أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - رانيا معترماوي - نصائح لرعاية مصالح الجيش الحر وحماية سوريا- التدارك السريع















المزيد.....


نصائح لرعاية مصالح الجيش الحر وحماية سوريا- التدارك السريع


رانيا معترماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3976 - 2013 / 1 / 18 - 20:57
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


مقدمة:
من المؤسف حقاً أن الظروف التي مرت بها الثورة السورية كانت من الصعوبة بحيث لم يسبق أن مرت ثورة بهذا القدر من الدموية في التاريخ، وهذا الأمر أفرز نتائج بالغة الخطورة، وكون ردود أفعال سلبية للغاية لدى الشعب السوري الذي يتعرض لشتى أنواع الانتهاكات، التي تعهد المجتمع الدولي بالحيلولة دون وقوعها، ووقف افلات مرتكبيها من العقاب في حال لم يفلح في منع ارتكابها، ان عدم تطور قواعد القانون الدولي بشكل عام والقانون الدولي الانساني بشكل خاص، بما يتلائم مع خطورة الأحداث السورية، أفقد السوريين الثقة بالمنظومة الدولية ولكن من المهم أن نعلم التالي: سواء الدول الكبري لم تستطع التدخل أولم ترد التدخل في المرحلة الصعبة لتدعم الثورة السورية، فلايجب أن نعطيها الذرائع لتتدخل في المرحلة النهائية لتجني ثمار انتصار الثورة وحدها ويخسر السوريين، كما وأن التزام الثوار السوريين بقواعد القانون الدولي سيحرج المجتمع الدولي أكثر فأكثر وسيزيل الذرائع تماما أمام رفض تقديم الدعم للثورة السورية، وكي لا يطول النزاع السوري ويراق المزيد من الدماء فلا بد من ملاحظة الآتي:

الفرع الأول_ أنواع النزاعات وفقاً للقانون الدولي الانساني:
تكمن أهمية التفرقة بين أنواع النزاعات المعروفة والمنظمة بقواعد، في معرفة أولاً القواعد القانونية المنطبقة على النزاع القائم في سوريا، وثانياً الاطلاع على الآثار المترتبة على انطباق القاعدة القانونية، ومن هنا نستطيع الوقوف على الواجبات والالتزامات الملقاة على عاتق جميع الأطراف.

