أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أنور غسان - الأبعاد الدولية للتحريفية الجديدة لبراشندا















المزيد.....


الأبعاد الدولية للتحريفية الجديدة لبراشندا


أنور غسان

الحوار المتمدن-العدد: 3975 - 2013 / 1 / 17 - 02:56
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لقد سبق لي وأن كتبت قبل 6 سنوات مقالا بعنوان: "الأبعاد الدولية لطريق براشندا"، هذا المقال تم نشره ضمن العدد 10 من مجلة "العامل" التي يصدرها الحزب باللغة الانجليزية، وقد خلق ذلك المقال نقاشا داخل الحركة الشيوعية العالمية، وكان موضوع النقاش آنذاك هو سؤال: هل يعتبر "طريق براشندا" تطويرا للماركسية اللينينية الماوية أم أنه ليس الا انحرافا عنها. واعتبارا للحرب الشعبية التي كانت تتقدم خطوة تلو الاخرى، كان من الصعب عليهم في ذلك الوقت اتخاد موقف ضد براشندا. لكن أغلب الاحزاب الثورية لم تستوعب الامر رغم أنها رأت أن ذلك ناتج عن الانحراف الايديولوجي للحزب الشيوعي النيبالي الماوي.
ان موجة "طريق براشندا" التي قيل أنها خلاصة خمس سنوات طويلة وشاقة من الحرب الشعبية قد انتشرت في العالم كله، وكان ذلك طبيعيا. وقد عرف الحزب "طريق براشندا" كمجموعة من الافكار التي أنتجتها الثورة النيبالية. لقد انجزت ذلك المقال الذي استوعبه حزبنا - الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) – في ذلك الوقت، وبشكل غير مفاجئ كان براشندا سعيدا بالمقال.

والآن، وبعد 6 سنوات أكتب مجددا مقالا مختصرا يتمحور حول براشندا وهو بعنوان: " الأبعاد الدولية للتحريفية الجديدة لبراشندا". بعض القراء قد يعتقد أن باسانتا على صواب لأن براشندا قد تراجع بشكل ملفت عن مرجعيته السابقة الماركسية اللينينية الماوية. وقد يقول آخر أن الاعتقاد بأن براشندا ، الذي يعتبر الماركسية كعلم حيوي وطبقها على الواقع وفقا لذلك ، هو تحريفي انما هو نتيجة التفكير الميكانيكي والدغمائي من جانب باسانتا وفريقه.

وقد يتسائل شخص آخر، لماذا فشل باسانتا وزملائه في تحديد التحريفية الجديدة لبراشندا في الماضي بدل مدحها ب "طريق براشندا"؟ وهذا النقاش سوف يتضح في الأيام القادمة. فالثوار سوف يعتبرون أن باسانتا على صواب، أما التحريفيون والتصفويون فسوف يرون العكس. وبطبيعة الحال، هذا المقال سوف لن يجعل براشندا سعيدا هذه المرة.

الجميع يعلم بأنه كان هاك صراع خطين واسعا ومكثفا بين الماركسية والتحريفية اليمينية داخل الحزب الشيوعي الموحد النيبالي (الماوي) وخاصة في السنوات الأربع الماضية. ولكن، في الأيام الأخيرة، برز من جديد هذا النقاش بعدما قام الثوريون الذين انسحيوا من الحزب الذي يقوده براشندا بتأسيس حزب جديد . وكعضو في هذا الحزب الجديد - الحزب الشيوعي النيبالي الماوي- أقدم لكم هذا المقال :

نحن حتى الآن لم نلخص كل التجارب التي خضناها خلال تلك الفترة المضطربة من الحرب الشعبية والفترة التي تلتها. المؤتمر الوشيك للحزب سوف يفعل ذلك. وفي الوقت الحالي، اتخذنا موقفا أوليا فقط، حيث اعتبرنا أن الحرب الشعبية قد راكمت بالتأكيد تجارب جديدة، ولكن كان من الخطأ تقييمها في ذلك الوقت بصيغة "طريق براشندا". وقد لخص المجلس الوطني المنعقد بتاريخ 15 يونيو 2012 نقاط القوة والضعف بالنسبة للثوار، وخلص إلى أن هناك ثلاثة أنواع من الأخطاء الأيديولوجية وهي تتعلق بالليبرالية والتدبدب واللاهوت. وقد أتيرت هذه الاخطاء بشكل رئيسي في مسألة التقييم الأيديولوجي "طريق براشندا ومركزية القيادة". ومن جهة أخرى، أجمع الكل على أن المصطلح المناسب للدلالة على ايديولوجية براشندا والسياسات التي انتجها هو: التحريفية الجديدة.

