أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حاتم الجوهرى - الثورة والأيديولوجيا الشعبية والوعي الانتقائي














المزيد.....

الثورة والأيديولوجيا الشعبية والوعي الانتقائي


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 3934 - 2012 / 12 / 7 - 15:03
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


من ضمن أهم المشاهدات التى لاحظتها فى المشهد الثوري؛ أن الجموع أو أفراد الشعب المصرى البسيط تمارس أدوارا معرفية، تشبه تماما سلوك النخب السياسية الأيديولوجية.. يحتاج الإنسان العادي لما يبرر له موقفه العام فى الحياة، وفى نفس الوقت يحتاج – أحيانا- لإقصاء معظم الحقائق التى قد تشككه فى موقفه الشخصي، يمارس المواطن البسيط نوعا من الأيديولوجيا الشعبية، سواء باختياره أو مجبرا نتيجة لواقع الاستقطاب الحاد الذى دخلت فيه البلاد..
فنتيجة لأن الاستقطاب السياسي غير قائم على أسس حقيقة، وطرفاه الأساسيان (وهما الأحزاب السياسية والمذاهب الدينية العاملة بالسياسية) لم تتح لهما الفرصة للعمل الجاد داخل الشارع بفعل النظام السابق، أصبحنا نتعامل مع مشهد مشوه، على المواطن أن يختار بديلا سياسيا قد لا يكون فى قرارة نفسه مقتنعا تماما به، البديل السياسي هو الذى يحدد قدرة المواطن على الاقتناع به، وكلما عجزت الأيديولوجيا السياسية عن احتواء الإنسان المصرى البسيط،؛ اضطر هذا المواطن لممارسة أيدولوجيا شعبية خاصة به، تدعم اختياره وموقفه السياسي تقوم على انتقائية معرفية استقصائية حادة!
أذكر أنه فى عام الثورة الأول 2011م كان هناك من يأتي لميدان التحرير، لا لشئ سوى أن ينتقى مشهدا ما يؤكد له موقفه من الثورة رافضا أو مؤيدا، الرافضين لها كانوا يبحثون عن مشاهد مثل: بائعي البطاطا والساندوتشات والشاى، أو مشهد لرجل وامرأة يسيران معا، أو مشهد لامرأة مدخنة، أو مشهد لطفل صغير موجود فى التحرير؛ المهم كان الرافض يأتي بحثا عن مشهد يبرر له موقفه السياسي والاجتماعي من الثورة، أما المواطن الذى كان يأتي من خارج الميدان مؤيدا للثورة، فكان يرى فيها خيرة الناس: الأطباء والباحثين والجامعيين والمهندسين والإعلاميين، ولم يكن معنيا كثيرا بتفسيرات الثوار المنطقية لوجود المشاهد التى يستخدمها الرافضين ضدهم، هو لديه قناعة فى مناخ استقطابي حاد أيضا ويريد – بدوره- مشاهد انتقائية تدعم موقفه وأيديولوجيته السياسية الشعبية.
فى أحداث قصر الاتحادية الأخيرة بعد نزول المؤيدين للرئيس فى مواجهة الرافضين له، تأكد تصوري لفكرة الوعي الانتقائي الشعبي المرتبط بمشهد سياسي مشوه، حين مارس جانب المؤيدين فعل الانتقائية، من خلال عدة مشاهد شهدناها على القنوات الفضائية لتبرير العنف الشديد تجاه المعارضين. كان العديد من المؤيدين قادمين من الأقاليم المهمشة التى انتشرت فيها المذاهب الدينية القائمة على الاستقطاب الطائفي والمذهبي الحاد، لذا كان يبحث أهل هذا الفريق عما يدعم أيديولوجيتهم الشعبية، فسمعنا من يقذف الحجارة وهو يقول: المسيحيون.. المسيحيون ( دلالة طائفية)، ومن رفع علب جبنة نستو للكاميرات (دلالة التمويل النقدى والعمالة)، ومن بحث فى المخلفات حتى وجد زجاجات لمشروبات ما (فرفعها دلالة على شرب الخمور والفسق).. المسار السياسي المشوه يخلق استقطابا حادا، يعجز المواطن البسيط المهمش عن فهمه، فيلجأ لقواعده المعرفية والأيدلوجية الشعبية الخاصة حتى يبرر ما يفعله من عنف وقسوة.