أولاً_ التمرد:
يمكن تعريف التمرد بأنه: حالة من العنف الداخلي يلاحظ خلالها مجرد تحديات متفرقة للحكومة الشرعية، ويمكن وصفه أيضاً: بمجرد انتفاضة قصيرة ضد سلطة الدولة وفي حدود قدرة قوات الشرطة التابعة لها لاجبار الطرف المشاغب على احترام النظام القانوني للدولة، واذا تمكنت الحكومة من قمع الفصائل المتمردة بسرعة عبر الاجراءات المعتادة للامن الداخلي، فان حالة التمرد تبقى شأناً داخلياً، ويحق للدول الأجنبية مساعدة الحكومة في جهودها لقمع المتمردين، بيد أنه لا يجوز لها تقديم الدعم للمتمردين، اذ يمكن أن يعد ذلك تدخلا غير قانوني .
ثانياً_ العصيان:
يطلق هذا الوصف على حالة التمرد التي استطاع منفذوها تحمل القمع واحداث حالة عنف أطول أمداً وأكثر جوهرية داخل الدولة، وبالتالي فان العصيان يتميز عن التمرد بطول الفترة الزمنية، وبتوسع حالة العنف التي تنجم عنه وجوهريتها، ويرى البعض أن الاعتراف بوجود حالة العصيان يعد تدويلاً جزئياً للنزاع، دون خلق حالة حرب علية، وهو ما يسمح بمشاركة دول أخرى في الحرب الداخلية دون أن تجد نفسها في حالة حرب، بينما الاعتراف بالطرف نفسه كطرف متحارب من شأنه أن يقود الى تدويل كامل للنزاع .
ثالثاً_الاضطرابات الداخلية:
هي المواقف التي تشمل على مواجهات داخلية خطيرة أو مستمرة، وفي هذه المواقف والتي قد لا تتصاعد بالضرورة إلى نزاع مفتوح قد تستخدم السلطات قوات شرطة كبيرة، وحتى القوات المسلحة لاستعادة النظام داخل البلد وقد تتبنى إجراءات تشريعية استثنائية، تمنح مزيدا من السلطات للشرطة أو القوات المسلحة.
أما بعض المختصين فذهبوا إلى تعريفها بأنها: الحالات التي وإن كانت لا ترقى إلى النزاع المسلح غير الدولي، إلا أنها تتضمن قيام حالة من المجابهات بين السلطة الحاكمة والمنشقين، تشتمل على درجة من الخطورة والديمومة والتي تتضمن استخدام العنف خلالها وتتخذ هذه الحالات أشكال متنوعة بما فيها استخدام العنف والتمرد والنزاع بين جماعات شبه منظمة والسلطة الحاكمة.
وهناك من يعرفها بأنها: أعمال العنف المتفرقة والتي تستخدم فيها قوات الشرطة غالبا الجيش دون أن توجد بالضرورة مواجهة مستمرة.
وقد عرفها آخرون بأنها: مواجهات ذات طابع جماعي تكون مزمنة أو قصيرة المد، كما تكون مصحوبة بآثار دائمة أو متقطعة وتمس كامل الأراضي الوطنية أو جزء منها أو تكون ذات جذور دينية أو أثنية أو سياسية أو خلاف ذلك .
رابعًا_ التوترات الداخلية:
تعتبر أقل خطورة من الضطرابات الداخلية، وتتسم بمستويات توتر عالية سواء كانت سياسية أو دينية أو عرقية أو عنصرية اجتماعية أو اقتصادية، وهي ذات طبيعة وقائية لأنها تسبق أو تلي فترات النزاع، وتتميز مثل هذه الأوقات بما يلي:
‌أ- ارتفاع عدد حالات الاعتقال؛
‌ب- ارتفاع عدد السجناء السياسيين؛
‌ج- احتمال سوء معاملة الأشخاص المحتجزين؛
‌د- إدعاءات عن حالت اختفاء؛
‌ه- إعلان حالة الطوارئ؛
وعلى عكس الاضطرابات، نادرا ما تكون القوة المعارضة في التوترات الداخلية منظمة بطريقة ملحوظة.
عرفت المنظمة الدولية للصليب الأحمر في تقرير قدم لمؤتمر الخبراء الحكوميين لعام 1971 الاضطرابات الداخلية بأنها الحالات التي لا تعتبر نزاعاً مسلحاً غير دولي بمعنى الكلمة والتي تحدث على المستوى الداخلي وتوجد فيها مواجهة على درجة من الخطورة أو الاستمرار وتنطوي على أعمال عنف، قد تكتسي أشكالاً مختلفة بدءاُ بانطلاق أعمال ثورة تلقائياً حتى الصراع بين مجموعات منظمة شيئاً ما والسلطات الحاكمة، وفي الحالات التي لا تؤدي بالضرورة الى صراع مفتوح، تدعو السلطات الحاكمة قوات شرطة كبيرة، وربما قوات مسلحة حتى تعيد النظام الداخلي الى نصابه، وعدد الضحايا المرتفع يجعل من الضروري تطبيق حد أدنى من القواعد الانسانية.
وعرفت اللجنة التوترات الداخلية باعطاء بعض الخصائص التي تميزها كالايقافات الجماعية وارتفاع عدد المعتقلين السياسيين، المعاملة السيئة واللإنسانية وتوقيف الضمانات القضائية بسبب إعلان حالة الطوارئ، إضافة إلى ظهور حالات الاختفاء وقد تكون هذه الخصائص منفردة أو مجتمعة، إلا أنها في الأخير تعكس رغبة الحكومة في السيطرة على هذا التوتر .
خامساً_ النزاع المسلح غير الدولي:
وبالتالي سينطبق على النزاع البروتكول الثاني الملحق باتفاقيات جنيف المتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية لعام 1977، والذي عرف المنازعات المسلحة غير الدولية بأنها: تلك التي تدور علي إقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة بين قواته المسلحة وقوات مسلحة منشقة أو جماعات نظامية مسلحة أخري وتمارس تحت قيادة مسؤولة علي جزء من إقليمه من السيطرة ما يمكنها من القيام بعمليات عسكرية متواصلة ومنسقة، وتستطيع تنفيذ هذا البروتوكول.


