أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيدا - مفهوم الاستبداد السياسي منذ القديم وإلى عصرنا الراهن














المزيد.....

مفهوم الاستبداد السياسي منذ القديم وإلى عصرنا الراهن


محمد سيدا

الحوار المتمدن-العدد: 1062 - 2004 / 12 / 29 - 06:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مما لا شك فيه أن الحالة المتردية التي تعيشها مجتمعاتنا في العصر الراهن سببها أولا وثانياً وثالثاً وأخيراً هو الاستبداد , ومن المعروف أن مفهوم الاستبداد قديم قدم التاريخ فكلمة المستبد مشتقة من الكلمة اليونانية ديسبوتيس Despotes التي تعني رب الأسرة , أو سيد المنزل , أو السيد على عبيده , ثم خرجت من هذا النطاق الأسري , إلى عالم السياسة لكي تطلق على نمط من أنماط الحكم الملكي المطلق , الذي تكون فيه سلطة الملك على رعاياه ممثلة لسلطة الأب على أبنائه في الأسرة , أو السيد على عبيده .
وهذا الخلط بين وظيفة الأب في الأسرة التي هي مفهوم أخلاقي , ووظيفة الملك الذي هو مركز سياسي , يؤدي في الحال إلى الاستبداد , ولهذا يستخدمه الحكام عندنا في الشرق للضحك على السذج , فالحاكم " أب " للجميع وهذا يعني في الحال أن من حقه أن يحكم حكماً استبدادياً لأن الأب لا يجوز - أخلاقياً – معارضته , ولا الاعتراض على أمره واحترامه واجب مفروض على الجميع .... الخ
فنقل هذا التصور الأخلاقي إلى مجال السياسة , وتحول إلى كبت للمعارضة أي كان نوعها !! وتصبح الانتقادات التي يمكن أن توجه إليه " عيباً " , فنحن ننتقل من الأخلاق إلى السياسة , ونعود مرة أخرى من السياسة إلى الأخلاق , وذلك كله محاولة لتبرير الحكم الاستبدادي .
والواقع أن الحاكم الذي يبرر حكمه " بأبوته " للمواطنين , يعاملهم كما يعامل الأب أطفاله على أنهم قصر غير بالغين أو قادرين على حكم أنفسهم , ومن هنا كان من حقه توجيههم , بل عقابهم إذا انحرفوا لأنهم لا يعرفون مصلحتهم الحقيقية .
ولقد ظهر مصطلح " المستبد " لأول مرة أبان الحرب الفارسية الهيلينية في القرن الخامس قبل الميلاد , ويعتقد أرسطو أن حكم الطغاة غير مستقر بسبب الكراهية التي يبثها الحكم التعسفي , ولكن الأباطرة البيزنطيون هم أول من أدخل مصطلح " الاستبداد " في قاموس السياسة , إذ كانوا يطلقون لقب " المستبد " كلقب شرف يخلعه الإمبراطور على ابنه أو زوج ابنته عند تعيينه حاكماً لأحدى المقاطعات .
أما مونتسكيو ( 1689 – 1755 ) فانتهى إلى أن الاستبداد نظام طبيعي بالنسبة للشرق لكنه غريب وخطر على الغرب , وهي نفسها الفكرة الأرسطية القديمة , حيث يقول : " للشرق أنظمة سياسية خاصة , لا تصلح إلا له وهي بطبيعتها استبدادية , يعامل فيها الحاكم رعاياه كالحيوانات أو كالعبيد , وللغرب أنظمة سياسية خاصة تجعل تطبيق الاستبداد يهدد شرعية النظام "
والحق يقال أن رؤية أرسطو و مونتسكيو " عن الاستبداد الشرقي " قد تكون فيها شيء من الصحة ولاسيما في العالم العربي , فإذا عدنا إلى التاريخ الشرق الأدنى القديم , نلاحظ أن الشعوب في بلاد الرافدين ومصر قد ألهت ملوكها , فلا عجب أن نجد ( نارام سين ) و ( شاروكين ) و ( الفراعنة ) يحملون قروناً كرمز لألوهيتهم على الأرض , وفي التاريخ الإسلامي , وبالرغم من أن الإسلام أكّد أن القداسة والعبادة هي لله فقط رب السموات والأرض , نجد أن الشعوب العربية والإسلامية وخاصة في الحقبة الأموية , قد قدست خلفائها وجلعتهم في مراتب الآلهة , أو إنهم يحكمون الناس يتفويض إلهي , فها هو الشاعر الأموي " جرير " يقول في عبد الملك بن مروان مؤكداً بأن الله حباه الخلافة لأنه أحق بها أجدر :

ولله قدر أن تكون خليفة خير البرية وارتضاك المرتضي

وتجاوز الأمر عند العباسيين و الفاطميين بأن رفعوا خلفائهم من مرتبة القداسة إلى مرتبة الألوهية , إذ يقول ابن هانئ الأندلسي بدون حرج في الخليفة الفاطمي المعز لدين الله :

ما شئت ما لا شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
وكأنما أنت البني محمد وكأنما أنصارك الأنصار
ندعوه منتقماً عزيزاً قادراً غفار موبقة الذنوب صفوحا
أقسمت لو لا دعيت خليفة لدعيت من بعد المسيح مسيحا

إذاً فسيكولوجية الشعوب المتخلفة هي التي تجعل المستبد يستبد , وظاهرة الاستبداد موجودة في طغاتنا طوال التاريخ من القديم إلى الحديث فهو الإله الذي لا راد لقضائه , وهو العليم السميع بكل شيء " بواسطة أجهزته الاستخباراتية البارعة في التنصّت " , وهو لا يخضع للمساءلة أو المحاسبة أو المراقبة ومن ذا الذي يستطيع أن يسأل فرعون ....... الحجاج ........ عبد الناصر ........ صدام ......... الخ
فهو الزعيم الأوحد , والمنقذ الأعظم , والرئيس المخلص , والملهم المهيب , القهار , مبعوث العناية الإلهية , الذي يأمر فيطاع , ومن يخالفه فتحّل عليه لعنة الآلهة وإنما أمره إن أراد شيئاً أن يقول كن فيكون .
لذا فحتى نتخلص من الاستبداد والطغيان وفكرة الزعيم التاريخي و الأب القائد , مخلص الأمة وفارسها وعقيدها , يجب أن نتسلح بالعلم ونسعى إلى الحرية و نغيير من سيكولوجيتنا الرديئة الذليلة وما يغيّر الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .



#محمد_سيدا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو ...
- -أمر أخلاقي وعادل-.. ترينيداد وتوباغو تقرر الاعتراف رسميا بـ ...
- السيدة الأولى للعراق شاناز إبراهيم أحمد تكتب لـCNN: فرسان ال ...
- السعودية.. تداول فيديو لمواطن يطلق النار من سلاحه بمكان عام. ...
- شاهد: -السحابة الخارقة- تضرب شمال فرنسا وهطول برَد بحجم حبة ...
- رصد طائرة غريبة وغير مألوفة في الولايات المتحدة
- مصر.. من هو إبراهيم العرجاني رئيس اتحاد القبائل العربية في س ...
- مشروبات كحولية لا ينصح بتناولها مع اللحوم المشوية
- أردى أحدها قتيلا.. شرطي أمريكي يخلص رجلا من أنياب كلاب شارد ...
- رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا تلعب بالنار


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيدا - مفهوم الاستبداد السياسي منذ القديم وإلى عصرنا الراهن