أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - أيمن إبراهيم العشماوى - طالما سلكتم هذا الطريق .. أغلقوا كليات الحقوق فى مصر















المزيد.....

طالما سلكتم هذا الطريق .. أغلقوا كليات الحقوق فى مصر


أيمن إبراهيم العشماوى

الحوار المتمدن-العدد: 3965 - 2013 / 1 / 7 - 14:10
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


يا سيداتى .. يا أميراتى الحسان ..
ودرست فى الكلية القانون ..
قانونا لغابة ..
يُتلى علينا من عصابة !
يا ألف نص ..
كل نص ألف بند
فى كل بند ألف حرف
فى كل حرف ناب أفعى !
كم يبلغ المجموع ؟ لا أدرى ..
فدوما كان حظى فى الحساب .. صفرا
وتحت الصفر بالبنط العريض
خُطّتْ " بليد " !

من قصيدة " لزوم ما يلزم " للشاعر نجيب سرور
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ويقول نزار قبانى فى قصيدته " عزف منفرد على الطبلة " :

الحاكم يضرب بالطبلة
وجميع وزارات الإعلام تدق على ذات الطبلة
الكذب الرسمى يبث على كل الموجات
وكلام السلطة براق جدا كثياب الرقاصات
الطبلة تخترق الأعصاب ..
فياربى : ألهمنا الصبر ..
و تجيد النصب .. تجيد الكسر .. تجيد الجر
الدولة منذ بداية هذا القرن تعيد تقاسيم الطبلة
" الشورى ـ بين الناس ـ أساس الملك "
" الشعب ـ كما نص الدستور ـ أساس الملك "
لا أحد يرقص بالكلمات سوى الدولة
لا أحد يزنى بالكلمات سوى الدولة !!
" القمع أساس الملك "
" شنق الانسان أساس الملك "
" حكم البوليس أساس الملك "
" تجديد البيعة للحكام أساس الملك "
" وضع الكلمات على الخازوق أساس الملك "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القانون هو من العلوم الإنسانية والاجتماعية التى تعتمد دراستها على المنطق بشكل كبير . فهو يعلمنا كيف نفكر تفكيرا نقديا سليما ، وكيف نسمى الأشياء بمسمياتها ، وكيف ننظر إلى الأمور المختلفة ونقيمها ونقدر الأدلة والحجج ونستدل على صحة فكرة ما أو خطئها على أساس من العقل والاقتناع ، وكيف نبحث المعلومات بحثا منطقيا منظما يبعدنا عن الوقوع فى الخطأ ، وكيف نقول كلاما واضحا محددا لا يثير الخلط أو الغموض أو الالتباس لأنه لا يجوز لرجل القانون أن يقف موقفا وسطا أو أن يمسك العصا من المنتصف .

ويرتبط المنطق بالتفكير المنظم السليم ، فهو تفكير فى التفكير- إن جاز التعبير- لأن الإنسان يمارسه بشكل عفوى وتلقائى ، ولهذا قالوا أن الإنسان حيوان ناطق . والنطق هنا ليس هو مجرد الكلام وإنما هو الكلام المنطقى ( د. محمد على الصافورى : مقدمات فى المنطق القانونى ) . وهكذا فإن رجل القانون يجب أن يكون تفكيره منطقيا ، فإن خالف المنطق وبنى على ذلك نظريات جديدة لا أساس لها من العقل والإقناع ، فقد صفته كرجل قانون فى هذه الحالة ، وتحول إلى مجرد ترزى أو رفا ! . والتفكير العلمى المنطقى ليس هو حشد المعلومات العلمية أو الإلمام بطرق البحث ، ولكنه طريقة معينة فى النظر إلى الأمور تعتمد على العقل والبرهان المقنع ، وهى طريقة يمكن أن تتوافر لدى شخص لم يتلق تدريبا خاصا فى أى فرع من فروع العلم ، بينما تنعدم لدى أشخاص آخرين تلقوا من المعارف العلمية قدرا كبيرا ( د. فؤاد زكريا : التفكير العلمى ) .

وقد ازدهر دور ترزية القوانين فى مصر منذ عهد السادات و مبارك حيث عاثوا فى الأرض فسادا كبيرا وأخرجوا لنا تشريعات سيئة السمعة ، وهم الآن يؤدون ـ بكل دقة وبراعة ـ دورا أكثر خطورة فى مرحلة شديدة الحساسية . فنظرا لأن النظام الحاكم فى مصر يعبرعن انحيازات معينة لا تخفى على أحد ، فإنه يستعين بهؤلاء الترزية ـ الجاهزين دائما ـ ليعاونوهم فى سن التشريعات التى تحقق أغراضهم ومصالحهم عن طريق استغلال النصوص القانونية ، ولى عنق الكلمات والحقائق .

فترزى القوانين لا يعتمد على المنطق القانونى ، ولكنه يعتمد على المنطق الشخصى الذى يقوم على خداع الآخرين وتضليلهم . فإذا قلت له " الدستور أولا " قال لك " مصر أولا " ، وإذا قلت له " المبادىء الدستورية " قال لك " المبادىء فوق الدستورية " ، وإذا قلت له " الحاكم العادل " قال لك " الديكتاتور المؤقت " ، وإذا قلت له " التوافق وحفظ حقوق الأقليات " قال لك " مرسى أو الفوضى" ! . وباختصار فهو أقرب إلى الألعوبان منه إلى رجل قانون دقيق الكلمات محدد المعالم .

وأتذكر أستاذنا فى الدراسات العليا الدكتورمحمد عبد الهادى الشقنقيرى ( أستاذ فلسفة القانون وتاريخه بكلية الحقوق جامعة عين شمس ) عندما كان يحدثنا عن العدل عند أفلاطون وأرسطو موضحا أن العلوم الإنسانية والاجتماعية ـ وخاصة القانون ـ قد تتعرض فى بعض العصور لانتكاسات شديدة على عكس العلوم الطبيعية ـ كالطب ـ التى تشهد نتائجها عادة تطورا ملحوظا من عصر لآخر ، فمحاضرات أرسطو عن العدالة منذ آلاف السنين هى أفضل بكثير من محاضرات أساتذة القانون فى عصرنا الحالى . وكان يؤكد لنا باستمرار أن أسوأ أنواع الحكام هم من يحاولون خلق " شرعية جديدة " لا أساس لها من الشرعية ، وأن هناك فارقا كبيرا – كما قال أرسطوـ بين العدل فى ذاته والعدل داخل المجتمع ( أرسطو : الأخلاق ) .
فلا يجوز للحاكم أن يضع تشريعا وهو جالس فى برج عاجى وقصر منيع مكيف الهواء يحيط به الكهنة وترزية القوانين من كل جانب وتحميه كلاب الحراسة حتى ولو كان هذا التشريع عادلا من الناحية النظرية ، وإنما يجب عليه أن يستمع إلى الناس ويناقشهم فى أمور حياتهم المختلفة . فالقانون كائن حى يتأثر بمستوى التعليم والوعى ، ويتأثر بالغنى والفقر ، ويتأثر بالبرد والحر ( هناك قانون فى فرنسا يمنع طرد المستأجر من مسكنه فى الشتاء نظرا لبرودة الجو ) .