سادساً_ النزاع الدولي:
لاتتضمن صكوك القانون الدولي الانساني تعريفاً صريحاً للنزاع الدولي ولكن المادة (2) المشتركة في اتفاقيات جنيف أوردت حالات على سبيل الحصر تعد صوراً للنزاعات الدولية وهي:
‌أ- الحرب المعلنة أو أي اشتباك مسلح آخر ينشب بين طرفين أو أكثر من الأطراف السامية المتعاقدة.
‌ب- حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي.
وأضاف البروتوكول الأول الملحق باتفاقيات جنيف حالات أخرى تدخل ضمن النزاع المسلح الدولي وهي:
‌ج- المنازعات المسلحة التي تناضل بها الشعوب ضد التسلط الاستعماري والاحتلال الأجنبي.
‌د- المنازعات المسلحة التي تناضل بها الشعوب ضد لأنظمة العنصرية.
ان ما يعنينا في هذا المقام هو الحالة الأخيرة التي أوردها البرتوكول الأول الملحق باتفاقيات جنيف، والذي حدد بان النزاعات المقصودة بهذه المادة هي حصرا النزاعات التي يقودها الشعب بالحركات التي يشكلها ضد الاستعمار الاحتلال الأجنبي ، والأنظمة والكيانات التي تقوم على سياسة التمييز العنصري

بحيث أن النزاعات المسلحة التي قد تقوم بها الشعوب ضد الأنظمة القمعية أو تلك التي تستهدف تقسيم دولة ما والتي تقوم على أسس اجتماعية أو سياسية فهذه الحالات لا تدخل ضمن نطاق المادة (1/4) .

الفرع الثاني_ نوع النزاع القائم في سوريا:
بعد التعرف على تصنيفات المنازعات المسلحة وتميزها عن المفاهيم التي تتشابه معها والتي لاتخضع للقانون الدولي الانساني، فان السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما نوع النزاع المسلح الذي يدور في سوريا؟
هل هو نزاع مسلح دولي؟ أم غير دولي؟
حتى يمكن الاجابة على السؤال السابق لابد من معرفة معايير التمييز بين النزاع المسلح الدولي والنزاع المسلح غير الدولي، ويمكن ايراد معيارين وهما:
1. معيار موضوعي: يعتمد على صفة أطراف النزاع حيث الفارق الرئيسي بين نزاع مسلح دولي ونزاع مسلح غير دولي ھو صفة الأطراف المشاركة في النزاع، ففي حين يُفترض استخدام القوة المسلحة بين دولتين أو أكثر في النزاع المسلح الدولي، ينطوي النزاع المسلح غير الدولي على عمليات عدائية بين دولة وجماعة مسلحة منظمة (أي أنها جماعة وليست دولة)، أو بين تلك الجماعات نفسها. ولا يبدو أنّ ھناك، في الممارسة، أيّ حالة قائمة من العنف المسلح بين أطراف منظمة .
2. معايير واقعية: يوجد معيارين واقعيين على الأقل يُعتبران لا غنى عنھما لتصنيف حالة عنف على أنها نزاع مسلح غير دولي وهما:
‌أ- يجب أن تثبت الأطراف المشاركة وجود مستوى معيّن من التنظيم،
‌ب- يجب أن يصل العنف إلى مستوى معيّن من الحدة.
المعيار (أ) تشير المادة 3 المشتركة صراحة إلى "كل طرف في النزاع"، مما يعني أنّ ھناك شرطًا مسبقًا لتطبيقها يتمثل في وجود "طرفين" على الأقل. وفي حين أنه ليس من الصعب عادة إثبات ما إذا كانت الدولة هي طرف في نزاع ما، إلا أنّ تقرير ما إذا كانت جماعة مسلحة يمكن اعتبارھا تشكل "طرفًا" بالمعنى الوارد في المادة 3 المشتركة قد يكون أمرًا معقدًا، ويرجع ذلك أساسًا لعدم وضوح الوقائع الدقيقة، وأحيانًا بسبب عدم الرغبة السياسية للحكومات بالإقرار بأنها متورطة في نزاع مسلح غير دولي. بيد أنه من المعترف به على نطاق واسع أنّ طرفًا من غير الدول في نزاع مسلح غير دولي
يعني: جماعة مسلحة ذات مستوى معيّن من التنظيم.
وقد وضع الفقه الدولي عوامل إرشادية يمكن على أساسها تقييم معيار "تنظيم" الجماعة المسلحة، وهي:
1- وتشمل وجود هيكل قيادة وقواعد انضباط وآليات ضمن الجماعة المسلحة.
2- وجود مركز قيادة.
3- قدرة على شراء، ونقل، وتوزيع الأسلحة.
4- وقدرة الجماعة على التخطيط، والتنسيق، والقيام بعمليات عسكرية، بما في ذلك تحركات القوات والخدمات اللوجستية.
5- قدرتهاعلى التفاوض والتوصل إلى اتفاقات، مثل اتفاقات وقف النار أو اتفاقات سلام، إلخ.