ان التحريفية الجديدة الملاحظة عند براشندا اتخدت أشكالا مختلفة عما كان عليه التحريفيون في الماضي، فقد اعتاد التحريفيون على مهاجمة المبادئ الأساسية للماركسية بطريقة مباشرة وصريحة أمتال برودون و لاسال الذين عارضا الاشتراكية العلمية بحجة أن عملية الإصلاحات المستمرة والانضباط الصارم في المجتمع البرجوازي يمكن أن يمهد الطريق للرأسمالية لدخول الشيوعية. و برنشتاين الذي خلص الى أن المبادئ الأساسية للماركسية مثل الصراع الطبقي ونظرية فائض القيمة قد تم تجاوزها. أما خروشوف فقد اتخد موقفا ضد دور العنف في الثورة ودكتاتورية البروليتاريا في المجتمع اشتراكي . وكذلك فعل ليو شاو تشي و تنغ هسياو بينغ ضد نظرية ماوتسي تونغ حول الثورة المستمرة في ظل دكتاتورية البروليتاريا. لقد أكد هؤلاء من جانب على تطوير القوى المنتجة ورفضوا من جانب آخر المبدأ الماوي في التمسك بالثورة وتعزيز الإنتاج. أما في ما يخصنا، فلم يضع براشندا نفسه بعد في مواجهة مباشرة ضد المفاهيم الأساسية للماركسية كما فعل في الماضي القادة المذكورين سابقا. انه يفعل ذلك تحت اسم التطوير الخلاق للماركسية اللينينية الماوية.

وحينما تطورت الامور الى مستوى آخر، أصبح المنطق القديم للأحزاب السياسية غير قادر على الدفاع عن موقفهم الجديد ، ليس فقط بالنسبة للماركسيين ولكن أيضا للتحريفيين والأحزاب الأخرى أيضا. قال ماو: " ان التحريفيين هم الرجعيون الذين يضللون الناس وهم في ثوب الماركسية " . لذا، ففي هذا الوضع الجديد، أصبح التحريفيون بحاجة إلى إيجاد منطق جديد لتضليل الثوار . فهم براشندا هذا الأمر جيدا، لذلك فقد كان يزرع بامعان بذور التحريفية منذ فترة طويلة تحت ستار التطبيق الخلاق وتطوير الماركسية اللينينية الماوية، الا انه لم يعارض حتى الآن بشكل مباشر دكتاتورية البروليتاريا كما فعل خروتشوف. ولكن تطوير الماركسية الذي كان يدعيه انما هو في الواقع تطوير للتحريفية. وبهذه الطريقة، تم استبدال الماركسية بالتحريفية في الحزب الذي يقوده براشندا. ان التحريفية الكلاسيكية وكذا الجديدة تعارض علنا المبادئ الأساسية للماركسية بما في ذلك المادية الجدلية والتاريخية، ونظرية الصراع الطبقي، ودور العنف في الثورة ودكتاتورية البروليتاريا ... الخ.

ان التحريفية الجديدة تفعل الشيء نفسه في الجوهر ولكن عبر دريعة محاربة الدوغمائية، التطبيق الخلاق للماركسية وخصوصية الثورة. ان أهم المميزات الرئيسية في التحريفية الجديدة هي كبح جوهر الماركسية باسم تطبيقها الخلاق وتطويرها، وسوف نسرد في شكل نقاط السمات البارزة لتحريفية براشندا الجديدة على النحو التالي:

كان براشندا يهاجم ببطء السمة الكونية لاسهامات ماوتسي تونغ في أعقاب وحدة الحزب التي وقعت مع مركز الوحدة- ماشال، فالحزب الشيوعي النيبالي الموحد (الماوي) الناتج عن هذه الوحدة قد اعتمد الماركسية اللينينية الماوية/فكر ماوتسي تونغ ايديولوجية موجهة له. ولقد حاجج براشندا على أنه ليس هناك أي فرق بين استعمال مصطلح الماوية أو فكر ماو للدلالة على السمة الكونية لاسهامات ماوتسي تونغ كما استعمل طويلا في السابق. انها في الواقع خدعة ماكرة من طرف براشندا لطمس الفرق بين الماوية وفكر ماوتسي تونغ والذي يحيل على التوالي إلى السمة الكونية وخصوصية اسهامات ماوتسي تونغ . ففي قيامه بذلك كان يضعف التمسك بالماوية داخل الحزب وفي الحركة الثورية أيضا.

