أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - محمد شفيق رمضان - نحو إعادة تشكيل ثقافة جامعة لغد أفضل















المزيد.....

نحو إعادة تشكيل ثقافة جامعة لغد أفضل


محمد شفيق رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 3939 - 2012 / 12 / 12 - 23:42
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


لابد أن يعي دعاة المذاهب والحركات والأحزاب أنّ تراكم المعرفة - باعتبارها نتاجاً بشريًّا يخضع للحالة الإنسانية في ضعفها وقوتها واستقامتها وانحرافها - هو الذي أثر في فهم النص .
هذه الحقيقة لو تمعن الكثيرون فيها لأنهار ذلك السد المنيع بين مختلف المذاهب ولأقبلت على بعضها يعذر أحدها الآخر ولتغيرت نظرتنا لمسألة الاختلاف بحيث تصبح مظهرا جميلا من مظاهر الرقي ورافدا ضروريا لغد أفضل ومحفزا للتطور والإبداع لا معول هدم كما يظنه ضيقوا الأفق أصحاب نظرية الكمال المعرفي التي تدعي أنها لا تحتاج إلى ما يغني فقرها ويلم شتات شملها على المستوى التأسيسي فأصابها الشلل وفقدت بوصلتها ، فضلا عن التناقض الذي يظهر بين الحين والآخر لازدواجية التفكير عندها جراء فوضى الخلط بين مناهج المعرفة غير المتجانسة .
هذا الشلل المعرفي منشأه ذاك السؤال الذي أعيتهم أجابته عن علاقة النص بالعقل وأيهما سابق وأيهما لا حق و ذلك الخلط الواضح بين فهم النص وبين النص المقدس نفسه .
ولا شك أن من قدم النص على العقل ولم يفرق بين فهمه للنص أو فهم شيخه للنص وبين النص نفسه أو بين إسلام النص وبين إسلام التاريخ ، قد أسس بمحض إرادته لقطيعة مع الواقع والمخالف ووأدَ بكامل رغبته أي محاولة لتوليد المعرفة وتطويرها ومنع أي محاولة لإعادة تقييم المسار بحيث يطيب له المقام عند درجة 100 تحت الصفر ، ظانا نفسه أنه وحيد قرنه وصاحب مبدأ ، وأنه الطائفة الحصرية الناجية ويبيع أوهام العجز لمن تجمدوا معه في كل يوم وليلة ويعيش الأماني أضعافا مضاعفة .
كما أن هذه الجماعات التي تنحو هذا النحو تمثل رافدا ضروريا للسلطة السياسية لأنها تعبد لها طريقا خصبا للاستمرار في اغتصاب السلطة وتزييف الوعي ولن تجهد كثيرا في دق الأسافين بين هذه الجماعة أو تلك ، وليس من الصعب عليها أن تُحدِث إنشطارات هنا أو هناك فالأرضية الطائفية معبدة والوعي المزيف يتشكل وينمو بسهولة ، فمن السهل عليها إذن أن تشعل فتيل الصراع المذهبي في أي وقت تشاء ، والخاسر الوحيد هو المجتمع بكل مكوناته وألوانه .
لقد آن الأوان لسائر الجماعات والفرق الفكرية والأحزاب أن تجري عملية نقد ذاتي جادة ، وأن تفك الارتباط الحتمي بين النص المقدس وبين الفهم البشري للنص بمعنى أن تضع خطاً فاصلاً واضحاً بين ما هو وحي إلهي مقدس وبين ما هو جهد بشري غير مقدس ، بعد أن تطلق صراح العقل وتقوم بعملية تأصيل للأفكار ، ثم تتحرك نحو الهوية الرئيسية الجامعة ، قافزة عن الهويات الفرعية دون إلغاء لتلك الهوية الفرعية ، ثم ترسل رسائل تطمينية صادقة لمن يختلف معها ، بأن تحترم اجتهاداتهم وحقهم الطبيعي بممارسة حرية التفكير دون إلغاء أو تكفير أو عنف أو إكراه أو احتكار للحق تحت مسميات الطائفة المنصورة أو الناجية أو شعب الله المختار و أن تُلغي مراسم تلك الفتاوى القطعية الأحادية الجاهزة والحملات التشهيرية التي تساهم في تأجيج الصراع أكثر مما تساهم في بناء الحوار ، وأن لا تستخدم الدين كجسور في أي خلاف سلمي ، وأن تقبل التعددية والمشاركة وترفض الاستحواذ والتوظيف السياسي لأغراض شخصية ، بمعنى أن تبدد تلك المخاوف التي أشيعت عن الإسلام أنه إقصائي ، أو أنه لا يصلح للتعايش السلمي الحضاري ، أو أنه يكره العلم والآخر ولا يسعه أي مخالف ، وأنه قمعي متسلط متحجر ....الخ .
وحتى لا يفهم الكلام أنه ترويج لثقافة الغرب فإنه يجب توضيح أمر مهم في هذا الشأن :
حين تُطلق لفظة الغرب يتبادر إلى أذهان معظم أهل الشرق ذلك المستعمر الذي يمارس أبشع أنواع التضليل والتزييف والقتل والسلب ودعمه الكامل للعدو الصهيوني ....الخ
وحين تُطلق لفظة الغرب يتبادر إلى أذهان معظمهم أيضا ذلك المخترع الذي أضاء الدنيا بتلك المعرفة العلمية والمخترعات الجميلة التي أصابت جميع طبقات أي مجتمع دخلت إليه .
ويتبادر أيضا أنه صاحب تلك النظريات العلمية في تطوير المجتمعات بمعظم مجالات الحياة التعليمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنظم الإدارية وحرية التعبير وحقوق الإنسان ...الخ
كما يتبادر أيضا ذلك الإباحي الذي يدعو لنشر الرذيلة .....الخ
يمكننا ببساطة أن نستفيد من الجانب الإيجابي عندهم بما يوافق قيمنا ونترك الجانب السلبي وما لا يوافق قيمنا .
حتى كلمة الغرب عندما تُطلق ويتبادر إلى الذهن ذلك المستعمر القاتل والناهب لثروات الشعوب الفقيرة ، فإننا نقولها صراحة إنه وجه قبيح ويكيل بمكيالين والغاية تبرر الوسيلة عنده وهو وفاقد للقيم ...الخ .
لكن وبرغم ذلك لا أحد ينكر تلك النظم الإدارية والإنجازات الفكرية العظيمة التي ساهمت بتطوير ذلك الغرب في جميع المجالات خصوصا تلك المساحة الجميلة لحرية التعبير وإن كان يشوبها بعض الأسئلة والاعتراضات لكنها بلا أدنى شك كانت الملاذ الآمن لجميع الخائفين من الأنظمة الإستبدادية أو العنف سواء كان تحت مسميات علمانية أو إسلامية أو قومية أو شيوعية ...الخ
وإذا كان ذلك كذلك فلماذا لا تكون مجتمعاتنا هي الملاذ الآمن للخائفين على اختلاف مشاربهم وأفكارهم ومعتقداتهم ؟
( وهذا خطاب موجه للسلطة السياسية أيضا ) .
ولماذا نهرب إلى الغرب ولا نهرب إلى أنفسنا ونحتضن بعضنا بأن تسود ثقافة قبول المخالف والمعارض واحترام منطلقاته وضمان حريته ، فما بالك إذا كان هذا المخالف شقيقك أو خالك أو عمك أو جارك أو زميلك في الدراسة أو في العمل أو في أي واجب وطني ؟
ألم تستوعب الدولة المسيحية بقيادة النجاشي المسيحي أصحاب رسول الله عليه السلام في تلك المرحلة الحرجة حين أصابهم سهم الخوف من قومهم وأرضهم التي ضاقت عليهم ؟
بالمقابل ليس مطلوبا من أحد أن يتنازل عن معتقداته ( النص المقدس ) لكن المطلوب أن يتم التنازل عن حصرية الفهم الأحادي الملهم والقطعي باحترام اجتهاد الآخر على ضوء ( فهم البشر غير المقدس للنص المقدس )، هذه هي المساحة المطلوبة لتكوين أجواء مناسبة وأرضية خصبة للعمل المشترك ولحياة أفضل .
ولنا في رسول الله أسوة حسنة ، كما هو حاله عليه السلام في سورة سبأ ، فلما رأي عليه السلام إصرار قومه على قولهم حَسَمَ الحوار بقوله لهم: { إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} سبأ، الآية 24 ، في صورة هي من أروع صور الحوار وتجلياته ، فرغم أنه رسول الله ولا ينطق عن الهوى إلا أنه تنازل في لغة الحوار ووضع نفسه الشريفة بمنزلة من يحاوره { إنا أو إياكم } ، وهو بذلك قد أبتعد عن جانب الاستعلاء والفوقية أو إكراه الناس على قوله أو استفزازهم ، بل إنه عليه السلام ذهب بالحوار معهم إلى مقام أبلغ كما هو في النص الذي يلي النص السابق ، إذ قال لهم : { قل لا تُسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون }،
فكأنه قال لهم : حتى لو كنا مجرمين كما تقولون فلن تسألون عن إجرامنا ونحن بالمقابل لن نسأل عن أعمالكم ، فهو هنا عليه السلام لم يصفهم بالإجرام فعدل عنها إلى كلمة لا تستفزهم{ أعمالكم} ، وهذا من أعظم الأخلاق وأجلها وأكثرها تأثيرا في النفوس .
ثم أنهى الحوار معهم وترك الحكم بينهم لله تعالى ، فقال : { قل يجمع بيننا ربنا، ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتّاح العليم } .
ولننظر إلى موسى عليه السلام فقد بعثه الله إلى فرعون وجميعنا يعرف من هو فرعون فقال عز وجل لموسى وهارون :{ إذهبا إلى فرعون انه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى }، سورة طه .
كذلك قوله تعالى عن المخالفين لنا في أصل الدين :{ولا تسبّوا الذين يدعون من دون الله فيسبّوا الله عدواً بغير علم } ، سورة الأنعام.
وهناك الكثير من النصوص التي تؤيد هذا القول ولا يسعنا في هذه العجالة بسطها ويكفينا أن مجتمع الرسول عليه السلام قد وسع المنافقين رغم أنهم كانوا أشد الناس خطرا على ذلك المجتمع .
أليس من الواجب عينا أن نعمل على إعادة تشكيل وعينا فيستوعب أحدنا الآخر
كي نمضي سويا نحو غد أفضل ؟
والحمد لله رب العالمين



#محمد_شفيق_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - محمد شفيق رمضان - نحو إعادة تشكيل ثقافة جامعة لغد أفضل