ومن المفيد التنويه الى أنه حتى لو كان مستوى العنف في حالة معيّنة مرتفعًا جدًا كما في حالة شغب جماعي، على سبيل المثال، فان المرء لا يستطيع الكلام عن نزاع مسلح غير دولي ما لم يكن هناك جماعة مسلحة منظمة في الجانب الآخر.

المعيار الثاني الذي يُستخدم عادة لتقرير وجود نزاع مسلح بما تعنيه المادة 3 المشتركة ھو حدة العنف المستخدم. وهذا أيضًا معيار واقعي، والتقييم الذي يوفره يعتمد على تفحص الأحداث على الأرض. وعملاً بالفقه الدولي، تشمل العوامل الإرشادية للتقييم عدة أمور وهي:
1) العدد،
2) المدة،
3) حدّة المواجهات الفردية،
4) نوع الأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى المستخدمة،
5) عدد الذخائر التي تم إطلاقها وعيارھا،
6) عدد الأشخاص وأنواع القوات المشاركة في القتال،
7) عدد الإصابات،
8) حجم الدمار المادي،
9) عدد المدنيين الفارين من مناطق القتال.
كما يمكن أن يكون تدخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة انعكاسًا لحدة النزاع، وقد اعتبرت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة أنه يوجد نزاع مسلح غير دولي بما تعنيه المادة المشتركة كلما كان ھناك عنف مسلح طويل بين السلطات الحكومية وجماعات مسلحة منظمة، أو بين ھذه الجماعات داخل دولة ما.
قد اعتمدت قرارات المحكمة اللاحقة على ھذا التعريف، موضحة أنّ شرط العنف المسلح "الطويل" ھو في الواقع جزء من معيار الحدة .

