيته (4).

الإرشادات المسرحية التي يدخلها المؤلف توضح كيف يكمن إعداد النص مسرحيًا. إنه يمسرح النص أمام أعين قارئ بعيد عن الخشبة ويقدم دليلاً ضروريًا للمخرج عند وضع مخططات إخراج هذا النص. وهي ضرورية لأيّ نص مسرحي، ولا يمكنه الاستغناء عنها ما دام أن النص لا يتضمن المعلومات اللازمة لوضعه في سياقه .

مما لا شك فيه أن قراءة "رأس الشيطان" أو مشاهدتها يمكن أن تسهم في جلاء كثير من القضايا المتعلقة بالواقع، فيما يتعلق بثقافات متجاورة وفي حالة احتكاك دائم، بدلاً من التسليم بالصدام المتقطع. إنها تلخص حكاية شخصية مثيرة للجدل عاشت بين هاتين الثقافتين، لتصبح بمثابة جسر بناء بينهما رغم كل المآخذ التاريخية عليها، خاصة في ما يتعلق بشبقه للسلطة. فرأس الشيطان كفكرة مجردة وليست ملموسةً، تأمل حول أسباب وآثار السلطة، الموضوع الذي تقوم على أساسه البنية الدرامية.

إننا أمام بطل مكيافيللي في بحثه الدءوب ولهثه وراء السلطة بأية ثمن وأي طريقة. يلجأ إلى القسوة والتعسف، والظلم، مستغلاً في ذلك القوانين والأخلاق بشكل ذاتي. في هذا الإطار فإن استخدام المسيحية، السلطة في مفهومه، يبرر شتى أنواع التعسف والفظاعة والظلم طوال جزء كبير من المسرحية، رغم نداءات قرينه ابن مسرة المتكررة ومفاهيمه الفلسفية. غير أنه يبرر نفسه، مبدياً استعداده للوصول إلى السلطة بأي ثمن، وهو موقف يقربنا من فاوست ومن " أمير " مكيافيللي.

لهذا فإنه يشرع في تحقيق مشروعات كبيرة، إلا أن المؤلف يكبحه بمواجهته بصورته كبطل ونقيض في الوقت نفسه، يشكلان شخصاً ذا وجهين. هذا الشخص الحالم يختار طريق النجاح في حياته: كان راهبًا وخرج من الدير كي يصبح معلمًا لأمراء، رحالة ناقل لآثار ثقافية ليصل إلى سدة البابوية تحت اسم سيلفستر الثاني. كما أنه حقق شيئًا لم يستطع أحد تحقيقه في زمانه: الموت موتًا طبيعيًا دون أن يقتل.

يلاحظ أن مؤلف المسرحية كان واضحاً منذ البداية في جعل المتلقي يفهم أن هذا الشخص ليس موضع ثقة. ففي المشهد الأول من الفصل الأول يعريه في مشاجرة من أجل استرداد أربعين مرابطيًا –عملة أندلسية- من يوسف كان قد دفعها له من أجل الحصول على مخطوط "رأس الشيطان" ومغامرة عاطفية مع محظيات الخليفة. ويلاحظ من الحوار وقاحة شخص متهتك في تعبيراته، ويسهم في هذا يوسف والعامل. إنه شخص يتحالف مع الشيطان من أجل تحقيق أهدافه.

لم يقتصر المؤلف على تقديم معلومات خاصة بالحكاية والأسطورة، بل يدرج أيضًا كل ما يغذي هدفه وتفسيره الذاتي، مثيرًا رأي القارئ أو المشاهد. ففي كثير من المواقف يقدم إرشادات تنم عن جوانب إخبارية واضحة. إلا إنه لا يزمع بهذا تحديد إرادة المخرج تاركًا له مجال تحديد تفاصيل الديكور والسينوغرافيا. وربما يرجع هذا إلى كونه مخرجًا إضافة إلى كونه مؤلفًا.

تدور أحداث المسرحية طوال ثلاثة وأربعين عامًا من حياة البطل، تتوزع على خمسة عشر مشهدًا، أي خمسة في كل واحد من الفصول الثلاثة التي تكون العمل. ومع هذا فإنه تشمل تنوعاً في الأسلوب والموضوع بحيث لا تقبل تعريفات جاهزة أو بسيطة، ما يجعل منها نصًا مكثفًا، جماعياً وفي الوقت نفسه شائقًا لأي قارئ.

