أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عقيل صالح - اشتراكية علمية لا اشتراكية طوباوية















المزيد.....

اشتراكية علمية لا اشتراكية طوباوية


عقيل صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3950 - 2012 / 12 / 23 - 01:19
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


( حول من ينتهج الماركسية كموضة )
في فيلم ( أضواء المدينة ) City Lights يقابل تشارلي شابلن ( الفقير المعدم ) تاجراً يريد الإنتحار ( و هو سكران) و بدافع إنسانيته أنقذ التاجر من الإنتحار , فهذا التاجر صادق تشارلي تشابلن ( و هو لا يزال سكران) و ذهب معه في جولة حول المدينة و ثم إلى حفلات و دعاه إلى منزله و لكن عندما انتهى مفعول الكحول لم يتعرف على تشارلي شابلن و نفى انه صديقه و ثم طرده من البيت , وتكرر نفس الشيء في اليوم الثاني . بعض الماركسيين مثل هذا التاجر في فيلم أضواء المدينة يناقضون أنفسهم تناقضاً لا يفسره إلا الكحول .

الوهن الذي أصاب بعض الماركسيين لا يمكن أبداً تفسيره إلا بظاهرة واحدة وهي الإعتقاد – الخاطئ بشكل كلي – أن في سبيل تكوين الماركسي الحقيقي لا بد من معاداة الرأسمالية و الامبريالية بلا كلل و لا ملل حتى أن كانت غير موجودة ! و الإيمان بالعدالة الاجتماعية و المساواة و الحرية .
هذا النوع من المهرانية – نسبة إلى سعيد مهران - في الفكر , التي لها هدف واحد و رؤية واحدة و لا تريد التخلي عنه حتى لو كان قد أختفت هذه الرؤية , تشوه الملامح العلمية للفكر الماركسي .

الديالكتيك يعلمنا أن الصراع الطبقي هو المحرك الأساسي لحركة التاريخ و المجتمع , بدءاً من انفصال الإنسان عن الحيوانات إلى ظهور و نشوء الإقطاعية ثم إلى الرأسمالية , تلك الحركة يحكم عليها الصراع الطبقي في المجتمع .

و لكن , لسبب ما – لا أعرف ما هو تحديداً – يأبى بعض الماركسيين بتحليل الأشياء وفقاً لمبدأ الصراع الطبقي , أو وفقاً للحركة المادية للتاريخ . تلك المشكلة تشكل ضعفاً هائلاً لأي ماركسي , حيث التحليل من دون ادراج مفهوم الصراع الطبقي يصبح تحليلاً ضعيفاً و ركيكاً .

شيوعيو هذا القرن , قفزوا من فكر إلى فكر , من بديل إلى بديل – طبعاً يتوافق مع أفكارهم الرئيسية – إلى أن استنتجوا المفاهيم و العبارات التالية (( العدالة الاجتماعية )) و (( الحرية )) و (( المساواة )) (!!!) . لا يوجد اسخف من تلك المفاهيم الخالية العلمية و تسطع فيها السطحية و الغباء الفكري , إلا يفهم هؤلاء أن الحرية مفهوم طبقي أيضاً , الماركسي الحقيقي هو عندما يقال له : (( نريد الحرية )) يجيب : (( لصالح أي طبقة ؟ )) , الحرية بمحتواها الأجوف و العام لا يخدم مفهومه الحقيقي , الحرية من الممكن أن تكون حرية جنسية , أو من الممكن أن تكون الحرية في قتل الناس , أو من الممكن أن تكون حرية سياسية . و يأتينا الكثير من الشيوعيين ليرفعوا شعار (( العدالة الاجتماعية )) غير منتبهين الي أن هذا الشعار غير اشتراكي على الإطلاق , الإشتراكية تعني محو الطبقات و ليس التوافق ما بينها , يخطيء الكثيرون عندما يستخدمون هذا الشعار حيث لا يمكن أن توجد اشتراكية تعزز الطبقية , او التوافق بين الطبقات اثناء إزالتها ! . أما بالنسبة للمساواة , فهي موضه دارجة في صفوف أغلب الشيوعيين , دائماً يرددون هذا الشعار من دون معرفة جوهره , كيف يمكن في ظل الاشتراكية المساواة ما بين البرجوازي و البروليتاري ؟ هذه المرحلة تحتم على البروليتاريا استخدام دكتاتوريتها و قمع البرجوازية و ليس المساواة معها , تلك هي النقطة التي لا يفهمها أو يطمسها معظم الماركسيين.