وبالتالي فإن النزاع المسلح الذي يدور الآن في سوريا حتى يوصف بأنه نزاع مسلح غير دولي ويخرج عن كونه مجرد توتر أو اضطراب داخلي يجب على الجيش الحر اعتماد هيكلية قانونية توضح درجة تنظيم هذه المؤسسة العسكرية ويحاول ما أمكن تطبيقها عملياً حتى يمكن الدفع بتوفر عنصر التنظيم المطلوب لاخراج الوقائع الحاصلة في سوريا من دائرة الاضطرابات الداخلية الى مفهوم أوسع هو نزاع مسلح غير دولي بحيث يمكن اجبار المجتمع الدولي على الاعتراف بانطباق قواعد القانون الدولي الانساني الواردة في البروتكول الثاني الملحق باتفاقيات جنيف على النزاع القائم في سوريا وليس القانون الداخلي السوري وذلك من خلال الآتي:

استيفاء الجيش الحر المقومات الثلاث المتمثلة في التنظيم واحترام قوانين وأعراف الحرب أولاً ومباشرة الرقابة الاقليمية.
أولاً_ التنظيم:
وللتنظيم جانبيين، جانب نظري: يتمثل في تبني قواعد قانونية معدة من قبل متخصصين تعكس الجوانب المختلفة لملامح هذه الجماعة أو الهيئة المتمردة، فعلى سبيل المثال من الضروري بيان أهدافهاومبادئها، شكل التسلسل القيادي، وظائف أعضائها أو الأجهزة التابعة لها ان وجدت.
الجانب العملي: يفترض بالتنظيم الداخلي وجود تسلسل هرمي، حتى يتمكن القادة من خلاله تحقيق الأتي:


(1). تدريب أفراد الجماعة.
(2). اعطائهم أوامر وتعليمات واضحة.
(3). معرفة القادة بما يفعله مرؤوسوهم والتفاعل فوراً مع ذلك.
(4). اخطار القيادة عند وقوع انتهاكات، واتخاذ التدابير الملائمة في هذا الصدد .
ان الجيش الحر في الوقت الراهن قادر على اظهار مستوى التنظيم الذي وصل اليه من خلال اعلان قيادته عن وثائق قانونية تبرز الهياكل التنظيمة وتوضح أهدافه وأطر عملياته، كما يستطيع اثبات تطبيقه العملي لتلك الوثائق من خلال الجانب الاعلامي الداخلي له والدولي، بالاضافة الى أن الاحتكاك المتواصل بالمنظمة الدولية للصليب الأحمر من شأنه أن يؤدي لتأكيد ذلك التطبيق ولدعم مساعي الجيش الحر في هذا النطاق.
ثانياً_ مباشرة الرقابة الاقليمية:
كأن تكون السيطرة على جزء من الاقليم غير مهمل ويجب أن تكون كافية للقيام بعمليات عسكرية متواصلة ومنسقة وكافية لتطبيق قواعد القانون الدولي الانساني ، ويعتبر هذا الشرط مهماً جداً عندما يتعلق الأمر بفرض عقوبات جنائية اذا أن هذه السيطرة تسمح للجماعة بانشاء مؤسسات تضاهي تلك التي تلتزم الدول بانشائها، والتي تكون ضرورية لضمان الامتثال للقانون، وهو أمر ضروري للجماعة المتمردة لتحديد القوانين وضمان الامتثال لها وتأمين محاكمات عادلة في حال ارتكاب مخالفات لتلك القوانين.
ويجب أن تتميز السيطرة على الأقليم أو أجزاء منه لفترة زمنية طويلة أو مستدامة اذا ما أرادت فرض تدابير كالعقوبات الجنائية وهو شرط مسبق لمحاكمة ومعاقبة مرتكبي الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الانساني وكفالة جميع الضمانات القضائية بشكل كامل .
ان هذا الشرط متحقق بعد سيطرة الجيش الحر على العديد من المناطق الحدودية وغير الحدودة وهناك مزاعم باحكامه السيطرة على أكثر من 60 بالمائة من الأراضي السورية.
ثالثاً_ احترام قواعد القانون الدولي الانساني:
يقع على عاتق من ينطبق عليهم وصف الجماعات المسلحة وفقاً للبرتوكول الثاني، احترام القواعد التي وردت فيه على وجه الخصوص.
ويتوجب لتحقيق هذا الشرط تعميم البرتوكول الثاني الملحق باتفاقيات جنيف الأربع على جميع الوحدات التابعة له، والحرص على احترامها من قبل أفراد هذه الوحدات، والعمل على محاسبة المخالفين لها.
بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو: من هي الفئات التي تكون المجموعات المسلحة وفقاً للبروتوكول الثاني الملحق ياتفاقيات جنيف الأربع؟
ويمكن التمييز بين الفئات التالية:
• الفئة الأولى: وهي القوات المسلحة المنشقة ويعتبر أعضائها مكونين لقوات مسلحة تابعة للدولة ولكنهم انقلبوا ضد حكوماتهم، وبقدر ما يحافظ هؤلاء الأفراد على البنى التنظيمية للقوات المسلحة للدولة التي كانوا ينتمون اليها سابقاً فان طول المدة هي التي تحدد عضويتهم في القوات المسلحة المنشقة.
• الفئة الثانية: يعتبر أيضاً أفراداً في جماعة مسلحة أولئك الذين يتم تجنيدهم وتدريبهم وتجهيزهم من جانب تلك الجماعة من أجل أن يشاركوا باسمها في أداء وظيفة قتالية.
• الفئة الثالثة: الأفراد الذين يرافقون أو يدعمون باستمرار جماعة مسلحة منظمة ولكن لا تستلزم مهمتهم المشاركة في العمليات العدائية، فهم ليسوا أعضاء في الجماعة بالمعنى المقصود في القانون الدولي الانساني، لذا فهم يعتبرون من المدنيين .
ولكن ما هي فائدة جعل قواعد البروتوكول الثاني الملحق باتفاقيات جنيف المتعلق بالنزاع غير الدولي تنطبق على النزاع القائم في سوريا؟
في الحقيقة على الرغم من ان حكومة الأسد ليست طرفاً في البروتوكول المذكور ، الا أن المادة 1 المشتركة بين اتفاقيات جنيف تعني أن الأطراف المتحاربة ملزمة بكفالة احترام القانون الدولي الانساني، ومنع انتهاكه والمعاقبة على ذاك الانتهاك، وينطبق الالتزام بكفالة احترام الاتفاقيات أيضاًً على المادة 3 المشتركة أيضاً وفقاً لمحكمة العدل الدولية ومن ثم على النزاعات غير الدولية، وينطبق أيضاً على الدول غير الأطراف في النزاع ، و يعد التزام الجيش الحر بالقواعد الواردة في هذا البروتوكول بارادته المنفردة عن طريق اعلان يصرح فيه بالتزامه بالامتثال للقانون الدولي الانساني تعبيراً عن مستوى أخلاقي عال، ويكسبه شرعية سياسية ، ويحصنه من الادعاءات المتكررة لحكومة الأسد و غيرها من