لقد قال ماو ان الصراع من اجل الإنتاج والصراع الطبقي والتجربة العلمية هي المصادر الثلاثة للمعرفة. وبالإضافة إلى ذلك، فقد أكد على أن الماركسية في تطور مستمر بشكل لولبي غير متناهي من الممارسة الى النظرية ومن النظرية الى الممارسة. لكن على العكس تماما، فبراشندا يدعي أن الماركسية أصبحت بالنسبة له عبارة عن معرفة مشتركة. وقد قال ذلك في اجتماع عقد قبل نحو خمس سنوات تقريبا ، وهو بهذا القول انما يقف ضد نظرية المعرفة الماوية وضد الماوية نفسها بطبيعة الحال.

تؤمن الماركسية بأن أي كينونة أو وجود هو وحدة أضداد تتصارع فيما بينها، وهذا الصراع يساعد احدها على التحول إلى الآخر . الا أن براشندا جاء بطرح توفيقي لاندماج شيئين متناقضين مما يتعارض مع مبادئ الماركسية الرئيسية. إن ما جاء به لا يعدو أن يكون سوى صيغة أخرى لعبارة " اثنان يندمجان في واحد" وليس "واحد ينقسم إلى اثنان". لقد انتقد ماو بشدة أثناء الثورة الثقافية البروليتارية العظمى صيغة " اثنان يندمجان في واحد" على أنها طرح فلسفي رجعي يهدف الى خدمة مصالح البرجوازية، وقال ماوتسي تونغ ان "واحد ينقسم إلى اثنان" هو قانون الديالكتيك.

قال براشندا ان الوضع العالمي شهد تغيرات كبيرة، وهذه التغييرات تستلزم منا تطوير الماركسية اللينينية الماوية. هذا صحيح للغاية، لكن وبشكل عجيب، وبدعوى تطوير الماركسية، كان يهاجم المبادئ الأساسية للماركسية نفسها، وكان بذلك يطور التحريفية. فهو من جهة يقدم الجمهورية الاتحادية الديمقراطية كمرادف للجمهورية الديمقراطية الشعبية، ومن جهة أخرى، يقول أن تفادي الثورة المضادة في القرن 21 رهين بتطوير الديمقراطية، وفي وصوله الى هذا الحد، بدا واضحا تماما أن هذا المنطق استعمل لتمهيد الطريق لاستيعاب البرلمان البرجوازي للحزب وبالتالي الانقلاب على الثورة تحت راية الوقاية من الثورة المضادة. في الحقيقة، لقد استعمل تطوير الديمقراطية في القرن 21 كأداة لاستبدال الدكتاتورية الديموقراطية البروليتارية بالدكتاتورية البرجوازية.

لقد سار براشندا في اتجاه طرح مفهوم طبيعة سلطة الدولة غير الطبقية وإمكانية التطورالسلمي للثورة في نيبال، ففي الاجتماع الموسع للجنة المركزية للحزب الذي عقد سنة 2007 حاول تبرير حججه عبر حقيقة بقاء الجيش النيبالي وجيش التحرير الشعبى بدون فعالية في المعسكرات الخاصة بهم. وقد توقف براشندا عن قول ذلك بعدما عارضه أعضاء الاجتماع بشدة، لقد كانت مجرد شكل مشوه من "دولة لكل الشعب " و "الانتقال السلمي" التي طرحت من قبل خروتشوف. أما الآن فقد كتب كل هذه الأمور في وثائقه بشكل مضلل.

ان أحد الصفات المميزة لبراشندا هي اقرار التمرد والثورة وتطبيق الممارسة البرلمانية، الثورة في الكلام والإصلاح في الممارسة. لقد كان في كل الاجتماعات من changwang الىPalungtar مرورا ب Kharipati يثير مسألة الانتفاضة الشعبية والحاجة الى بناء أربع قواعد لتحقيق ذلك ، الا أنه لولا تضليل الثوار لما فكر قط في بناء اربع قواعد للتحضير للانتفاضة، لقد كان تخصصه في ان لا تؤخذ التحضيرات على محمل الجد حتى يكسب الوقت للدفاع عن الإصلاح بحجة أن التحضيرات الضرورية ليست مكتملة.