هناك شخوص متنوعون يتقاسمون اللحمة الدرامية للعمل في نموذج يحتذى من التناضح بين ثقافتين مختلفتين وقريبتين، العربية والأوروبية. في هذا السياق تظهر أسماء مثل يوسف، ابن مسرة، ابن أبي عامر، المنصور، إلى جانب سارة، وجيلبرت، وأتون الثالث، ويوحنا السادس عشر... إنهم شهود على تلاقٍ تاريخي بين حضارتين في حاجة إلى تكراره اليوم.

الزمان والفضاءات متعددة ومحددة في مطلع كل مشهد. والملفت أن المشاهد الأولى تجري في قرطبة في زمان يستخدم لتحديده التقويمين الهجري والميلادي، أي العربي والغربي. إلا أنه يضع التقويم الشمسي، الغربي، في مقدمة المشاهد التي تحدث في أراضٍ أوروبية، مثل روما ورانس ورافينا، بالإضافة إلى القدس. الشخوص، من الثقافتين، مختلطون في المشاهد التي تجري في قرطبة، في حين تجدهم في الجغرافيات الأخرى نجدهم ينتمون إلى الثقافة المسيحية باستثناء ابن مسرة، وقد سبق أن أشرنا إلى أنه قرين جيلبرت لهذا نجد ظهوره يتكرر في إطار شبحي.

تلعب قرطبة، عاصمة الخلافة، دورًا مركزيًا لمسرح الأحداث من منطلق كونها بوتقة تاريخية للحضارتين، ولما لها من معنى مشترك لهما. وإلى جانبها نجد مدرسة طليطلة للترجمة، ومدينة الزهراء، والقصر، وأمكنة تاريخية أخرى وشخوصًا، كلها تثري حوارات الدراما.

تتخذ أحداث المسرحية الفترة الممتدة من 960 ميلادية/344 هجرية إلى 1003 ميلادية، أي الفترة الأكثر ازدهارًا في تاريخ الحضور العربي في الأندلس. الفصل الأول يشغل الفترة بين عامي 960 و 997 ميلادية، في حين أن الفصلين الآخرين، الثاني والثالث، يحتلان ستة أعوام فقط.

أي إن الفصل الأول يحتل ثلاثة وأربعين عامًا من أحداث المسرحية، وأطول جزء من عمر البطل، شبابه وتعلمه وبدء طريق تحقيق أهدافه. هذه الفترة في حياة جيلبرت، إلى جانب سلوكه في شبابه، تضفي على حبكة المسرحية روحًا كانت تنتمي إلى أدب الصعاليك، الجنس الأدبي الذي تميز به العصر الذهبي للأدب الإسباني تحت تأثير عربي.

هذا البطل الطموح يصل إلى النضج في الفصل الثاني، وفيه يعود إلى نقطة البداية، من منطلق طموحاته وأطماعه، لتحقيق هدفه: الطلسم الذي سيجعله يصل إلى المجد. لا يهمه كيفية الوصول إلى هذا الهدف، بل الحصول عليه بأي ثمن وسبيل. لقد لجأ إلى إغراء وخداع سارة، ابنة الحاخام اليهودي الذي يحتفظ بالمخطوط الذي يتضمن سر هذا الطلسم. وبهذه الطريقة يحقق هدفه، ويحصل على ما يعدّه حاملاً للمعرفة الشيطانية. بعد الاستيلاء على المخطوط يعود للقاء الفيلسوف ابن مسرة، وأمامه يعترف بالدوافع الحقيقة التي تقف وراء بحثه الحثيث عن الطلسم.

في نهاية المشهد الخامس من الفصل الثاني نجد أن حضور ابن مسرة يمثل ضياع الموضوعية في الزمان والمكان، ويعني الحضور المسرحي للجانب الآخر من فكره، الجانب المتهم لهذا الشخص المزدوج الذي أسفر عنه الطمع. ويشهد القارئ أو المتلقي، منذ اللحظة التي يتحد فيها الاثنان على الخشبة، القلق الذي يلف الأفعال والضمير المذنب الذي يصارع من أجل الفوز برأس الشيطان. في هذا السياق يعرج على الحضارات القديمة في حوض البحر المتوسط، وعلى وجه الخصوص الحضارة المصرية القديمة من خلال الإله توت في حوار بين جيلبرت وابن مسرة (5).

ويحمل ظهور ابن مسرة على التفكير أنه بسبب المفارقة التاريخية التي يعنيها ظهوره، وهو يتحادث مع البطل الطموح، مع الأخذ في الحسبان أنه مات منذ أمد "وأكثر من هذا، أنه إذا كان على قيد الحياة لكان عمره نحو مائة عام" . في الفصل الثالث نشاهد البطل غارقًا في فعل السلطة. ومع ذلك يدرك، مع الوقت، أخطاء طريقته في الأداء، ويحمله ضميره على إدراك هذه الأخطاء، وهذا الأمر يفصح عنه مع ظهور روحه التوءم في نهاية المشهد الأول ". وعندما يهم جيلبرت بالرحيل، يكشف الضوء عن ابن مسرّة، فيظلان وجهاً لوجهة ويحل الظلام" .

ويحدث هذا الأمر عندما يسمح كريستنزيو للبابا الألماني كليمنت الخامس بالهرب من روما، وكان قد فرضه أوتون الثالث، ليحتل مكانه يوحنا السادس عشر. في تلك الأثناء يوصي جيلبرت الإمبراطور بردع المنشقين بقوة. وتعود روحه التوءم إلى الظهور لتلومه على قيام أوتون الثالث بضرب الأعداء من خلال تطبيق عقوبات قوية بموافقة جيلبرت، وهو الموقف الذي حمله على احتلال منصب رئيس أساقفة رافينا: "يخرج أوتون الثالث وغريغوروس الخامس. ويهم بالخروج جيلبرت أيضاً، إلا أن ابن مسرة يوقفه بجذبه من كتفه. ابن مسرة: هل هذه هي الأحجار التي تريد أن تقيم عليها مجتمعك الروحي؟" .

غير أن هذا التعايش بين أكبر ثقافتين في الأندلس نجده يتراجع أمام الصراع بينهما في نطاق آخر، ضمن أحداث تاريخية معروفة، وهو ما يكشف عنه حوار بين جيلبرت، أو أوتون الثالث، وهو في قمة السلطة المسيحية، وروحه التوءم، الفيلسوف ابن مسرة:

أوتون الثالث: غزو القدس؟
جيلبرت: نعم، إنه غزو القدس.
ابن مسرة: أترفعون الروح بمحاربة المسلمين؟
جيلبرت: لقد قام المنصور بهذا الأمر. فقد أدى سلبه لسانتياغو إلى تعزيز سلطته وحماسة المؤمنين.
ابن مسرة: هل دم المسيحيين رفع درجة روحانية الإسلام؟
جيلبرت: كنت في قرطبة عندما علقوا في المسجد أجراس كومبوستيلا وشاهدت كيف أن الشعب كان يتلاحم مع قائده وربه .

إن توقه إلى السلطة طموحه السياسي لا يتوقفان. فبعد أن أصبح رئيس أساقفة طُيّر خبر تعيينه بابا بعد أن مات غريغوريوس مسموماً. وعليه فإن آلة السلطة يتم إعمالها والبطل غير قادر على التوقف. إنه ينتمي إلى سلالة الأبطال التاريخيين الأقوياء، وما يبديه هو أن السلطة تصيب بالعدوى، ويبحث عن أعذار يمكن أن تبرر أفعاله.

والظهور المستمر لابن مسرة في المشهد الرابع من الفصل الثالث والأخير، خارج سياقه الأندلسي، يعطي المسرحية شكلاً دراميًا شائقًا. وعليه نعيش تداخل الحاضر والماضي والمستقبل، ويلجأ المؤلف إلى لعبة الغموض من خلال حضور هذا الفيلسوف العربي، الضمير الحي والمصلح الذي يلفت ضمير جيلبرت إلى تصرفاته الدنيئة.

وقد تمكن هذا الضمير الحي في النهاية من إيقاظ خيط تكفيري داخل البطل، فيترك كل شيء ليتبع نصائح ابن مسرة، ويتخلى جيلبرت-سيلفستر الثاني عن مواصلة طريقه، طريق العمل المفسد للسلطة. وفي النهاية يعترف بجرمه ويتخلى عن الحياة للتكفير عن ذنوبه في المشهد الحلمي حيث يقبل ضميره المسئولية، ويسمح للمتلقي بتأمل موته ندمًا، فيخرج من الفاتيكان نهائيًا، في نهاية المسرحية.