الحكومات بارتكابه جرائم ارهابية أو انتهاكات أخرى تتعلق بمعاملة وحشية لافراد قوات الأسد أو تنفيذ اعدامات بدون محاكمات عادلة، أو غيرها من المخالفات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الانساني، ويجنبه المسؤولية وفقاُ للقانون السوري الداخلي وأيضاً وفقاً للقانون الدولي كما ان اعتماد الأغيار وصف الارهابيين بالنسبة لأفراد قوات المعارضة المسلحة يعني انطباق القانون السوري الداخلي، ويعني ايضا سعي دولي لمنع تقديم أي مساعدات عينية أو نقدية لهم وتجفيف جميع قنوات حصولهم على الدعم، وتعرضهم للملاحقة على المستوى الداخلي والدولي، وأخيراً يجب أن لا ننسى أن الجيش الحر قد أعلن في عدة مناسبات وعلى أشرطة مصورة التزامه بقواعد القانون الدولي الانساني، كما أنه أدرج هذا الالتزام في وثيقة مكتوبة أطلق عليها اسم وثيقة عهد أو مدونة سلوك الجيش الحر، وتحديداً في المادة الثانية منها.
إن اعتماد الجيش الحر على امكانية اصدار الجماعات المسلحة نزاعات مسلحة غير دولية لاعلان احادي الجانب تتعهد بمقتضاه بالانصياع للقانون الدولي أو لقواعد محددة منه وذلك من خلال تصريح عام، أو بيان صحفي، يمكن اللجنة الدولية للصليب الأحمر من تلقي الاعلان أو التفاوض بشأنها، يوفر الالتزام الصريح من خلال اعلان احادي الجانب على ترسيخ مفهوم التسلسل الهرمي وضمان استحواذه بمفرده على كفالة احترام قواته أو مقاتليه للقانون، بالاضافة الى تحقيق مستوى أفضل من المسائلة والامتثال من قبل الجماعة المسلحة، حيث يسهل حينها نشر القانون بين أفرادها ومتابعتهم، لاسيما عندما يذكر الاعلان صراحة مسؤولية الجماعة المسلحة عن نشر القانون الدولي الانساني والمعاقبة على مخالفته، ويمكن القيام بوظائف مماثلة عن طريق ادراج القواعد الانسانية في مدونات سلوك الجماعات المسلحة.
ان اللجوء لمثل هذا الاعلان يكسب الجيش الحر الشرعية السياسية، اللازمة لتكون في نظر القانون الدولي طرفاً معترفاً به في النزاع القائم.
آثار التصريح بالاعلان أحادي الجانب:
عندما تتسلم اللجنة الدولية اعلاناُ من جانب واحد، تقوم عادة بالاعتراف به، ثم تشجع المجموعة على اتخاذ كافة التدابير اللازمة لتنفيذ الالتزامات التي يتضمنها، وسيتيح هذا الاعلان الفرصة لتقديم اللجنة مساعدتها، والقيام بواجباتها الانسانية، في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة شرط ان تكون السيطرة محكمة وتوفر الحماية لفريق اللجنة، كما يمكنها هذا الاعلان من بحث ومناقشة الادعاءات بشأن الانتهاكات التي يتعرض لها القانون أو للتذكير المجموعة عموماً بالتزاماتها بالتقيد بالقانون الدولي الانساني.
ولكن ماذا سيحدث اذا لم يسلك الجيش هذا الطريق ولم يلتزم باحترام وتطبيق قواعد القانون الدولي الانساني؟
ان أكثر ما يخشى في هذا الصدد هو: أن تتحول الضحية الى جاني، بنظر القانون، بعد تحوير الوقائع، حيث تعد الجرائم المرتكبة في سوريا وهي جرائم الحرب، أو جرائم ضد الانسانية، من الجرائم التي صنفت بأنها الأخطر في نظر القانون الدولي، ومن هنا فقد قرر القانون الدولي بأنها لا تسقط بالتقادم، وبالتالي فان امكانية التحقيق في ارتكابها واثبات الجناة، يكون ممكناً حتى نهاية الوجود البشري كله، بيد أن القلق يثور من وجود احتمال كبير في اصدار مجلس الأمن لقرار دولي بانشاء محكمة جنائية خاصة للجرائم الدولية المرتكبة في سوريا على غرار محكمة يوغوسلافيا، والتي عادة ما تكون محاكم مسيسة تاسيساً على أن مجلس الأمن ذاته هو أداة سياسية، ومن المعروف أنه الذراع السياسي لمنظمة الأمم المتحدة، وعادة ما تترجم قراراته أهواء ومآرب الدول الخمس دائمة العضوية التي يشير اتفاقها دائماً الى تسويات سياسية مررت من تحت الطاولة لتقاسم مكاسب معينة.
باختصار من المرحج أن المحكمة الخاصة التي ستشكل لن تعطي أي حصانات لأفراد الجيش الحر، وسيكونون متساويين مع مرتكبي الجرائم الحقيقيين بالنسبة للاتهامات، لا بل أكثر من ذلك قد تكون النتيجة افلات الأسد وأعوانه وهم الجناة من العقاب، والباس التهم لافراد الجيش الحر.



#رانيا_معترماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - رانيا معترماوي - نصائح لرعاية مصالح الجيش الحر وحماية سوريا- التدارك السريع