وعلى الجانب الآخر، الذى أصبح رافضا لسيطرة الفرق الدينية العاملة بالسياسية، أخذ يستدعى مشاهدا تاريخية لهم تؤكد على صحة موقفه تجاهم، أصبح يمارس بدوره انتقائية معرفية تبرر له موقفه السياسي منهم، فأصبح هناك حديث إعلامي عن ممارسات العنف التاريخى عند فرق الدين السياسي، وردد العديد من المؤيدين للثوار مشاهد عنف مارسها بعض البسطاء المهمشين المؤيدين للرئيس، حتى يبرروا بدورهم العنف الذى استخدموه ضدهم، انطلاقا من فكرة أنهم كانوا رد فعل، ولم يكونوا البادئين بالعدوان..
الخلاصة أن تشوه المشهد السياسي وأطرافه، والعجز عن إيجاد مسارات سياسية حقيقة للمشهد الراهن، سوف تدفع الناس لمزيد من الاستقطابات ولمزيد من التشوه المعرفي والإنساني، البسطاء من هنا أو من هناك سوف يحتاجون لمبررات لموقف أيديولوجي خاص بهم، وطالما عجز بديل سياسي عن تقديم موقف وأطروحة سياسية قادرة على مواجهة تشابك المشهد الراهن؛ فسوف نظل فى دائرة التشوه المعرفي والإنساني.
أطراف المشهد – حقيقة- تحاول بقدر ما تملك من إمكانيات تاريخية؛ وفى رأيي الخاص مازال النظام القديم يدير المشهد من بعيد، لقد أغوى فرق الدين السياسي ببعض التواجد على المشهد، وشوه التنظيمات الشبابية الثورية باختلاق العشرات من الأسماء الوهمية ليختلط الأمر على الناس، واستغل الضعف التنظيمي للأحزاب السياسية، واستغل الحاجة المادية للعموم الشعب..؛ حتى يسيطر على المشهد.
فى ظني أن هناك مخرج لم يضعه النظام القديم فى الحسبان، كلما تقدم الوقت كلما زادت مساحة المنضمين للحراك الثوري من قبل جموع الشعب، هناك عامل أسميته فى كتابى عن الثورة "معامل الرفض القيمى"، حيث يزداد دائما مساحة الرافضين لمنظومة قيم الاستبداد بشكل مستمر، وتنتقل لهم حالة المسئولية الروحية عن الثورة، وهو ما شهدناه مؤخرا فى الاتحادية يوم الخميس، حينما كان العديد من الجموع المحتشدة أمام القصر، تبدو عليها ضعف الخبرة الثورية والحركية نوعا، ولكنها جاءت مضطرة بعد يومي الثلاثاء والأربعاء و سقوط الكثير من الثوار جراء التعب أو الإصابة.
المشهد الثوري يأخذ بعدا آخر، إذا لم تنجح الأطراف السياسية فى إيجاد مسارات سياسية تتوافق لحد بعيد مع أهداف الثوار، فسوف نكون أمام احتمالية لتطور المشهد الثوري. سوف يكون الصراع بين محاولة الأطراف السياسية احتواء الثورة والثوار وفق المشاهد الانتقائية والإقصائية لكل منهم، وبين زيادة إصرار الثوار على تغيير المسار السياسي. إذا نجح السياسيون فى تطوير المسارات السياسية انتصروا، وكلما طالت المدة – على عكس ما يعتقد البعض – تزيد القاعدة الثورية والمنضمون لها باستمرار، بما قد يؤشر لحدوث موجة ثورية تطيح بالمسار السياسي المشوه لكافة الأطراف وتصححه.



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسارين الثوري والسياسي: بين التكيف والتمرد
- -محمد محمود- الماضى والمستقبل
- الفلسطينى بين: الأيديولوجيا والتاريخ.. حين يكون الموقف مأزقا ...
- كيف يكون الشعر إنسانيا فى المساحة السياسية!
- اليسار: المصري، والفلسطيني، والصهيوني و خرافة -الاحتلال التق ...
- -الصهيونية الماركسية-وجذور: المرحلية والنسبية، فى الفكر الصه ...


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حاتم الجوهرى - الثورة والأيديولوجيا الشعبية والوعي الانتقائي