أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسن عبد الحافظ - حرية الشفاهي ؛ حرية المكتوب















المزيد.....



حرية الشفاهي ؛ حرية المكتوب


محمد حسن عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 1142 - 2005 / 3 / 20 - 13:51
المحور: الادب والفن
    


ـ 1 ـ
الكتابة علامة الحضارة، حيث نشأت الثانية باكتشاف الأولى، سواء بالرسم أو بالحرف، وكان الكاتب المصري القديم – ولايزال - رمزًا للحضارة التي علمت العالم أبجدية العلم والنور، فدوَّن الذاكرة الجمعية على جدران المعابد والمقابر وعلى أوراق البردي. فقد كان المصري القديم يخشى على الكلمة من الضياع، يعرف أن الكلمة التي تخرج من شفتيه قوية ومهيبة، لكنه يعرف أيضًا كم هي هشة وضعيفة؛ فالكلمة تذوب قبل أن يكتمل نطقها. فعندما ننطق المقطع الصوتي "وان" يكون المقطع الصوتي "أس" قد اختفى، وبذلك تكون كلمة "أسوان" قد ذابت في الريح قبل أن يكتمل نطقها. كان على المصري القديم أن يحمي تاريخه اليومي الشفاهي بالتدوين، وأن يسجل حضارته للأجيال التي لم تولد، وللأزمان التي لم تأت، ليحفظ المعنى الحضاري لوجوده، برغم أنف الغزاة في كل العصور، وبرغم كل محاولات المسخ، وبرغم استهدافات العولمة والشرق الأوسط الكبير، فليس باستطاعة قوة أن تمحو الكلمة التي نطقها الإنسان المصري، ثم نقشها، فحفظها.
عظمة هذه الحضارة في أنها كتبت تاريخ المحكومين مثلما كتبت تاريخ الحكام، ورسمت كل الناس وكل الطبقات وكل الألوان، النساء والرجال ، الفقراء والأغنياء، الجنوب والشمال. فسجلت بذلك القيم الإنسانية التي استحقت أن تعيش في التاريخ، لا يمحوها تغير النظم الاجتماعية والسياسية، أو تعاقب الأزمان والعصور والديانات. وتكمن عظمتها أيضًا في أنها كتبت حياتها الشفاهية كما هي معيشة، فلم تكن الكتابة نقيضًا للشفاهية، ولم تكن كتابة الحاكم مستبدة بشفاهية المحكومين.
هكذا صار المكتوب وعاءً للواقع الشفاهي، وصارت الصورة (الحرف والنقش) تمثيلاً لجلال الصوت البشري ولقيم الحياة، كلاهما – الشفاهي والمكتوب - صنوان، وإن سبق أحدهما الآخر. فالحقيقة التاريخية تقول بأن المنطوق أسبق على المكتوب، وأن الإنسان الجمعي (في التاريخ) يتكلم قبل أن يكتب. ففي البدء كانت الكلمة، وأمر الله للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) "اقرأ"، وليس "اكتب"؛ أي الصوت، وليس الحرف.
المنطوق يتصل بالتعبير عن الحياة المعيشة، حيث يمثل تحققًا صوتيًا لميل الإنسان إلى معايشة الواقع وتجسيده على نحو رمزي. والمكتوب يتصل بالخوف من الموت، حيث يمثل تدوينًا لحياة الإنسان التي كانت، أو التي يحلم بأن تكون قبل أن يموت أو بعد أن يموت. لقد أطلق على الحضارة المصرية "حضارة الموت"، ليس فحسب لأن معظم آثارها يتصل بالقبور وبالحياة الأخرى التي بعد الموت، ولكن لأن الكاتب المصري القديم أراد أن تكون الكتابة والنقش بعثًا جديدًا يقاوم الفناء، وأراد أن يكون "لكل أجل كتاب" يسجل على صفحاته الحياة التي عاشها المصريون بالشفاهية.
ـ 2 ـ
الثقافة تعبير ذاتي – فردي أو جماعي – عن العالم؛ أي تعبير عن نمط تمثل وإدراك ذلك العالم من قبل الفرد والجماعة (قبيلة، طبقة، شعب،... إلخ). وبهذا المعنى، تعيد الثقافة – في ذلك التعبير – بناء العالم على نحو مختلف عن الهيئة "الطبيعية" التي يوجد عليها خارج أي إدراك له. لكن الثقافة، إذ تعيد ذلك البناء من خلال عملية التعبير، أو الإنتاج الرمزي، تفعل ذلك على أنحاء مختلفة: على نحو مكتوب، وعلى نحو شفاهي، صوتيّ وحركيّ. ليست الثقافة المكتوبة – بما فيها المعرفة النظرية والتجريبية – إلا لحظة بسيطة من لحظات التعبير الثقافي، تمكن تسميتها بلحظة التعبير عن الفاعلية المنطقية، أو العقلية، أو الاختبارية، للتمثل الإنساني للعالم. وهي إذ تظهر في صورة مكتوبة، تتحذ لغة معرفية ومفهومية خاصة بها، يستقل بها المجال المعرفي عن سواه من مجالات الثقافة المكتوبة كالأدب - مثلاً – بأجناسه التعبيرية المختلفة .