ان الثوار الشيوعيين هم أتباع الأممية البروليتارية. ففي الوقت الذي كنا نحضر ونبدأ ونستمر في الحرب الشعبية العظيمة في نيبال، كان براشندا يركز كثيرا على دور الحزب الأممي، ولكن الأممية البروليتارية في الوقت الراهن أصبحت عظما كبيرة عالقة في حلقه. انه يتحدث في بعض الأحيان عن الحركة الثورية العالمية (RIM) وعن الحزب الشيوعي الهندي (الماوي) لتضليل الثوار داخل حزبه. لقد كتب جملة ضمن الوثيقة التي وضعها قبل انعقاد الاجتماع الموسع الأخير لزمرة التحريفيين الجدد بقيادة براشندا، قال فيها : " لتطوير الحركة الشيوعية العالمية ..... من الضروري الحفاظ على العلاقة مع الأحزاب والجماعات الثورية داخل وخارج RIM بطريقة منظمة " . فهو على العكس كان يعمل جاهدا لكي يرضي كل من الإمبريالية والتوسعية من خلال انتقاده بوقاحة RIM وCPI (الماوي).

ليس هذا فحسب، فقد بعث برسالة تعزية إلى جانب وفد من اللجنة المركزية لارضاء أسياده في الهند عندما توفي جيوتي باسو، القيادي في CPI (الماركسي) التحريفي ورئيس الوزراء السابق لولاية البنغال الغربية. وفي المقابل، لم يجرؤ براشندا على ان يقوم ولو بتصريح عندما أغتالت الطبقة الحاكمة في الهند الرفيق Azad الناطق الرسمي والرفيقKishenji عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الهندي (الماوي). وبهذا، ليس الرفيق Azad والرفيق Kishenji، ولكن جيوتي باسو ومانموهان سينغ هما من أصبحا يعتبران رفاقا مقربين لبراشندا في العالم.

لقد أصبحت زمرة براشندا- بابورام تظهر اليوم في شكل مختلف قليلا فيما يخص الحفاظ على العلاقة بين الخط والتنظيم. كان التحريفيون في الماضي - على العموم - يسعون أولا لبناء خط إصلاحي ومن ثم يعملون على تحويل منظمة الحزب بأكملها لتتماشى مع هذا الخط. ولكن خصوصية هذه الزمرة تتجلى في مواصلة القول بالانتفاضة الشعبية كخط للثورة لتضليل الجماهير، بينما تعمل بجد لخلق وضع في الحزب حيث لا يمكن أن يكون هناك أية انتفاضة على الإطلاق. ان أحد الأساليب التي استخدموها لخدمة هذا الغرض كانت في جعل منظمة الحزب مجرد حشد من الناس الموالين لأطروحاتهم ومن الفوضويين والعناصر الضالة التي لا تستطيع أبدا أن تقود الثورة.

لقد انحرف براشندا عن الأساس النظري للثورة الديمقراطية الجديدة، وعرف هذه الأخيرة على أنها وسيلة يمكن انجازها في مرحلتين: الاولى ضد الإقطاع والثانية ضد الإمبريالية. في الواقع، هذا لا يتماشى كثيرا مع خصائص عصر الامبريالية والثورة البروليتارية، فأثناء الثورة الديمقراطية الجديدة،يمكن أن يكون هناك أحيانا خطرا كبيرا على الديمقراطية وأحيانا تهديدا للسيادة الوطنية. ولذلك فشكل النضال ينظم للتصدي لهذا الخطر أو ذاك. ولكن هذا لا يعني أن هناك مرحلتين للثورة، واحدة ضد الإقطاع وأخرى ضد الإمبريالية، فالإقطاع والإمبريالية مترابطين مع بعضها البعض بشكل غير قابل للفصل. ولهذا فشكل سلطة الدولة في مثل هذه البلدان يمثل في آن واحد مصالح كل منهما. ان هذه هي خصائص عصر الامبريالية والثورة البروليتارية . اذن، فتحطيم الدولة الرجعية التي تمثل مصلحة كل من الإقطاع والإمبريالية وبناء دولة جديدة محل الدولة القديمة هو الخطوة الأولى نحو انجاز الثورة الديمقراطية الجديدة في بلد شبه إقطاعي وشبه مستعمر. لقد ابتعد براشندا وزمرته كثيرا جدا عن هذه الحقيقة.

