أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جبران أديب - الحلقة الثانية - ملامح اليسار العالمي ما بعد انهيار المعكسر الاشتراكي















المزيد.....

الحلقة الثانية - ملامح اليسار العالمي ما بعد انهيار المعكسر الاشتراكي


جبران أديب

الحوار المتمدن-العدد: 3947 - 2012 / 12 / 20 - 20:24
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    




هل يتجاوز اليسار التونسي مِحنَه وقصورَه بإبداع؟
الحلقة الثانية - ملامح اليسار العالمي ما بعد انهيار المعكسر الاشتراكي:


1- وول ستريت رمز الانتفاضة العالمية و "الديمقراطية " الدولية:
انتهينا في الحقلة السابقة بالنظر في يسار أمريكا اللاتينية باعتباره أمل اليساريين في البلدان الطرفية لا في الصمود في وجه الإمبريالية فقط، بل في مقاومتها أيضا. ولكن الأحداث الأخيرة منذ سنة تقريبا تشير إلى أن لثورات العالم العربي حضور في الحزام البشري الكثيف حول الغرب نفسه بل و في قلبه؛ إنها انتفاضة جموع الفقراء والمهمشين والمقهورين من جميع أنحاء العالم ودليلها الملموس مشاركاتهم الواسعة في اعتصامات واحتجاجات شملت 950 مدينة في أكثر من 80 دولة وفي أكثر مدن العالم أهمية في نيويورك وطوكيو وروما وباريس ولندن ومدريد وبرلين. لقد أعلن الجميع رفضهم للقهر والفقر والبطالة وللنظام الاقتصادي والسياسي الفاسد مطالبين بعدالة اجتماعية متأثرين بروح الثورة التونسية ومن بعدها الثورات العربية مستلهمين والتحدي من شعارات الثورات السابقة وأرواح قياداتها .
بدأت الاحتجاجات المنتمية لحركة "احتلوا وول ستريت" الأمريكية أولا في نيوزيلندا وبعض المناطق في آسيا وامتدت إلى أوروبا إلى أن عادت لنقطة البداية في نيويورك رافعة شعار "يا شعوب العالم انتفضوا" ونتج عن ذلك قمع من أجهزة البوليس وآلاف المصابين . فقد وجد العالم الغربي وقوى الهيمنة عامة أنفسهم مجددا وجها لوجه مع القوة الهادرة المؤثرة في الأحداث السياسية بعد أن اعتقدوا أنها ماتت بفعل "الديمقراطية" المشهدية التعبيرية؛ لك الحق أن تساويني في الكلام والتعبير ولكن ليس لك الحق أن تساويني في الحظوظ والامتيازات! إنها قوة الجماهير وقوة الشعوب، بعد أن تم إيهام العالم لعقود طويلة أن القوتين الكفيلتين بالمراقبة والمعارضة هما فقط القوة الناعمة التي هي الإعلام، والقوة الخشنة والتي هي القانون. لقد وعت الشعوب ألاعيب المتلاعبين بمصائرها وأعادت الانتفاضة العالمية القوة الشعبية إلى مسرح الأحداث وهي التي ستقود لاحقا قوة الإعلام والقانون وستحرر العالم من ألاعيب الإعلام وأكاذيبه ومن ظلم القانون الفاسد. ومن المنتظر أنها ستفيد من قوة رابعة لها صلة بالقوى المذكورة و هي توظيف الحد الأدنى المتوفر حاليا من "الديمقراطية" الدولية أو الآليات الدولية التي تقر حقوق الشعوب في تقرير مصيرها.