لكن الثقافة – أيضًا - هي التعبير الشفاهي (غير المكتوب)، ممثلاً في أجناس مختلفة من الفنون، ومن التعبير الحركي الذي يتخذ الجسد مادة له في المقام الأول. ففي الغناء والأمثال والسير الشعبية، وفي النحت والفن التشكيلي، وفي العمارة والنقش على الخشب أو المعادن والجبص والرخام... إلخ. وفي الوشم ("النقش" على الجسد)، وفي التطريز والحياكة وسوى ذلك؛ نصوص من التعبير الثقافي لا تقل قيمة عن النصوص المكتوبة في مضمار التعبير عن نوازع الذات وحاجاتها الجمالية، وعن نوع تفاعلها مع العالم المحيط، بل نستطيع أن نرصد التجليات المختلفة لهذا التعبير الثقافي حتى في المأكل، والملبس، وطقوس العبادة، ومراسيم الاحتفالات والأعياد والمواسم والمآتم وغيرها، فيما يسمى بمنظومة العادات والتقاليد والمعتقدات. إنها جميعًا أشكال مختلفة من الإفصاح عن الذات وعن الوجدان الفردي والجمعي، وعلى صفحتها، تمكن قراءة المجتمع الذي تعبِّر عنه، وبنيته العقلية – بتعبير كلود ليفي شتراوس – وشخصيته الحضارية. ففيها يخرج ما بداخل مستودع الذاكرة من معطيات قابلة للتحليل الاجتماعي .
لا شك في أن الحقل الثقافي العربي ينطوي على هذه الثنائية العميقة (نقصد ثنائية الثقافة الشعبية والثقافة العالمة، أو ثقافة الشعب وثقافة النخب)، وهي الثنائية التي ترقى - في تأثيرها - إلى مستوى الازدواجية القابلة لتوليد كل أنواع الانقسام والقطيعة.
أحد تجليات هذه الثنائية يتمثل في اختلاف طبائعهما (ربما لا تكفي دلالة "الاختلاف" لوصف علاقتهما على نحو دقيق دائمًا، قد نحتاج إلى أن نستبدل بها دلالة "التناقض" في سياقات كثيرة). الثقافة العالمة تتسم بطابعها المنهجي الدقيق (ثمة شكوك في أدبيات ما بعد الحداثة حول فكرة "المنهجية" هذه!) وبطابعها المؤسسي، وبخصيصتها التدوينية. على حين يغلب على الثقافة الشعبية الطابع الشفاهي، وبطابعها العفوي التلقائي والموروث الذي يجسد تجارب المجتمعات الشعبية - تاريخـيًّا - في مختلف أصعدة حياتها.
لا تعني شفاهية الثقافة الشعبية وتلقائيتها وقوعها في دائرة السطحية واللاعقلانية واللامنهجية، كما تدعي بعض الأجهزة الثقافية السائدة؛ إنها في حقيقة الأمر تعبير عميق عن تمثلات معقدة تنتجها الجماعة، تتوسل بواسطتها فهم الظواهر وإدراكها، ومحاولة التأثير عليها وتوجيهها، من منظورات أسطورية وخرافية وجمالية، ومعرفية أيضًا، سواء بواسطة وسائط شفاهية أو بصرية أو كتابية . كما تتسم الثقافة الشعبية بكونها لا تخضع للرقابة المؤسسية (ستتصادم مع الرقابة بالتأكيد)، بينما تخضع الثقافة العالمة لرقابة المؤسسة، بل لرقابة الأنا/ الوعي، بينما تفلت الثقافة الشعبية من أية رقابة، بما فيها الرقابة التي يفرضها الأنا / الوعي على اللاشعور/ اللاوعي، على نحو ما يكشف التحليل النفسي الذي يرى "النكت" مجالاً يتحرر فيه اللاوعي من رقابة الوعي، وكثيرًا ما نعثر – بجانب النكت – على حكايات وأغانٍ تخترق المحظور في القيم السائدة، سواء على الصعيد الديني أو الجنسي أو السياسي. لقد كانت المحرمات والنواهي حاضرتين في كل العلاقات: الأسرية، والاجتماعية، والسياسية، وعلاقات العمل، والعلاقة بالكون وبالطبيعة. ومن ثم، أنتجت الثقافة الشعبية كمًّا نوعيًّا من المنتج الثقافي: قصةً ومثلاً ونكتةً وسيرةً... إلخ، للتعبير عن موقف الجماعات من العالم والحياة، إدراكًا أو تفسيرًا أو تبريرًا أو سخريةً، حسب الموقف والسياق وطبيعة كل نوع ووظيفته، مما يجعل من الأنواع الفولكلورية أنواعًا حتمية، لإحداث التوازن والمقاومة، في واقع تاريخي يقع داخل دائرة التسلط، والاختلال الاجتماعي .
