أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مارك توماس - ثورة ألمانيا المنسية















المزيد.....

ثورة ألمانيا المنسية


مارك توماس

الحوار المتمدن-العدد: 3931 - 2012 / 12 / 4 - 08:45
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بقلم مارك توماس الناشر وحدة الترجمة - مركز الدراسات الاشتراكية
.

• المقال منشور لأول مرة باللغة الإنجليزية في 5 مارس 2011 بجريدة العامل الاشتراكي البريطانية، يصدرها حزب العمال الاشتراكي بالمملكة المتحدة

اندلعت الثورة في ألمانيا بين عامي 1918 – 1923، اجتاحت البلاد "حرب طبقات" مفتوحة، حيث الاحتجاجات المتصاعدة، والإضرابات الواسعة، وحركات التمرد المسلحة. كما اشتبك العمال المسلحون مع القوات شبه العسكرية المناهضة للثورة. ولثلاث مناسبات علي الاقل، كانت الرأسمالية الألمانية علي شفا الانهيار، كلما هدد العمال بالاستيلاء علي السلطة.

كادت أن تقضي تلك الثورة علي انعزالية الثورة الروسية، كما زادت من إمكانية قيام ثورة شاملة تنتشر في أوروبا بأكملها. فقيام الثورة الاشتراكية في ألمانيا، ومن بعدها الدولة الصناعية الأكثر تقدما على الإطلاق في أوروبا. قد أدى إلى التشكيك في مسألة بقاء النظام الرأسمالي نفسه.

لمدة 4 أعوام من الحرب، واجه العمال إراقة الدماء في الخنادق، والجوع في المنازل؛ فالرأسماليون يخوضون الحرب العالمية الأولى ضد القوى الإمبريالية المنافسة لهم، فشهد "شتاء اللفت" موت 750 ألف عامل جوعاً، بالإضافة إلى مقتل 1,7 مليون عامل اّخر أثناء الحرب.

فبدأت الثورة في نوفمبر 1918، عندما تمركز بحارو الأسطول الألماني فيما يسمي بــ"تمرد كيل". حينها انفجر الغضب المتراكم فجأة في وجه الحكام، وسرعان ما تحول إلى تمرد واحتجاج انتشر في المدن الشمالية بألمانيا. وبوصوله خلال أيام إلى برلين، تنحى القيصر وسقطت المَلكية، وبعد ذلك, أسس العمال والجنود والبحارى مجالسهم المنتخبة في كل ربوع القطر، والمدعومة في أغلب الأحيان بقوى مسلحة، ما جعلهم يستحوذون على السلطة فعليا برغم أن آلة الدولة لم تسقط تماما، إلا أنها كانت عاجزة إلى حد كبير.

إضراب بعد آخر في الفترة التي تلت الإطاحة بالقيصر، فتوالت مطالبات العمال بزيادة أجورهم وتحسين ظروفهم المعيشية. وقفز عدد أيام الاضراب من 5,2 مليون في عام 1918 إلى 54 مليون في عام 1920. كما أقبل العمال على الاتحادات العمالية، حتي أن زاد عدد العمال فيها من 1,5 مليون إلى 7,3 مليون عامل بحلول شهر ديسمبر عام 1919.

بالرغم من ذلك، فرّطت المجالس العمالية في السلطة، لتسقط ثانية في قبضة الرأسمالية، عندما أعطوا الفرصة للسلطة الحاكمة للتنظيم والعمل ضد الثورة. فقامت "فريكوربس"، وهي فرق شبه عسكرية شُكلت في غالبيتها من ضباط الجيش متوسطي الكفاءة المتطوعين، بشن حملات من الإرهاب طيلة العام 1919. ووجهت "الفريكوربس" حملاتها الإرهابية المتصاعدة ضد الطبقة العمالية ككل، وليس فقط ضد الحركة الثورية.

لماذا إذن تخلت غالبية العمال عن السلطة التي امتلكوها بأيديهم إذن؟!

المبادئ

هناك سببان، الأول هو أن السلطة الحاكمة في ألمانيا استطاعت أن تستميل التنظيم الذي حظى بتأييد ودعم الغالبية العظمى من العمال، وهو "الحزب الاشتراكي الديمقراطي".

كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي تنظيما ضخما من الطبقة العاملة، وصل عدد أعضائه إلى أكثر من مليون عضو، ما جعله أكبر تنظيم ممثل للطبقة العاملة في العالم. توسع الحزب ووصل لكل نواحي الحياة الألمانية، بأكثر من 12 جريدة يومية، إلى جانب المجموعات الثقافية، ونواب المجالس التشريعية.

أسس الحزب علي مباديء اشتراكية، وبرغم ذلك كان حزبا إصلاحيا، سعى إلى التغيير في ظل الرأسمالية، ولم يسع إلى الإطاحة بها. لكن قوة الحزب بالإضافة إلى حجمه الكبير، كانت تعني أنه درع العمال الواقي في مواجهاتهم مع أصحاب الأعمال، فقد ساند العمال ودافع عن حقوقهم.

ولكن من المؤسف أن قادة الحزب – الذين ما زالوا يطلقون علي أنفسهم "ماركسيين" – قد قدموا ولاءهم للسلطة عندما صوتوا بالموافقة علي الحرب عام 1914. كان حزبا منبوذا قبل الحرب، وظهر ذلك في ازدرائه من قِبل السلطة الحاكمة، بينما الاّن ، بادرت الدولة بمد يدها للقيادات العليا في الحزب، حتي أن رئيس الحزب "فريدريك إيبرت" أصبح رئيسا للحكومة في الجمهورية الجديدة. وقال القيادي السياسي الرأسمالي جوستاف ستريسمان: "حكومة بدون الحزب الاشتراكي الديمقراطي لمدة عامين أو ثلاثة شيء لا يقبله عقل، ومستحيل تماما بالنسبة لي، وإلا سنعاني من الإضراب العام بعد الاّخر"، ما يعني أن السلطة الحاكمة أرادت أن يساعدها الحزب الاشتراكي الديمقراطي في احتواء الحركة الثورية المتفجرة.

أما السبب الثاني، فهو معاناة الحركة الثورية من ضعف المؤسسات العمالية المستقلة، فكانت الغالبية العظمي من العمال ينتظرون التغيير القادم من أعلى، حتي لو احتاج ذلك ضغط واسع من القواعد الشعبية، ما يعني أنهم ينظرون لقيادات الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الحكومة علي أنهم السبيل الوحيد لتحسين ظروفهم المعيشية، بينما أقلية فقط بين العمال هي التي آمنت بضرورة السعي لامتلاك السلطة في أيديهم، ليتمكنوا بعد ذلك من تغيير مجتمعي شامل.

الإرهاب

في الجزء الأول من الثورة، اتجهت أقلية متهورة من العمال للاستيلاء المبكر على السلطة، وبدون تأييد من غالبية العمال. ولذلك، سُحقت انتفاضة "سبارتاكوس" في برلين عام 1919 من قِبل فرق "فريكوربس" بتواطؤ من قيادات الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وفي الأيام التالية، قامت "الفريكوربس" باعتقال وقتل اثنين من القيادات الأساسية للثورة، وهما "روزا لكسمبورج" و"كارل لينكنخت".

وبعد دخول الحزب الاشتراكي الديموقراطي في حلف معها، إلى جانب ضعف المنظمات العمالية المستقلة، جعل السلطة الحاكمة بحلول شهر مارس من عام 1920 تجد الفرصة سانحة لانقلاب عسكري والاطاحة بالحزب الاشتراكي الديمقراطي.

ولكن، كما قال كارل ماركس، في بعض الاحيان يصبح سوط القوي المناهضة للثورة سببا في دفع الثورة إلى الأمام، فكان رد العمال أن نظموا إضرابات عامة واسعة. وظهرت قوة العمال المسلحين في 1918 مرة أخرى في أنحاء واسعة من القطر، وفي النهاية فشل الانقلاب.

ظل الحزب الاشتراكي الديمقراطي يمارس تأثيرا كبيرا علي أفكار العمال، في محاولة من قياداته لاستخدام ذلك في محاولة احتواء الثورة وتحجيمها. ولكن، حتي العمال الذين كانوا يظنون أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي مازال يسعى لتغيير جذري، تغيرت أفكارهم بشكل كبير خلال الثورة، وكذلك تغيرت مطالبهم.

بعد ذلك، حدث استقطاب حاد في المجتمع، قابله تطرف في وسط الطبقة العاملة، انتهى بخسارة الحزب الاشتراكي الديمقراطي لشعبيته لصالح الأحزاب اليسارية.

بدايةً، انشق الحزب الاشتراكي الديمقراطي المستقل من الحزب الاشتراكي الديمقراطي في فترة الحرب، لكنه كسلفه، لم يكن قادرا على تقديم قيادة ثورية مؤثرة، فانتقل مئات الألوف من أعضائه بعد ذلك إلى أكثر القوى الثورية ثباتا على مبدئها، وهو الحزب الشيوعي الألماني.

في بدايات الثورة، كان الحزب الشيوعي حزبا ضعيفا. فقد تأسس بعد سقوط الملكية فقط، ولكن بحلول عام 1920، بدأ ينظر له العمال باعتباره قيادتهم، لكنه ارتكب أيضا عديد من الأخطاء الكارثية. ففي مارس 1920، حاول الحزب الشيوعي أن يحول إضراب عمال المناجم بوسط ألمانيا إلى صراع مباشر من أجل السلطة. وكانت تلك الانتفاضة مأساوية، الحزب الناشيء فقد ثقة مؤيديه، كما تراجع عدد أعضائه إلى النصف.

أصبح الحزب الشيوعي بعد ذلك في حاجة لإيجاد سبل يجذب بها العمال المتأثرين بالأفكار الإصلاحية إلى نضال مشترك يحقق مكاسب سريعة ومباشرة، وبذلك يبرهن علي ان الثوريين يقدمون أفضل الأساليب للدفاع عن الثورة وزيادة تأثيرها، وانتهجت قيادات الحزب ذلك النهج في الفترة بين عامي 1920 و1923، فدخلوا في حل من مجموعة قوى سمي "الجبهة المتحدة"، وجنى الحزب من ذلك زيادة ملحوظة في الحجم والتأثير.

الهدف

وصف الثوري الروسي "ليون تروتسكي" الجبهة المتحدة بأنها تقوم علي مبدأ أن جمهور الطبقة العاملة من مختلف المنظمات وعلي جميع انتماءاته السياسية، يجب أن يتوحد جميعه علي تحقيق هدف واحد مشترك، أو على قضية واحدة.

ناشد الحزب الشيوعي نظيره الاشتراكي الديمقراطي التوحد من أجل الدفاع عن العمال في مواجهة اليمين المتطرف، وكذلك من أجل مطالبهم الاقتصادية. لكن قيادات الحزب الاشتراكي الديمقراطي تجاهلت تلك المناشدات، ومن ثم تخطى الحزب الشيوعي القيادات ووجه مناشداته الي القواعد الشعبية مباشرة. ونتيجة لذلك، ازداد عدد أعضاء الحزب الشيوعي بين عامي 1921 و1922 قرابة 40 ألف عضوا جديدا، وهو نفس عدد العمال الذين خسرهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي في نفس الفترة.

ثم جاءت نقطة تحول جديدة في مسار الثورة، كادت أن تضرب الرأسمالية الألمانية في الصميم في 1923، فقد غزت القوات الفرنسية منطقة "الرور" الصناعية، وكان الاقتصاد بدوره مشلولا بفعل التضخم.

إن العنصر المفقود في المرحلة الأولى من الثورة موجود الاّن، حزب شيوعي كبير له تأثير واسع في جمهور الطبقة العاملة. لكن قادة الحزب ارتكبوا خطأ على الناحية الأخرى مما ارتكبوه في 1919؛ فلم يستطيعوا أن يتخلصوا من أساليب عمل أحزاب اليسار الإصلاحي. ففقدوا نفوذهم، ولم يعودوا قادرين علي قيادة الاحتجاجات.

فقد ضاعت فرصة القضاء علي الرأسمالية الألمانية إذن. وتنفس رجال الأعمال الألمانيون الصعداء، في نهاية عام 1923، عندما اطمئنوا لنجاتهم بثرواتهم ونفوذهم سليمة إلى حد كبير. إن نقطة الضعف الرئيسية للثورة هنا تكمن في عدم وجود حزب عمالي ثوري منظم ومستقل قبل الثورة على غرار حزب البلاشفة في روسيا، يسمح بتراكم الخبرة السياسية وزيادة النفوذ وسط العمال، كما يسهِّل التغلب على الصعوبات العديدة التي واجهتها الثورة.

خلّف انكسار الثورة الألمانية نتائج مأساوية، استمرار الثورة الروسية في الانعزال، وتمهيد الطريق لظهور جوزيف ستالين بقوة، ثم المأساة الأعظم، التي تمثلت في صعود أدولف هتلر إلى سدة الحكم. لكن سنوات النضال في ألمانيا برهنت علي إمكانية قيام الثورة الاشتراكية حتي في أكثر الدول الرأسمالية تقدما، فقد كانت ألمانيا في 1918- 1923 أشبه ببريطانيا اليوم مما كانت عليه روسيا في عام 1917.

وفي النهاية، يبقى الدرس الجوهري هو أننا بحاجة للبدء في بناء أحزاب اشتراكية ثورية حتى في الفترات التي لم تقم فيها الثورة بعد.



#مارك_توماس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مارك توماس - ثورة ألمانيا المنسية