وفي هذا الصدد - أي توظيف الحد الأدنى المتوفر حاليا من "الديمقراطية" الدولية أو الآليات الدولية- أود القول إن لي وجهة نظر أخرى مختلفة جزئيا عن فكرة تشومسكي المشار إليها أعلاه في المحور السابق (قال تشومسكي، في محاضرته في القاهرة مؤخّرا، إنّ أشدّ ما تخشاه أمريكا هو أن تنشأ ديمقراطيّة في العالم العربي.) وفكرتي هذه قد لا تكون واضحة تماما ولا سند قوي لها في مثل قوة الفكرة التي تبناها تشومسكي والتي تجد صدى عالميا في أوساط اليسار، ونتبناها لأنها "تناسبنا" أو تريحنا أكثر في تحميل تبعات الصراع على الطرف السائد دوليا على الرغم من أن جانبا منها حقيقي وواقعي ...
وملخص الفكرة أنه صحيح أن الديمقراطية هي آلية وطنية للتداول على الحكم وهذا يعني أنها هي ليست عقلية بشرية ما بعد - وطنية بالدرجة الأولى حتى وإن كانت تشاركية في آخر صيحاتها . إنها في جوهرها إقرار بعدم القدرة على حسم الصراع بين الأطراف داخل الوطن الواحد لصالح جهة معينة إلا بالاحتكام إلى صندوق الاقتراع. مما يؤكد أن هذا الاحتكام هو في الجوهر إقرار بأن الاتفاق أو التوافق هو من مستحيلات طبائع العمران، ولهذا فلا يمكن عد الديمقراطية آلية أممية، وأن على الأمم أن تبحث عن آلية أخرى لإدارة الصراع والاختلاف فيما بينها ...
غير أن العالم وإن كان ليس وطنا أو لم يصبح بعدُ "وطنا" بالمعنى القانوني حتى تمارس فيه الديمقراطية في حدود الدستور القائم في ذلك "الوطن" ، وحتى وإن لم يبتكر العالم بالتالي بعدُ آليات إدارة الصراع الديمقراطي دوليا فإننا نرى إرهاصات ذلك في حدودٍ دنيا جدا حين تضطر الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد مداولات شاقة غالبا أن توافق على قرار لصالح الضعفاء، أما مجلس الأمن –مجلس الأقوياء – فنادرا ما يضطر للوقوف مرغما إلى جانب ضعيف من الضعفاء؛ لأن حسابات وطنية للخمسة الكبار توافقت مع ذلك الضعيف.... فالملاحظ مثلا أن الغرب حسم أمره حين قرر ضرب نظام الأسد والإطاحة به ولكنه عجز بفعل الحد الأدنى من "الديمقراطية الدولية" القائم على توازن قوى الصراع حول سوريا. وهذه الإرهاصات الدنيا هي ما يجب على كل قوى التقدم أن تعمل على الطرق عليها لتصبح وقائع وسوابق يمكن البناء عليها وتوسعة مجالاتها.
ولا شك أن ربطا جديدا بين يسار العالم الثالث والعالم المتقدم يتجاوز رؤى "الأمميات" السابقة وعقليتها وأساليبها في اتجاه تفكير يساري أممي جديد من شأنه أن يكسب شعوب العالم الثالث أكثر من تعاطف شعوب العالم المتقدم بل التزامها بحرية الشعوب الضعيفة وكرامتها وتقدمها ونجاح الديمقراطية فيها كما لو كانت قضية من قضاياها الوطنية، بل باعتبارها قضيتها الإنسانية والتاريخية في التحول نحو الاشتراكية.
فهل ستؤثر هذه الانتفاضة العالمية على الهيمنة الأمريكية في حالة التظاهر ضد تجاوزات السياسة الأمريكية في كثير من دول العالم ؟ وهل ستسهم هذه الانتفاضة العالمية في وضع حلولاً لكثير من المشاكل السياسية والإجتماعية في العالم وهل ستلعب دوراً في حل المشكلة الفلسطينية بالضغط الشعبي العربي والعالمي ؟ لقد أصبح للعمال في الورش والمصانع و للباعة المتجولين و الذين يموتون برداً في ليالي الشتاء والذين يموتون آلماً بسبب عدم القدرة على تكاليف العلاج وللأسر التي تعيش في بيوت من الصفيح، أصبح لكل هؤلاء صوت مسموع ودور فعال في تحقيق الديمقراطية والعدالة ومحاربة الفساد أكثر تأثيراً من أدوار النخب والقادة الحزبيين وصناع الرأي في النقابات والمستشارين في المشهدية الإعلامية...