النقطة الثانية التي أعتبرها مصدر ضعف لهذه الزمرة من الماركسيين هو أن لا يزالوا يؤمنون بشكل مطلق بمؤامرات إمبريالية تقوم بها الولايات المتحدة, مثل هذا الاعتقاد يدعونا للتساؤل هل يعرف هؤلاء الإمبريالية ؟ أو حتى الرأسمالية ؟ ..

من الصعب جداً – أضع مائة خط تحت ((جداً)) – القول أن العلاقات الدولية القائمة حالياً هي علاقات إمبريالية تقودها الولايات المتحدة الامريكية , هذا هو خطأ آخر لدى بعض الماركسيين المتحجرين, الذي يعود تحليلهم إلى التحليل القديم القائم على الأوضاع القديمة .

كيف يغيب عن أذهان هؤلاء المتحجرين أن الإمبريالية لم تعد موجودة , ألا يستطيعون الرؤية ؟ هل أعماهم غرورهم الفكري من رؤية تلك الحقيقة ؟ كيف يقبلون على أنفسهم محاربة شيء وهمي ؟ ..

هؤلاء يرتكبون مثل الخطأ الذي ارتكبه كاوتسكي في تحليل الامبريالية , حيث هو نظر إلى الامبريالية من ناحيتها السياسية التي تكمن في حقيقة أن الامبريالية تعني التوسع و احتلال الدول المجاورة , و قد وصفها لينين " بنصف " الحقيقة . و أنتم ترتكبون مثل الخطأ ايها السادة , بالنظر إلى العلاقات الدولية الحالية بأنها قائمة على الامبريالية , و خصوصاً بعد اندلاع الربيع العربي تكاثرتم حول هذا الحدث ووصفتموه بأنه نتيجة لمؤامرة امبريالية , هذه النظرة خاطئه حيث أنها مستنده سياسياً فقط , أيّ , النظر إلى البناء الفوقي للمجتمعات من دون الاكتراث بالبناء التحتي الذي هو اساساً يشكل البناء الفوقي , فتغيير الانظمة السياسية لا يعني اطلاقاً مؤامرة امبريالية , لأن الامبريالية اساساً هي " المرحلة الاحتكارية للرأسمالية" , أنا لا أفهم كيف الامبريالية , بعد تفككها أو موتها , تريد أن تعيش مرة أخرى لتعود , هذا الإدعاء سخيف , و فوق هذا , هذا الكلام يعني عدم إنصاف التاريخ , حيث هذا الكلام بحد ذاته يطمس حركات التحرر الوطني 1945- 1975 التي نزعت القشرة الإمبريالية كلياً .

فهنا نجد أن حتى أبسط ملامح الامبريالية أو الرأسمالية ( و اقول رأسمالية لأن لا يمكن فصل الإمبريالية عن الرأسمالية) غير موجودة في عصرنا هذا , فكيف لهؤلاء المتحجرين يؤمنون بوجود الامبريالية التي كانت موجودة في زمن لينين , والأسوأ , يحللون الأوضاع الدولية و العالمية كما حللها لينين و يدافعون عنها بكل شدة , من غير الرجوع إلى الاساس العلمي المادي الجدلي في التحليل .

و بالإضافة , لا يطبق هؤلاء أفواههم عند هذا الحد , بل يواصلون الصراخ دفاعاً عن حسن نصرالله أو على حد تعبيرهم " السيد " حسن نصرالله (!!) , و آية الله الخامنئي(!!!) و بشار الأسد ( لا تضحكوا ! ) هذه حقيقة نراها عند أوساط بعض الماركسيين , بدافع أن تلك الشخصيات تقف و تصد للإمبريالية , فبهذا , لا بد من الوقوف معها و تأييدها في سبيل الإطاحة بالإمبريالية . تلك الإدعاءات سخيفة و حمقاء و إنتهازية , كيف ينسون ضحايا البعث ؟ و كيف ينسون جذورهم البرجوازية الصغيرة ؟ كيف ينسون ضحايا ملالي إيران ؟ و شطراً كبيراً من هؤلاء الضحايا هم ماركسيين , أيّ , رفاقكم ؟ و كيف ينسون جرائم حسن نصرالله في حق القوى الوطنية و الماركسية ؟ أيغيب هذا عن أذهانكم ؟ لأي درجة من الإنتهازية وصلتم إليها ؟ .

تلك هي مشكلات بعض الماركسيين الذين يأخذون الماركسية على أساس شعارت عامه و جافه , و التي بكل شك تؤدي إلى تحليلات خاطئه و مشوهه للأوضاع الحالية . و لا أحد بهذا الكلام يكون رافعاً رأسه و أنفه إلى السماء السابعة مفتخراً بأنه يعرف الماركسية من أول صفحة إلى آخرها , لا على الإطلاق , فالماركسية صعبه و ليس من السهل فهمها , و أنا شخصياً لا أعتبر نفسي فهمت كل قطعه و كل حرف من الماركسية .

و لكن هناك فرق ما بين من يفهم شيئاً في الماركسية و من لا يفهم إطلاقاً و يجري لاهثاً وراء مفاهيم مشوهه و لا تمت بالماركسية بصلة .

فالتقصير في فهم حقيقة الصراع الطبقي الموجود في عالمنا اليوم يعني الإغتراب الكلي عن الماركسية , و الإتجاه إلى تحليل مثالي للأمور , أن عدم معرفة أو عدم الإعتراف بظفر البرجوازية الصغيرة على البروليتاريا في المحيط الاشتراكي يعني عدم فهم حقيقة الصراع الطبقي في المعسكر الاشتراكي و على رأسه الاتحاد السوفييتي , حيث التراجع عن دكتاتورية البروليتاريا كان أهم خطوة في تعزيز سلطة البرجوازية الصغيرة على البروليتاريا .

أن أغلب هؤلاء نجدهم في محيط الحوارات الفكرية , و لا سيما أن الحوار المتمدن هو أحدى تلك المحيطات و من أهمها , فهناك قلة جداً من يروجون للفكر الماركسي الحقيقي , و الكثير من يسخر من هذا الترويج بإعتباره ترويجاً تحريفياً ليس له صلة بالبولشفية أو الماركسية اللينينية , حتى لو كان مرويجها أحد فرسان هذا الفكر .
و من المخزي جداً رؤية من يتشدق بالديالكتيك و هو أساساً لا يطبق أهم مبادئها و هو أن كل شيء ليس ثابتاً , كل شيء في دوام التحرك , و لكن يصرون بالرغم من تبينهم الفكر الماركسي على القوالب القديمة التي عفى عليها الزمن .

تلك هي موضة الشيوعيين الحالية , هي الركض وراء الشعارات الرنانه التي لا معنى لها و تخلو من مفاهيم ماركسية حقيقية , يجرون ورائها بسبب التخلف و الفقر الفكري الشديد .



#عقيل_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس
- السيسي يدشن تنصيبه الثالث بقرار رفع أسعار الوقود


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عقيل صالح - اشتراكية علمية لا اشتراكية طوباوية