عمران سفيان
الحوار المتمدن-العدد: 3950 - 2012 / 12 / 23 - 20:19
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
اهتمت الفلسفة منذ القديم بالإنسان واعتبرته مركز الكون ، واستمسك الفيلسوف بـه ، معلناً على الملأ أنّه ميدانه الخاص الذي لا يجوز أن ينازعه فيه منازع ، وأطلق الفلاسفة على الإنسان أحكامََا مختلفة عبر العصور ؛ منها : أَنّه كائنٌ أخلاقي ، تاريخي، اجتماعي ، ديني ، وفوق ذلك كله فهو كائن روحي .
هذه الأحكام اعتبرت على أنها حقائق مسلّمة لا تقبل الجدل ، لا سيما تلك التي تتعلق بأخلاقيته وروحانيته لكن فيما يبدو إِنَّها بدأت تتآكل تدريجيا ، وتتجه نحو عالم مجهول الهويَّة تحت وطأة مكتشفات العلوم التجريبية بصفة عامة والبيولوجيا على وجه الخصوص ، باعتبار أبحاثها أكثر التصاقا بعضوية الإنسان ، وكيانه البيولوجي كجزء لا يتجزأ من الطبيعة وباعتبار ما قد شهده هذا العلم من ثورة اصطلح عليها في قاموس تاريخ العلم اسم :"الثورة البيولوجية " .
وليست الثورات التي تحدث في ميدان العلم مجرد اكتشافات تخرج من دهاليز المختبرات والمصانع ، بل هي حقائق جديدة تحمل معها إعادة نظر للمفاهيم ، وقلب للتصورات وقولبةِِ للحياة ، وهذا ما حدث فعلا مع الثورة البيولوجية عندما أذنت لعقول بشرية أن تنتقل من دراسة العالم الطبيعي إلى دراسة عالم أكثر التصاقا بالإنسان ؛ إنّه كيانه البيولجي .
وليس من الغريب أن يشيد كثير من العلماء بهذه الثورة ، بناءا على الآمال المعقودة والمنتظرة من نتائجها على الإنسان في جميع المجالات ، لكن التجربة الإنسانية أثبتت أن العلم سلاح ذو حدين فهو يبني ، وكذلك يدمر ، وحين يحدث ذلك تقع المشكلات والأزمات وأحياناً الكوارث ؛ التي يقع على عاتق الفلسفة السعي إلى مناقشة مدى خطورتها ، على خلفية أنَّ الفلسفة كان ولا زال أحد موضوعاتها الرئيسية الإنسان ، فهي حاضنته بين نظرياتها ، وهي التي دفعت العلم إلى الاهتمام به مما ولد مفاهيم جديدة ، الأمر الذي يتيح للفلسفة أن تُسَائِل العلم عن الكرامة والأخلاق والقيم والدين ، ما من شانه أن يحدث جدلا عميقا بين العلم والفلسفة .
#عمران_سفيان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