تشويش

فولتير كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 3972 - 2013 / 1 / 14 - 15:28
المحور: كتابات ساخرة
    

تشويش

تعيش المنطقه المستعربه من العالم العربي تشويشا ممنهجا سببه التغيرات الحاصله في القيم و المفاهيم العامه أحدثه اعلام المنطقه العاربه و التي نجحت الى درجه كبيره في اعادة انتاج و صياغه لمفاهيم سائده

الدول العاربه (وعلى رأسها السعوديه و قطر) تريد إنتاج مفاهيم اكثر سهولة ... مفاهيم اقرب الى وجدان المواطن العربي منها الى عقله...ليحل مثلا مفهوم الحلال و الحرام محل مفهوم الصح و الخطأ

فالقتل لا يعود خطأ يُقتص به من القاتل (بسبب مخالفته للقانون الوضعي) ليصبح القتل (في سبيل الله) امرا مستحبا يُكافأ عليه دنيويا بالمال و بمكان في الجنه في الاخره

الدول العاربه تريد اعادة اخذ المبادره و ذلك بعد ان سيطرت افكار و قيم و مفاهيم انتجها مفكرو و ادباء الدول المستعربه كبلاد الشام و العراق و مصر و المغرب.

فبعد ان توفر المال (بسبب طفره البترول في الخليج الفارسي) اعتمدت الدول العاربه مقياس غير ارضي... قانون الهي يستند الى شريعه شيوخ و رجال دين ( يُسمون علماء في منطقة الشرق الاوسط) شريعه تُُحلل الشئ في مكان ما و تُحرم نفس الشئ في مكان اخره بشكل يتناسب مع امزجة حكام يسكنهم ركود حضاري توقف عند حدود الصحراء.

التشويش كان ايضا في الدعم و الرعايه التي حصل عليها هكذا تغيير من قبل العالم الغربي (و الاعلام الغربي يشكل اكثر من 80% من الاعلام العالمي هذا بالاضافه للاعلام الخليجي و الذي يشكل اكثر من 90% من الاعلام العربي)...هذا التشويش له ما يبرره من مطامع استعماري لاسباب تتعلق بالثروات الباطنيه للمنطقه

لم يعش اليسار العربي هكذا تشويش منذ ولادة بيروسترويكا غورباتشوف في منتصف ثمنينيات القرن الماضي....تشويش في فكر و عقل المفكرين العرب و الذين انقسموا بين رافضا للديكتاتوريه الدينيه متمسكا.. وعلى مضض.. بالديكتاتوريه السياسيه و بين رافضا للديكتاتوريه السياسيه... قابلا بخطر...الديكتاتوريه الدينيه.

التحالف الظاهر بين اليساريين و التقدميين العرب من جهه و بين انظمه رجعيه متخلفه و دول استعماريه اقليميه و دوليه من جهه اخرى سبب تشويش يوازي في حجمه التشويش الذي سببه التحالف بين بعض الدول التقدميه في جنوب امريكا و روسيا الاتحاديه من جهه و بين دوله اسلاميه متل ايران

كل ما يحدث يمكن فهمه ضمن اطار المصالح الدوليه و لكن الذي لا يُفهم... هو سكوت بعض الفكر التقدمي و الذي نأى بالنفس عن ما يحدث دون اخذ موقف..... و الذي يبقى سكوتا من ذهب مقابل الكفر الذي ينطق به بعض اليسار العربي و الذي يدافع عن فكر تكفيري إقصائي يضع اليسار و التقدميه من مُوجبات دخول النار

ما يحدث الان في منطقة الشرق الاوسط هو عملية تسطيح للفكر... لبناء عقل عربي ضحل مستسلم و خاضع لفئه من علماء الامه تفرز ما هو جيد و ما هو ردئ بمقياس الحرام و الحلال ...هي عملية بدونه كما يسميها الاستاذ نضال نعيسه... بل هي عمليه اعادة بدونه المنطقه كي يكون القول الفصل فيها لشيخ القبيله او لرئيس المشيخه او لعالم جليل قادم من زمن غابر و بعقلية آسنه
فولتير كاظم

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل