محمد سيدا
الحوار المتمدن-العدد: 1143 - 2005 / 3 / 21 - 12:53
المحور:
تقنية المعلمومات و الكومبيوتر
مع دخول البشرية الألفية الثالثة , اجتاح العالم عهداً جديداً يمكن أن نعتبره بحق عصر الديمقراطية , فهبت رياح التغيير على العديد من الدول و الأقاليم , تلك الرياح التي جلبت زخّات من الأمطار الخيّرة المحملة ببعض مبادئ الحرية والديمقراطية , فرأينا كيف أنه في أوكرانيا استطاع الشعب ومجلسه أن يقول كلمته بكل حرية وجرأة ويختار الرئيس الأجدر بقيادة البلاد إلى بر الأمان , وكذلك في العراق , انتصر الشعب وقارع قوة الإرهاب بشجاعة وبسالة وانتخب ممثليه في الجمعية الوطنية , وشاهدنا الشيء نفسه في كثير من دول العالم , أما في سوريا فلا ننكر أن رياح التغيير هبت عليها ولكن مع الأسف الشديد أن هذه الرياح كانت رياحاً عاتية قارسة آتية من البادية مصطحبة معها الأتربة والحصى والحجارة , هذه الرياح التي ازدادت حدتها بعد أحداث 12 آذار 2004 فكان إطلاق الرصاص الحي على المواطنين العزل في المظاهرات السلمية , والاعتقالات الكيفية العشوائية , وقمع الاعتصامات بالنار والحديد , ولما أدركت السلطة أن العالم لم يعدكما كان وان الإنترنت ووسائل الاتصال السريعة يمكن أن تفضح أساليبها وعنجهيتها في اللحظة ذاتها , قررت إضافة جريمة أخرى إلى سجلها وذلك بارتكاب مجازر أنفال للمواقع الإنترنيتية السورية , لأن في نظر السلطة أنه قبل القيام بعمليات أنفال لمواطنيها لابد أولاً أن تنفذ مثل تلك العمليات بحق وسائل الإعلام و الصحافة وجميع سبل الاتصال وفي مقدمتها الإنترنت , فهي قد تعلمت من النظام البائد في العراق , بارتكاب الجرائم العديدة في ظل غياب الخدمة الإنترنيتية , لكي تنطمس الحقيقة تحت التراب .
و استكمالاً لمسيرة التطوير والتحديث في سوريا و استمراراً لسياسة القمع الفكري – جنباً إلى جنب مع القمع المادي والجسدي – وبخطوة جبانة مألوفة لدى السلطة , قامت وبكل شراسة في صباح يوم السابع عشر من آذار بشن عملية أرهابية استهدفت أحدى المواقع الكردية الالكترونية , وحجبها عن قرّاء الإنترنت في سوريا , إذ أن هذا الأسلوب كان متبعاً لديها منذ دخول خدمة الأنترنت في نطاقها أي ما يزيد عن ستة أعوام .
في بداية الأمر كانت قد أطلقت بعض عياراتها الالكترونية القاتلة للبروكسي رشاً ودراكاً من قواعد و معسكرات مديرية الاتصالات بدمشق نحو عدة مواقع كردية وعربية و كانت نصيب أحدى طلقاتها في صدر موقع سيدا و وتسقطه محجوباً و وتنضم إلى جانب أخواتها من المواقع الكردية الأخرى المستورة .
موقع سيدا الذي كان موقعاً سياسياً وفكرياً وثقافياً كردياً , يحتوي على نوافذ أخبارية ومعلوماتية وهو بحد ذاته كان يقدم خدمات مشهودة له لفتح المواقع المحجوبة سواء كانت كردية أم عربية وقد أتت هذه الخطوة التعسفية بعد سلسلة من خطوات مشابهة لها في الدول العربية التالية :
السودان – السعودية – تونس – الجزائر – موريتانية ( وذلك بسبب أن موقع سيدا كان مدخلاًُ لمواقع أخرى عربية محجوبة في تلك الدول )
والجدير بالذكر أن الحكومة السورية قد حجبت العديد من المواقع السورية كردية كانت أم عربية وخاصة على خلفية أحداث قامشلو في 12 آذار العام الماضي في محاولة منها لحجب الحقيقة وطمرها تحت السطح ظناً منها أن الشمس يمكن أن تحجب بغربال " كما يقولون " ونذكر منها :
شبكة الأخبار الكردية - عفرين . نت – نوروز - عامودا . كوم – قامشلو . كوم – إيلاف – أخبار الشرق – كوباني – عرب تايمز
وكنا قد قرأنا خبراً أن السلطات السورية بمنع هذه المواقع قد خسرت مبلغاً يقدّر بمليون دولار - علماًَ أن هذا المبلغ يمكن يوظّف باتجاه آخر للقفز بخطوات جبارة لتحسين الإنترنت بدلاً من الخدمة الرديئة المبتذلة الحالية .
و الأمر الغريب جداً أن معظم المفكرين والمحللين يرون أن من مصلحة سوريا أن تنفتح داخلياً بالتصالح مع شعبها بعد ما جرى في لبنان ولكن هذا النظام الذي يرى في القمع و التسلط وسيلته الوحيدة للامساك بالأمور والعزف على وتر الاسطوانة المشروخة ( سوريا تعيش في استقرار ) ولكن النظام السوري لا يسمع المفكرين والمحللين ( حتى القوميين منهم , يقول عزمي بشارة : الاستقرار في سوريا لا يعني الركود والجمود ) ولكنها تسمع ضباط الأمن الذين تسببوا في تشويه سمعتها في لبنان بارتكاب أخطاء جسيمة اعترف بها الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير أمام مجلس الشعب حول التطورات في لبنان .
ندعو كل الأحرار والشرفاء والمثقفين عرباً وكرداً وأقليات قومية وكل أحرار العالم للضغط على النظام السوري بالكف عن هذه الإجراءات القمعية بحق حرية الفكر والتعبير والثقافة والبدء بالانفتاح على الشعب لإقامة إصلاح حقيقي يبدأ من الإصلاح السياسي وينهي خرافة الإصلاح الاقتصادي الشعاراتي الإعلامي الجرائدي التلفزيوني المزيف .
#محمد_سيدا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