تعبِّر الثقافة الشعبية عن درجة ما من الاستمرارية التاريخية لنظام التمثلات الجماعية (الوطنية والقومية) للعالم، الموروثة عن أزمنة سابقة. ليس معنى ذلك أن الوعي الشعبي ظل راكدًا أو مغلقًا أمام تيارات التحول التاريخي؛ بل يعني أنه وعي ذلك التحول نفسه من منطلق بنيات ذهنية متشكلة سلفًا بتأثير الخيال الجمعي التاريخي المكتنز بالرموز والمعتقدات الراسخة. إنها ثقافة "طبيعية"، مطابقة – في سيرورتها – لتطور المجتمع الأهلي العربي . ذلك المجتمع الموسوم بالمجتمع الصامت الواقع تحت وطأة أنماط التنمية الرثة والحداثة الشائهة طوال عقود التاريخ المصري الحديث. وإذا كان المجتمع الرسمي، أو شبه الرسمي، الذي يتركب من أحزاب ونقابات وجمعيات يعتمد أساسًا على ما هو مكتوب، أو منمذج، أو مؤدلج، أو ما هو سائد في العواصم والمدن الكبيرة. فإن المجتمع الصامت، هو المجتمع المعزول، أو شبه المعزول، عن المشاركة في أي مستوى من مستويات إدارة الحياة اليومية وتسييرها. ويعاني هذا المجتمع ظروفًا معيشية بئيسة، ويستند إلى مكونات ثقافته الشعبية التي تعتمد على ما هو شفاهي، وعلى التعبير الرمزي، وعلى الصمت، في مواجهة التحديات الكبرى، والمشكلات اليومية، والسلطة.
على العكس من هذا التكوين، تبدو الثقافة العالمة وقد نشأت في سياق تطور مختلف عن تطور بني المجتمع العربي. لقد خرجت من رحم التحول الذي تعرض له البنيان العربي عقب التدخل الاستعماري الغربي – العسكري والاقتصادي والثقافي – منذ مطلع القرن التاسع عشر. فإذا كانت الدولة الحديثة قد خرجت من رحم الإدارة الاستعمارية بعملية ولادة قيصرية، ولم تخرج نتيجة تفكك طبيعي للبِنَى التقليدية، وإذا كان الاقتصاد الرأسمالي هو حاصل تدمير استعماري للبِنَى الاقتصادية التقليدية العربية، وليس نتيجة تفكك ذاتي لها، فإن الأفكار الحديثة خرجت بدورها إلى الوجود في سياق النجاح الاستعماري في توليد ثقافة جديدة في الفضاء العربي المحتل ، وليس ضمن سياق من التطور الطبيعي. لذلك، انحصرت هذه الثقافة في أوساط النخب من كل الاتجاهات، ويعاد إنتاجها دومًا بما يشبه عملية صياغة جديدة لكيان ثقافي منغلق، مستقل عن الكيان الثقافي الشعبي وموازٍ له في الوقت نفسه .
تغذي هذه القطيعة بين الثقافة العالمة والثقافة الشعبية قطيعة نظيرة في ميدان التواصل الفكري بين المثقف والجمهور، وينجم عنها تهميش ثقافي متزايد للجمهور من جهة، وانعزال متعاظم للمثقفين من جهة موازية. وبالطبع، فإن ذلك ينال من الوظيفة الاجتماعية للمثقف العربي، ويفاقم من درجة الإعاقة التي تتعرض لها فعاليته في وسط اجتماعي لم تنتشر فيه حركة التعليم انتشارًا واسعًا، ولم يعش بعد قطيعة مع مأثوره الثقافي، ولايزال النموذج السائد للمثقف والباحث محجمًا عن تطوير وسائط تواصله مع المجتمع، ويبدو فاشلاً في بناء خطاب تاريخي نافذ قادر على أداء مهمة التوعية والتثقيف بعيدًا عن حدي الاستعلاء والشعبوية، ولايزال هذ الفشل الذريع جاريًا حتى الآن.
