|
الحزب الاشتراكي الموحد : الأرضية السياسية للمؤتمر الوطني الثالث (الرباط - دجنبر 2011)
الحزب الاشتراكي الموحد - المغرب
الحوار المتمدن-العدد: 3930 - 2012 / 12 / 3 - 20:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
الحزب الاشتراكي الموحد المؤتمر الوطني الثالث الأرضية السياسية
الرباط – بوزنيقة : 16-17-18 دجنبر 2011 الحزب الاشتراكي الموحد حزب اختار صيغة العمل بالتيارات، في هذا السياق تم عرض هذه الأرضية السياسية، على المؤتمر الوطني الثالث للحزب الاشتراكي الموحد في إطار مساطر مؤتمراته الوطنية والتي تفتح إمكان تقديم أرضيات متعددة، تُطرح للتصويت، وتمثل الأرضية الحائزة على أعلى الأصوات المرجع المعتمد لتوجيه ممارسة الحزب ورسم خطه السياسي في الفترة الفاصلة بين مؤتمرين. وهي أرضية تحاول الجواب على أسئلة المرحلة ومواكبة المستجدات السياسية داخل المغرب وحوله، انطلاقاً من استمرار تشبثنا بمرجعيتنا اليسارية ذات التوجه الاشتراكي والحداثي القائم على الاختيار الديمقراطي الحر للشعب، وانطلاقاً من تقدير تاريخية المرحلة السياسية الراهنة المتميزة بانبثاق حركة 20 فبراير وانفتاح أفق جديد للنضال من أجل التغيير وإرساء قواعد الانتقال إلى الديمقراطية ببلادنا. قبيل ميلاد حركة 20 فبراير، ومباشرة بعد الانتخابات التشريعية لسنة 2007، تشكلت لدينا قناعة بأن مرحلة سياسية بارزة في تاريخ المغرب السياسي قد انتهت، وبأن الحَمَلَةَ المفترضين للمشروع الديمقراطي فشلوا في تحويل المرحلة المنتهية إلى مرحلة انتقال ديمقراطي حقيقي وسقطوا في حمأة أزمة سياسية غير مسبوقة.
أولا- نهاية مرحلة ما سُمِيَّ بـ "المسلسل الديمقراطي" منذ انتخابات 1976 و 1977 إلى انتخابات 2009 عشنا ما كان يسميه البعض بـ "المسلسل الديمقراطي". يُعتبر قبول دستور 1996 من طرف أغلب أحزاب الكتلة الديمقراطية، وظهور ما سُمي بحكومة التناوب عام 1998، ورفع شعار الانتقال الديمقراطي، ثم شعار (العهد الجديد)، امتداداً لذات المسلسل الذي انطلق في منتصف السبعينات، وفي أجواء طرح مسألة الصحراء. رفعت القوى الديمقراطية شعار إستراتيجية النضال الديمقراطي. هذه الإستراتيجية انتهت –لدى أكثر مكونات الحركة الديمقراطية- إلى التحول من فعل يروم إرساء أسس الديمقراطية إلى فعل يروم استبدالها بخطة المشاركة الدائمة في الحكومات بدون أفق للتغيير. وانتهى ما سُمِيَّ بـ "المسلسل الديمقراطي" إلى حسم النظام بشكل انفرادي وسلطوي في التوجهات الأساسية للدولة، مقتفيا أثر نموذج نظام ابن علي في تونس الذي كان يبدو مغرياً لحكامنا (أطروحة الملكية التنفيذية). لقد حقق المسلسل إيجابيات محدودة كبعض التحسينات القانونية التقنية والانتظامية الانتخابية، ولكنه في النهاية تُوِّجَ بنوع من هروب النظام إلى الأمام، وتأسيس حزب جديد للدولة وتمكينه من وضع امتيازي مخل بحيادية أجهزة الدولة، على أساس دعم المشاريع الملكية بشكل أنشط وأقوى، وانطلاقا من أن برنامجا ملكيًا هو الطريق الوحيد إلى التنمية. حاول النظام أن يحيط بسياج من القداسة "الأوراش الكبرى" التي لم يخضع تحضيرها لنقاش وطني، والتي لا تنصهر في بوتقة رؤية تنموية منسجمة ومتكاملة، بل تَمَّ إعدادها في مكاتب مغلقة باسم خبرة غير محايدة في الأصل، بل مستنفَرَة لخدمة مصالح خارجية ولوبيات اقتصادية معينة، وفرضت على الشعب المغربي آداء كلفة غالية بدون أية ضمانات بأن نتائجها الفعلية على الأرض توازي حجم تلك الكلفة. كما نجح النظام في توثيق تبعية أغلب النخب له وفي تزكيتها لظاهرة تمركز القرار في المحيط الملكي والدائرة المقربة وتهميش المؤسسات الأخرى وتوفير حصانة للمستبدين ووضع الإمكانيات العمومية رهن إشارتهم لتوزيع الريع والامتيازات والتنصل من الخضوع لحكم القانون. وتوصل النظام إلى وضع الحقل الحزبي في خدمة السلطة الملكية، ورفض أي شكل للسلطة المضادة أو المعارضة الوازنة، وتَمَّ شن حرب ضروس على حرية الصحافة، وتحويل الحرب على الإرهاب إلى حرب على الحرية، مما أدى إلى الإلغاء العملي للأثر السياسي المتوخى من خلق هيأة الإنصاف والمصالحة، والالتفاف على توصياتها، وحصول نمو مطرد لأدوار الأجهزة الأمنية يخل بالتوازن المطلوب في دولة ديمقراطية. لقد جعل النظام حل تناقضاته مع بعض "الديمقراطيين" في المغرب بديلا عن الأخذ بالوصفة الديمقراطية في معالجة قضية تدبير الشأن العام، وتمَّ له ذلك بدون كلفة تُذكر، ومع ذلك فإنه يشكو من مواطن ضعف شديد متمثلة في النتائج السلبية لتدبيره الأمني والقًَََََبَلي والعشائري والريعي لملف الصحراء، وحصول المزيد من تراجع مصداقية الانتخابات والعملية السياسية برمتها، واحتمالات الانفجار الاجتماعي، إذ تمثل ظاهرة البطالة –بالإضافة إلى الفقر والفساد وهدر كرامة الإنسان والفوارق الطبقية الصارخة- خزان البارود القادر أكثر من غيره على تغذية نزعات التمرد والعصيان، وتشكل السبب الرئيسي في خلق شروط الانفجار العام. بعد 55 سنة من الاستقلال، لم يستطع المخزن باعتباره نظامًا للوصاية والريع والتحكم والتقليد، أن يخطو سياسيًا ومؤسسيًا نحو حل مشكل السلطة بشكل تتحول معه هذه الأخيرة إلى ملك مشاع بين المواطنين، وتصبح معه السيادة للشعب. كما أصبح من العبث أن ننظر إلى "الهامش الديمقراطي" باعتباره بؤرة منتجة وولود لصيرورة ديمقراطية. والملكية التي قبلت بعض التنازلات لم تتنازل عما هو أساسي وجوهري، وهو دورها كموجه عام ومحدد مسبق للسياسات والاختيارات، وظلت مرتبطة بالمقاربة السياسية المحافظة التي تمثل الجوهر الإيديولوجي لـ"المخزن". إن إصرار الاستبداد على المقاومة والدفاع عن الوجود، تحركه في الأصل مصالح كبرى غير مشروعة بحجم رهيب. مصالح تتناقض كليا مع سيادة الشفافية وإرساء مقومات الديمقراطية. هذه الحقيقة هي التي فرضت التلازم الذي لا انفصام له بين مطلبي إسقاط الاستبداد وإسقاط الفساد. المرحلة السياسية المنتهية، استُعملت فيها كافة الأسلحة لتدجين اليسار وإقصائه، لأنه يجسد عبر سيرورته الكفاحية الحامل الأساسي للمشروع الديمقراطي. ثانيا- تلازم انتهاء المرحلة مع أزمة الحركة الديمقراطية قبل عشرين فبراير 2011 كان اليسار المغربي يعيش لحظات انحباس عميقة وعجز عن بلورة أفق سياسي لبدائل إخراج البلاد من الأزمة. أحزاب اليسار التي شاركت في الحكومة فشلت في الوفاء بوعودها وتحويل هذه المشاركة إلى انتقال ديمقراطي حقيقي، بل انتقلت هذه الأحزاب من موقع قوة معنوية وأخلاقية إلى موقع ضعف. وأصبحت تحمل تصورا اختزاليا ومشوها عن الديمقراطية. واندمجت في العمق مصالح الكثير من نخبها مع مصالح النظام، وطبقاته الريعية. وأدى بها هذا الاندماج إلى التبشير بكون التقدم الديمقراطي هو فقط حصول تقدم في المقاعد الانتخابية للمحسوبين على أحزاب اليسار المشارك في الحكومة من غير ربط ذلك في الواقع بصلاحيات ودور المؤسسات التشريعية والتنفيذية في إدارة دواليب الحكم بالبلاد، بل حتى ولو تَمَّ ذلك التقدم الانتخابي بوسائل غير ديمقراطية. تصويت أغلب أحزاب الكتلة الديمقراطية على دستور 1996 أحدث شرخاً في صفوف الحركة الديمقراطية، وانعكس ذلك سلباً على المد النضالي الديمقراطي، إلى درجة أننا مازلنا نعاني من تبعات ذلك إلى الآن. سمحت أحزاب اليسار المشاركة في الحكومة لنفسها بالتماهي مع مسلكيات وممارسات اليمين المخزني الدائر في فلك النظام، وقدمت التنازلات تلو التنازلات، وقبلت أن يجلب لها جهاز الدولة الأعيان من الأحزاب الإدارية، وبنت خططها على ضمان "القرب" من النظام بأي ثمن، واعتبرت المشاركة بديلاً عن الإصلاح، وتركت للحكم نفسه أن يحسم في قضية الإصلاح بالطريقة التي يريد وبالشكل وبالمنهجية التي تخدم مصالحه السياسية والاقتصادية. لم تعد الأحزاب المذكورة تولي ذات الأهمية لتعميق تأطير الجماهير وتوسيع دائرة البنيات والهياكل القادرة على تعبئة الطاقات الحية للمجتمع وتوجيهها لخدمة مشروع التغيير الديمقراطي الشامل. انفرط عقد هذا اليسار وأضاع بوصلة توجيه الحدث، وراكم الأخطاء.. أما اليسار المعارض، فإن مواقفه المبدئية ونجاحه في عدم الانسياق وراء الشعارات البراقة للتناوب المختل، والذي سُمِّيَ توافقيًا، لم يشفع لهذا اليسار انتخابياً، ولم يسمح ببلورة وتأطير دينامية ديمقراطية بديلة ووازنة. وانعكس فشل تجربة "التناوب" على جميع مكونات اليسار، ونتج عن ذلك خيبة أمل كبرى أدت إلى عزوفٍ كبيرٍ وغير مسبوق عن التصويت وتبديد الزخم النضالي لبداية التسعينات والتي كانت الكتلة الديمقراطية قد لعبت دوراً أساسياً في بروزه وانبثاقه، مسنودة في ذلك من طرف تيارات وهيئات يسارية وديمقراطية. وباعتبار حزبنا جزءاً من هذا اليسار المعارض، فلم يكن بإمكان أحدنا أن ينكر سقوطنا نحن أيضاً في حالة أزمة حقيقية، ولم يكن بإمكان أحدنا أن يزعم اهتداءه إلى طريقة الخروج من الأزمة وعثوره على مفتاح التخلص منها، رغم أن النقاش الدائر بيننا كان يقدم أحياناً بعض العناصر والأفكار والإرهاصات التي لم ننجح -قيادة وقاعدة- في استثمارها جماعياً وتوليدها وتحويلها إلى مشاريع حلول لتجاوز حالة التعثر والانكسار. اعترفنا إذن بالأزمة، ولكن مع اختلاف بيننا في تحديد حجم الأزمة ودرجة استحكامها ومدى استفحالها ودائرة اتساعها وعمق تجذرها وسبل تجاوزها. الأزمة التي وقعنا فيها لها وجه انتخابي، ولكن هذا لا يعني بأنها مجرد أزمة انتخابية : صحيح أننا تصورنا بأن تحصيل تقدم انتخابي ملموس سيفتح لنا مجال تحصيل تقدم سياسي، وسيطلق شرارة ديناميكية جديدة في الساحة، وأن الترشيح الثلاثي –عبر تحالف اليسار الديمقراطي- سيغذي النوازع الوحدوية لدى مناضلي اليسار وسيوقظ أمل خلق بديل سياسي يتجاوز الآثار التي خلفها التناوب. لكن ظهر فيما بعد أننا لم نكن نعي عمق الأزمة بشكل كاف، ولم نكن في ذات الوقت نمسك بناصية التحليل السياسي القادر على رسم مسار الخروج من الأزمة والاستشراف المستقبلي لتطور الصراع من أجل الديمقراطية وسبل صنع المرحلة الجديدة التي كنا نعتبر أنها يجب أن تنطلق. لقد "نجحنا" في نقد مرحلة بكاملها، ولم ننجح في إعطاء انطلاقة المرحلة الجديدة. بالموازاة مع أزمتنا، كانت دائرة الاحتجاجات ذات الطابع الفئوي أو المحلي أو القطاعي تتسع وتنمو تلقائياً بفعل تدهور الأوضاع الاجتماعية. ومع اتساع دائرة الاحتجاجات، برز هناك أيضًا تعدد وتنوع في أشكالها ونوعية خطابها. وانطلاقاً من رصد تعقيدات الوضع ومتغيراته، فقد أصبح الحزب الاشتراكي الموحد يواجه مهمة بلورة وعي جماعي تركيبي يحيط بمجمل العوامل المؤثرة سلباً أو إيجاباً في معركة التغيير الديمقراطي بهدف تحقيق التحول النوعي المطلوب.
بعد 20 فبراير، كان المغرب أمام : من جهة حركة للتظاهر عمَّت أهم المدن المغربية الكبرى والمتوسطة، وهي ذات طابع سلمي منظم تتم باسم حركة 20 فبراير. من جهة ثانية تصعيدا غير مسبوق في أشكال الاحتجاج الكثيفة والتي اندلعت في مختلف أنحاء البلاد، وغدت طقسا يوميًا، وهمت فئات واسعة ومتنوعة، وتعددت أشكالها إلى درجة أن بعضها أدى إلى اصطدامات وأعمال عنف واحتلال لمؤسسات عمومية وخاصة واعتراض المواكب الرسمية للمسؤولين السامين ووقف حركات وسائل النقل...الخ. هناك علاقة بين الظاهرتين، ولكنهما مستقلتان عن بعضهما البعض. فحركة 20 فبراير تحمل بعداً سياسياً، ولهذا شكلت المصدر الأول لانزعاج السلطة. أولاً – تجليات الزمن السياسي الجديد شكلت حركة 20 فبراير امتدادًا طبيعيًا لحراك عرفه الشارع في المنطقة المغاربية والعربية بعد اندلاع الثورة التونسية. حراك تم التحضير له من خلال وسائط الاتصال الحديثة. بدأ الأمر بنقاش سياسي وانتهى إلى الاتفاق على التظاهر في الشارع العام من أجل إسقاط الاستبداد والفساد. هذا الحراك يمثل بداية تجاوز لآثار الصدمة الأولى التي حصلت لشعوبنا مع العولمة، وما ترتب عنها من رفض مسبق وانغلاق في دائرة الثقافة المحلية الماضوية كشكل وحيد للدفاع عنها وحمايتها من خطر الانمحاء والانسحاق تحت عجلات قطار العولمة. العولمة هي تعبير عن مرحلة من مراحل التطور الرأسمالي، وهي مرحلة من تاريخ البشرية وليست نهايته، وتجاوزها مطروح من أجل عولمة بديلة إنسانية وديمقراطية. وقد ساهم اليسار في كشف ما جرَّه هذا التطور الرأسمالي على الإنسانية من سيطرة الدول الرأسمالية المتقدمة على دول الرأسمالية التبعية والمتخلفة، والشمال على الجنوب، ومحاولة تسييد اقتصاد السوق وتسويق الليبرالية المتوحشة والتنميط الثقافي القسري والظالم، ومحاولة وضع مواطني ومواطنات العالم تحت رحمة الشركات متعددة الجنسيات. ومن أحشاء العولمة نفسها، ومن خلال جهود الحركات الاجتماعية وتيارات عولمة التضامن والعولمة البديلة، نجحت الإنسانية في تسهيل التواصل والحوار بين بني البشر بما يخدم الثقافة الإنسانية، وفي انتشار قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في عالم أصبح قرية صغيرة يتطلع سكانها إلى التمتع بذات الحقوق. على امـتـداد مساحـة جغرافية تشمل بلـدانـا مـن المنطقـة المغـاربية والعربية، خـرج الشباب –وجماهير عريضة- إلى الشارع في حركية عارمة للنضال من أجل التغيير. لم يعد ممكناً في نظر هؤلاء الشباب أن ننتظر تغييرات تتم بإيقاع الماضي. اليوم هناك إحساس بضرورة تكثيف التغييرات، وضرورة إنجاز أكبر عدد من التغييرات في أقصر مسافة زمنية. الانتقالات التي عرفها العالم تمت في شكل موجات غمرت دفعة واحدة مجموعة من البلدان المتقاربة جغرافيا وثقافيا وسياسيا، وحان موعد منطقتنا بعد تجارب الشعوب في بلدان أوروبا الشرقية وبلدان أمريكا اللاتينية التي عاشت ربيعها الخاص الذي فتح أمامها آفاق الانتقال إلى الديمقراطية. إن المد النضالي الجماهيري الذي يكتسح العديد من البلدان، يعني إفلاس نموذج أنظمة الحزب الوحيد العسكرية أو شبه العسكرية التي استعملت كغطاء لها الإيديولوجية "القومية" أو"الاشتراكية" أو "الدينية"، وإفلاس نموذج أنظمة "الانفتاح" والخوصصة التي تحولت إلى نهب الثروات وتعددية حزبية مزيفة، وإفلاس الأنظمة الملكية العشائرية القائمة على ثقافة الريع والتزمت والتي تبدو اليوم كما لو كانت قطعة من خارج جغرافية العالم. ولهذا برزت اليوم حركة جماهيرية ترمي إلى تغيير الأوضاع وإقامة أسس ديمقراطية حقيقية تسمح بتسييد إرادة الشعب واحترام الحريات وتأمين العدالة الاجتماعية، وتتيح فرص التداول السلمي في مواقع السلطة بين البرامج والأحزاب، وتضع بنيات المراقبة الشعبية ومحاسبة الحكام، وتحفظ للديمقراطية طابعها كآلية للتباري الخلاق في ظل حيادية جهاز الدولة وسمو القانون وقواعد دولة المؤسسات. كما أن هناك وقائع تحصل الآن وسيكون لها أثر مهيكل على صعيد بنية المجتمعات التي تعرف مخاضات المد الجماهيري الثوري والديمقراطي والذي يجعلها تتفاعل مع أنساق ومرجعيات جديدة وتنخرط في علاقات مع المحيط ومع "الآخر" مختلفة عن الماضي. إن حركة 20 فبراير هي جزء من هذا الوعي الجديد الذي ينطلق من ضرورة قيام قواعد ممارسة ديمقراطية جديدة بين مختلف الفرقاء، وتجاوز مفهوم الدولة الإيديولوجية، وتأكيد حق كل طرف في تطبيق برنامجه إذا حظي بثقة الناخبين مع حماية حقوق المعارضين واحترام حقوق الإنسان والتعدد الديني أو السياسي أو الثقافي. وهذا الوعي الجديد ينطلق من ضرورة انتهاء مرحلة المعالجة التجزيئية للمسألة الديمقراطية، ومن المطالبة بديمقراطية كاملة غير منقوصة، بمؤسسات حقيقية وليست صورية. شعوب متعددة لم تعد قادرة على تحمل غياب الديمقراطية، وشباب هذه الشعوب يعاني من انسداد الآفاق ومن مشاكل حقيقية للإدماج والتشغيل وإسماع صوته إلى درجة أصبح معها الوضع القائم غير قابل للاستمرار. عاشت البلدان المعنية بالحراك الحالي طفرات ديمغرافية وثورات تواصلية وتحولات اجتماعية وقيمية، وأصبحت الأنظمة غير قادرة على تدبير أزماتها، وشعر الشباب بأن تلك الأنظمة تخنق طموحاته، وأُضيف إلى كل ذلك انعكاس الأزمات المالية الدولية على بلدان العام الثالث. والنجاحات التي حققها أو يمكن أن يحققها الإسلاميون في الانتخابات المنظمة في إطار المرحلة السياسية الجديدة بالمنطقة، لا تعني بأنهم يتوفرون على البرنامج الفعال القادر على النهوض بمهام التنمية والتغيير، ولا تعني "أسلمة الثورات"، إنها مرتبطة أساسًا بمعطيات "انتخابية" ذات صلة في أكثرها بـ"بقايا" المراحل السابقة. فالفوز في الانتخابات يكون أسهل بالنسبة للقوى الأكثر تنظيما، والأكثر قربًا من الناخبين، والأكثر تعرضًا في الماضي للإقصاء والاضطهاد، والأكثر بساطة في شعاراتها والأكثر "مرئية". والقوى الثورية الجديدة تملك فرصة تحويل رصيدها النضالي مستقبلا إلى رصيد انتخابي يوازي دورها في صنع الأحداث التي سبقت الانتخابات الجارية. ثانيا – ربط النضال الديمقراطي بسيرورة الزمن الجديد اكتسب الزمن السياسي في المنطقة المغاربية والعربية سرعة جديدة، وانتقلنا من زمن التغيرات الكمية إلى زمن الطفرات والتحولات النوعية. ما كان يتحقق في عقود أو سنوات أصبح بالإمكان تحقيقه في أسابيع وشهور، هناك نَفَسٌ ثوري يغمر منطقة مترامية الأطراف يتعين السعي لعدم تبديده، وعلى جميع التقدميين والديمقراطيين أن يبادروا بتكثيف دفتر مطالب الإصلاح. نضالنا الديمقراطي اليوم في المغرب يتعين أن يتلاءم مع الزمن الجديد وأن يستجيب لمتطلبات هذا الزمن. لا يمكن أن نستمر في خوض ذلك النضال بنفس الطرق السابقة ونفس الإيقاع السابق ونفس المسارات السابقة. علينا أن نُخضِعَ نضالنا الديمقراطي لتفكير جديد وقراءة جديدة، تستهدفان إعلاء شأن العناصر الأربعة الآتية : مكانة الشارع كساحة للفعل السلمي المنظم والمسؤول من أجل الديمقراطية. دور الجماهير المباشر في النضال الديمقراطي وخاصة دور الشباب والفئات الجديدة التي يمكن لتدخلها أن يسمح بإنجاز تقدم نوعي في مسار الانتقال إلى الديمقراطية. لقد انطلقت حركة تسييس واسعة يتعين الحفاظ عليها وتعميقها واستثمار دور شبكة التواصل الحديثة باعتبارها أداة حيوية للتأطير والتنظيم والحوار. آلية إنتاج الشعارات التي يجب تجديدها وتطويرها وجعلها قادرة على الإفادة من الإبداع الشعبي. هناك شعارات كانت تبدو كما لو أنها خاصة بحزبنا، أصبحت الآن تتحول إلى شعارات "عامة". وهناك شعارات كانت تبدو كما لو كانت فوق إدراك عموم الشعب، أصبحت الآن تبدو كشعارات مفهومة ومستساغة. الأثر النوعي المترتب عن نمو نزعة تحرر الإنسان عندنا من الضغط والخوف والانعزال والاستكانة. إن الزمن السياسي الجديد يفرض علينا إعادة تقييم علاقاتنا بالمؤسسات المنتخبة وإعادة قراءة دورنا فيها. وقبل ذلك لا بد من استحضار المنطلقات الأساسية التالية : استمرار تشبثنا بإستراتيجية النضال الديمقراطي، باعتبارها خطة للتحول السلمي الشرعي الجماهيري والمتعدد المداخل نحو الديمقراطية، وباعتبارها تأكيداً لثقافة الممارسة الإيجابية البناءة. إستراتيجية النضال الديمقراطي الجماهيري والمؤسساتي تروم تحويل الملكية شبه المطلقة إلى ملكية برلمانية حيث الشعب صاحب السيادة ومصدر السلطة والتشريع والتنفيذ. إلا أن هذه الإستراتيجية لا تعتمد في كل المراحل نفس الإيقاع. نحن اليوم أمام إيقاع جديد يفرض تكثيف الإصلاحات في زمن محدود وتدارك "التأخر" الحاصل في مسار التغيير الديمقراطي. إستراتيجية النضال الديمقراطي لا تعني المشاركة الدائمة في الانتخابات -في غياب دولة الحق والقانون- بل تعني رفض المقاطعة الدائمة. يمكن ألا نشارك في الانتخابات في مرحلة ما إذا قدَّرنا أن بإمكاننا أن نفرض بنضالنا شروطاً أحسن لمشاركة مقبلة. عدم المشاركة في الانتخابات لا يعني الجنوح عن خط إستراتيجية النضال الديمقراطي المؤسساتي المنتج الذي يقوي نضالنا ويضمن التقدم في عملية بناء دولة القانون. إن حركة مثل حزبنا مطالبة في كل مرحلة قبل تقرير المشاركة أن تتوصل إلى أن هذه المشاركة ستكون منتجة وضرورية للتطور الديمقراطي، وستقوي نضال الحركة الديمقراطية وستقربها من أهدافها. في الماضي سمحت المشاركة الانتخابية لقوى اليسار بتحقيق نوع من الالتحام والارتباط بالجماهير وتسييسها وتطوير ممارستها الديمقراطية خلال الحملات الانتخابية، مما لا يتوفر في الظروف العادية. وسمحت المشاركة بإسماع صوت الجماهير في المؤسسات ومحاكمة السياسات القائمة، وتعزيز مواقع الصف الديمقراطي وتمكينه من مقاومة خطة التهميش. وسمحت المشاركة بربط عمل مناضلي ومناضلات اليسار خارج المؤسسات بعملهم داخل المؤسسات وتغذية معاركهم ودعمها وتعميق أثرها في المجتمع، والإطلاع على الواقع وتحقيق القرب من الجماهير. لكي نعرف هل مشاركتنا في انتخابات 25 نونبر 2011 كانت ستكون ضرورية ومنتجة للديمقراطية أم لا، بالنسبة لحركة كحركتنا، فإننا استحضرنا عنصرين أساسيين مرتبطين بالظرفية التاريخية : العنصر الأول متعلق بالزمن السياسي الجديد في المنطقة المغاربية والعربية. فإذا انطلقنا من أننا نعيش تحولا تاريخياً وليس مجرد حدث عابر وقوس سيُغلق، فإننا يجب أن نعالج إشكالية المشاركة ضمن سياق هذا التحول. وإذا كنا نعيش زمن الانتفاضة الديمقراطية أو المد الجماهيري الديمقراطي، فمعنى ذلك أن الانتخابات يجب أن تكون انتخابات مُؤَسِّسَّة مستجيبة لمواصفات الانتقال إلى الديمقراطية. لهذا من الطبيعي أن نرفض مشاركة في انتخابات يجري الإعداد لها بنفس التصور السابق وبنفس الأساليب السابقة وفي ظل نفس الشروط الماضية. الزمن السياسي الجديد يملي علينا ضرورة طرح شروط سياسية ومؤسسية جديدة اعتبارا لوجود إمكانات فعلية لتحقيق تلك الشروط. لقد تحقق بفضل حركة 20 فبراير في بضعة أسابيع ما لم تستطع المشاركة الانتخابية تحقيقه عبر عقود وسنوات، رغم أن ما تحقق حتى الآن هو تنازلات لا تضمن في مجملها إرساء أركان الانتقال إلى الديمقراطية، لكن يُراد تسويقها على أنها تنازلات جوهرية تكفل ربط القرار بصناديق الاقتراع وتأمين الحريات والحقوق ووضع قطيعة مع ممارسات الماضي. إذا كنا قد رفعنا شعار الديمقراطية هنا والآن، فهذا يعني أننا نريد الخروج من حالة الهامش الديمقراطي إلى حالة الديمقراطية الكاملة، وبالتالي علينا ربط مشاركتنا بالشروط السياسية والمؤسسية التي تجري فيها عمومًا انتخابات الانتقال إلى الديمقراطية. العنصر الثاني متعلق بانتهاء مرحلة ما سُمِيَّ بـ "المسلسل الديمقراطي" في الحياة السياسية للمغرب المستقل وما يترتب عن ذلك من تبعات. في 2007-2009 انتهت مرحلة سياسية بكاملها، وغدت العملية الانتخابية نفسها على هامش المجتمع. أربعة أخماس الناخبين المفترضين لا يشاركون عملياً في التصويت، ولم تستطع النداءات الرسمية ولا مناشداتنا إقناع هذه الكتلة الناخبة الضخمة بجدوى معركتنا الانتخابية. لقد تساءلنا عن معنى أن نشارك في انتخابات يصوت فيها أقل من خمس الناخبين، ويقاطعها ناخبونا المفترضون في أكثريتهم الساحقة. إن مشاركتنا سيكون لها معنى إذا كنا نستطيع عبرها أن نقنع هؤلاء الناخبين بالمشاركة في التصويت، ولن ننجح في هذه المهمة الإقناعية إلا إذا وقعت رجة كبرى تحدث قطيعة مع الماضي وتبعث الأمل من جديد في نفوس الناخبين. الرجة المرتقبة لا يمكن أن تحدث إلا من خلال النهوض بإصلاحات جوهرية تفتح العملية السياسية على أفق جديد، أو من خلال اعتماد صيغة مشاركة تعبوية، جاذبة، وغير تقليدية، تحمل في نظر الناخبين من الناحيتين الأخلاقية والانتخابية مؤهلات استثنائية لخوض المعركة بأسلوب مغاير والانتصار فيها وتغيير طعم العملية الانتخابية برمتها. لهذا، فإن نتائج انتخابات 2007 كانت تفرض علينا فتح نقاش حول جدوى المشاركة السياسية، ولكننا لم نفعل، إلى أن ظهرت حركة 20 فبراير فلم يعد هناك مبرر لتأجيل ذلك النقاش. إن مشاركتنا في انتخابات 25 نونبر 2011 في الظروف والشروط التي جرت فيها ما كانت لتكون منتجة ديمقراطيًا ولا ضرورية، ولم يكن بإمكانها أن تساعدنا على تحقيق الأهداف التي كان اليسار يحققها عبر الانتخابات، وأن توفر لنا إمكان تحويلها إلى معركة سياسية حقيقية، ما دمنا لم نضمن مشاركة ناخبينا المفترضين فيها. اليوم، يتصدر النضال الديمقراطي في الشارع أشكال النضال الأخرى، وجزء من الناخبين والناخبات الذين هجروا مكاتب التصويت نزل إلى الشارع، ومهمتنا أن نلتحم معه من أجل إعداد ظروف العودة إلى المؤسسات المنتخبة بطريقة جديدة تكون منتجة وفعالة. ثالثاً - حركة 20 فبراير : قيمة تاريخية وخلل طارئ قوة الانطلاق : حركة 20 فبراير أسقطت مقولة عزوف الشباب المغربي عن السياسة. كان هناك إذن عزوف عن صناديق الاقتراع، والشباب الذي كان لا يشارك في الانتخابات، نزل جزء منه إلى الشارع. الشباب المغربي، بالنسبة إلى قطاع واسع منه، لم يُضرب عن ممارسة السياسة، بل قرر في مرحلة من المراحل أن يمارسها بطريقة مختلفة. البعض غادر الأحزاب التقليدية أو تجنب الانخراط فيها، مفضلاً أن يباشر -وفق رؤية سياسية معينة- خوض تجربة العمل في المجتمع المدني. البعض من الشباب غادر الأحزاب التقليدية أو تجنب الانخراط فيها وقرر الارتماء في أحضان حركات دينية وجد فيها ملاذاً وإشباعا وجدانيا، وتعالى من خلالها على واقع سياسي موبوء، مفضلاً سفراً إلى الماضي. البعض الآخر وجد في شبكات التواصل الحديثة فضاء رحبا للتفكير والحوار والتأمل وتقييم الأداء السياسي للأحزاب والسلطة، ونقد الأوضاع. دون أن يعني ذلك استصغاراً لقيمة المؤسسة الحزبية في حد ذاتها أو تجاهلا لضرورتها ودورها في كل عملية للتغيير والبناء. شابات وشبان 20 فبراير، لدى انطلاقتهم الأولى، هم في العشرينات من العمر، حضريو الإقامة، متفتحون، ومنفتحون على تجارب الآخرين وثقافاتهم، ومتفاعلون مع تيارات التفكير العالمي ومؤسساته البحثية ومراكزه الثقافية وشبكاته الإعلامية، متعلمون ومتنورون ومتابعون لأوضاع بلادهم وأوضاع العالم. نزول هؤلاء الشباب إلى الشارع لخوض تجربتهم السياسية الخاصة بدون إذن من أحد، هو محصلة معاناة اجتماعية ومخاض سياسي يتعدى رقعة الوطن، وهو في الوقت ذاته، ثمرة تفاعلات خاصة اعتملت طويلاً في جسمه. الأجيال السابقة بالرغم من تضحياتها فشلت في العبور بالمغرب إلى الديمقراطية، وحان الوقت لتسلم الشباب زمام قيادة النضال بشكل جديد من أجل الديمقراطية. هناك إذن إرادة لتجاوز أشكال وأساليب وبنيات قديمة بعد الاستفادة من أخطائها وصنع "الجديد". إن حركة 20 فبراير هي تشخيص لحالة الولوج إلى حقبة جديدة واختراق لمساحة أرحب في الفعل، تحت شعار التظاهر السلمي في الشارع من أجل إسقاط الاستبداد والفساد. فبالرغم من أن الحركة حتى الآن، في الأغلب الأعم، ليست ذات امتداد شعبي كبير، إذ لا تعبىء إلا جزءا محدوداً من الشعب، إلا أنها عبأت في مراحلها الأولى من الطاقات ما لم تستطع تعبئته الهياكل الحزبية والنقابية القائمة، واعتمدت في التخطيط والبرمجة والتنظيم على البساطة والوظيفية والتلقائية والإبداع الجماعي، وأظهرت مستوى عال من الانتظام والاستماتة والصمود والإصرار. الحركة أعطت بعداً جماهيريا جديداً للمعركة من أجل الديمقراطية، وأفرزت نخبة جديدة، وحوَّلت حلبة النضال السياسي إلى الشارع بشكل قار واعتيادي، وتراجع دور الحلبات الأخرى. والحركة اعتمدت في خطابها على لغة بسيطة وواضحة ومباشرة، وأعلنت رفض سياسة تقديم الوعود بلا ضمانات ولا مواعيد ورفض تعليق الديمقراطية بتبريرات مختلفة. حركة 20 فبراير ساهمت في تحطيم جدران الصمت والخوف ومنطق الدوران في الحلقات المفرغة ونهج الركود والانتظارية، وأكسبت الفعل والخطاب السياسيين جرأة أكبر، ونجحت في اعتماد صيغ متقدمة لتدبير تعدد انتماء النشطاء، وأثبتت طابعها السلمي من خلال تمرين شاق وعصامي، فَرَدَّتْ على عنف القوات العمومية بتوزيع الورود على أفراد تلك القوات، ونظمت سلاسل بشرية لحماية الممتلكات العامة والخاصة، وأبدعت فعاليات تعكس الوعي بالواجبات أيضاً (حملات النظافة والتبرع بالدم). والحركة قررت عدم التظاهر يوم الاقتراع الخاص بالدستور حتى لا يتم التشويش على حق المواطنين الراغبين في التصويت، وحركة 20 فبراير نظمت أياماً دراسية لتعميق معارف النشطاء، وحفلات موسيقية في الفضاء العام لتنمية الذوق الفني وإهداء السكان لحظات من الفرجة الراقية. وحركة 20 فبراير خلقت وضعا جديداً داخل الأحزاب السياسية الديمقراطية وأدت إلى نشوء ما يشبه التيار الذي يخترق هذه الأحزاب. أما رد فعل النظام إزاء حركة 20 فبراير، فقد اتسم من جهة بتقديم تنازلات تحاول الإيحاء بأنها تستجيب لمطالب الحركة، ومن جهة أخرى بمحاولة محاصرتها والالتفاف عليها عبر سبل أخرى متعددة لتصفية وجودها تدريجيا. تنازلات النظام تحت ضغط حركة 20 فبراير : فتح النظام في البداية جزئيًا باب التنازلات ثم سرعان ما عمد إلى إغلاقه. ما أقدم عليه النظام من تنازلات يُعتبر بمثابة انتصارات جزئية للحركة. وأهم تنازل من الناحية "الإستراتيجية" كان هو المراجعة الدستورية. وترافق ذلك مع سلسلة من الإجراءات كالزيادة في الأجور، وحل بعض المشاكل الفئوية وتشغيل بعض المعطلين، ووصل الأمر إلى حد التساهل مع احتلال الملك العمومي من طرف الباعة المتجولين، مع محاولة الإيحاء لمختلف الفئات أن مصلحتها الخاصة تقتضي وضع مسافة مع حركة 20 فبراير. وكانت النتيجة في النهاية هي اتقاد الاحتجاجات واتساع دائرتها جغرافيا وقطاعياً وحصول تصعيد في أشكالها. وفيما يتعلق بالمراجعة الدستورية، قرر الحزب الاشتراكي الموحد مقاطعة اللجنة الاستشارية المكلفة بإعداد مشروع الدستور، ثم قرر الحزب مع حليفيه (حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي) مقاطعة الاستفتاء. وأظهر الاستفتاء على الدستور ممارسات يعود بعضها إلى فترة الستينات والسبعينات، مما جعل الطبيعة الاستبدادية والتحكمية للنظام تنكشف مرة أخرى، وخاصة من خلال التدخل السافر لأجهزة الدولة في توجيه الناخبين والناخبات، وفي تنظيم التظاهرات المؤيدة للمشروع وتقديم التصويت بنعم على أنه الخيار الوحيد المطابق للدين وللإخلاص للوطن، وتسويق الاستفتاء باعتباره تصويتا على الملك، وقمع المقاطعين والمقاطعات والتضييق على تحركاتهم وتعريضهم للتهديد والعنف، وإفساح المجال لارتكاب كل أشكال المخالفات داخل مكاتب التصويت، وتقديم رقم 98,51% كنتيجة للتصويت بنعم، و 73% كنسبة للمشاركة، كما لو أن الاستفتاء جرى في "مغرب آخر" لا يعرفه أحد! أما من حيث مضمون دستور 2011، فإنه لم يغير من الطبيعة الاستبدادية للنظام السياسي، ولم يحقق النظام بإقراره أي انتصار حقيقي، مادام ذلك الإقرار في حد ذاته لم ينجح قط في إطفاء جذوة حركة 20 فبراير أو الحد من زخمها. الدستور الجديد لم يحسم إشكال السلطة في المغرب بإخضاعها إلى قواعد الديمقراطية، واستندنا في رفضه إلى الأسس التالية : استمرار تحكم الملك في مسار توجيه وعمل السلطة التنفيذية والتأثير في قراراتها. فالملك هو الرئيس الفعلي لمجلس الوزراء. وهذا المجلس هو الذي يتولى التداول في التوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة والتوجهات العامة لمشروع قانون المالية. تمتيع الملك بسلطة تجميع عدد من الرئاسات، بشكل ينافي مبدأ فصل السلطات ويناقض التنصيص على ممارسة الملك حسب الدستور الجديد لسلطة التحكيم الأسمى بين المؤسسات. فالملك هو رئيس مجلس الوزراء، ورئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس المجلس العلمي الأعلى، ورئيس المجلس الأعلى للأمن، وهو الذي يختار 6 من أصل 12 عضوًا بالمحكمة الدستورية ويختار الرئيس، وهو الذي يختار جميع الشخصيات التي لا تنتمي إلى سلك القضاء والتي تم التنصيص على عضويتها بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو الذي يختار أيضا، وكما هو معلوم، نصف أعضاء المجلس الأعلى للإعلام السمعي البصري ورئيس المجلس... إلخ. استمرار تبعية الوزراء للملك من خلال تخويله سلطة إعفاء أحدهم أو أكثر، ولو كان ذلك ضد رغبة رئيس الحكومة. إضافة صلاحيات جديدة للملك بجانب احتفاظه بعدد من الصلاحيات الأساسية التي منحته إياها الدساتير السابقة. التنصيص على عدد من الحقوق المجردة من ضمانات التطبيق، وذلك مثلاً باستعمال تقنية تعليق تفعيل تلك الحقوق على شروط تفرغ الحقوق من مضمونها وتهدر أساسها وتجعل التنصيص عليها بلا أي معنى. فسمو المواثيق الدولية على القوانين الداخلية مثلاً يجب أن يتم في إطار "قوانين المملكة" أي القوانين الداخلية نفسها المفروض أن تسمو عليها المواثيق(؟ !). عدم تنصيص الدستور الجديد على حل لمعالجة الحالة التي يعجز فيها رئيس الحكومة المعين عن تأليف أغلبية نيابية. عدم اتضاح حدود وظيفة الملك كرئيس للمجلس العلمي الأعلى وأين تبدأ وأين تنتهي. انطواء الدستور الجديد على تجاهل لمطالب إستراتيجية للمجتمع المدني وعلى سيل من التناقضات والاختلالات في الصياغة (إهمال الإشارة إلى الدولة المدنية وحرية المعتقد – تحايل على مطلب سمو المواثيق الدولية – عدم التنصيص الصريح على قواعد الحكامة الأمنية وخاصة منها خضوع المؤسسات الأمنية لرقابة البرلمان وإشراف الحكومة..). سعي النظام لإخماد حركة 20 فبراير : النظام السياسي يعتبر أنه لا مبرر لوجود حركة 20 فبراير، وأنها تمثل تحديا حقيقيا ويتعين إخمادها. وهذه المهمة أصبحت تتصدر سلم الأولويات وغدت هاجسًا يقض مضاجع الحاكمين. بالنسبة إلى هؤلاء، لا يمكن أن يستمر وجود الحركة، ولا يمكن أن تستمر المظاهرات في الشارع بهذا الشكل. ومن أجل وضع حد لهذا الوضع غير المقبول لديهم والذي يهدد مصالحهم، اختلفت الطرق حسب المراحل. ففي مرحلة أولى استُعمل حيال الحركة أسلوب الحصار ومحاولة القتل في المهد والإجهاض، بالاعتماد أساسًا على تشويه صورة الحركة وترويج مقولة الاستثناء المغربي. وفي مرحلة ثانية، جرت محاولة استقطاب الحركة ومغازلتها دون وقف عمليات المحاصرة والمنع وتجفيف المنابع التي يمكن أن تغذي دماء الحركة. وفي مرحلة ثالثة تم اللجوء إلى القمع المباشر. وفي مرحلة رابعة استُخدم القمع بالوكالة، عن طريق تجنيد أفراد للقيام نيابة عن القوات العمومية بمحاولة تفريق المظاهرات وتشتيتها والاعتداء على المشاركين فيها ومحاصرة مسالك تدفقها واحتلال الأماكن المحددة لانطلاقها. لكن حركة 20 فبراير حافظت على بقائها وعلى قدر كبير من فعاليتها، مع وجود مراحل مد ومراحل جزر. تغيرت الوجوه داخلها، غادرها البعض، والتحق بها البعض الآخر، واختلفت أوضاع الحركة وظروف العمل داخلها والعلاقات بين مكوناتها بين هذه النقطة الجغرافية أو تلك. ظلت أغلبية الطبقات المتوسطة تتابع نشاط الحركة وتتسقط أخبارها بدون أن تنخرط فيها، لكن جزءًا من هذه الطبقات دعَّم الحركة واعتبرها النهج الأسلم للنضال من أجل التغيير، وجزءًا آخر التزم نوعًَا من التحفظ حيال الحركة بسبب الخوف من أن تنزلق أوضاع بلادنا إلى مسار دموي واقتتال يحطم كل شيء. هذا الجزء من الطبقات المتوسطة اعتبر تحفظه ترجمة لرغبة التغيير في إطار الاستقرار. أما الفئات الشعبية الفقيرة والمعدمة، فإنها في عمومها، بقيت حذرة ومترقبة، ومتمسكة بطرائقها في التفكير والفعل لما قبل 20 فبراير. إن التزام الحزب الاشتراكي الموحد بدعم حركة 20 فبراير والمشاركة فيها والحفاظ على استقلالها وسلميتها، لا يعفيه من واجب طرح مجموعة من الأسئلة تهم مآل الحركة وخط سيرها في الأفق المنظور، ومن ذلك مثلاً : هل تتوفر الحركة اليوم على شروط البقاء، وهل لها بعد "تاريخي" أم أنها مجرد قوس فُُتح في الحياة السياسية المغربية وسيُغلق فيما بعد؟ هل تواجه الحركة صعوبات في مسيرها أم أن الطريق أمامها سالك، وهل القمع هو الصعوبة الوحيدة الذي تنتصب أمام الحركة؟ وهل كل شيء في جسم الحركة جيد ولا حاجة لوضعه على مشرحة النقد والمساءلة؟. إن حركة 20 فبراير تتوفر موضوعيًا على شروط البقاء والاستمرار، وفي جميع الأحوال، وكيفما كان الشكل الذي قد تتخذه في المستقبل، والمدى الذي ستصل إليه، فإن ما يحدث اليوم –وليس الحركة إلا مؤشراً عليه- هو من العمق والجوهرية، بحيث يصعب أن تعود الحياة السياسية إلى سابق عهدها ويصعب أن تتطابق مواصفات مرحلة ما بعد 20 فبراير مع نفس مواصفات مرحلة ما قبل 20 فبراير، وذلك نظرًا للعوامل التالية : أن حركة 20 فبراير هي جزء من حركية تشمل بلدانا متجاورة يشدها إلى بعضها البعض الكثير من أوجه التشابه والتقارب في الظروف والأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وما يقع فيها يمثل اليوم تحولاً بنيويًا وليس مجرد ارتعاش سطحي. لقد اتسم تحرك الجماهير بدرجة من الاستماتة والقوة، مما يؤكد أن ما يشبه حاجزًا كبيرًا قد انهار، وأن الاستبداد والفساد يتعرضان لمحاكمة قاسية ولا يمكن أن يخرجا منها بدون عقاب. أن ما اتسم به فعل الحركة في مراحلها الأولى من عقلانية وصمود وثبات وامتداد جغرافي واسع ووعي يدل على أن هذه الحركة هي ثمرة مخاض سياسي واجتماعي حقيقي ومعاناة واختمار للأفكار واكتساب للمهارات السياسية في أعماق المجتمع، وليست اندفاعًا ظرفيًا أو بحثًا عن مغانم مؤقتة أو مجد عابر. شباب الحركة يرى ويسمع ويقرأ ويتواصل مع العالم، ويكتب تاريخًا جديدًا للمغرب السياسي. أن الحركة وراءها قوة داعمة تتألف من أحزاب ونقابات وجمعيات ومجتمع مدني وشخصيات ومثقفين وأكاديميين، وأن ميلاد الحركة قد أتاح لكل هؤلاء فرصة الحوار والتعاون وتبادل التجارب والإنصات المتبادل. أن الظروف الموضوعية القائمة بالبلاد تعزز حظوظ استمرار حركة 20 فبراير نظرًا لتزايد الغضب في صفوف فئات واسعة من الشعب، نتيجة سياسات إنتاج الفوارق الطبقية وتغييب العدالة الاجتماعية، والتبذير والنهب واصطناع هياكل صورية للديمقراطية، وتهجين الحياة السياسية، وقمع الحريات، والانفراد بالقرارات الإستراتيجية والحيوية، وتعطيل إمكانات المراقبة الشعبية، وتسييد المقاربة الأمنية، وتعليق الإصلاحات العميقة والجوهرية واستبدالها بتحسينات تقنية في هذا القطاع أو ذاك. إن ما حصل حتى الآن، في البلدان المغاربية والعربية، في حد ذاته كاف لكي يجعلنا نستخلص أن تلك البلدان دخلت مرحلة نوعية جديدة، وهذا سيكون له قدر من التأثير المشترك على الجميع. ولاشك أن النجاحات المحصلة خارج المغرب ستؤثر إيجابًا على وضع حركة 20 فبراير أيضًا. الخطر المحدق بحركة 20 فبراير : تواجه حركة 20 فبراير توجها قمعياً سلطوياً مناهضاً لحق التعبير السلمي. ولكن الحركة تواجه أيضاً محاولة لتسييد توجه أصولي من شأنه أن يطمس هويتها الأصلية كحركة للتغيير الديمقراطي، إذ أن الأصولية تمثل كذلك خطراً على الديقراطية. الخطر الأصولي تجلى منذ بداية التظاهرات الإعلامية الأولى للحركة، حيث تم تغييب مطلب الملكية البرلمانية الذي يشكل حجر الزاوية في الخطاب الأصلي للأنوية الأساسية الأولى للحركة، وتم بذلك إضفاء قدر كبير من الالتباس على آفاق الحركة، ثم توالت محاولات المس باستقلالية الحركة وتحريف مجرى نضالها عن الأهداف التي سطرتها الحركة في البداية، ومحاولة تحويلها إلى أداة في خدمة مشروع لا يقل خطراً عن المشروع المخزني. ليس هناك في المجتمع المغربي تناقض وحيد قائم بين مشروعنا الديمقراطي والمشروع المخزني. هناك تناقض أساسي أيضًا قائم بين مشروعنا وبين المشروع الأصولي الشمولي الذي لا يقل رجعية وخطورة عن المشروع المخزني. هناك في المجتمع المغربي ثلاثة مشاريع قائمة الذات ومتصارعة : المشروع الديمقراطي بحمولته الإنسانية والحداثية، المشروع المخزني بحمولته الاستبدادية رغم بعض المظاهر الخادعة، المشروع الأصولي بحمولته الارتدادية واللاديمقراطية. المشروع المخزني والمشروع الأصولي يلتقيان في أكثر من محطة، ويتحالفان في أكثر من مناسبة، فهما يتغذيان معًا من مظاهر الفقر والجهل والأمية والتهميش الاجتماعي والقهر الاقتصادي، وهي مظاهر يمكن أن تُستغل لإنتاج إنسان محافظ مستسلم ومنبطح، وقابل للإذلال والترويض المخزنيين، ويمكن أن تُستغل أيضًا في إنتاج عقليات التطرف الأعمى والتعصب الديني والإرهاب. إن الموقع الطبيعي والموضوعي للحزب الاشتراكي الموحد، على مستوى كافة مجالات الصراع المجتمعي، تحدده تحالفاته مع كافة القوى الديمقراطية ضد الاستبداد والفساد وتعبيراتهما السياسية، من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وإن نضالنا في إطار حركة 20 فبراير ينطلق من رؤيتنا للنضال الديمقراطي المُفعم بالنفس الجماهيري، ومن موقع المساهمة الفعالة فكراً وممارسة في فتح أفق التحول الديمقراطي والحداثي. وإذا كنا ننطلق من عدم وجود تحالف بين المشـروع المخزنـي والمشـروع الديمقراطي لمواجهة المشروع الأصـولي، فإن نضالنا داخل حركة 20 فبراير لا يعني نهوض تحالف بين أنصار المشروع الديمقراطي وأنصار المشروع الأصولي لمواجهة المشروع المخزني. وبصيغة أكثر تحديداً : ليس هناك أي تحالف بين جماعة العدل والإحسان والحزب الاشتراكي الموحد. المشروع الأصولي مثلاً ينفي المواطنة بانطلاقه من فكرة دولة الخلافة أو أي نظام أو دولة تكون فيها ديانة الفرد هي جنسيته. وهو تحت ستار الخصوصية يجرد الديمقراطية من روحها وبعض آلياتها، ويعتبر بالتالي أن المسلمين يستحقون ديمقراطية أقل من الآخرين. وهو يستعمل مفهوم السيادة الشعبية لمحاولة إعطاء الشرعية لعملية اقتطاع مساحات أساسية من منظومة الحريات وحقوق الإنسان غير القابلة للتجزئ، ولكنه يناهض نفس المفهوم عندما يواصل التشبث بمبدأ الحاكمية لله أو ما يعبر عنه تلطيفًا بأن مهمة دولة الخلافة هي تطبيق شرع الله الذي يتحول في النهاية إلى تشريع طينة خاصة من البشر باسم الله. وهو يناقض سمو الدستور ودولة القانون بالتبشير بمؤسسة ولاية الفقيه أو ما شابهها من المؤسسات التي تحكم على ما يقرره الناس انطلاقًا من معايير وُضعت قبل 12 قرنًا على الأقل، ولا تستطيع أن تقدم من الحلول أكثر مما قدمته حقب غابرة من التاريخ الإنساني أو أكثر مما تقدمه بقايا اليمين الديني المتطرف والمتعصب في البلدان الغربية. والمشروع الأصولي يعمل باسم سمو المرجعية الدينية حسب تأويله على فرض سمو برنامجه الخاص المستند إلى قراءة متزمتة وغير متنورة لتراث يعتز الجميع بالانتساب إليه. إن ما تقترحه أطراف تعلن دعمها لحركة 20 فبراير، غير واقعي البتة، فهل يمكن أن نتصور في عالم اليوم قيام دولة الخلافة أو دولة ديكتاتورية البروليتاريا، وهل هناك نموذج واحد في العالم الآن يحمل مقومات إحدى هاتين الدولتين؟ هذا الخطر "الداخلي" الذي يواجه الحركة، كانت له آثار ظاهرة على خطط العمل ووسائل الاشتغال والتنظيم وطبيعة الشعارات التي تُرفع أحياناً. فرغم أن هذه الأخيرة يتم الاتفاق على لائحتها بصورة مسبقة، ويُراعى في إعدادها الانضباط إلى منطلقات الأرضية التأسيسية للحركة، فقد يتم أحياناً في ساحة التظاهر الجنوح عن تلك المنطلقات إما صراحة أو ضمناً. وسيُلاحظ كذلك أن النفحة الأصولية ستسيطر شيئاً فشيئاً على طريقة تدبير بعض معارك الحركة. إن محاولة تجريد حركة 20 فبراير من مضمونها الأصلي، وتبديد الماهية والجوهر الذين قامت عليهما في البداية، تُواجَه حتى الآن بمقاومة شديدة داخل الجموع العامة، ولكن آثار تلك المحاولة على مستوى الشعارات وطرائق العمل أدت مع ذلك، ورغم حدة المقاومة، إلى فشل الحركة في استقطاب بعض الفئات التي يُفترض أن مصالحها لا تتعارض مع الأهداف الديمقراطية التي رسمتها الحركة لنفسها خلال مرحلة التكوين والنشأة. فليس القمع وحده هو المسؤول عن عدم نمو الحركة بالقدر المطلوب، بل هناك أيضاً التأثير المدمر لبعض الشعارات ذات المنحى الفوضوي أو الديني الحامل لطعم جهادي، والتي يتحفظ عليها كثير من أنصار الحركة والمتعاطفون معها وتجعلهم يضعون مسافة بينهم وبينها. ولذلك يتعين الاحتياط لكي لا تتحول الحركة إلى تنسيقية لتيارات ومكونات بعينها وتفقد بعدها الجماهيري وعمقها الشعبي واستقلالها الحيوي. لقد تنامت المشاكل داخل الحركة، في وقت كانت فيه قد خلخلت الوضع السياسي في المغرب وأحدثت رجة كبرى في أبنيته ومؤسساته، وفتحت آمال عريضة لدى مناضلات ومناضلين كاد يستبد بهم اليأس قبلاً، وأعادت المعادلة الشبابية إلى صلب الفعل السياسي، وأدت إلى ارتباك ملموس في صف المناهضين للتقدم والديمقراطية. إن الزمن السياسي الجديد يفرض علينا كحزب دعم الحركة –باعتبارها التجلي الأبرز لهذا الزمن- ووضع إمكانات حزبنا ومناضلينا ومناضلاتنا رهن إشارتها. وهذا يطرح علينا من الآن السؤل حول الأدوار التي يمكن أن تلعبها الحركة في المستقبل، وما تستطيع إنجازه. يجب أن نعتبر وجود الحركة بمثابة مكسب لكل الديمقراطيين والديمقراطيات، يتعين الحفاظ عليه واستمراره في الحياة العامة للشعب المغربي، وعلى جميع أولئك أن يفكروا في مستقبل الحركة والآفاق الممكنة لفعلها. رابعاً - مهمة الحزب في التوضيح السياسي لا يمكن أن يظل شعار (إسقاط الاستبداد) غامضاً. فمهمة بهذا القدر من الجسامة لا يمكن أن يصنعها نساء ورجال يختلفون حول معنى التحول السياسي الجوهري والكبير الذي ينشدونه. لا يمكن لأطراف تُلقي على عاتقها مهمة رعاية التغيير السياسي، أن تعتبر أن هذا الأخير يعني فقط عملية سلبية، تقوم على هدم ما هو قائم دون تحديد لما يجب تشييده في مقابل ما تم هدمه. وحتى في إطار العملية السلبية، فالتغيير لا يفترض بالضرورة هدم كل شيء، إذ هناك دائما شيء من الماضي يظل قائما، ونحتاج إليه في صنع المستقبل. إن مهمة العبور بالمغرب إلى الديمقراطية بمنطق وآليات الانتقال، يتطلب تحديدًا لأسس التوافق التي تتلخص في : الدولة المدنية الديمقراطية التي تعني استبعاد خيار الدولة الدينية والدولة العسكرية. الملكية البرلمانية التي تعني أن تكون سلطة القرار في كل ما يتعلق بالبرنامج، في توجهاته الكبرى وفلسفته، أو في تفاصيله ومقتضياته أو سائر مناحيه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية والعسكرية والثقافية، الداخلية والخارجية، بين أيدي المنتخبين والمنتخبات، وأن تكون المهمة الرئيسة للملكية هي تمكين هؤلاء المنتخبين والمنتخبات من ممارسة سلطتهم. وبعبارة أوضح لا تستقيم الملكية البرلمانية إلا بسمو الشرعية النابعة من الشعب على كل الشرعيات الأخرى. ج- حقوق الإنسان والحريات الجماعية والفردية بمعناها الكوني، وتوجد في طليعتها حرية الاعتقاد والمساواة بين المرأة والرجل. إن الانتقال إلى الديمقراطية مشروع حداثي وتحديثي يتطلب قدرًا كبيرًا من الوضوح في أذهاننا حتى لا نخطئ عنوانه. وما أتينا على ذكره من أسس يمثل حدًا أدنى مشتركاً لبناء الديمقراطية في المغرب. لا يكفي تطابق المصالح الآنية للمطالبين بالتغيير، إذ يجب أن يتوفر لديهم تصور موحد حول جوهر التغيير المطلوب. وفي حالة الاقتناع بالأسس الثلاثة التي أتينا على ذكرها، يصبح الحوار مع القوى التي توصلت إلى هذا الاقتناع ممكناً. إن الحراك بشوارع بلدان المنطقة المغاربية والعربية يتيح فرصا حيوية لإمكان صياغة هذا التصور على قاعدة الاقتناع بالديمقراطية. ويبقى الأمر في المغرب متوقفًا على عنصرين اثنين : درجة "تفاعل" الحركة الإسلامية مع منطق المد النضالي الجماهيري الديمقراطي واستيعاب دروسه وإدراك مغزاه وفهم أبعاده والوعي باتجاه التاريخ. وفي الحالة المغربية اليوم، ليس هناك أي مؤشر حقيقي وذي قيمة يمكن أن يحملنا على الاقتناع بجدوى بناء "كتلة تاريخية" بين الحركة الإسلامية وقوى اليسار. ولا يمكن لنا أن نزكي رفع شعار الكتلة التاريخية أو أن نزكي أية ممارسة تستند إلى هذا الشعار حتى وإن لم ترفعه. وأول مؤشر مطلوب قبل أي نقاش في الموضوع، هو قبول اختيار فصل الحقل الديني عن الحقل السياسي، والتصريح بضمان الحريات الفردية دون أية وصاية على الأفراد مهما كان تبريرها والقبول بمبدأ المساواة بين المرأة والرجل. درجة التقدم في النضال الفكري للقوى الديمقراطية والتقدمية من أجل إقناع المجتمع بإنجاز قطيعة تاريخية مع فكر الاستبداد في كافة مظاهره وتجلياته وبالاحتفاء بالإنسان والحرية ورفض الوصاية وعلى تبني ثقافة الانتقال إلى مجتمع المواطنة الكاملة. وعليه فإن حزبنا مدعو إلى مواصلة الصراع الفكري ضد الفكر الأصولي على امتداد الساحة العامة، لكن بمنطق النقد الديمقراطي ورفض الإقصاء والقمع. إن الانخراط في حركة 20 فبراير والحرص على دعمها وتعزيز حضورها وإشعاعها لا يعنيان البتة مهادنة الفكر الأصولي. علينا اليوم أن نعلن بكل جلاء، أننا نريد إسقاط الاستبداد، ولا نريد فقط أن نغير جلباب الاستبداد. وأننا لا نرى وجودًا لخصوصية تبرر الحياد عن القواعد الكبرى للديمقراطية. وأن مثل هذه الخصوصية هي مرحلة تاريخية طوتها الإنسانية. وأن الغلو الإيديولوجي قد يحجب عن حامله الكثير من الحقائق الحية على الأرض. وأن الحركات الأصولية التي ترفض التخلي عن أصوليتها تنتهي إلى الوصول أمام الباب المسدود. وألا تناقض بين الإسلام في حد ذاته –أو أية ديانة أخرى- وبين الديمقراطية، وأن المشكلة تكمن في تخلف من يمنحون أنفسهم حق الحديث باسم تلك الديانة. وخارج حركة 20 فبراير، وبجانبها، يفرض علينا الزمن السياسي الجديد أسلوبًا مغايرًا في النظر إلى الأشياء، ووضع البرامج ورسم الخطط وإرساء الأبنية والهياكل. وفي الجملة يفرض علينا الزمن السياسي الجديد القيام بثورة حقيقية في سلوكنا ونضالنا.
إن الحزب الاشتراكي الموحد، يعي ويواكب بروح بناءة استمرار الحركة الاشتراكية عبر العالم في تجديد وعيها النقدي وتصورها الديمقراطي وأساليب ومناهج عملها على طريق تجاوز أخطاء الاستلاب والجمود العقائدي والإسقاط الإيديولوجي الجامد، في مقاربة وتحليل تجربة نضال الحركة اليسارية والاشتراكية وتحديد مكامن ضعفها وأخطائها وانحرافاتها. فالحزب الاشتراكي الموحد يعتبر نفسه جزءاً لا يتجزا من حركية نضال الاشتراكية ضد هذه الانحرافات، ومن أجل تحرر الإنسان من جميع أشكال الاستغلال والاستلاب التي تفرضها العولمة الرأسمالية المتوحشة ويتعرض لها الإنسان. إن نضال الحزب الاشتراكي الموحد، مفروض فيه أن يستثمر الأجواء النضالية العامة إقليميا ووطنيا، من أجل إعطاء نفس جديد للمعركة الديمقراطية بكل أبعادها، وخوضها بإيقاع جديد، لأننا في زمن تحولات ستكون عميقة، ولا يمكن أن نتخلف عن الركب، بل علينا النزول بكل الثقل الضروري لتكون مساهمتنا في تسريع التحولات وازنة وأساسية. مهمتنا الآن هي التصرف في ضوء الزمن السياسي الجديد وتعميق قطيعته مع الزمن السياسي "القديم". هذا لا يعني من جهة أخرى أننا لا نحترس من السقوط في الأوهام، وأننا لا نضع في حسابنا جميع الاحتمالات، ولا يعني أننا نتصور أن جميع أهدافنا صارت قيد أيدينا. إن متطلبات الزمن السياسي الجديد تفرض علينا إنجاز خارطة للطريق تتضمن مهام متعددة، بعضها يباشره المناضلون والمناضلات داخل حركة 20 فبراير، وبعضها الآخر يباشره المناضلون والمناضلات خارج الحركة، ولكن بجانبها، وفي تفاعل إيجابي معها. أولاً- إعادة الاعتبار لفكرة التعاقد في السياسة نحتاج في حياتنا السياسية إلى إعادة الاعتبار لفكرة التعاقد في السياسة، ويمكن لحزبنا أن يلعب دورًا في إفراز تيار عام يخترق قوى اليسار كلها، ويأخذ على عاتقه مهمة المبادرة باقتراح مشاريع مواثيق من شأنها أن تُخرج العمل السياسي لدى اليساريين واليساريات من دائرة البراغماتية واللامسؤولية وتغليب المصالح الخاصة والتحلل من الالتزامات وإتيان سلوكات غير منضبطة لقيم اليسار. يجب أن نقترح على اليساريين فكرة العمل على إنجاز ثلاثة مشاريع مواثيق : مشروع ميثاق يهم العلاقة بين الأحزاب اليسارية والحساسيات اليسارية غير المشكلة في تنظيمات حزبية. مشروع ميثاق يهم العمل داخل النقابات والمنظمات الجماهيرية وهيئات المجتمع المدني التي يتواجد اليساريون واليساريات داخلها، مشروع ميثاق يمثل قاعدة العلاقة بين الأطراف المشاركة في الائتلاف المغربي من أجل ملكية برلمانية الآن. ثانياً- مواصلة النضال من أجل دستور الملكية البرلمانية الآن إننا نعتبر أن المعركة الدستورية مازالت مستمرة، وأننا لم نبرح بعد منطق العلاقات المبنية على التحكم والوصاية والتسلط، وأسلوبًا في الحكم يعتبر نفسه فوق قرارات ونتائج صناديق الاقتراع. نحن في ملكية شبه مطلقة، ونريد الوصول إلى ملكية برلمانية يتولى فيها الجالس على العرش المُلْكَ ولكنه لا يحكم. لهذا نعيد التأكيد على مطالبنا الأساسية، وخاصة منها: التنصيص على الدولة المدنية الديمقراطية الحداثية وحرية المعتقد ورفع كافة القيود التي تحد من المساواة بين الرجل والمرأة. للملك دور رمزي، فتحديد التوجهات والبرامج تقرره صناديق الاقتراع. حصر لقب إمارة المؤمنين في سلطة الإشراف الرمزي على ممارسة المغاربة لشعائرهم. تعيين الملك في منصب رئيس الحكومة الشخصية التي يتبين –من خلال الاستشارات التي يجريها رئيس مجلس النواب مع ممثلي الأحزاب والكتل الممثلة في المجلس المذكور- أنها تحظى بمساندة أكبر تكتل لأعضاء مجلس النواب. آداء الملك للقسم، والتزامه بعدم إعفاء أي وزير بدون اقتراح من رئيس الحكومة. التقييد الزمني لحالة الاستثناء وممارسة الصلاحيات المترتبة عنها من طرف رئيس الحكومة. تدبير حالة عجز الملك، واعتبار حق لجوئه إلى المحكمة الدستورية كافيًا بدون حاجة إلى طلب قراءة ثانية لما يصدر عن البرلمان. اعتماد هيأة دستورية مستقلة للإشراف على الانتخابات، واعتبار الانتخابات التشريعية العامة لاغية إذا لم تصل نسبة المشاركين فيها إلى 50% من الناخبين والناخبات على الأقل. تعزيز ترسانة الحقوق وتوفير ضمانات فعلية، ودسترة مجموعة من أحكام مدونة الأسرة، وتحديد مهمة القوات العمومية في حماية ممارسة الحقوق والحريات وضمان أمن المواطنين، وإلغاء عقوبة الإعدام، والتنصيص على حق التعويض عن البطالة.. رئيس الحكومة هو الرئيس الفعلي والوحيد للسلطة التنفيذية. يمارس مجلس الحكومة دراسة كافة القضايا التي تهم السياسة العامة للدولة ومشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية، وغير ذلك من القضايا، بينما ينحصر دور مجلس الوزراء في تناول حالات خاصة (الحصار – إشهار الحرب في حالة الاستعجال – طلب الثقة – تعديل الدستور- مباشرة اختصاصات مجلس النواب مؤقتاً بعد حله). يدخل ضمن اختصاصات الحكومة حق إدارة السياسة الأمنية وشؤون الدفاع الوطني والسياسة الخارجية، وتدبير قطاعي العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف. ويمثل وزراء الداخلية والدفاع الوطني والشؤون الخارجية والعدل والشؤون الإسلامية والأوقاف جزءاً لايتجزأ من الفريق الحكومي المتضامن والمسؤول أمام الناخبين والناخبات. تباشر الحكومة سلطة التعيين في كافة الوظائف المدنية السامية، ومناصب الإدارة الترابية والأمنية. تخضع كافة الإدارات والمؤسسات والصناديق العمومية لإشراف الحكومة ومراقبة السلطة التشريعية. الأجهزة الأمنية والاستخباراتية بكافة تشكيلاتها وأصنافها تُوضع تحت إشراف الحكومة ومراقبة السلطتين التشريعية والقضائية، ورئيس الحكومة يُعتبر بمثابة أعلى سلطة رئاسية بالنسبة لتلك الأجهزة. يُطْلِعُ الملك الحكومة على مضمون خطابه إلى الشعب، ويتلقى موافقتها قبل إلقائه. رئاسة الملك لمجلس الوزراء رئاسة شرفية، فرئيس الحكومة هو من يتولى إعداد جدول الأعمال وإعداد ظروف الاجتماع والدعوة إليه. الحصانة الكاملة لأعضاء مجلس النواب عند الإدلاء بالرأي. لمجلس النواب حق إصدار ملتمس بإقالة وزير من الوزراء بعد استجوابه. بعض المناصب الأساسية العليا المحددة بقانون تنظيمي تُستكمل مسطرة التعيين فيها بمصادقة لجنة مختصة من لجان مجلس النواب. وتُشترط المصادقة بنفس الطريقة على الوزراء المقترحين خلال التعديلات الجزئية. يُشترط في المرشح لانتخابات مجلس النواب التوفر على مستوى تعليمي يؤهله لحسن القيام بمأموريته. رئاسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية تُسند إلى أحد القضاة بالانتخاب. إحداث توازن في تركيبة المحكمة الدستورية، ورئيسها يكون بالانتخاب. إحداث توازن في تركيبة المجلس الأعلى للإعلام السمعي البصري، ورئيسه يكون بالانتخاب. اعتماد بنية دولة لامركزية ترتكز على الجمع بين الإفادة من التجارب العالمية الناجحة ومن الوجه الخلاق لتراث المغاربة عبر التاريخ. وبناء عليه، يمكن أن تباشر الدولة، حسب الظروف، تحويل عدد من اختصاصاتها لجهة من الجهات أو لبعضها أو كلها، ويثبت هذا التحويل عبر قانون تنظيمي مصادق عليه بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب. ثالثاً- إعداد أرضية الانتقال إلى الديمقراطية إن الانتقال إلى الديمقراطية يتطلب وجود إرادة سياسية، وإصلاحًا اقتصاديا واجتماعيا، وقيادة ناجعة ونزيهة، وانفتاحا سياسيًا، وتجاوبًا مع متطلبات محيط جيواستراتيجي، وبلورة وثيقة التعاقد الوطني الديمقراطي التي تحدد تنظيمًا للسلط مطابقًا لقواعد الديمقراطية، وتمنح ضمانات حماية الحقوق، وتكون ثمرة اقتناع مختلف الأطراف والحساسيات بأنها تخدم مصالحها وتفتح لها ذات الإمكانات المتاحة لغيرها. يجب أن نعمل على تحقيق تجميع أولي للهياكل التي يمكن أن تساهم في تشكيل جبهة الانتقال إلى الديمقراطية، وهذه الهياكل هي التي نشأت بفعل الدينامية المتولدة عن ظهور حركة 20 فبراير- وعلى رأسها الائتلاف المغربي من أجل الملكية البرلمانية الآن- والتي انخرط فيها أكاديميون وجمعويون ورجال اقتصاد وأحزاب ونقابات وإعلاميون مساندون عموماً للحركة، وداعمون لمطلب الملكية البرلمانية...الخ. كل هذه القوى الحية، والطاقات النضالية الفكرية يمكن أن تستثمر بشكل مسؤول وعقلاني جو الحراك الذي يعم المنطقة، وتباشر صياغة : مقومات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الضروري لمرحلة الانتقال إلى الديمقراطية. أسس الوثيقة الدستورية المطابقة لمتطلبات الانتقال إلى الديمقراطية في إطار الملكية البرلمانية. مقومات الإصلاح السياسي المصاحب للوثيقة الدستورية. يقع على عاتقنا كحزب المساهمة الفعالة والناجعة في تحضير الانتقال إلى الديمقراطية، والمساهمة النشيطة في توفير مستلزماته. لا يمكن أن نكتفي بوضع برامج خاصة بنا كحزب، بل يجب أن نقترح على بنيات وهياكل أخرى -سياسية ونقابية واجتماعية ومدنية وثقافية- أن تتبنى مشاريع تصب في هدف الانتقال، وعلى رأسها مشروع البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للانتقال انطلاقاً من فكرة إجلاء الطابع المخزني عن العلاقات العامة الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والسياسية والثقافية. هذه المبادرات والخطوات يتعين أن نباشرها بتنسيق وتعاون متينين مع رفاقنا في تحالف اليسار الديمقراطي (المؤتمر الوطني الاتحادي وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي)، وأن نعمل على توطيد أركان هذا التحالف، وإعطائه امتدادات محلية وقطاعية في أفق الارتقاء به إلى تبني صيغة وحدوية أكثر تقدمًا، مع الاستمرار في تمتين أواصر التعاون مع حزبي الأمة والبديل الحضاري المنخرطين معنا في المعركة الديمقراطية ضمن الائتلاف المغربي من أجل ملكية برلمانية الآن. كما يجب تعزيز العلاقات مع كل الهيئات اليسارية والديمقراطية والمنظمات الجماهيرية وإطارات المجتمع المدني والتيارات الفكرية والسياسية اليسارية غير المنظمة وكل القوى المتنورة والمناضلة من أجل التقدم، ومع التيار الثقافي الأمازيغي الديمقراطي والحداثي من أجل تكريس المكتسبات تعليماً وإعلاماً وقضاءً وإدارة، وتطوير كل الرمزيات الثقافية الأمازيغية ضمن ثقافة وطنية مواطنة، نهضوية، وتنويرية. وبالموازاة مع ذلك، يجب تطوير الحوار وطنياً ومحلياً مع تيارات ومناضلين في الأحزاب الديمقراطية والمكونات اليسارية ممن حصلت لديهم القناعة بضرورة العمل من أجل إعطاء مدلول ملموس لمستلزمات الزمن السياسي الجديد على مستوى حياتنا الحزبية المغربية، في أفق إنجاح مهام إعادة هيكلة الحقل السياسي وإعادة بناء اليسار. رابعاً- دعم وتطوير حركة 20 فبراير هناك أمام حركة 20 فبراير آفاق واعدة إذا ما حافظت على استقلالها وطابعها السلمي، وظلت وفية للتطلعات المشروعة للشباب المؤسس كما بلورتها الأرضية التأسيسية للحركة، وأكدت ارتباطها بأفق الانتقال إلى الديمقراطية الذي يحترم المعايير الكونية للديمقراطية وحقوق الإنسان. ولذلك يقع على عاتق مناضلي ومناضلات الحزب الاشتراكي الموحد واجب العمل الحثيث من أجل دعم وتطوير حركة 20 فبراير في إطار الأفق المذكور آنفا، والسعي الصادق لمعالجة الاختلالات التي تعيق النمو المنشود للحركة، ولضمان احتضان أفواج جديدة من الشباب والمواطنين والمواطنات وتعزيز الأمل لديهم في التغيير الديمقراطي.. هنا والآن. يمكن لحركة 20 فبراير أن تساهم في ربط حراكها بمختلف المظاهر الأخرى للحراك الديمقراطي السياسي والنقابي والمدني والثقافي داخل المجتمع على قاعدة السلمية والمسؤولية وحسن التأطير. ويمكن في هذا الصدد إعادة تقييم دور النقابات وإعادة ملاءمته مع ظروف الحراك القائم، وتدارك الخلل الحاصل في الحقل النقابي والمتمثل في عدم مواكبته للتوسع الحاصل في تحركات المواطنين القابلة للتأطير النقابي. كما يتعين السعي إلى: تعميم تكوين التنسيقيات المحلية في المدن. تعميم تكوين لجان الأحياء. ضمان التفاعل بين التنسيقيات المحلية. د- اعتماد الجموع العامة أساسًا لاتخاذ القرارات ولانبثاق جميع هياكل الحركة بطريقة ديمقراطية. إن التعبئة والحماس الذين يجب أن نتعامل بهما مع مهمة دعم حركة 20 فبراير، لا يعنيان أن الحركة أصبحت هي الحزب، والحزب أصبح هو الحركة، ولا يعنيان أننا أصبحنا نعتبر الحركة الوجه الوحيد لنضال منخرطات ومنخرطي حزبنا، ولا يعنيان أن الحركة استلمت وحدها مصير النضال الديمقراطي ببلادنا بمعزل عن كل القوى الديمقراطية الأخرى وأنها تحولت إلى حزب الشعب الوحيد وصوته الوحيد. جبهات نضالنا متعددة ومترابطة ومتكاثفة، ومهمة بناء حزب قوي وفعال وقائم على أسس بشرية ومادية متينة وأركان وطيدة، لا يتناقض مع الدور السياسي البارز الذي تلعبه حركة 20 فبراير، بل يمثل من بعض الوجوه رافدًا لتعزيزه ودعمه ومده بأسباب القوة والمناعة. خامساً- تعزيز عمل تحالف اليسار الديمقراطي والفضاء اليساري المرحلة الحالية تميزت بنجاح تحالف اليسار الديمقراطي في تحقيق إنجازين هامين على الأقل: تنظيم المناظرة الوطنية من أجل الملكية البرلمانية الآن، والتي انبثق عنها الائتلاف المغربي من أجل الملكية البرلمانية الآن، وكان ذلك حدثا سياسياً هاماً على الساحة الوطنية حقق بعضاً من متطلبات التجاوب مع اللحظة السياسية. التوصل إلى تحديد الأسس العامة لتصور مشترك بخصوص مسألة التغيير الدستوري، والاتفاق على موقف موحد من دستور 2011. ويمكن أن تتعزز مسيرة التحالف بتحقيق المزيد من الخطوات المشتركة من اجل الارتقاء بتحالف اليسار الديمقراطي إلى مستويات أعلى من العمل الوحدوي ، والحرص على تجنب منطق التحالفات الفوقية، وخاصة من خلال : الاتفاق على أسس تعزيز حضور وآداء المنظمات النقابية والجماهيرية التي يتواجد في صفوفها مناضلو الأحزاب الثلاثة، وتنسيق عمل أولئك المناضلين داخلها. هناك ضرورة ملحة لتغيير أسس التدبير النقابي في أفق الدمقرطة والعقلنة وتأمين الشفافية، وهناك ضرورة لتحديد مكانة العمل النقابي في سياق النضال العام من أجل التغيير الديمقراطي وبناء مجتمع العدالة الاجتماعية والكرامة. الاتفاق على أرضية الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المطلوبة في مغرب اليوم. تنسيق جهود مناضلي أحزاب التحالف النشطاء داخل حركة 20 فبراير، وتنظيم مناظرة وطنية للتحالف خاصة بتدارس أوضاع الحركة وسبل تطوير نضالاتها وتعزيز استقلالها، والانفتاح على النشطاء المنتمين إلى القوى اليسارية الديمقراطية والحداثية الأخرى، الذين يمكن لهم لعب دور قاطرة لتحالف ديمقراطي واسع يجمع كل من يتبنى الربط بين السيادة الشعبية واحترام الحريات وفصل السلطات واعتماد الوسائل النزيهة في الساحة، والاستقلال عن أجهزة الدولة ورفض الوصاية المخزنية على المؤسسات السياسية واستيعاب المكونات الثقافية والسياسية والفكرية لحداثة القرن الواحد والعشرين. وضع النواة الأولى لإنشاء منظمة وطنية للشباب التقدمي العامل ضمن حركة 20 فبراير. إنشاء منظمة وطنية موحدة للنساء. وضع خطة للعمل المشترك في الوسط الطلابي والتلاميذي والاتفاق على يومية الخطوات والمبادرات الهادفة إلى استنهاض الطاقات النضالية للطلبة والطالبات والتلاميذ والتلميذات ذات الأفق اليساري والتقدمي. أما بالنسبة لتجربة فضاءات الحوار اليساري التي رأت النور قبل عشرين فبراير، والتي تمثلت في شكل ملتقيات للحوار بين يساريين منتمين إلى أحزاب متعددة، فإنها اليوم في حاجة إلى استشراف أفق جديد بالتزامات جديدة. وهكذا يمكن أن يُوكل إلى الفضاء اليساري أمر إنجاز المهام التالية : اتخاذ مواقف مشتركة ملزمة، وخوض نضالات موحدة، والقيام بمبادرات ومعارك وخطوات مشتركة. دعم حركة 20 فبراير وتعزيز حضورها واستقلالها. تسريع النضال من أجل وحدة القوى اليسارية على قاعدة التجديد، والنقد الذاتي، وتجاوز مرحلة سياسية بكاملها. يعني ذلك من الناحية العملية : * أن تتوارى إلى الخلف كل الرموز والشعارات والمفاهيم التي أطرت رهان العبور إلى الانتقال الديمقراطي عبر المشاركة الحكومية لعام 1998 وقبول دستور 1996 ثم عبر مشاركة 2002 و2007. * أن يتم الاعتراف بفشل هذا الرهان، واتخاذ كل ما يترتب عن ذلك موضوعيًا. المسؤولية السياسية تقتضي الوقوف اليوم على نقاط الضعف والتناقض التي مهرت موقف قبول التناوب التوافقي، وما رافقه من تنازلات استراتيجية وسلوكات غير محسوبة، وتفريط في أبسط واجبات الانتماء إلى صف الحداثة والتقدم والديمقراطية. * ألا تكون خطة اليسار في المستقبل، امتدادًا لذات الخطة التي أوصلته إلى حالة الأزمة، وتسببت في تبديد مخزونه من الطاقة والمصداقية. وبالتالي، فإن إعادة هيكلة مجتمع اليساريين يتطلب وضع الهياكل الملتزمة باحترام جوهر وروح البرنامج والرؤية اليساريين، واعتماد الوسائل النزيهة والتخلي عن قبول جلب الأعيان الوافدين من الأحزاب الإدارية، وفضح كل التجاوزات بشكل مبدئي وعام، ومحاربة الفساد بدون أي تحفظ، واعتماد بنية حزبية عصرية تمنح لأصحاب الرأي المعارض ضمانات ديمقراطية وتنظيمية، والتشبث بمطلب الملكية البرلمانية الآن، وتجنب التحالفات غير الطبيعية والمشاركات الحكومية غير المبررة ديمقراطياً، والحفاظ على الاستقلالية إزاء جهاز الدولة. سادساً- النضال من أجل تحقيق الشروط العامة للانتخابات الحرة والديمقراطية إن مهمتنا اليوم، هي النضال من أجل فرض تحقيق شروط للانتخابات تمنح الناخب والناخبة اطمئنانا بأن البلاد دخلت مرحلة جديدة، وذلك بالعمل على : إحالة ملف الإشراف على الانتخابات إلى هيأة مستقلة، متوافق بشأنها، ولها كامل الصلاحيات، وتشرف على إدراج جميع حاملي البطاقة الوطنية المؤهلين تلقائيا في لائحة الناخبين، ووضع نظام انتخابي متوافق عليه يضمن انتخابات حرة ونزيهة وفق المعايير الدولية. التصدي للمشكل الرئيسي للانتخابات المغربية، والمتمثل في تحليل ومعالجة عوامل عزوف الأغلبية الساحقة من الناخبين والناخبات عن التصويت وعدم ثقتهم في المسلسل الانتخابي برمته، عوض اختيار أسلوب الاكتفاء بالنقاش التقني. إرفاق الإعداد للانتخابات بإجراءات للإصلاح وتدابير تترجم وجود إرادة سياسية حقيقية للتغيير، عبر إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وتأمين حرية التعبير والتظاهر السلمي ورفع كل أشكال التضييق على الصحافة، وتوفير شروط عودة المنابر التي كانت ضحية خطط للتصفية. القطع مع كل أساليب الاعتقال والتهديد والمحاصرة والتعنيف والتشويه التي يتعرض لها مناضلو حركة 20 فبراير على وجه الخصوص، وإلغاء قانون الإرهاب، وفتح تحقيق شامل بخصوص ممارسات مختلف الأجهزة الأمنية منذ 16 ماي 2003 وإنهاء الإفلات من العقاب لكل من ثبت تورطه في الاختطاف والتعذيب والقمع. توفير الآليات العملية لضمان مراقبة الأجهزة الأمنية من طرف البرلمان وإشراف الحكومة على تلك الأجهزة، وإزاحة المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من كافة مواقع المسؤولية، وإحالة المسؤولين عن ملفات الفساد على القضاء، ووضع مخطط استعجالي لتقويم الحال الاجتماعي ومعالجة الأزمة الخانقة التي تتخبط فيها مختلف الفئات الشعبية خاصة عبر برمجة إجراءات تشغيل العاطلين ومساعدة العائلات المعوزة ورفع مظاهر التهميش وسد الخصاص في الخدمات الحيوية لعموم المواطنين والمواطنات، وتنفيذ توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة في إطار تأويل يتماشى مع المقتضيات المعروفة للعدالة الانتقالية. تصفية الملفات القانونية العالقة لعدد من الأحزاب، واتخاذ الإجراءات التي تضمن مشاركة واسعة في الانتخابات من طرف مختلف أطياف المشهد السياسي. إعمال شروط انفتاح الإعلام العمومي، وحل مشكلة الأحزاب الإدارية، وتصفية ملابسات الامتيازات غير المشروعة التي حظيت بها بعض الأحزاب، واتخاذ الإجراءات التي تضمن عدم تكرار المس بحيادية أجهزة الدولة، ومعاقبة المسؤولين. ربط التحضير للانتخابات بسياق الإعداد لهيكلة مؤسسية قادرة على ضمان آداء الاقتراع لمعناه الجوهري ووظائفه الأصلية. وعلى كل حال، وكما هو معلوم، فإن مهمة الحسم في مشاركتنا أو عدم مشاركتنا في أية محطة انتخابية، تعود إلى مجلسنا الوطني الذي يتخذ القرار بشكل ديمقراطي وشفاف عشية كل انتخابات. سابعاً- تكثيف النضال الفكري والثقافي التحولات الجارية بالمنطقة، ومطالبة شعوبها بالحرية والتغيير، ستجدد اتقاد النقاش الثقافي، ويجب أن يكون لحزبنا بحكم موقعه كقوة للتجديد والاقتراح، دور بارز في تأجيج النضال من أجل ترسيخ قيم الحداثة والتنوير والمواطنة والمساواة بين الرجال والنساء في المجتمع المغربي، وهذا يتطلب : التذكير مجدداً بما جنته الإنسانية جمعاء من فوائد جمة نتيجة الفصل بين مجال السلطة الدينية ومجال السلطة السياسية، ونتيجة انتصار العقل والمساواة والقانون الوضعي. لا يستطيع أحد أن ينكر اليوم، أن في كل مجتمع من المجتمعات الحديثة هناك قدر من مظاهر العلمنة يحكم مؤسساته وعلاقاته، أفرزه التطور الإنساني وحاجاته الملحة. القوى الماضوية لا تستطيع مواجهة هذا التطور بوضوح ولذلك فهي توجد في موقع دفاعي، وتحاول عبر أساليب ملتوية أن تحد من مدى وآثار تلك المظاهر التي فرضها انتشار الديمقراطية. وبما أن القوى المشار إليها آنفا لا تجرأ على مناصبة الديمقراطية العداء علنًا، فإنها تسعى إلى "تلغيمها". التذكير بأن الحداثة باعتبارها تعبيراً عن مركزية الإنسان وموضوعية الطبيعة ولاغائية التاريخ، هي ثمرة لتطور إنساني يهم البشر جميعاً رغم كل الاختلافات الثقافية والتاريخية والاقتصادية والاجتماعية. مقارعة الإيديولوجيا الرأسمالية المتوحشة، فالوقائع على الأرض تثبت أنها تمثل مصدراً دائماً لتوالي الأزمات، وتهدد الحياة، والبشر، ومستقبل البيئة، وكوكب الأرض، وتمس بعلاقات المساواة والسلم والتضامن التي يجب أن تسود بينهم. ولكن ذلك لا يجب أن يعفينا من واجب المساهمة في تجديد الفكر الاشتراكي، على الأقل من خلال الزوايا الثلاث الآتية : * إحكام الربط بين الديمقراطية والاشتراكية في وصفة واحدة لمشروعنا المجتمعي. * مواكبة الأسئلة والمتطلبات التي يفرض مسار العولمة كمعطى موضوعي على الفكر الاشتراكي معالجتها بنظرة متجددة ومتحررة من بعض مسلمات الماضي. * إعادة تحديد مكانة الحركات الاجتماعية في التغيير الاجتماعي. تأكيد ضرورة احترام التعدد الثقافي واللغوي في المجتمع، واعتبار أن قضية النهوض بالثقافة والهوية الأمازيغيتين، ليست قضية الدولة وحدها بل هي قضية كل مواطن مغربي، وتكثيف النضال من أجل توفير الشروط التنظيمية والعلمية والمادية والبشرية لتفعيل مبدأ رسمية اللغة الأمازيغية، وتشجيع مبادرات وبرامج البحث والإبداع والتوثيق المرتبطة بالثقافة الأمازيغية، وتحويل المعهد الملكي إلى مجلس وطني دستوري مكلف بتتبع ومواكبة ومراقبة ودعم جهود تنفيذ التزامات الدولة فيما يخص قضايا الثقافة واللغة الأمازيغيتين، وتدريس تاريخ المغرب في شموليته وعبر تطور كل المراحل التي ساهمت في صنع عناصر هويته. وفي هذا الإطار يتعين على الحزب التخلص من الارتباك وعدم الانتظام الذي يطبع طريقة تعاطيه مع المسألة الأمازيغية، وتشكيل لجنة حزبية قارة لمتابعة تنفيذ الالتزامات الحزبية بخصوص المسألة الأمازيغية، وتكثيف خطوات النضال والضغط من أجل تنفيذ الالتزامات الرسمية في الموضوع، وفق منظور ديمقراطي شامل. تجذير فكر المواطنة الذي يربط بين الحقوق والواجبات في نفس المعادلة. تعميق الاقتناع بأن العمل وسط المجتمع المدني من أجل انتصار قيم التنوير لا يقل نضالية عن العمل السياسي المباشر. العمل على حماية مكتسبات المرأة المغربية وتمكينها من انتزاع المزيد من الحقوق التي تجسد تحررها وفي مقدمتها حق المساواة، وإزاحة كل العراقيل التي تحد من دورها في المجتمع. النضال من أجل إنقاذ المدرسة العمومية المغربية وتطوير دور النقابات والهيئات التربوية والمدنية في إبراز حيوية دور رجال ونساء التعليم في تكوين أجيال جديدة على قيم الانفتاح والمواطنة والتسامح والعقل وتجذير الفكر النقدي والمقارن، وإعطاء البحث العلمي في الجامعات كل الإمكانيات ليساهم في التطور العلمي الصناعي والاقتصادي والاجتماعي لبلادنا، ودعم اللغتين الرسميتين والعمل على تطويرهما وتحديثهما، مع تنويع الانفتاح على اللغات الأجنبية خاصة تلك المنتشرة ثقافياً والمبدعة علمياً. بلورة منظور لهوية الفرد والوطن، لا يحصرها في الانتماء الديني وحده، رغم كونه مكوناً أساسياً فيها، ولا يربطها بما كنا عليه فقط، بل يفتحها أساسًا على ما نريد أن نكونه. التذكير بأن تقدم الشعوب رهين دائماً بإعادة قراءة تراثها الثقافي بمنهجية عقلانية وبروح نقدية وعلمية. التأكيد على أن القراءة المقاصدية والمتنورة لتراثنا الديني يمكن أن توفر لمجتمعنا أدوات المصالحة التاريخية مع الحداثة والتقدم والحرية. إن التدبير الديني الرسمي، ينطلق أولاً وقبل كل شيء من الدفاع عن مصالح سياسية. فهو يستعمل الدين لتكريس تفوق السلطة التاريخية وتأخير الموعد الديمقراطي، وهو يتظاهر بالتميز عن الوهابية لتغطية نوع خاص من الانفتاح على الخارج، ولكنه يتحالف مع منطلقات الفكر الوهابي للإجهاز على حرية الاعتقاد والحد من مجالات الحقوق والحريات مثلاً. مواجهة التضليل الإيديولوجي للمخزن، الذي يعتبر مثلاً أن قضايا التشغيل والتنمية هي مجرد قضايا تقنية وقضية خبرة. ثامناً- إنجاز تغيير حزبي داخلي عميق هناك سؤال أساسي لا يمكن التهرب من مواجهته وهو التالي : لماذا لم نستطع رغم التجديدات التنظيمية التي كنا رواد إدخالها إلى الفضاء الحزبي المغربي -كاعتماد التيارات ومدونة السلوك والتصريح بالممتلكات واعتماد مراقبين من خارج الحزب لمتابعة الانتخابات الداخلية- ورغم ترديد الشارع اليوم لعدد من شعاراتنا، أن نحقق التقدم التنظيمي المنشود، وظلت بنياتنا الحزبية تشكو من عطب مزمن يخترق جميع الأجهزة ونتحمل مسؤوليته جميعا. يزداد الاقتناع بين مناضلينا يوماً عن يوم بضرورة بذل مجهود خاص لمعالجة مشكل الغيابات التي تعرفها الاجتماعات المركزية والقطاعية والمحلية، ولتمكينه من وسائل متابعة مجريات الحياة الحزبية وتوجيهها والعمل وفق تحديد عقلاني للأولويات وتنسيق أنشطة الأعضاء والقطاعات والفروع والجهات. ويزداد الاقتناع بضرورة معالجة العجز المزمن في مالية الحزب، والسعي للتغلب على مشكلة "اللامرئية"، وتقوية أدوار شباب الحزب، وتطوير تجربة التيارات وتحويلها إلى أداة لاستنفار الاجتهاد وإنتاج الأفكار وإذكاء روح التباري الخلاق بين الحلول والشعارات والبرامج المطلوبة حزبيا لمواجهة التحديات التي يطرحها الوضع السياسي. كما يزداد الاقتناع بضرورة التغلب على ظاهرة تشتت عمل مناضلي الحزب في النقابات والجمعيات والإطارات المدنية، وعدم خضوعه لخطط محكمة الإعداد وتنسيق يضمن تحصيل التراكمات المطلوبة. إن المؤتمر الوطني الثالث ينبغي أن يمثل محطة انطلاق حزبي جديد، وتدشينا لتغيير داخلي شامل. يجب أن نتصرف كما لو كنا بصدد عملية إعادة تأسيس الحزب من جديد، في أفق إرساء سيرورة ثقافة حزبية مواطنة، قاعدتها التعاقد الجماعي الواعي والاحترام الكامل لرابطة القانون. يجب أن نعتبر مهمة إعادة بناء حزبنا تنظيميًا من أولى مهماتنا اليوم، والتي يجب على مناضلاتنا ومناضلينا النهوض بها باعتبارها واجباً نضالياً على كل واحد منهم، وباعتبارها عملاً لا يقبل التأجيل أو