في سياق أحد احاديثه، قال أن نهاية النظام الملكي هو نوعا ما نهاية الثورة الديمقراطية الجديدة في نيبال. هذا خاطئ تماما. وفي مقابلة أخرى يقول: " هذا يقودنا إلى استنتاج مفاده أن المهمة المتبقية من الديمقراطية الجديدة (جزء منها قد اكتمل) واستراتيجية الثورة الاشتراكية قد اجتمعا في مهمة واحدة . ان المهمة المتبقية من الديمقراطية الجديدة ومهمة استكمال الثورة الاشتراكية عن طريق الانتفاضة الشعبية والكفاح المسلح قد تم جمعهما في استراتيجية واحدة، بدلا من استكمال الثورة الديمقراطية الجديدة في مرحلة أولى والثورة الاشتراكية في في مرحلة ثانية . " ( Krambhanga ، العدد 2 ، نوفمبر 2011، الصفحة11 )

ان المقولة المذكورة سابقا تعني أنه قد تم إنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة في نيبال، وهذا لا يتفق مع ما تقوله الماركسية اللينينية الماوية عن الثورة الديمقراطية الجديدة التي لا تنتهي إلا بعد القضاء على الإقطاع والإمبريالية معا. لقد تم إلغاء النظام الملكي في نيبال، ولكن لم يطرأ أي تغيير أساسي في وضع الإقطاع ونمط الإنتاج الإقطاعي أيضا، فعملاء التوسعية الهندية يسيطرون على سلطة الدولة. لهذا فاستقلال الوطن في خطر محدق والبلاد في طريقها لان تصبح ولاية تابعة للهند (كما حدث من قبل لاقليم sikkim) اذن كيف يمكن ، في مثل هذه الحالة، القول باكتمال الثورة الديمقراطية الجديدة في نيبال ؟ هل الثورة الديمقراطية الجديدة تعني الجمهورية والفدرالية والعلمانية فقط؟ وهل أنشئت سلطة الشعب المناهضة للإقطاع و للإمبريالية في نيبال؟ بالتأكيد لا، ان موقف براشندا في أن الثورة الديمقراطية الجديدة قد شارفت على الانتهاء تقريبا وأن الثورة الاشتراكية ،المهمة التالية، هي في متناول يده ليس شيئا آخر سوى خداع تحريفي جديد يهدف الى إرباك الشعب والاستمرار في الجمهورية الديمقراطية البرجوازية بمباركة من الامبريالية و التوسعية الهندية. بل هو في الواقع مثال قبيح لخيانة الشعب النيبالي والوطن من جانب براشندا.

لقد أكد ماوتسي تونغ على ان الحزب والجيش والجبهة المتحدة هي الأسلحة السحرية الثلاث للثورة عندما يقول :"حزب منظم جيدا ، منضبط ومسلح بالنظرية الماركسية اللينينية، ويستخدم أسلوب النقد الذاتي ويرتبط بجماهير الشعب، وجيش تحت قيادة مثل هذا الحزب، وجبهة متحدة لجميع الطبقات الثورية وجميع الفئات الثورية تحت قيادة مثل هذا الحزب، هذه هي الأسلحة الرئيسية الثلاثة التي هزمنا بها العدو". لقد ركز ماو هنا على جوهر المسألة من خلال إلحاحه على ضرورة كل من الحزب والجيش والجبهة المتحدة لتحقيق الانتصار للثورة.
هل يتماثل الحزب الشيوعي الموحد النيبالي (الماوي) مع الحزب الذي أشار اليه ماو في هذه المقولة ؟ لا، على الإطلاق . فقد كان براشندا يعمل فكريا وسياسيا لتفكيك التمسك بالثورة في أوساط الحزب المذكور سابقا . وبالإضافة إلى ذلك، فقد فتح الباب لتحويل الحزب الى حزب بورجوازي من خلال جمع حشد من البيروقراطيين في اللجان العليا و الفوضويين وانصاره في اللجان الدنيا. لقد أصبحت لجان الحزب ضخمة جدا وخرقاء بحيث لم يعد هناك مناخ مشجع لا على النقاش والنقد والنقد الذاتي ولا على الممارسة الجماعية. لقد خلق وضع في الحزب بحيث تم استبدال نظام القرار الجماعي والمسؤولية الفردية بنظام القرار الفردي والمسؤولية الجماعية.

أما الآن، فلا أحد يشك في حقيقة أنه كان هناك مخطط يهدف إلى انحراف كوادر الحزب تدريجيا عن النظام الشيوعي، وتوجيه الحزب بذلك الى التحول الى حزب برجوازي. انها السمة التحريفية الجديدة لبراشندا التي أضعفت التماسك الأيديولوجي داخل الحزب وحولته الى حزب برجوازي عن طريق أساليب تنظيمية خاطئة. على هذا النحو، قام براشندا بتصفية طابع الحزب الثوري من جميع الجوانب الإيديولوجية والسياسة والتنظيمية.