2- اليسار الجديد و "مفارقات" البديل الاشتراكي:
عندما انقلب العالم الذى ظل يُعْدُّ المعسكر الاشتراكي واتضحتْ بما لا مجال فيه للغموض حقيقة رأسمالية الدولة الاحتكارية البيروقراطية لذلك العالم الشيوعىّ أو الاشتراكىّ، بات من السذاجة إنكار التناقض بين المثل العليا للأيديولوچيا الشيوعية والواقع التاريخىّ للدولة التي تنشأ عما سُمِّىَ بالثورة الاشتراكية ولم تتحق بالتالي سيرورة اشتراكية بعد انتصار الثورة؟ والسؤال الذي يعود بنا للجذور: هل كانت تلك ثورات اشتراكية في منابتها؟ وهل تحققت فيها شروط الثورات الاشتراكية عند انبثاقها أصلا؟!
وقف اليسار مراجعا تلك التجربة واختلف –كالعادة – في توصيفها، وظهرت في تقييمها وتحديد طبيعتها نظرياتٌ ورؤى متعددة متابينة بين الماركسيين أنفسهم وبين الماركسيين والتقدميين خاصة من الفوضويين. من أهم النقاط التي يكاد يجمع عليها الجميع هو طغيان الدولة على المجتمع وغياب الديمقراطية وبدا يتقلص الاختلاف بين الفرقاء خاصة في هذا الجانب؛ فالفوضوية شيوعية والماركسية شيوعية وتدور نقطة الاختلاف الكبرى السابقة حول فكرة الدولة، وسيكون من الخطأ بعد تجربة الثورات المسماة بالاشتراكية خلال القرن العشرين والدول التى نشأت عنها وإعادة إنتاجها للرأسمالية من خلال سيطرة الدولة والبيروقراطية أنْ نتصور أن الماركسية سوف تحتفظ بنظرياتها عن الدولة والثورة كما هي.
يميل الدارسون إلى استخلاص نتيجة بارزة أو بالأحرى أفق منتظر مفاده أن النضال فى سبيل الثورة سيكون نضالا طويلا ناضجا على خلاف النضال الذي وسم ثورة أكتوبر البلشفية وبالتالى ستكون الثورة أعمق وجماهيرها أوسع وأنضج وعيا وبالتالى فإنها لن تعتمد على دولة بنفس المواصفات اللينينية أو الستالينية أو الماوية، وستغدو العلاقة بين الدولة والديمقراطية مختلفة تماما عن كل شيء تحدث عنه الماركسيون أو توقعوه أو حققوه. ورغم أننا لا نعلم المدى الذى سيصل إليه هذا التطور فإننا على كل حال إزاء خطوة مهمة للغاية سوف تقطعها الماركسية بعيدا عن الدولة، الأمر الذى ينطوى على احتمال تقارُب من نوع مّا بين الماركسية والفوضوية، ولعل مما يدل على هذا التقارب الآن تلك الأشكال الهَجينة التى تجمع بين الماركسية والفوضوية.
من الواضح إذن أن على الماركسيِّين أنْ يشرعوا في مناقشات فكرية تنحسر فيها الدغمائيات الإيديولوجية التسحي عاشوا عليها ردحا من الزمن ولا بد لهم من التفكير المعمق حول الصلات بين الظواهر الآتية فيما بينها :
- الدولة والسلطة والنظام والنسق من جهة،
- وبينها وبين المجتمع مع محاولة الوقوف على أدق تفاصيل سماته المختلفة ؛ السمات الاقتصادية و الثقافية واللغوية والتراثية و الانتروبولوجية والنفس جماعية من جهة ثانية،
- والثورة وملامحها المتعددة والمتداخلة: الثورة السياسية الديمقراطية والثقافية والفكرية والطابع الشبابي للثورة وما يمكن أن يرافقه من اختلاف بين الأجيال، والثورة على الإديولوجيات، والثورة على أشكال التنظم وعلى التنظيمات والأحزاب والجمعيات، والثورة التكنولوجية بوسائل الاتصال التي تعتمدها وأنساق التواصل الجديدة التي تكتشفها وتوظفها.