ورحل الدكتور الشقنقيرى عن عالمنا وأثبتت الأيام صحة كل كلمة قالها . فها هو القانون المصرى يعانى حاليا من انتكاسة كبرى وأزمة شديدة على أيدى ترزية القوانين بإهدار المنطق القانونى ، و هدم المبادىء القانونية الأساسية التى يقوم عليها النظام القانونى المصرى ( العقد الاجتماعى ـ الشعب مصدر السلطات ـ سيادة القانون ـ استقلال القضاء ـ الفصل بين السلطات ـ مساواة المواطنين فى الحقوق والواجبات العامة ) .. مما يؤثر تأثيرا بالغا على الدراسة فى كليات الحقوق ، وعلى مصداقية ما يقوله الأساتذة القائمون بالتدريس فيها ، حيث يواجهون سيلا من الأسئلة التى يطرحها الطلاب ، وجميعها أسئلة منطقية لا يعرف الأساتذة كيف يجيبون عليها :
فهل من المنطقى أن يتم تشكيل أعلى سلطة تشريعية فى الدولة ( الجمعية التأسيسية ) بواسطة سلطة أخرى أدنى منها ( مجلس الشعب ) ؟ .
وهل من المنطقى أن ينقلب الرئيس على إعلان دستورى أقسم على احترامه أكثر من مرة قبل أن يتولى مهام منصبه ؟ ألا يعد ذلك كذبا على الشعب ؟ .
هل من المنطقى أن يصادر الرئيس سلطة الشعب ويصدر الدستور نيابة عنه ؟ ألا يعد سلق الدستور بهذه الطريقة اغتصابا لإرادة الشعب ؟ .
هل من المنطقى أن يعين الرئيس النائب العام ويغتال مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات ويذبح المحكمة الدستورية العليا ؟ ألا يعد ذلك تقويضا لأركان الدولة ؟ .
هل من المنطقى أن يتولى مجلس الشورى سلطة التشريع وهو لا يتمتع أصلا بصلاحيات تشريعية ؟ .
هل من المنطقى أن تحصن الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى وكل ما يصدرعن الرئيس من إعلانات وقوانين وقرارات من الرقابة القضائية ؟ ألا يعد ذلك امتلاكا لسلطات ذات طبيعة إلهية ؟.
هل من المنطقى أن يتم إلغاء إعلان دستورى مع الإبقاء على ما ترتب عليه من آثار ؟ ماذا نسمى ذلك فى علم القانون ؟ ألا يعد ذلك تدليسا على الشعب ؟ .
هل من المنطقى - بعد أن انتهت مرحلة الشرعية الثورية - أن يتمتع الرئيس ـ ولو مؤقتا ـ بسلطة مطلقة دون قيود ؟ .
ألا يعلم سيادته أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة ؟ فهل يرى ما لا نراه .. وهل يدرك مالا ندركه ؟ وما هو؟.. ألم يكن واجبا عليه أن يستشير الشعب قبل أى خطوة يخطوها ؟ ألا يعلم سيادته أن الدستور عقد اجتماعى بين الحاكم والمحكوم وأن الدساتير لا تكتبها الأغلبية وأنها لا توضع لحماية هذه الأغلبية ، بل لحماية الأقلية من الأغلبية ؟ ألا يعلم سيادته أن حاجز الخوف قد سقط وأن وعى الشعب قد ارتفع وأن عجلة الزمن لن تعود إلى الوراء ؟ .
هل يحدد الرئيس سلطاته واختصاصاته بنفسه كما لو كانت ملكا خالصا له أم أن الشعب هو الذى يحددها ويفوض الرئيس فى ممارستها ؟ وبعبارة أخرى أكثر وضوحا هل يحكم الرئيس البلاد وفقا لما يراه لأنه يحكم بأمر الله أم وفقا لما يرى الشعب لأنه يحكم بأمر الشعب ؟ .

إذا كان كل ما سبق منطقيا فلا داعى إذن لوجود كليات الحقوق ، حيث يكون من الأفضل فى هذه الحالة أن نغلقها ونوفر ميزانيتها ونسرح الأساتذة والطلبة والموظفين ، ولتذهب أفكار أرسطو وفولتير وجان جاك روسو وغيرهم إلى الجحيم ، حيث تتعرض الدراسة فى كليات الحقوق المصرية حاليا لمأزق كبير بسبب التناقض بين النظريات الثابتة والمستقرة - التى تدرس للطلبة منذ عشرات السنين - وبين ما يتم إصداره من تشريعات فى عهد الإخوان تحمل أفكارا عجيبة وغريبة وتتبنى نظريات بعيدة عن العقل والعدل والمنطق .
وهذا الأمر يتطلب ضرورة تنظير الأوضاع القانونية الجديدة المجافية للمبادىء القانونية الثابتة والمستقرة ، فلم يعد مقبولا أو منطقيا أن نحدث الطلبة بعد ذلك عن نظرية العقد الاجتماعى التى تقوم عليها الدساتير أو عن مبدأ سيادة القانون أو استقلال القضاء أو الفصل بين السلطات أو المساواة وهم يعيشون فى ظل نظام لا يعترف بمثل هذه المبادىء التى انتهى إليها العقل البشرى وتمثل ميراثا مشتركا لكافة الشعوب . من المؤكد أن الطلبة لن يصدقونا لو فعلنا ذلك ، بل سيسخرون منا ومن دستورنا لأنهم يدركون أن مائة طالب منهم يستطيعون أن يضعوا دستورا يساوى بين المرأة والرجل .. بين المسلم والمسيحى .. بين الغنى والفقير .. يحظى بموافقة الأغلبية الساحقة من الشعب بكل طوائفه ولا يقسم الأمة لسبب بسيط هو أنهم ليسوا أصحاب أغراض أو طلاب مصلحة .



#أيمن_إبراهيم_العشماوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - أيمن إبراهيم العشماوى - طالما سلكتم هذا الطريق .. أغلقوا كليات الحقوق فى مصر