ان براشندا هو من جعل جيش التحرير الشعبي النيبالي - الذي تم بناؤه على أساس: "ليس للشعب شيء بدون جيش التحرير الشعبي" - يستسلم أمام الجيش النيبالي واصفا ذلك بالاندماج. وتحت اسم هذا الاندماج، تم حل الجيش الشعبي لتحرير نيبال الذي شكل لإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة في نيبال، وممارسة الدكتاتورية الديموقراطية على الأعداء الطبقيين بعدما يتم إنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة وصد الثورة المضادة عبر كل مراحل البناء الاشتراكي. انها خطوة معادية للثورة اتخذت لإرضاء الإمبرياليين والتوسعيين وفتح الطريق أمام المصالحة مع عملائهم بقلب رحب. والتي قال عنها براشندا أنها خطوة جريئة تهدف إلى اقامة السلام في نيبال. ما هذه الحجة السخيفة؟ فالكذب أيضا له حدود. انه لمن الصعب جدا على المرء أن يجد مثل هذه الأمثلة عن الاستسلام الطبقي والوطني والخيانة الوقحة في تاريخ الحركة الشيوعية في العالم.

ان احد الاسلحة الاخرى المهمة للقيام بالثورة هو تشكيل جبهة متحدة تحت قيادة حزب ثوري . اما نوع القوى التي يجب أن تشارك في الجبهة المتحدة فيقررها التناقض الرئيسي للمجتمع. هذه الجبهة تشكل تحت قيادة حزب البروليتاريا بمشاركة جميع القوى التي لديها تناقض مع العدو الرئيسي. أما الحزب الذي يقوده براشندا فقد خلص الى ان التناقض المشكل من طرف يضم كل من الكومبرادور والبرجوازية البيروقراطية والإقطاع وأسيادهم التوسعيين الهنديين وطرف آخر فيه كامل الشعب النيبالي هو التناقض الرئيسي في المجتمع النيبالي. لكنه لم يسع قط لبناء جبهة متحدة تجمع كل القوى الوطنية والجمهوريين والتقدميين واليساريين وكل القوى الثورية تحت قيادة حزب البروليتاريا ضد التحالف الرجعي السالف الذكر. خلافا لذلك، فقد ركع أمام الرجعيين وتخلى عن كل انجازات الثورة المتبقية لصالحهم. ما يمكن أن يقال عن هذا العمل سوى خضوع مذل للرجعية المحلية والأجنبية؟

في بداية القرن 21، كانت البروليتاريا العالمية ترى في براشندا ذلك المحرر الذي سيخلصها من نير الاستغلال، أما الناهبين الإمبرياليين فقد اعتبروه خطرا جسيما. كان ذلك مصدر فخر واعتزاز ومجد لبروليتاريا العالم. أما الآن فهو في طريقه ليصبح عكس ذلك تماما. انه شيء محزن بالنسبة للشعب المضطهد في نيبال وفي العالم أيضا. فبالرغم من أنه ليست الأحاسيس بل الخط الأيديولوجي والسياسي وطليعة البروليتاريا هي من تقود الجماهير الكادحة إلى الثورة، الا أنه، قريبا جدا سينكشف قناع التحريفية الجديدة لبراشندا وتدحض، وسريعا ستتمكن البروليتاريا العالمية من إعادة تتبيت الماركسية اللينينية الماوية في الحركة الشيوعية العالمية وتحرير الشعوب المضطهدة من نير الإمبريالية.

ان الثوار ليس لديهم بديل آخر غير هذا . ان عدم خوض الصراع الفكري والسياسي بقوة ضد التحريفية الجديدة هو في الواقع تعزيز لها. ولذلك، فإن الحاجة الملحة اليوم هي تكثيف الصراع الايديولوجي والسياسي ضد جميع اطياف التحريفية بشكل عام والتحريفية الجديدة لبراشندا بشكل خاص، وهذه هي المهمة الكبرى للثوار الآن في نيبال وفي العالم كذلك. دعونا نناضل جميعا من أجل ذلك.


الرفيق باسانتا
10 أغسطس 2012
ترجمة : أنور غسان



#أنور_غسان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرئيس كيران يتحدث عن استمرار الثورة في نيبال
- الحزب الشيوعي البيروفي -بصدد فكر كونزالو-


المزيد.....




- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أنور غسان - الأبعاد الدولية للتحريفية الجديدة لبراشندا