3- في الأشكال والمؤسسات المحتملة:
فيما يلي أعرض بإيجاز لملامح اليسار الجديد الذي هو في طور التشكل داخل الأحزاب اليسارية العالمية وخارجها:
• تخطٍّ لا رجعة فيه لمفهوم دكتاتورية البروليتارية بل وتجاوز نهائي لمفهوم البروليتاريا كطبقة قائدة
• نقد الكليانية في كل ابعادها الفكرية والسياسية والتنظيمية، واهمها فصل الدولة عن المؤسسات الحزبية والعقائدية
• القطع مع الزعامتية قطعا نهائيا وتبن لمقولة المثقف العضوي كما صاغها أنطونيو غرامشي حيث يعتبر الكتلة التاريخية هي المثقف الجماعي وفق آليات إنتاج الفكر ديمقراطيا ومؤسسيا.
• التنظيم الحزبي: لا منظمات تابعة للحزب تبعية عضوية كمحضنة، بل علاقة قائمة على استقلالية تنظيمية نسبية . والحزب هو بناء غير هرمي ما أمكن، قاعدته الانتخابات في كل المستويات وأساسه التداول على المسؤولية
• القبول بالتعددية غير التناقضية- أي الاختلاف الفكري وحتى الموقفي- لا الخلاف الإيديولوجي داخل الحزب: القبول بالمؤمنين وغير المؤمنين جنبا إلى جنب، دون أن يكون للإيمان منعكس إيديولوجي وسياسي في الموقف الحزبي.
• إقامة الاعتبار الفعلي لقيمة المواطنة بما فيها المساواة الكلية والتامة بين الجنسين، وذلك في إطار تجذير العلاقة بالهوية العربية الإسلامية المنفتحة على العالم والمراعية للخصوصية المحلية.
• إعادة تقويم وتجذير لدور الفكر في علاقته بالواقع باعتباره ليس انعكاسا بل بنية فوقية بمفهوم الرأسمال الرمزين مع إيلاء وجهات النظر الأنتروبولوجية وعلم الاجتماع والجغرافيا السياسية وعلم النفس الفردي والجمعي واللسانيات والسيميائيات...إلخ، دورا في تفسير الواقع.
• القول بتعايش تاريخي مرحلي لأنماط اقتصادية متعددة في إطار اقتصاد وطني الخطة والأهداف والإنجاز
• الانتخابات في كل مستويات الهياكل السياسية للدولة والمنظمات الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني
• وهناك نقاط أخرى مشتركة مع الفعاليات السياسية الديمقراطية والحداثية، كالتعددية والديمقراطية - فصل الدين عن السياسة- مبدأ التداول على السلطة - حرية الصحافة والإعلام- علوية القانون -دولة مدنية مواطنية- استقلال القضاء- تنظيم الأحزاب وتمويلها- الشفافية والمراقبة.
وقد يعقب معقب قائلا: هذا اليسار لم يعد ماركسيا ولا حتى يسارا إذن، إنه الاشتراكية الديمقراطية الاجتماعية، وفي هذا يمكن القول ما يلي: الفرق الذي سيظل جوهريا - وسيظل اليساريون يؤمنون به -هو العمل على تغيير قانون المعادلة الاقتصادية -الاجتماعية في اتجاه الاشتراكية ثم الشيوعية، يعني التعويل على الانحلال التدريجي الذاتي للرأسمالية بسبب أزمتها البنيوية من جهة، والناتج عن الصراع السلمي أو العنيف حسب مقتضيات الصراع ضد العولمة بشتى تمظهراتها وأبعادها، مع إمكانية استمرار بعض مظاهر للملكية الفردية المحدودة الناشئة لا عن الملكية الفردية لوسائل الانتاج بل عن الإدخار أو التداول التجاري أو العقاري ...إلخ، والتفاوت المدروس والمحدود في الدخل عن طريق الحوافز والعلاوات على الإنتاجية والإبداع... مع وجود معنى واتجاه عام للتاريخ يهدف إلى إقامة الحرية بشتى صنوفها وأبعادها والعدالة الاجتماعية والمساواة بين بني البشر أمام القانون، وإلغاء التناقض بين الإنسان والطبيعة(المجال الإيكولوجي مجال جديد في الفكر السياسي عامة بما فيه الاشتراكي، ويحتاج إلى عرض ونقاش طويلين لما يقدمه من تعديلات جوهرية أراها تُدْخِل تعديلات مهمة في الفكر اليساري) .
4- في البدائل المحتملة: الاقتصاد الشبكي أنموذجا:
تقبل الاشتراكية العلمية -إذن - بالتفاوت الاقتصادي المحدود والمدروس؛ الذي لا يؤدي إلى نشوء طبقات وذلك على قاعدة كل حسب حاجته وكل حسب عمله؛ لكن الإشكال يبرز في الحقيقة الاجتماعية والاقتصادية الآتية: إنه كلما كان التفاوت أقل، كانت الإنتاجية أضعف وكان الإبداع أفقر. ولكن من ناحية أخلاقية (إيتقية)، فإنه لا يمكن للإنسانية أن ترضى بوجود أناس ليس لهم الحد الأدنى من العيش الكريم فيما يعيش غيرهم في بذخ مفرط. ثم إن النظام الاقتصادي الذي ينتج التفاوت لا يمكنه أن يمنع حدوث تفاوت في الدّخل لأسباب أغلبها هيكلي وليس نتاجا للقرارات المستقلة للفاعلين الاقتصاديين الرأسماليين . لكن المعضلة في أي برنامج اقتصادي هي عدم قدرته على العدل الاجتماعي مع إرخاء العنان لحرية الإبداع و القدرة على الاختراع و الرغبة القوية في التقدم والإنتاج والإنتاجية مع الاستفادة الفردية من ذلك
إذن فعندما نقول إن التفاوت يجب أن يكون مدروسا فإن المعضلة هي في دراسة وتحديد "مقدار" هذا التفاوت، وكل المفارقة في ضبطه حتى لا يتحول إلى تفاوت طبقي، مع الحرص في الوقت نفسه على عدم الإخلال بالحرية والابداع !!! أي هناك مفارقة بين الحرية التي هي والإبداع صنوان، والضبط الاجتماعي الذي يقيد الإبداع والحرية معا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى الحرية والإبداع لا يتحققان إلا إذا كانا عاملين على صون الحقوق الفردية للفرد الحر المبدع.
يبدو من العسير – إن لم يكن مستحيلا – إيجاد حل لهذه المفارقة، والبديل المتاح حاليا في البلدان ذات التوجه نحو الاشتراكية كأمريكا اللاتينية وحتى الليبرالية التي تحمي العدالة الاجتماعية بنسبة عالية كالبلدان الاسكندينافية هي البحث عن حلول قطاعية تواجه توحش الرأسمالية بدون اللجوء إلى حلول نهائية تبدو حالمة حين تدعي إيجاد حل كلي وناجز.
رغم المفارقات المذكورة، يبدو أن العقل البشري لا يني يكتشف طرقا ومسارب جديدة: إذ يطمح اقتصاديون إنسانيون إلى إمكانية "التوفيق" نسبيا بين الفرقاء عن طريق توسيع مكافأة المتميزين والمتفوقين بالحوافز والعلاوات على الإنتاجية والإبداع، و ترفيع الامتيازات كالسكن والسياحة، وإن كان هذا يبقى في دائرة التفاوت المحدود والمدروس.
وهناك أيضا بارقة أمل في تجاوز إشكالية من له الحق في أن يستفيد من فائض القيمة؟ صاحب العمل أم المنتج؟ وكيف يمكن حل التناقض بين الملكية الخاصة والانتاج الجماعي، فيما يسمى اليوم اقتصاد شبكات العمل التي توسع القاعدة الآتية :الزبائن -المساهمون-المستثمرون. أي أن الزبائن هم في الوقت نفسه مشاركون ومستثمرون ، وهي تجربة تستحق الدرس باعتبارها مدخلا ما لمرحلة انتقالية لا ندري هل تطول أم تقصر لنظام إنتاج قد يكون جديدا رغم أن طابعه الأساسي يظل مشتقا من الرأسمالية والملكية الفردية لوسائل الانتاج، لكن درجة التشاركية فيه عالية جدا. ينظر مثلا نظام العمل الشبكي في شركة "دي إكس إن". وينظر مثلا دراسات " بول زاين" الخبير الاقتصادي في مجال الشراكة الشبكية.
ثم إن تراكم المكتسبات الحضارية والمعارف العلمية والخبرات العملية ستفضي لا محالة إلى نظام أفضل. وإن كان هناك أي بديل سيطرح نفسه فإنه سيفرض ذاته لا بعيدا عن أي إرادة إنسانية، ولكن في الوقت نفسه وفق التراكم الذي سيحصل نتيجة طيف كبير من العوامل كالخبرات والتجارب والتعديلات.



#جبران_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يتجاوز اليسار التونسي مِحنَه وقصورَه بإبداع؟ الحلقة الأول ...


المزيد.....




- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...
- حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن الصحفيين والمواطنين المقبوض ...
- العدد 553 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جبران أديب - الحلقة الثانية - ملامح اليسار العالمي ما بعد انهيار المعكسر الاشتراكي