التعليق. وعلى القيادة المنبثقة عن المؤتمر، أن تنطلق من أن الوضع التنظيمي القائم حاليًا في الحزب، لا يمكن أن يستمر، ولا يجب أن يكون مبعث رضى أي مناضل أو مناضلة. يجب أن نعترف جميعًا بتقصيرنا، وأن نساعد قيادتنا المقبلة على إبداع طرق تغيير الحال التنظيمي ووسائل التصدي للمشاكل المطروحة على مستوى أداتنا الحزبية، بكل شجاعة وبروح النقد الذاتي وبتعالٍ عن الحسابات الشخصية أو الحلقية. الزمن السياسي الجديد يفرض التحرر من ربقة المحافظة، بما فيها تلك المتصلة بآدائنا التنظيمي. ولا معنى لاستمرار جو اللامسؤولية وسلوك ترك الحبل على الغارب والاكتفاء بتبادل الإلقاء بالمسؤولية، والعمل بإيقاع بطيء ومتثاقل لا علاقة له بإيقاع التحولات المتسارعة اليوم في بلادنا ومنطقتنا. وإذا لم ننهض من حالة التحلل والارتخاء التنظيمي، فمعناه أننا نقبل بأن يكون مصير كياننا الحزبي هو الانقراض والتواري والاندثار. فمهما كان وضوح الرؤية السياسية، فإنها دائمًا في حاجة إلى حد أدنى من الوجود التنظيمي القار والمتحرك واليقظ للتجاوب مع متطلبات المرحلة وإعطاء معنى ملموس للشعارات والأفكار المرفوعة. إننا اليوم، وبجانب وجود آفاق وحدوية أو اندماجية، تمثل المآل الطبيعي لمسلسلات أطلقناها سياسيًا، فنحن في جميع الأحوال محملون بواجب بناء حزب حقيقي أولاً، والقطع النهائي وإلى غير رجعة مع نزعة اعتبار الحزب الاشتراكي الموحد من الناحية العملية مجرد تيار أفكار، أو حلقة أو حلقات للتأمل النظري والتعليق على الأحداث أو ناديًا مفتوحًا للنقاش. إن الحزب السياسي يعني : وجود هياكل بشرية ومادية. انتظامية في اجتماعات وعمل الأجهزة والمؤسسات. وضوحًا في معايير العضوية أي تمييزاً دقيقًا بين العضو العامل والعضو المتعاطف أو النصير، وبين من يوجد داخل الحزب ومن يوجد خارجه. القدرة على التوالد والتناسل، فذلك هو جوهر وروح فكرة التنظيم، وكل حزب عاجز عن التوالد والتناسل واستقبال أفواج جديدة من المناضلين لا يمكن له أن يطمئن على مستقبله. درجة عالية من التعاون والتعاضد والتضامن بالشكل الذي يمكن الحزب من استثمار كامل الطاقات المتوفرة له والاستخدام الأقصى لما يمتلكه من إمكانات. سيادة ثقافة المحاسبة والمسؤولية، فلا يمكن أن تظل الاختلالات بدون رصد وتتبع ومساءلة المتسببين فيها، ولا يمكن أن تظل الخطط التي باءت بالفشل بدون مراجعة وتعديل وتقويم، وإلا سادت اللامسؤولية والفوضى وتَرَسَّخ الشعور بأن من حق كل مناضل من مناضلي الحزب أو هيئة من هيئاته أو جماعة من أعضائه، أن يباشر ما يحلو له من التصرفات وأن ينتحيَ الوجهة التي بدت له وأن يتخذ له من السبل ما يراه بدون أي تمحيص أو اكتراث بالعواقب. وجود برامج ومهام ملموسة مسطرة مسبقاً على المستويات الوطنية والمحلية والقطاعية، والاستهداء بها في العمل، والحرص على إيجاد توافق بين ما يتم تسطيره من برامج ومقررات ووثائق مكتوبة وما يتم إتيانه من ممارسات ومواقف، وبذلك نحافظ على قيمة المرجعيات المكتوبة. علينا العمل على : تعزيز الريادة التنظيمية للحزب بواسطة مزيد من الضمانات الكفيلة بتفعيل حقوق الأعضاء والتيارات وواجباتهم، ومن خلال بذل المزيد من الجهود لتثمين ميزة التعدد والتنوع في الاجتهاد التي تمثل أبرز نقطة مضيئة في المسار التنظيمي للحزب. وضع نظام داخلي جديد لعمل المكتب السياسي يضمن قواعد المحاسبة وتوزيع المهام والإعداد الجيد للاجتماعات، وإعادة صيغ التنسيق مع سكرتارية المجلس الوطني ومع لجانه الوطنية وضمان سيولة المعلومات بين مختلف هياكل وأجهزة الحزب. تحديد وسائل تنشيط لجنتي التحكيم والمراقبة المالية. إعادة النظر في طريقة عمل المجلس الوطني وتنظيم ندوة وطنية خاصة بوضع قواعد العمل الجديدة داخله وبضمان تتبع عمل الأعضاء والمحاسبة على آداء الالتزامات المادية والمعنوية. التزام الحزب بتنظيم ندوة داخلية نصف سنوية، وجامعة صيفية مفتوحة وسنوية يعرض فيها خلاصات تقييمية للسياسات العمومية، ويقدم فيها تقريرا دوريا بتعاون بين خبراء وخبيرات وأكاديميين وأكاديميات من داخل وخارج الحزب. القيام بحملة وطنية لدعم مالية الحزب وإبداع طرق جديدة لتحصيل المداخيل كمردود الحفلات والأنشطة الفنية والثقافية، واشتراط إرفاق طلب الترشيح لعضوية المجلس الوطني بشهادة من لجنة المالية الحزبية عن وضعية المرشح بالنسبة لالتزاماته المالية. تكليف فريق قار من المناضلين والمناضلات بالتفرغ للإشراف على الموقع الإلكتروني للحزب وإصدار نشرة حزبية شهرية. تعزيز وظيفة سكرتارية المجلس الوطني بالشكل الذي يحولها إلى قيادة وطنية مشرفة على عمل الجهاز التقريري، ومسؤولة عن تجويده وإغنائه، ومتابعة لعمل أعضائه وعضواته ولجانه، ومكلفة بمعالجة الاختلالات التي يعرفها هذا العمل. تعيين مدير عام أو مديرة عامة للمقر المركزي للحزب، وتشكيل لجنة خاصة بمتابعة أوضاع المقرات الحزبية وبالإشراف على تنفيذ برنامج لتكثيف تواجد المقرات. اعتماد جهوية حقيقية في التنظيم الحزبي، وتكليف القيادات الجهوية بتدبير جل الإشكالات المرتبطة بالتنظيم الحزبي وبالمساهمة الفعالة في إنجاح برامج التكوين والإشعاع على مستوى الجهة. إعادة هيكلة قطاعي الشباب والنساء، بالطريقة التي تضمن أكبر قدر من التعاون والتنسيق مع هياكل الحزب، وتكليف لجنة وطنية حزبية بالتفرغ لمهمة إعادة الهيكلة هذه. إن التفكير في المسألة الشبابية هو تفكير في مستقبل الحزب، ولهذا يتعين علينا هجر سلوك الاستهانة بحجم الخصاص الذي نعانيه كحزب على مستوى الوفادة الشبابية. لقد ساهمت حركة 20 فبراير في مد الحزب بدماء شابة جديدة، ولكن ذلك لم يترتب عنه حل "المشكلة الشبابية" داخل الحزب. هذه المشكلة ليست مشكلة قطاع الشباب الحزبي وحده، بل هي مشكلة تستدعي تدخل ومساهمة كل مناضلي الحزب، ويتعين أن نمنح الأسبقية لمعالجتها في تحركاتنا وبرامجنا، وأن نبدأ بتدشين حوار بين الحزب وشبيبته في أفق تحقيق الهدفين التاليين : * إصلاح الأعطاب التنظيمية للقطاع الشبابي الحزبي. * وضع خطة عملية للانفتاح على الشباب. إعادة الاعتبار لوظيفة الفرع الحزبي بوصفه الإطار الأساسي للعمل الحزبي والأداة الأصلية للاستقطاب والتنظيم ومتابعة الحياة العامة في الدائرة الجغرافية للفرع وصلة الوصل الرئيسية بين الحزب والمواطنين والمواطنات. وفي هذا السياق، فإن انخراطنا في إطار تحالف اليسار الديمقراطي، وسعينا لتكثيف العمل المشترك بين مكوناته على الصعيد المحلي، لا يعني طبعًا بحال من الأحوال، حرمان فروعنا الحزبية من إنتاج مبادرات مستقلة أيضًا، ولا يعني استصغار قيمة تلك المبادرات والإمساك عن دعمها. تنظيم عمليات توزيع بطائق العضوية خلال موسم وطني موحد وعبر حفلات مفتوحة تنظمها الفروع، واعتماد حملة عبر الانترنيت لتجميع توقيعات مساندة مواقف الحزب الاشتراكي الموحد. أخذ المبادرة بتنظيم اكتتاب وطني لإنشاء دار نشر ومطبعة وجريدة يومية ناطقة باسم اليسار الديمقراطي، في إطار نوع من التوزيع المتوازن للأسهم، على أساس ميثاق يحدد الأهداف الأساسية للمشروع وآليات التدبير والمواكبة وضمان الشفافية. لقد أظهرت التجربة العملية أن ضمان إيصال أفكارنا ومشروعنا إلى أوسع الشرائح الاجتماعية، لن يتم فقط عبر الوسائط الالكترونية، وأن الجرائد الورقية لازالت تلعب دورًا في تأمين القدر المطلوب من "المرئية" والإشعاع. ولذلك يتعين بذل المجهود المطلوب لإصدار صحيفة دورية تسمح بالمساهمة في توجيه الرأي العام وتنويره ومنحه فرص الوقوف على الحقائق والمواقف والأخبار التي يعمل على محاولة تغييبها جهاز إديولوجي رهيب متعدد الأذرع. حل الإشكالية الخاصة باختيار المنظمات الجماهيرية والنقابات التي يتقرر أن يباشر من خلالها مناضلو الحزب نشاطهم الجماهيري والنقابي. ففيما يتعلق بعمل المناضلين حالياً داخل النقابات، نلاحظ : * خضوع العمل لتسيب مطلق، فنقابيو الحزب موزعون عبر أربع مركزيات نقابية وطنية، وجزء آخر منهم اختار العمل في نقابات مستقلة عن أية مركزية، وكل مجموعة من هؤلاء النقابيين متشبتة برأيها. هناك وضع ورثناه عن مرحلة ما قبل اندماج المكونات المؤسسة للحزب، ولكننا لم نُخْضِعْهُ بعد لقراءة شاملة متجددة، علما بأن هذا الوضع غير موجود في أي حزب من الأحزاب الأخرى، وينم عن افتقادنا لوضوح في تحليل الواقع النقابي المغربي ورسم خطط العمل داخله. * عدم مواكبة الأجهزة الحزبية الوطنية لعمل المناضلين في المنظمات التي يتواجدون بها، وانطلاق كثير من المناضلين من الشعور بأنهم غير معنيين بتقديم الحساب لبقية رفاقهم في الحزب. * غياب التنسيق بين النقابيين الحزبيين العاملين بمختلف النقابات، بل أحيانًا حتى بين النقابيين الحزبيين العاملين بنفس النقابة. بناءً عليه، نرى من واجب القيادة المقبلة الحرص على عقد لقاء وطني لتطارح هذا الإشكال الجوهري وفتح مداخل معالجته بروح المسؤولية الجماعية وبالشكل الذي يضمن التناغم والانسجام بين خطنا السياسي والتزاماتنا مع حلفائنا من جهة، وبين مختلف أشكال تواجد وعمل مناضلينا من جهة ثانية، وبالطريقة التي تجعلنا نتقدم على طريق تعزيز الاندماج الداخلي الذي نعتز به جميعًا. الاتصال بالمناضلين والمناضلات الذين توقفوا عن العمل الحزبي وبرموز اليسار التي انقطعت عن العمل السياسي الحزبي، من أجل حثهم على استئناف أنشطتهم والاستنارة بأفكارهم وآرائهم وملاحظاتهم. تاسعاً- بناء تكتل مغاربي وتقوية روابط اليساريين في الفضاءات العربية والمتوسطية والإفريقية والعالمية الوضع ملائم لإعادة صياغة العلاقات الشعبية المغاربية وبناء تكتل ديمقراطي جديد، فأمام التطورات التي تمر منها المنطقة وما توفره من إمكانات تدفع في اتجاه تقوية العلاقات والتواصل مع القوى الديمقراطية والتقدمية المغاربية، يتعين على حزبنا العمل على تقوية هذه العلاقات لمصلحة الشعوب المغاربية من خلال : تعزيز التعاون وتبادل الدعم لإنجاح معارك الانتقال إلى الديمقراطية مغاربياً، والحفاظ على النفس النضالي الجماهيري القائم وتقويته. القيام بخطوات نضالية مشتركة (كالمطالبة بفتح الحدود بين المغرب والجزائر). المساهمة في العمل من أجل وحدة البلدان المغاربية، وبلورة تصور مشترك لهذه الوحدة، والمراحل المؤدية إليها وأسس بناء التكتل الاقتصادي الجهوي. المساعدة في إعداد الظروف العامة الملائمة لحل قضية الصحراء، وتجنيب المنطقة خطر التوتر والاحتقان. المساهمة في توفير شروط تقوية الموقع التفاوضي لبلدان المنطقة في علاقاتها المتوسطية والعالمية، وضمان وسائل الدفاع الأحسن عن مصالح البلدان المذكورة. ويتعين على حزبنا السعي لتقوية صلاته مع اليساريين في الفضاءات العربية والمتوسطية والإفريقية والعالمية، مستغلاً في ذلك أوضاع الأزمة المالية العالمية التي تثبت اليوم أن المسار المنطقي للرأسمالية هو توالي الأزمات، وأن السوق لا يستطيع أن يضمن المستقبل الآمن لبني البشر، وأن الخيار الليبرالي لم يستطع أن يخلق بديلاً عن تدخل الدولة، وأن اتساع الفوارق والفقر لم يعد يهم بلدان الرأسمالية المتخلفة فقط، وأن الحركات اليسارية في العالم تستطيع التقدم والازدهار كلما ربطت نضالها العملي والفكري بالحركات الاجتماعية وكلما أحسنت التقاط الأسئلة الجديدة. علينا العمل على توسيع إمكانات التعاون وتبادل التجارب مع يساريي ويساريات المناطق العربية والمتوسطية والإفريقية والعالمية، من أجل نظام عالمي جديد وعادل يضمن حق الشعوب في المساهمة في بناء مستقبل الإنسانية على أسس مشتركة ومتكافئة، والمساهمة في تجديد الفكر الاشتراكي وصياغة أجوبة اليسار على تحديات الحاضر، وإعطاء معنى ملموس للتضامن الإنساني ضد الفقر والجوع والمرض والحرب والاستبداد والاستغلال والفساد، وضد تدمير الطبيعة والبيئة، وإحلال مبدأ التبادل العادل محل التبادل الحر، وضمان تدبير الخدمات العمومية الأساسية من طرف ممثلي الهيئات العمومية، وإعمال الضبط على صعيد النظام المالي الدولي، والحفاظ على الحياة لفائدة الأجيال القادمة، وإخضاع المؤسسات الدولية لنظام حكامة جديد، يحرر الهيئات المالية من الخلفية التجارية ويحرر الهيئات السياسية من الهيمنة ويكفل دمقرطة بنياتها. كما يتعين علينا الدفع إلى أقصى مدى ممكن بالمشروع الديمقراطي بالشكل الذي يؤمن لأوسع الجماهير الإفادة من ترسانة الحقوق التي تشهد موجات اغتناء واتساع مشهودين وخلق آليات التفعيل العملي للديمقراطية التشاركية. كما يقع على عاتقنا أيضاً تعزيز النضال المشترك للشعوب من أجل استبعاد الخطر النووي والهيمنة الامبريالية ومن أجل التحرر والسلام والتعايش الإنساني، وخاصة نضال الشعب الفلسطيني ودعم حقه في المقاومة المشروعة من أجل بناء دولته المستقلة بعاصمتها القدس، مع التصدي للتطبيع مع الكيان الصهيوني باعتباره رمزاً للإرهاب والعنصرية. عاشرًا- فتح فضاءات جديدة للفعل الشبابي إننا لا نتعامل مع مقولة الشباب بمعنى الانتصار لجيل على حساب جيل، بل نبتغي تملك القدرة على حسن مخاطبة الجيل الجديد وفهم متطلباته والإنصات إليه والتواصل معه، والاستفادة من إبداعه وإنجازاته، ولذلك يتعين علينا خصوصاً : السعي لبناء منظمة للشباب الديمقراطي المغربي على قاعدة الطاقات الشبابية العاملة في حركة 20 فبراير، والمقتنعة بالدولة المدنية الديمقراطية، والملكية البرلمانية، وحقوق الإنسان والحريات الجماعية والفردية بمعناها الكوني، والمساواة بين المرأة والرجل. وضع خطة لإعادة هيكلة القطاعين الطلابي والتلاميذي، بشكل مواز ومتناغم مع تصور بناء المنظمة الشبابية. رسم إستراتيجية جديدة لاستثمار شبكات التواصل الحديثة من أجل حسن تسويق الأهداف الكبرى لبرنامجنا، وخاصة بين الشباب.