د.خالد سالم

(1) لمن يرد أن يستزيد من أفكار هذا الأستاذ الشيطانية عليه أن يتابعها في صحيفة أ.ب.ث الإسبانية، لعل أبرزها مقاله بعنوان "كره الإسلام Islamofobia" الذي نشر ضمن سلسلة مقالات دورية بتاريخ 24-2-2006، وقبله مقال آخر بعنوان "لا أريد أن أكون ذميا " No quiero ser «dhimmí»" ، في الجريدة نفسها بتاريخ 3-2-2006 ومشاركاته في برامج تلفزيونية حول المهاجرين العرب والمسلمين. عندما قمت بزيارة مدريد، يوماً واحداً، في فبراير 2006، لفتت انتباهي زميلة في جامعة مدريد إلى هذا التحول في شخصية سيرافين فنخول وزودتني ببعض مقالاته في هذا الصدد. أعتقد أن من واجب العرب - على وجه التحديد السفارات العربية- أن يردوا عليه بحجج دون تشنج. علمًا بأنه يعمل مستشارًا في مؤسسة فكرية تابعة للحزب الشعبي، اليميني، الذي خسر الانتخابات على اثر أحداث ضرب القطارات التي وقعت في مدريد في مارس 2004، مما حمل رئيس الحكومة السابق ورئيس الحزب خوسيه ماريا أثنار على شن حملة على الإسلام والمسلمين، بدافع أن الضربات الإرهابية التي قامت بها شرذمة تحت اسم الإسلام كانت سبب خسارته لتلك الانتخابات وفوز الحزب الاشتراكي بقيادة الشاب خوسيه لويس رودريغيث ثباتيرو الذي فهم اللعبة وبادر بسحب القوات الإسبانية من العراق في السنة نفسها.
(2) تذكرنا حيلة البطل في الاستيلاء على المخطوط بحيل الصعاليك من أبطال أدب العصر الذهبي في الأدب الإسباني مثل "لاثارييو دي تورميس" الذي ترجمته ونشرته في نهاية السبعينات مسلسلاً في صحيفة "المساء" القاهرية في ربيع عام 1979، تحت اسم "مغامرات صعلوك"، بالإضافة إلى أعمال أخرى تتناول هذا التكنيك الروائي الذي كان سائدًا في تلك الفترة.
(3) د. باسم بركة "الأرقام والأعداد ودور العرب في تطويرها ونقلها إلى الغربيين"، مجلة "حوار العرب"، عدد مارس (أذار) 2006. ص.126.
(4) وهو ما أسر لي به خيسوس كامبوس غارثيا في لقاء جمعنا على هامش معرض الكتاب المسرحي، في دورته الرابعة، في نوفمبر 2004، في العاصمة الإسبانية. وكانت فرحته كبيرة عندما أخبرته بمشروع ترجمة هذه المسرحية بعد قراءتها، إذ أكد لي أنه حلم أن يرى مسرحية "رأس الشيطان" في متناول القارئ العربي في بلد يكن له حبًا عظيمًا، مصر. وأعرب عن أمله في أن تقلص هذه المسرحية الهوة التي تفصل بين ضفتي البحر المتوسط. ولم يبخل عليّ من يومها في الرد على تساؤلاتي واستفساراتي حول بعض الجمل والتعبيرات والمفاهيم التي تتضمنها المسرحية، ولولا شروحه وإيضاحاته لبقي كثير من المفاهيم عصيًا على الفهم، ومن ثم خرجت الترجمة عرجاء مع أنني أستطيع أن أزعم معرفةً دقيقة باللغة الإسبانية.
(5) أذكر أن المؤلف عندما حضر لتكريمه في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، في دورته الخامسة عشرة في سبتمبر 2003، اعترف لي بتأثره الكبير عند تسلمه تمثال الإله توت من وزير الثقافة ، نظرًا إلى ما يمثله هذه الإله المصري شخصيًا للكاتب. لقد ظل يتذكر مصر معربًا لي في أكثر من مناسبة عن رغبته في العودة إليها.
(6) وجب التنويه إلى أن الحضور العربي في إسبانيا، الأندلس، يمثل لي موضع ألم، نقطة مظلمة، لحساسيات عامة، قومية، وخاصة، عائلية. وهو أمر حملني دائمًا، كدارس للثقافة الإسبانية خلال دراستي في مدريد، على الإبتعاد عن هذه المرحلة في التاريخ المشترك بين العرب وإسبانيا. ومع ذلك فإن هذه المسرحية كانت اكتشافًا بالنسبة لي ما حملني على ترجمتها لنقلها إلى قارئ العربية كي يطلع على جانب آخر من ذلك التاريخ المشترك.



#خالد_سالم (هاشتاغ)       Khaled_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاهوت التحرير وموقفه من الشعب: الشاعر والأب إرنستو كاردينال ...
- كنت شاهدًا على التجربة الإسبانية في المرحلة الإنتقالية
- كان ياما كان


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد سالم - مسرحية -رأس الشيطان- نموذجًا للتعايش في الأندلس العربية تأمل حول التناضح بين ثقافتي حوض البحر المتوسط