أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - رانية ع. حداد - التوظيف/ الانسانية المهدورة على عتبة الراسمالية














المزيد.....

التوظيف/ الانسانية المهدورة على عتبة الراسمالية


رانية ع. حداد

الحوار المتمدن-العدد: 3956 - 2012 / 12 / 29 - 12:10
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


أجساد مشبعة بصمت ثقيل... وهو مرثيتها في عالم لا ينثني عن تأكيد اتجاه بوصلته نحو المادة، فهي ألفه وياؤه، شغفه وألمه.

قاسٍ ومعذب كل هذا الغياب لملامح الحياة في قسمات شخصيات فيلم التحريك الارجنتيني القصير “التوظيف” من إخراج سانتياغو جراسو، قاسٍ لأن الأجساد غدت بلا روح مجرد شيء، بلا اسم ولا معنى، شخصيات فقدت هويتها الإنسانية وأمست تتساوى مع الجماد في وظيفته.

“التوظيف” من زمرة الأفلام التي تندرج تحت أفلام السهل الممتنع، فعبر خمس دقائق فقط يقدم سانتياغو فكرته على نحو مختزل ومكثف وبليغ، بأسلوب سينمائي محكم، إذ تجتمع مفردات اللغة السينمائية لتعمق الفكرة والإحساس بفداحة الخراب الذي خلفه النظام الرأسمالي، ونخر عميقا في الإنسان فأفقده إحساسه وكرامته.



يتتبع الفيلم مسار حياة رجل -وهو الشخصية الرئيسية في الفيلم – من لحظة استيقاظه من النوم، مرورا باستعداده للذهاب إلى العمل، انتهاء بوصوله مكان عمله واستلامه وظيفته، ماذا يمكن أن يلفت في هذه الرحلة الروتينية اليومية التي نمارسها جميعا، ما الخبرة الجديدة التي يمكن أن نكتشفها؟

يدق المنبه، يستيقظ الرجل، يوقد الضوء، يحلق، يحتسي القهوة، يتناول سترته، ويغادر الشقة، ثم يؤشر لسائق التاكسي، يقفان عند اشارة المرور، ثم يدخل بوابة مقر العمل، يضع أغراضه في الخزانة الخاصة به، ثم يذهب إلى الحيز الخاص بالوظيفة التي يشغلها، إلى هنا ينتهي الفيلم، لكنه بالتأكيد لن ينتهي تأثيره وحضوره في ذاكرتنا، ثمة دهشة وألم يخلفها، ونحن نشهد كيف تحول الإنسان الى جسد بلا روح الى شيء، تحول الى لمبة، شماعة، طاولة، كرسي، حامل للمرآة، تكسي، او حتى إشارة مرور… فقد اصبحت هذه هي وظيفته في المجتمع الرأسمالي الذي يشيئ الإنسان، وهناك مفردات سينمائية تعزز هذا الشعور، فجميع شخصيات الفيلم الرئيسية والثانوية مجهولة بلا اسم، لان هويتها الانسانية تلاشت لتتماهى مع هوية الجماد، كما يختفي نبض الحياة عن تعابير وجوهها، رمشة العين هي فقط ما يشعرنا بانها لا زالت تتنفس، وعندما يتحرك الرجل فيتحرك في فضاء فقد ألوانه الزاهية، والأكثر من هذا إن لون بشرته وملابسه ليس إلا إمتدادا لألوان الجدران والبيئة المحيطة،وإذ يغيب الحوار بين الشخصيات فيطغى الصمت، لأن التواصل هي سمة بشرية فقدتها تلك الأجساد التي تبدو كتماثيل طوع بنان مُلاّكها، ليس إلا صوت الأشياء وصوت الالة يعلو؛ المنبه، المصعد…

بدت شخصية الرجل –الشخصية الرئيسية- منذ بداية الفيلم وكأنها شخصية مسيطرة تدور الاشياء في فلكها، فتتحول الاجساد الى طاولة وكرسي وشماعة في خدمتها، لنكتشف في نهاية الفيلم مفاجأة تغيير الامور، وتعمق احساسنا بالالم، اذ انه حتى في التشيئ هناك تدرج هرمي.

يختار سانتياغو لقطاته بعناية دون اسراف، يحتفظ من خلال احجامها بمسافة عن شخصياته، اذ ان اللقطات القريبة توظف غالبا في اظهار المشاعر، لكن والحال هنا ان الشخصيات فقدت انسانيتها ومعها الاحساس، لذلك كان لا بد ان يُغلّب اللقطات العامة والمتوسطة، الا في استثناءات منها لقطة البداية التي وظفت لاظهار المفارقة، فهي عبارة عن لقطة كبيرة جدا لوجه يبتسم، ما تلبث الكاميرا بالابتعاد تدريجيا، ليتضح ان الوجه ليس الا ارضية تزين خلفية الساعة، وللمفارقة ان هذا الوجه المرسوم هو الوحيد في الفيلم الذي يمتلك انفعالاً وقدرة على الابتسام، وكأن الانسانية حلم مهدور، ولا يمكن استعادته الا عبر الخيال والرسومات.



#رانية_ع._حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رفح.. العدو على أبواب مصر
- “أمن الدولة” تجدد حبس معتقلي “بانر التضامن مع فلسطين” 15 يوم ...
- طلاب العالم اتحدوا ضد الصهيونية وداعميها الرأسماليين
- غزة: السابع من أكتوبر في المنظور التاريخي
- بحجة “اللاساميّة” تترافق إبادة شعب فلسطين مع محاولة إبادة قض ...
- الشرطة تعتقل متظاهرين مناهضين للحرب الإسرائيلية على غزة في ج ...
- العدد 555 من جريدة النهج الديمقراطي
- الجيش التركي -يحيد- 17 مسلحا من حزب العمال الكردستاني
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى الاستنف ...
- اتحاد النقابات العالمي (WFTU – FSM)”، يُدين استمرار المحاكما ...


المزيد.....

- كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رؤية يسارية للأقتصاد المخطط . / حازم كويي
- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - رانية ع. حداد - التوظيف/ الانسانية المهدورة على عتبة الراسمالية