في التجربة السياسية للمغرب المستقل، انطلقت في 1976-1977 مرحلة كان يسميها البعض بـ "المسلسل الديمقراطي". وفي 2007-2009 انتهت عمليا هذه المرحلة بعد أن قرر أربعة أخماس الناخبين والناخبات ألا يدلوا بأصواتهم. لقد ملُّوا طقساً معيناً، ونفضوا أيديهم من عملية لم تعد مجدية بالنسبة إليهم. المرحلة المنتهية هي مرحلة "الهامش الديمقراطي" الذي كان المفروض أن ينمو ويصلب عوده وينقلنا حسب إستراتيجية النضال الديمقراطي إلى مرحلة أرقى. فرض النظام البرنامج الملكي كطريق وحيد للتنمية، وتبارت أغلب الأحزاب في دعم هذا البرنامج، كل بطريقته. وتَلاَزَم انتهاء المرحلة مع تفاقم أزمة أغلب النخب الحزبية. الأحزاب اليسارية المشاركة في الحكومة انتهت إلى الاندماج شبه الكلي في اللعبة، والأحزاب اليسارية المعارضة لم تستطع تعبئة الجماهير خلفها، وانعكست على هذه الأحزاب أيضاً الآثار الوخيمة لفشل ما سُمِّيَ بـ "التناوب". وفي 20 فبراير 2011 نزل قطاع كبير من شبيبة المغرب إلى الشارع مطالبا بإسقاط الاستبداد والفساد، في إطار انتفاضة جماهيرية شملت أكثر بلدان المنطقة المغاربية والعربية، وأدت حتى الآن إلى سقوط ثلاثة أنظمة. لسان حال شباب حركة 20 فبراير يقول: لا يمكن أن نتحمل لسنوات أخرى غياب الديمقراطية. هذا الحدث الكبير يدفعنا إلى إعادة التفكير في أسلوب نضالنا الديمقراطي، وإعادة الاعتبار لدور الشارع ودور الجماهير المباشر. تمكنت حركة 20 فبراير في بضعة أسابيع أن تخلف من الأثر ما لم يخلفه نضال سنوات بالمؤسسات، وفتحت أملاً جديداً في التغيير. النظام السياسي لم يتخلص من عادته في احتكار السلطة والثروة، واختار أن يقدم -كما كان الحال في بعض المراحل السابقة- تنازلات سياسية، بدون أن يتنازل عما هو جوهري، وبدون أن يسلم بضرورة ربط القرار بصناديق الاقتراع والاعتراف للشعب بالسيادة، وجاء الدستور الجديد ليمنح الملكية حق التدخل في القرار الذي يجب في الأصل أن يعود إلى المنتخبين والمنتخبات. ثم جاءت انتخابات 25 نونبر 2011 لتؤكد مرة أخرى استمرار قاعدة أن واحداً من كل خمسة مغاربة هو الذي يصوت عملياً، وأن أكبر "كتلة انتخابية" هي الأوراق الملغاة، وأن القبول الرسمي بتصدر حزب أصولي للنتائج المعلنة، يُراد به الإيحاء أن الانتخابات كانت نزيهة لأنها مكنت من حصول "تناوب" جديد، وأن دستور 2011 كان جيداً لأنه تضمن النص على إمكان هذا التناوب. والحال أننا عشنا في هذه الانتخابات إحدى لحظات الاستعمال الأوسع للمال في خطة الشراء المنهجي للذمم، وأن التحضير للانتخابات خضع لنفس الطريقة التقليدية "المتعارف عليها" في الماضي، كما لو أن أي شيء لم يحدث لا داخل بلدنا ولا حوله، وأن التحضير جرى في ظل نوع من التفوق المؤسسي لوزارة الداخلية، بمعنى أننا لازلنا بعيدين عن منطق ومتطلبات الانتخابات الحرة والنزيهة، فالانتخابات عندنا تواصل حمل معنى الإفساد والتزوير باعتبارهما حيادًا عن الشروط المطلوبة لضمان سلامة التباري. وأن الدستور الجديد لا يُمَكِّنُ أي رئيس حكومة كيفما كان من التقرير في السياسة العامة للدولة خارج الوصاية الملكية. هناك فصل جديد من نفس السيناريو المعتمد في الماضي، ويتمثل في استعمال وجوه جديدة لإعطاء الانطباع بحصول التغيير وإخماد حركة الشارع ومنح أمل خادع للشعب المغربي. وهناك فصل جديد من التحالف بين أصولية رسمية وأصولية غير رسمية. لو كان حزب العدالة والتنمية الذي تَصَدَّر النتائج يريد التغيير الحقيقي لظهر ذلك في طريقة تعاطيه مع المسألة الدستورية منذ سنوات. إنه يريد في النهاية ضمان مكانه في نسق تقليدي منتم إلى الماضي ويرفض حتى الآن التسليم بسمو الإرادة الشعبية. ولو كان الحزب المذكور يريد التغيير الحقيقي لما كان قد ساهم دائماً في التسويق لشعار الخصوصية السياسية المغربية في تعاطيه مع المسألة الديمقراطية. ومع ذلك، فإن عودة الاتحاد الاشتراكي -الذي ظل مشاركا في الحكومة منذ 1998- إلى المعارضة، قد يساهم -إلى جانب عوامل أخرى- في إحداث اصطفافات جديدة وعملية فرز تساعد في وضوح المشهد السياسي ووضوح سيرورة توحيد اليسار الديمقراطي، ويمكن أن يفتح باب تعاقد نضالي جديد من أجل إعادة بناء اليسار القادر على قيادة النضال الجماهيري من أجل الانتقال إلى الديمقراطية. والمعارضة كما نفهمها ليست هي تتبع هفوات الحكومة الرسمية والتنديد بأوجه قصورها وقلة تجربتها ومحدودية خبرتها وتقديمها في صورة "جيب" لمقاومة إرادة إصلاح عليا، وإظهار المعارضين في صورة الأقدر على التجاوب مع تلك الإرادة من خلال المواقع الحكومية. معارضتنا هي محاكمة للاختيارات المناهضة للديمقراطية والتحديث ولمصالح الجماهير الشعبية الواسعة، وهي بالتالي ذات بعد نقدي يمتد ليشمل كل الساحة التي ينبع منها القرار ويُباشر فيها الحكم. إن حركة 20 فبراير تعبر عن دينامية عميقة وجوهرية دخلتها الساحة السياسية المغربية والمجتمع المغربي، فليست حدثاً عابراً أو قوساً سيُغلق. والحركة تواجه توجها سلطويا من جهة، وخطر المس باستقلاليتها والحياد بها عن أرضيتها التأسيسية وشعاراتها المركزية التي تبنتها كحركة جماهيرية منذ انطلاقتها، من جهة أخرى، لكن هذا الخطر يُقاوم في الجموع العامة. لهذا فنحن نتقدم إلى مؤتمرنا الوطني الثالث بكل ثقة في المستقبل، فنحن جزء أساسي من يسار ملتزم بمرجعيته الاشتراكية وبقيمه الأصلية ورافض للاندماج في بنية المحافظة والتقليد ولعبة المسخ والتزييف، ومعتز باستقلاليته ونقاء يده ونظافة وسائله، واللحظة السياسية تتيح له شروطا جديدة للفعل والتدخل والمساهمة في القيادة والتأثير. وضعنا على عاتقنا التزاما بدعم حركة 20 فبراير والعمل على تطويرها، وبالمساهمة في التوضيح السياسي لمعنى (إسقاط الاستبداد) ولمغزى التغيير الذي نريد، فنحن نسعى لبناء الدولة المدنية الديمقراطية في ظل الملكية البرلمانية وصيانة حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية بمفهومها الكوني. وعلى هذا الأساس تكون تحالفاتنا، ولا نتحالف مع من يعتقد غير ذلك. نحن ندرك مثلاً أن الفكر الأصولي يمثل خطراً على الديمقراطية، ولهذا نخوض ضده صراعاً فكريًا راقيًا بدون إقصاء أو مس بحقوق الآخرين. مهمتنا هي أن نعمل، مع ديمقراطيين آخرين، على نقل المغرب إلى الديمقراطية من خلال الملكية البرلمانية، ونرفض الاستمرار في تقسيط الديمقراطية وكل معاملة تعتبر أن المغاربة يستحقون ديمقراطية أقل. ونريد من الناحية الاقتصادية والاجتماعية أن نساهم في تخليص المغرب من الفساد والتفاوت واقتصاد الريع ونهب الثروات واستغلال القرب من مراكز القرار لتحصيل امتيازات وللمس بتكافؤ الفرص والحقوق. ونريد من الناحية الثقافية، أن نساهم في بناء مجتمع العلم والنهضة والمواطنة والعقل، وان نرسي ثقافة التنوير كبديل عن ثقافة الوصاية والحِجر على الإنسان والانكفاء الماضوي. بعد 20 فبراير، لم يعد مسموحًا لنا أن نفكر بنفس الطريقة القديمة، وأن نتحرك بنفس الإيقاع القديم. الزمن يُسرع الخطو، ونحن مطالبون بتعهد تفكير جديد في موقع اليسار اليوم وفي الوظائف والمهام المطلوبة منه، وعلاقته بالشارع وبالجماهير وخاصة الشباب. العالم يتغير، والمنطقة المغاربية والعربية تتغير، والمغرب أيضًا يجب أن يتغير. ولا يمكن أن يستمر الحال السياسي على ما هو عليه، ولا يمكن أن نقبل بما هو أدنى من وضع القرار بيد المنتخبين والمنتخبات، وربط المسؤولية بالمحاسبة الحقيقة، واعتبار ممارسة الحكم شأنا بشريا ومدنيًا لا يعترف بقداسة ولا يستخرج من التراث الديني أسلحة تسويغ الاستبداد والمس بمكانة القانون الوضعي وتبرير التدخل في مجالات التقرير المخولة للمنتخبين والمنتخبات. معركتنا من أجل إقامة نظام الملكية البرلمانية الحداثية في بلادنا هي معركة آنية، معركة اليوم التي لا تقبل التأجيل.. ونحن نعلم أن هناك امتيازات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية لا يمكن أن يتخلى عنها نظام المخزن التقليدي بسهولة وفي رمشة عين، وأن هذا النظام يستند إلى مركب من المصالح الكبرى التي يتولى حراستها تحالف ضخم لا يمكن أن يعمد بالضرورة إلى تفكيك نفسه من تلقاء نفسه وبمبادرة حرة من داخله، بل إن تجارب الشعوب علمتنا أن اتقاد شعلة النضال الجماهيري كفيل بإزاحة الحواجز والمطبات في وجه مسار التغيير وتذويب هياكل المقاومة والنهب والانتفاع غير المشروع. إننا نمثل جزءًا من القوى المؤهلة سياسيًا وأخلاقيًا وثقافيًا لريادة التفكير الجديد، وللتجاوب مع متطلبات الزمن الجديد، ولإنتاج الشعارات المحفزة ورسم الآفاق الواعدة وتدشين عملية شاملة لإعادة تأسيس اليسار المغربي. هناك مخاض يعتمل في جسم الكيانات المصنفة تقليدياً كمنتمية إلى اليسار. ومهمتنا هي أن نساهم بشكل أساسي وفعال في رعاية الولادة المطلوبة. هناك أنوية نشطة ومتحركة للفعل المواطن ولمنظور التغيير الشامل الذي يهم البنيات الثلاث : الدولة، والمجتمع، والأحزاب. ومهمتنا هي لحم هذه البؤر ببعضها البعض وصهرها في بوتقة مشروع كبير لبناء يسار جديد ومجدد ومتلاحم وموحد. يسار مستقل عن الدولة، يحمل هم الوفاء للفكرة الاشتراكية، ويحترم التزاماتها الكبرى، ويشخصها في صياغة برنامج واضح الملامح، ويُرسي تحالفاته ووسائله في العمل السياسي ومشاركته في المؤسسات على القواعد الكونية المعروفة في كل المجتمعات الديمقراطية، ويرعى العهود والمواثيق، ويحترم في بنيته الداخلية التعدد والتنوع في الاجتهاد وآليات التداول، ويضع مدونات للسلوك ملزمة للقيادات وللأعضاء، تحدد واجباتهم الأخلاقية والسياسية إزاء بعضهم البعض وإزاء الرأي العام. مشروع التغيير الديمقراطي الذي ننشده بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يطابق موضوعيا مصالح العمال، والحرفيين، والفلاحين والتجار الصغار والمتوسطين، وذوي المهن الحرة، وأُجراء الوظيفة العمومية والقطاع الخاص، والمثقفين المتنورين. والمفروض أن تدعم المشروع قطاعات واسعة من البورجوازية الوطنية المتوسطة وكل خصوم الفساد والاستبداد في المجتمع الطامحين إلى كسر بنية العلاقات والمعاملات المترتبة عما اصطلح عليه باسم المخزن الاقتصادي، والراغبين في سيادة المنافسة الشريفة والحكامة الجيدة واحترام مقومات دولة القانون وقيم المواطنة وسيادة الشفافية. مشروعنا للتغيير، يقوم اليوم أساسا على : بناء ملكية غير مُكَلِّفَةٍ سياسياً واقتصاديا وثقافياً، بدستور يعتمد آليات الملكية البرلمانية، حيث "يسود الملك ولا يحكم". تجديد وتخليق الحياة السياسية في كافة مناحيها وأوجهها، عبر إعادة الاعتبار لفكرة التعاقد في السياسة. إسناد مهمة الإشراف على الانتخابات إلى هيأة مستقلة، واعتماد المقومات التي تضمن إحداث قطيعة مع الماضي وتحافظ للعملية الانتخابية على غايتها الأسمى ودورها كآلية للتداول الحقيقي وتقنع المواطن بجدواها. تجميع إطارات وهيئات وشخصيات مدنية وسياسية وأكاديمية حول آلية وطنية لصياغة مقومات الانتقال إلى الديمقراطية، ووضع محاور التغيير الكبرى المطلوبة في الزمن السياسي الجديد. دعم حركة 20 فبراير على قاعدة الروح التي حركت حملة مشروعها الأصلي في انطلاقتهم الأولى، والسعي لتعميق مسلسل النضال الديمقراطي الجماهيري وتأطير الاحتجاج الشعبي وترقية الأداء النضالي ونشر الوعي بمستلزماته وضوابطه. المساهمة في عملية إعادة تأسيس اليسار، انطلاقاً من قواعد مناضليه وأبنيته، حتى نستطيع أن نمنح الشعب المغربي في هذا الظرف التاريخي الدقيق، حق التوفر على فاعل يساري وازن، تعددي، متجاوز لأخطاء الماضي، وقادر على تقديم الضمانات الكافية التي تجعله يحظى مجددا بثقة المواطن المغربي. مواصلة النضال لمعالجة ملف الصحراء بمنظور تقدمي ومستقبلي، عن طريق ربط المعالجة بسياق الانتقال إلى الديمقراطية وبناء الدولة اللامركزية، وفتح حوار مع الشبيبة المنحدرة من المنطقة الصحراوية ذات الطرح الانفصالي، في أفق اقتراح صيغة نضال مشترك من أجل جعل فكرة الحكم الذاتي جزءًا من عملية تحويل شاملة لبنيات الدولة المغربية عموديًا وأفقيًا ومجاليًا، بالشكل الذي يضمن لكل المغاربة في الشمال والجنوب حق تقرير مصيرهم جميعًا، وتجاوز منظور للحكم والتدبير ممهور بالأبوية والوصاية والتحكم، وبناء الوحدة المغاربية، وتدشين مرحلة سياسية جديدة مستندة إلى رسالة الانتفاضة النوعية التي تخوضها شعوب المنطقة. تعزيز أواصر العلاقات مع حلفائنا في الداخل والخارج لضمان انتصار مشروع التغيير وقيم اليسار. إن انتقالا حقيقياً إلى الديمقراطية في بلادنا، وفقاً لهذا المنظور سيشكل نوعاً من عملية جبر ضرر جماعي يتجاوز مآسي الفساد والاستبداد، ويضمن توزيعاً عادلاً للسلطة والثروة، ويساعد على حل مشكلة الصحراء بطريقة تضمن وحدتنا الترابية، ويجعل بالإمكان استعادة سبتة ومليلية والجزر المتوسطية المحتلة، في إطار إستراتيجية وطنية متكاملة لتحرير الأرض والإنسان.
انتهاء مرحلة أولاً - نهاية مرحلة ما سُمِيَّ بـ"المسلسل الديمقراطي" ثانياً – تلازم انتهاء المرحلة مع أزمة الحركة الديمقراطية بداية مرحلة أو الزمن السياسي الجديد أولاً - تجليات الزمن السياسي الجديد ثانياً - ربط النضال الديمقراطي بسيرورة الزمن الجديد ثالثاً - حركة 20 فبراير : قيمة تاريخية وخلل طارئ رابعاً - مهمة الحزب في التوضيح السياسي نقاط برنامجية أولاً - إعادة الاعتبار لفكرة التعاقد في السياسة ثانياً - مواصلة النضال من أجل دستور الملكية البرلمانية الآن ثالثاً - إعداد أرضية الانتقال إلى الديمقراطية رابعاً- دعم وتطوير حركة 20 فبراير خامساً - تعزيز تحالف اليسار الديمقراطي والفضاء اليساري سادساً - النضال من أجل تحقيق الشروط العامة للانتخابات الحرة والديمقراطية سابعاً - تكثيف النضال الفكري والثقافي ثامناً - إنجاز تغيير حزبي داخلي عميق تاسعاً - بناء تكتل مغاربي وتقوية روابط اليساريين في الفضاءات العربية والمتوسطية والإفريقية والعالمية عاشراً - فتح فضاءات جديدة للفعل الشبابي الخلاصة : خط النضال الجماهيري من أجل : الديمقراطية... هنا والآن
#الحزب_الاشتراكي_الموحد_-_المغرب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حشدت: تدعو إلى عمل جبهوي بين شبيبات اليسار لمواجهة المكتسبات
...
-
الحزب الاشتراكي الموخد يعلن دعمه لنضالات ساكنة إيميضر..ويؤكد
...
-
بيان تحالف اليسار الديمقراطي
-
بيان المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد
-
الدكتزرة منيب: النظام المغربي مستبد.
-
التقرير السياسي للمكتب السياسي المقدم للمجلس الوطني
-
بيان المجلس الوطني لدورة 03 يونيو 2012
-
بيان الهيئة التنفيذية المشتركة - تجمع اليسار الديمقراطي
-
بيان الحزب الاشتراكي الموحد حول دفتر التحملات في وسائل الاعل
...
-
بيان الحزب الاشتراكي الموحد بمناسبة فاتح ماي
-
نداء من اجل التعبئة و المشاركة في مسيرات الاحد 22 ابريل 2012
...
-
بيان المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد 08 أبريل 2012
-
بيان بمناسبة اليوم العالمي للمرأة
-
الحزب الاشتراكي الموحد بشيشاوة: إدانة التدخل القمعي المخزني
...
-
الحزب الاشتراكي الموحد : إطلاق سراح كل المعتقلين، ومحاكمة كل
...
-
بيان بمناسبة الذكرى الأولى لانطلاق حركة 20 فبراير
-
بيان المكتب السياسي بخصوص الأحداث الجارية في المغرب
-
بيان صادر عن المكتب السياسي في أول اجتماع له بعد المؤتمر الث
...
-
الدكتورة نبيلة منيب أمينة عامة للحزب الاشتراكي الموحد
-
البيان العام الصادر عن المؤثمر الثالث للحزب الاشتراكي الموحد
المزيد.....
-
زلزال مدمر يهز كوبا شعر به سكان فلوريدا وميامي.. شاهد ما خلّ
...
-
السيسي: مصر لن تقبل بتهجير الفلسطينيين أو تحويل غزة لمكان غي
...
-
-السيدة زينب- في ريف دمشق: حكاية المقام والمنطقة
-
محافظ شرطة باريس: منع دخول الأعلام الفلسطينية إلى الملعب في
...
-
موقع إباحي مطبوع على علب دمى للأطفال.. ما القصة؟
-
دراسة: الناتو لا يزال متفوقاً عسكريا بشكل واضح على روسيا
-
إسرائيل تحذر مواطنيها: جماعات موالية للفلسطينيين تخطط لإيذائ
...
-
ميقاتي: لبنان يمر بأزمة تاريخية تهدد حاضره ومستقبله
-
مراسلنا: مقتل 5 فلسطينيين بقصف إسرائيلي لمنزل وسط غزة
-
لافروف: سنعمل على إعداد ميثاق أوراسي للتنوع والتعددية القطبي
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|