ـ 3 ـ
ليس ثمة امتياز للثقافة المكتوبة (العالمة) على الثقافة الشعبية (الشفاهية) في مضمار التعبير عن الذات، فكلاهما يشكل طريقة من طرائق هذا التعبير، اللهم إلا في ما بينهما من تفاوت في درجة النظام والتعقيد، حيث تبدو الثقافة المكتوبة أكثر تراكمًا. غير أن المحنة لا تكمن في هذا الجانب، نعني ليست في وجود فوارق في أنماط التعبير وفي درجات النظام فيه؛ بل تكمن في مستوى التمثل لدى كل منهما؛ ذلك لأن هناك قدرًا من التفاوت في وعي كل من الثقافة المكتوبة (العالمة) والثقافة الشفاهية (الشعبية) .
يتبدى ذلك - بوضوح أكبر - في مجال كتابة تاريخ كل منهما، حيث يبدو، حتى الآن، أن التـاريخ الوحيد الذي حُفظ بعناية فائقة في معظم المجتمعات هو تاريخ الثقافة المكتوبة، فيما لم يحظَ تاريخ الثقافة الشعبية (أو ما يعرف بالتاريخ الشفاهي) بكبير اهتمام يليق بمكانته في بناء المجتمع الثقافي. وقد يعود ذلك إلى قداسة المكتوب لدى مجتمعات بعينها كالمجتمع العربي ـ الإسلامي، لكن هذه القداسة لم تتأسس على قاعدة الحداثة على نحو ما حدث في المجتمعات الغربية - أو ما يسمى بمجتمعات الشمال - بل قامت على النهج الخاص الذي انتقل به العقل العربي من حالة الكلام الشفاهي إلى حالة النص المكتوب مطلع العصر العباسي، حيث نجم عن هذا التحول/الانتقال: تعديل أو تغيير عميق في بِنَى المجتمعات التقليدية وفي موازيين القوى بين الشرائح الاجتماعية المختلفة، وبات العقل الإسلامي (الكتابي) مرتبطًا بالدولة (السلطان) ورجال الفقه والطبقات الحاكمة .
لقد تم تثبيت التاريخ العربي ـ الإسلامي بالكتابة ، ناهيك عن الأسئلة الخاصة بكيفية كتابته، ومن كتبه، وعمن كُتب، ولمن كُتب؟ الملاحظة الجديرة بالانتباه هنا، هي أنه بات إسقاط زمكانية هذا التاريخ المكتوب واقعًا دومًا على أزمنة وأمكنة أخرى ذات بنية وأبعاد وظروف مختلفة ومتغيرة بالضرورة.
إن الذي يدفع دومًا الثمن الفادح لقاءَ هذا النهـج في التحول، هو ذاكـرة المجتمعات وتراكمها الثقافي، و - استطرادًا - معرفتنا له. فحين لا يكون في إمكاننا أن نكتب تاريـخ قسم هائل من التعبـير الثقافي لمجتمع أو لشعب ما، فنـحن بذلك نفتقد القـدرة على - والحق في - بناء وعي تاريخي بتراكمه الرمزي. الأفدح حقًا، والأنكى من كل ذلك، أن الجانب الأعظم من التعبير في مجتمعاتنا، إنما هو الذي يشغله التعبير الثقافي الشفوي الشعبي .
كما أن قصر اهتمام المؤرخين على الوثائق المكتوبة، دون سواها، أغفل أهمية الدور الذي ينهض به الصوت في الحفاظ على المجتمعات البشرية والذي غدا اليوم أمرًا ثابتًا لا جدال فيه؛ ذلك لأن مجموع ما يسمى بالمأثورات الشفاهية لمجتمع ما يشكل فيه شبكة من المبادلات الصوتية التي تمثل أعرافًا وتقاليد سلوكية ثابتة بدرجة أو بأخرى، وتتمثل وظيفتها الأولى في تأمين استمرار إدراك للحياة وتجربة يقع الفرد بدونها في شَرَك الوحدة، إن لم يكن في غياهب اليأس .
إذا انتقلنا من مجال التاريخ إلى مجال الأدب، فإن القياس على ما أحدثته الكتابة من تغير في المفاهيم النقدية هو الجذر الأساس للمشكلة التي يعاني منها الباحثون في دراسة الأنواع الأدبية الشعبية.
وجه من وجوه محنة الشفاهية - على الصعيد الثقافي العام - يتمثل في وضعها خطرًا وخصمًا وتهديدًا للكتابية، وهي المحنة التي يعوزها العمق الذي يمكِّننا من تدمير هذا التصور المخادع. فالواقع أن أحدهما لا - ولم - يكتسب مناعة ضد الآخر، بل ظلت عمليات التبادل بينهما متصلة قديمًا وحديثًا ومعاصرًا، وهذا لا يخص العربية فحسب؛ بل ينسحب أيضًا على اللغات جميعها: قديمها وحديثها ومعاصرها. وإذا ضربنا أمثالاً لذلك، فقد عرف الشعر العربي القديم شعرًا شفويًا موازيًا له، ومنه الكان وكان والقوما والمواليا والدوبيت والزجل في المشرق والمغرب العربيين، والموشح الجامع بين الفصيح والعامي والأجنبي في الأندلس، ذلك ما قعَّده ابن سناء المُلك في "دار الطراز"، وصاغ في شأنه ابن خلدون نظريته المعروفة عنه في "المقدمة". وبعد ذلك، عرفت العربية الفصحى في الأقطار العربية شعرًا شفويًا موازيًا، منه الملحون في المغرب، والزجل في كثير من البلاد العربية، والنبطي في الخليج العربي، والحساني في الصحراء المغربية وموريتانيا، والموال وأشكال شعرية شعبية أخرى في مصر. كذلك عرف الأدب الرسمي الفصيح في اللغات الأوروبية أدبًا شفويًا موازيًا كأناشيد المآثر والتروبادور والتروفير في فرنسا، والرومانثي في إسبانيا، وقد أثَّر الزجل الأندلسي القزماني في كل من فرنسا وانجلترا وألمانيا وإيطاليا والبرتغال .
بمعنى آخر، صاغه د. عبد الحميد يونس قائلاً: بالرغم من الانفصام الحاد - المفتعل - بين الشعبي والرسمي، فإن المأثورات الشعبية ظلت تقتحم الثقافة الرسمية، والفن الرسمي، والأدب الرسمي، وغيرها من الفعاليات الرسمية، في كثير من العصور. كما أن التراث الشعبي قد أفاد من ثمرات العقول والقرائح التي ازدهرت في حواضر العالم العربي، وفي كنف الحياة الرسمية. ومن الواجب على القوَّامين على الثقافة - تخطيطًا ومتابعة - أن يعاونوا الحياة الشعبية على التخلص من كل أثر من آثار ذلك الانفصام .
لكن هذا الواجب، الذي أشار إليه الدكتور يونس، مطلع السبعينيات من القرن العشرين، قد بدا عسيرًا على التحقق الفعلي، حيث لاتزال آثار ذلك الانفصال غائرة.
لقد عانت الثقافة الغربية نفسها من هيمنة المفاهيم النقدية الحديثة - التي اختزلت الإنسان وحضاراته وإبداعه في الكتابة فحسب - على أنواع الأدب الشفاهي التي ظلت تلتهمها مجرة جوتنبرج والحضارة التكنولوجية الغربية. لم يجد زومتور بدًّا من أن يطلق حكمًا يبدو متسمًا بنوع من القسوة المضادة للمقولات النقدية التي نقلها عدد من النقاد العرب عن الإنجازات النقدية الأوروبية، حيث يقول زومتور: "ليس حال المفاهيم التي ينقلها التحليل النصي، منذ عشرين عامًا، علميًا في شيء" .
ـ 4 ـ
تُرى، هل ثمة إمكانية لمقاومة زحف المخاطر والتهديدات التي تستهدف - في الصميم - طمر الثقافة الشعبية ومأثوراتها وتراثها؟
قد يكون الجواب البديهي المباشر عن هذا السؤال هو أن مثل هذه الإمكانية منعدم الآن بعد أن فاتتنا فرص تاريخية لتحقيق هذه الإمكانية، وهو - في الحقيقة - جواب يتغذى من معاينة درجة الخلل الرهيبة في توازن القوى الثقافي - سواء على الصعيد الوطني الداخلي، أم على الصعيد الكوكبي الخارجي - بين ثقافة تتمتع برصيد هائل من الدعم والقوة والحماية والحرية، وأخرى مجردة من أية حماية وقائية تصد الهجمات الشرسات التي قد تتعرض إليها.
ليست هناك معجزات في الأفق، ولكن من المفيد القول بأن فعل العدوان والتهديد لا يحتل المشهد وحده، بل هو غالبًا ما يستنهض نقيضه، بسبب ما ينطوي عليه عنفه الرمزي من استفزاز لشخصية المعتدى عليه ومن تشبث بثقافته وهويته. ماذا يمكن أن نسمى - مثلاً - حالة الانكفاء الثقافي للمغلوب إلى منظوماته الثقافية الشعبية والتقليدية؟ إنها شكل من الممانعة الثقافية ضد الاستسلام، ومحاولة البحث عن نقطة توازن في مواجهة عصف التيار الثقافي الجارف. إنها محاولة للاحتماء من عملية اقتلاع كاسحة، وهى تبدو أحيانًا دفاعًا سلبيًا عن الثقافة الشعبية والوعي الجمعي، لكنها تظل - في نهاية المطاف - مظهرًا من مظاهر المقاومة الثقافية المشروعة، وإن كان من الواجب القول بأن معركتها مع العولمة الثقافية خاسرة في النهاية، إن لم تتحول إلى مقاومة إيجابية تتسلح بالأدوات عينها التي تحققت بها الجراحة الثقافية للعولمة ، كما أن مقاومتها للمتغيرات الجديدة والقيم الثقافية المكرسة والمُعَمَّمَة، الرسمية وغير الرسمية، يلزمها حماية ودعم يعيدان لها قدراتها على فرض الوجود، وتغيير موازين القوى الثقافية لصالحها.
ـ 5 ـ
على مدار ثماني سنوات (1996-2004) من العمل الميداني في القرى الجنوبية لمحافظة أسيوط (وكان الهدف اللحاق بمن تبقى من رواة السيرة الهلالية في محافظة أسيوط)، قمت بتدوين قائمة من الملاحظات حول قضايا اجتماعية، من خلال ما تضمنته نصوص السيرة الهلالية من موضوعات، أو ما أشار إليه الرواة أو الجمهور، أو ما لاحظته من منظومة الرموز المحيطة. وفي سياقات مناسبة، كنت أحاول الربط بين هذه القضايا والحدث الشفاهي للسيرة، فلاحظت تفاعل الجمهور وحماسه لإبداء وجهة نظرهم في مختلف هذه القضايا، وبالفعل دارت مناقشات طويلة ومتقطعة. انطوت على عدد من الأفكار والتحليلات حول التنمية الريفية – كما هي مطبقة في القرية – والتعليم، وتعليم الكبار، والتسرب، وقضايا المرأة، والحريات، والمشاركة السياسية، ومشكلات الزراعة، والاحتياجات الحقيقية للقرية، وكيفية مواجهة الظروف المعيشية الصعبة.
عبر هذه المصادفة المثيرة، أدركت أهمية العمل الميداني لجمع المأثورات الشعبية في الولوج إلى القضايا المحلية الدقيقة والعميقة والتفصيلية، واكتشفت أن احتواء النصوص الشفاهية (نصوص السيرة والموال والحواديت والأغاني والأمثال) على وجهات نظر رمزية تتصل بالمجتمع وقضاياه يمثل مفتاحًا سحريًا للأبواب الموصودة في ذاكرة الرواة وذاكرة الجمهور والأطراف المحلية على السواء، حيث تتحقق فرصة الكلام بقلوب مفتوحة في الموضوعات المثارة، وفي سرد طرائق المجتمع في التعامل مع المشكلات الأساسية في حياته اليومية، ومعرفة خبرات الأفراد... إلخ. كما انتبهت إلى أهمية جمع السياق الشفاهي، أو وصف السياق الاجتماعي، الذي يعيش فيه النص الشعبي.
لقد مثَّلت هذه التجربة نافذة على كنز معرفي كبير، يبدو أنه تجوهل من قبل الباحثين والخبراء، وبدا لي أن النخبة لا تعلم أن الفقراء هم خبراء الفقر، وخبراء المجال الاجتماعي الذي يعيشون فيه، وأن الفلاحين هم خبراء الزراعة، وخبراء المجال الريفي بكل قطاعاته ومفرداته. وأن أفراد المجتمع المحلي هم المصدر الرئيس – إن لم يكن الوحيد - لمعرفة طبيعة هذا المجتمع.
في لقاء انعقد بمنزل الراوي يوسف أحمد يوسف بمدينة البداري (شتاء 1998)، يعلق أحد الجالسين على دور السيرة الهلالية وقيمتها في حياة الناس، ثم ينتقل فجأة إلى الحديث عن المادة الإعلامية التليفزيونية، حيث ينظر إلى الباحث الميداني باعتباره وسيطًا بين الناس ومسؤولي الإعلام، قائلاً:
"هيَّ أغلب البداري حَدَانَا هِِنَاهُوَّ بتحب ابو زيد، سيرة ابو زيد. ليه... لأن سيرة ابو زيد فيها الشجاعه، ويا ريت النهاردا إحنا الدولة شغتنا تبص لعملية الشجاعة والإنسانية والزوق، إنما أغلب حاليًا دلقيتي بلامؤاخذه بيدوبولنا حادات للشباب في التِلِيفِزْيُونَاتْ والراديويَّات، حديت مالهش أي معنى. وبنسمع حادات مش مصريه، اللي هي مش الصيغه المصريه، مفروض إنه يكون فيه رقابه شِدِيدِه، وأنا بتكلم بأعلى صوتي إن فيه حادات بيديبوها في التَلَفَزْيُونْ من غير رقابه. المفروض ما نمسلش إحنا الأدانب، ما نمسلش الأدانب، إحنا دوله عربيه. ونردو من الله، نردو من الله، واكررها تاني وتاني وتاني، بَقُول إنِّ يكون على التليفزيون رقابه قويه عن دميع الأفلام اللي هي مش طبيعة العَرَب. ولو عايزين تِقَلِّدو الغرب، قُلْ لُهُم يقطعو الإرسال من الدِّيْزَه ومْقَبّلْ، إفصل خالص التلفزيون من الديزه ومقبل، وخد انت حقك وادينا حقنا".
ذلك لأن الإرسال التليفزيوني لا يعبر عن ثقافة جماعته وقيمها، ولا يحقق لها المطالب الجمالية والرمزية. بل يطرح الرجل البدائل الفنية والثقافية التي كان ينبغي على هذا الوسيط الجماهيري المهم أن يتبناها، كما يرى أن الأمر أكثر سوءًا في حالة القناة المرئية المحلية.
منذ هذه اللحظة، بدأت أفكر مليًّا في معنى القيم الرمزية للجماعة الاجتماعية. فبالرغم من أن جانبًا من جوانب الإعلام المرئي يعد تخليدًا لقيم الصوت البشري، بل يمثل ثأرًا للصوت من القرون التي رزحت فيها المجتمعات الإنسانية تحت نير الكتابة، ويشكل نزوعًا بشريًا لاستعادة حق الكلام ، فإن الشأن ليس في الصوت (الخام) نفسه، وإنما في القيم التي يحملها هذا الصوت، فهي التي تعكس بصورة واضحة المحيط الطبيعي والاجتماعي للقوم الذين يتكلمونها.
كان طبيعيًا أن أسجل واحدًا من أهم نتائج عملي الميداني في جمع السيرة الهلالية من أسيوط، والمتمثلة في ضرورة المعاينة الميدانية لمعارف أهل الريف، تلك المعارف التي توصف، في مضمار البحث الأنثروبولوجي والسوسيولوجي، بأنها علوم شعبية، وأيكولوجية شعبية، أو علوم القرية، أو المعارف الريفية الشعبية. وتنطوي هذه العلوم والمعارف على قطاعات معرفية ومفهومية واصطلاحية محلية في مختلف مجالات المحيط الريفي: التربة، الزراعة، النبات، الحيوانات، الآفات، الحشائش، الفصول، المناخ، المقاييس والمعايير، الألوان، العلاقات الاجتماعية والاحتفالات، أوقات الفراغ، أسماء الأشياء وأوصافها وتفسير معانيها، المعرفة المتصلة بالمفاهيم والأدوار (الفقر، العمل، البطالة، التعليم، العلم، الجهل، السياسة، الإنجاب، تحديد النسل، دور المرأة، دور الجمعيات، دور الحكم المحلي، دور القادة المحليين، المدرسة، المسجد... إلخ).
ـ 6 ـ
لا جناح على شعب في أن يكون في حالة تأخر على صعيد وعيه التاريخي والسياسي، باعتبار أن مسالك سوسه كانت تجري بسياسات لا تقدم له إمكانات كسر شرانق هذا التأخر، وربما جرى سوسه بسياسات تحفظ سيرورة تأخر الشعب، لكي يضمن السلطان السياسي سمع الشعب وطاعته وولاءه. ولا جناح على شعب في أن يكون أميًّا ما دامت لم تمتد له يد التعليم الرسمي، وظلت المدرسة بالنسبة إليه مشروعًا مستحيلاً وحلمًا بعيد المنال.
المفارقة هنا في أن هذا التأخر هو صناعة تراكم تاريخي سلبي طويل، وثمرة مرَّة للزراعة التي أنجزتها السلطة والنخب الحاكمة، والتي تحصدها الفئات الشعبية، وتؤمر أن تبتلع مرارتها دون شكوى، بل يفرض عليها أن تتزود بغذاء اقتصادي وسياسي ومعرفي. وإعلامي خارج حدود وعيها ومعارفها ومطالبها واحتياجاتها، وخارج أطرها وتشكيلاتها الاجتماعية. الأنكى من ذلك كله: أن تتهم الفئات الشعبية بالمسئولية الكاملة غير المنقوصة عن واقع الحال المتأخر والمتخلف، كأنها تتهم بتعكير مجرى الماء الذي لم تقربه أصلاً، ولا تملك الارتواء منه، فهي لا تمتلك الموارد، أو الفرص، أو المشاركة، أو مقومات النهوض.
لا جناح إذن على هذا الشعب في أن يبني مدرسته الخاصة، وفي أن يبتدع بمخيلته الثقافة والقيم والمعارف التي تحفظ توازنه وعيشه واستمراره في الحياة. وفي أن يبني تاريخه الصامت المطرود من الكتب ومن المدونات، وهو التاريخ الحقيقي لهذا الوطن.
تُرى، هل يعيد الكاتب المصري المعاصر فعل الكاتب المصري القديم؟



- عبد الإله بلقزيز، في البدء كانت الثقافة، نحو وعي عربي متجدد بالمسألة الثقافية، أفريقيا للشرق، الدار البيضاء/ بيروت، 1998، ص 45.
- المرجع نفسه، ص 46.
- لا بد من الإشارة – هنا - إلى أن الخصيصة الشفاهية للثقافة الشعبية لا توحي باختزالها في الذاكرة الشفاهية فحسب، فمفهوم الكتابة لا ينبغي أن يُنظر إليه من منظور لغوي وكفى، حيث إن هناك جماعات تكتب على الجسد، كـ "الوشم" مثلاً، كما هو ملاحظ في مصر والسودان والمغرب. كما أن الفنون الشعبية التشكيلية تتوسل بالخط، وباللغة المكتوبة.
- راجع:
?أ. مجموعة باحثين، ثقافة الطفل بين التغريب والأصالة، منشورات المجلس القومي للثقافة العربية، الرباط، 1998، (انظر: مصطفى حجازي، مفهوم الثقافة: خصائصها ووظائفها، ضمن كتاب: ص 27).
?ب. فاوبار محمد، في الثقافة الشعبية والحدث الاجتماعي، الفكر العربي (بيروت)، شتاء 1997، ص ص 84-88.
- بلقزيز، في البدء كانت الثقافة، مرجع سبق ذكره، ص 91.
- بلقزيز، القومية والعلمانية: الإيديولوجيا والتاريخ، دار الكلام، الرباط، 1989، ص 9.
- بلقزيز، في البدء كانت الثقافة، مرجع سبق ذكره، ص 92.
- المرجع نفسه، ص 46-47.
- بسام بركة، الحدث الاجتماعي وذاكرة الشعوب، الفكر العربي (بيروت)، 1997، ص 71.
- حول هذا الموضوع، راجع: محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، مركز الإنماء القومي، بيروت، 1986.
- بلقزيز، في البدء كانت الثقافة، مرجع سبق ذكره، ص 47.
- زومتور، خلود الصوت، رسالة اليونسكو (القاهرة)، العدد 291، أغسطس1985، ص 4.
- محمد السرغيني، عن تجنيس الشعر الشفوي، عالم الفكر (الكويت)، المجلد التاسع والعشرون، العدد الثاني، أكتوبر/ديسمبر 2000، ص 249.
- عبد الحميد يونس، دفاع عن الفولكلور، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1971، ص 14- 15.

- زومتور، مدخل إلى الشعر الشفاهي، ترجمة: وليد الخشاب، دار شرقيات، القاهرة، الطبعة الأولى، 1999، ص 38.

- بلقزيز، العولمة والممانعة، منشورات رمسيس، الرباط، 1996، ص 66.
 حدانا: عندنا. هناهو: ههنا. الدولة شغتنا: دولتنا. دلقيتي: دلوقت؛ ذا الوقت، الآن. بيدوبولنا حادات: يأتوا لنا بحاجات، المقصود: يعرضون موادًا فنية أو ترفيهية. الراديويات: جمع راديو؛ أجهزة الراديو. حديت: حديث؛ كلام. مالهش: ليس له. حادات: حاجات. ما نمسلش: لا نمثل؛ لا نقلالأدانب: الأجانب. نردو: نرجو. الديزة: [محافظة] الجيزة. مقبل: الوجه القبلي؛ أو الجهة الجنوبية، يقصد منطقة الصعيد.
- زومتور، خلود الصوت، مرجع سبق ذكره، ص 8.



#محمد_حسن_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسن عبد الحافظ - حرية الشفاهي ؛ حرية المكتوب